] حرب ابن زايد على فلسطين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 10 أيلول (سبتمبر) 2020

حرب ابن زايد على فلسطين

الخميس 10 أيلول (سبتمبر) 2020

ملف الأخبار

دائماً ما سعت الفصائل الفلسطينية كافة، ومعها السلطة في رام الله، إلى نسج علاقات جيدة مع دول الخليج، كلٌّ لأسبابه. وبينما كانت السعودية في مدّ وجزر في العلاقة مع «فتح» و«حماس» ما بين تحسّن حيناً وتدهور أحياناً (باستثناء علاقة سلبية دائمة مع «الجهاد الإسلامي» وفصائل اليسار)، اتّبعت الإمارات سياسة ثابتة في هذا الملف: الاستدراج، أو الضرب من تحت الحزام. لكن كلّ شيء تَغيّر في مرحلتين فارقتين: الأولى في 2011 لَمّا خرج محمد دحلان مفصولاً من «فتح» إلى أبو ظبي، والثانية مع «حصار قطر» في 2017 حين انتهى زمن المجاملات وبات على «حماس» أن تختار بين محورين في الخليج. في المرحلة الأولى، عمل دحلان على كسب ثقة آل زايد حتى تَسبّب في تدهور العلاقة بينهم وبين السلطة إلى حدّ انقطاع العلاقة (2014)، وفي الثانية، باتت «حماس» مضطرة إلى مواجهة علنية مع الرياض أولاً، قبل أن تلحقها أبو ظبي، علماً بأن الحركة حرصت على تجنّب قطع «شعرة معاوية» مع الأخيرة، على رغم كثرة الضغوط القطرية والتركية في هذا الإطار. كان ذلك الحرص تحت شعار أن العلاقة مع الإمارات ممرّ لـ«علاقة أفضل» مع مصر، لكن اليوم، بعد أن صارت الأولى علناً منصّة لإسرائيل في الخليج على أكثر من صعيد، بات لا بدّ من كشف المستور

جاسوسية واعتقالات ومصادرة أموال: هكذا تحارب الإمارات المقاومين

- رجب المدهون

بالتوازي مع جهود العدو الإسرائيلي الكثيفة، خلال العقد الأخير، لتجفيف منابع دعم المقاومة الفلسطينية في الدول العربية، كانت الإمارات الدولة الأبرز في التجاوب مع مطالب الاحتلال، بل كانت الأولى والأكثر شراسة في ذلك، كما تصف الأمرَ مصادرُ في فصائل فلسطينية آثرت السكوت طوال المدة الماضية لأسباب مِنها ما يخصّها، وأخرى تخصّ الجالية الفلسطينية هناك. وفق معلومات حصلت عليها «الأخبار»، بُذلت على مدى سنوات جهود أمنية واستخبارية ضدّ حركة «حماس» تحديداً، ونُفّذت اعتقالات طاولت عناصر وقيادات فيها، إضافة إلى مصادرة أموال واستثمارات تابعة لها، وهو ما كان يتمّ التحفّظ على كشفه سابقاً، أما اليوم فباتت ممكنةَ إماطة اللثام عنه.

تقول مصادر في «حماس»، لـ«الأخبار»، إن عمر العمل الإماراتي ضدّ الحركة يعود إلى تاريخ فوزها في الانتخابات التشريعية عام 2006، ثمّ ازداد مع فرض الحصار على قطاع غزة، وتَمثّلت بوادره آنذاك في تجفيف منابع الحركة المالية داخل الامارات، حيث أوقفت السلطات عمليات تحويل الأموال، إضافة إلى مصادرة أموال كانت في طريقها للتحويل إلى غزة، بعد معلومات قدّمتها سلطات الاحتلال عن تلك العمليات. ولم تكتفِ أبو ظبي بذلك، بل اعتقلت العشرات من قيادات «حماس» وعناصرها مِن الذين كانوا مقيمين لديها، وقد تعرّض عدد منهم للتعذيب الشديد على أيدي الأجهزة الأمنية لمعرفة الشركات التي تدعمهم ورؤوس أموالها، بِمَن فيهم أحد أقارب عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، والذي أوشك على الموت في السجون الإماراتية، قبل أن يتمّ إخراجه بعد وساطات عربية مع الإمارات، إضافة إلى رجل الأعمال الفلسطيني، عبد العزيز الخالدي، الذي اعتُقل 45 يوماً وتعرّض لتعذيب شديد. بالتوازي، أغلقت أبو ظبي أربع شركات لشخصيات فلسطينية ليست مرتبطة بـ«حماس»، وصادرت أموالها وطردت مالكيها بحجة أنها تدعم الحركة أو أن لهم أقارب فيها، ثمّ نقلت إلى السلطات السعودية معلومات عن قيادات وعناصر مقرّبين من «حماس» داخل المملكة، وهو ما مهّد لعملية الاعتقالات التي طاولت العشرات هناك، وفق المصدر «الحمساوي» الذي أكد صحة ما نشرته وثائق «ويكيليكس» عن اعتقال عناصر الحركة وإجبارهم على الاعتراف تحت التعذيب بمعلومات يتمّ لاحقاً تزويد إسرائيل بها.

أوصلت أبو ظبي جزءاً من المعلومات التي حصلت عليها إلى تل أبيب وآخر إلى الرياض

كذلك، تكشف مصادر أمنية عن عمل إماراتي أمني داخل قطاع غزة، من بين وجوهه محاولات تجنيد فلسطينيين للتجسّس على المقاومة خلال الأعوام الماضية. وأقرّ أحد المجنّدين من قِبَل المخابرات الإماراتية بأنه طُلبت منه معلومات عن أماكن الأنفاق ومنصات الصواريخ والجنود الإسرائيليين الأسرى والقادة العسكريين، وأيضاً مصادر الدعم المالي والشخصيات التي لها علاقة بتحويل الأموال إلى غزة. وتشير المعلومات إلى أنه بعد كشف العناصر الذين حاولت أبو ظبي تجنيدهم، عمدت المخابرات الإماراتية إلى التعاون الأمني مع عناصر يتبعون القيادي «الفتحاوي» السابق محمد دحلان، لجمع المعلومات التي تهمّها وتُعزّز علاقتها بتل أبيب.
وسبق، خلال العدوان على غزة عام 2014، أن كشف أمن المقاومة «مخططاً إماراتياً خطيراً للتجسّس» خلال الحرب، تحت عنوان مستشفى ميداني للهلال الأحمر الاماراتي بحجّة تقديم مساعدات إنسانية. وتَبيّن للأجهزة الأمنية آنذاك أن جميع أفراد الطاقم الإماراتي ضباط في جهاز المخابرات، وأن مهمّتهم السرية التي جاؤوا من أجلها إلى غزة تنصّ على جمع معلومات استخبارية عن مواقع «كتائب القسام» ومنصّات إطلاق الصواريخ. واكتُشف الفريق الإماراتي من جرّاء معلومات قدّمها فلسطينيون دخلوا المستشفى لتلقّي العلاج، لكنهم فوجئوا بتعرّضهم للاستجواب بطريقة غير مباشرة من الطاقم، إضافة إلى اكتشاف أمن المقاومة الأسماء الحقيقية لأعضاء الوفد، الذين خضعوا آنذاك للتحقيق قبل أن يُفرَج عنهم بوساطات عربية، ويتمّ ترحيلهم إلى معبر رفح ليغادروا القطاع من دون المعدّات التي جاؤوا بها.

الإمارات تُصعّد هجمتها على السلطة: نبش ملفّ عرفات

- رجب المدهون

فجأة، بعد 17 عاماً على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في ظروف لا تزال غامضة بعدما عجزت لجان التحقيق التي ألّفتها السلطة عن كشف المتسبّب في وفاته (على رغم وجود تأكيدات باستخدام مواد سامّة للتخلص منه)، أفاقت أرملة الراحل، سهى الطويل (عرفات)، لتهاجم شخصيات في السلطة، كانت قد تعرّضت - كما تقول - لهجوم منها بسبب الموقف الذي أطلقته في شأن الاتفاق الأخير بين الإمارات والعدو الإسرائيلي. ومع أن سهى كانت بعيدة عن الضوء الإعلامي، إلا أنها خرجت قبل أيام على قنوات مصرية لتهاجم مَن انتقد الاتفاق، وتتوعّد بأنها ستعود إلى رام الله لتتابع ملف زوجها.

الطويل (57 عاماً)، التي كانت سكرتيرة الرئيس الراحل، قادها الحظ لتصير «السيدة الأولى» بارتباطها به سنة 1990 وتعلن اعتناقها الإسلام (هي من أصول مسيحية). لكنها منذ وفاة عرفات في عام 2004، اختفت عن الأنظار مع ابنتها زهوة التي تَخرّجت أخيراً في إحدى الجامعات الفرنسية، قبل أن تُعيّنها السلطة دبلوماسية ضمن الطاقم الفلسطيني في الأمم المتحدة، علماً بأن السنوات الأخيرة للزوجة والابنة أثناء حياة «أبو عمار» قضتاها في القاهرة وباريس، وبعد وفاته استقرّتا في تونس حيث حصلت سهى على الجنسية هناك قبل أن تُسحب منها، لتقطن أخيراً في مالطا. تقول الطويل إن عرفات رفض مشاركتها إيّاه مقرّه في المقاطعة خلال الحصار، لتلتقي به أخيراً لحظة خروجه للعلاج في باريس. وقد ظهرت على قناة «الجزيرة» إبّان مكوث زوجها في المستشفى الفرنسي، مُتحدّثة عمّن سمّتهم «مستورثين قادمين لإعلان وفاة عرفات».
كان ذلك التصريح الوحيد لها، قبل أن تلتزم الصمت إزاء الفريق الذي دفن زوجها، لتعود بعد 17 عاماً وتعلن رغبتها في التحقيق في اغتيال عرفات، بحماية عربية من الإمارات والأردن ومصر والسعودية. وطوال السنوات السابقة، توارت سهى عن الأضواء تماماً، باستثناء ما كان يثار عنها من علاقات مع عائلة الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، وتحالفاتها الاقتصادية مع زوجته ليلى الطرابلسي، وإنشائهما مدرسة بالمشاركة معها. وهي أقرّت، في لقاء تلفزيوني، بمشاركتها إيّاهما عام 2007 بناء مدرسة تبرّعت فيها بالأرض التي استأجرها عرفات لابنته، إلى جانب اقتراضها 200 ألف دولار من أجل هذا المشروع. لكن بُعيد الأحداث في تونس، أصدر الأمن هناك مذكرة قبض دولية بحقها.

تحتمي أرملة عرفات بأربع دول عربية سبق أن ضغطت على عباس

منذ ذلك الوقت، احتمت الطويل بأطراف عرب هم أنفسهم الذين مارسوا ضغطاً سياسياً عام 2015 على رئيس السلطة، محمود عباس، ليقبل مصالحة “فتحاوية” داخلية تعيد المفصول محمد دحلان إلى حركة «فتح» مجدداً. رَفَض عباس هذه العروض، معلناً أنه لن يقبل عودة «أصابع تحاول اللعب في الساحة الفلسطينية». آنذاك، تزامنت الضغوط على عباس مع نشر قيادات مقرّبة من دحلان صوراً للقائه، بصحبة القيادي في تيّاره سمير المشهراوي، أرملة عرفات. وترافق هذا مع تسريبات حول تحالفات في الخفاء بين شخصيات مناوئة لعباس، أبرزها دحلان وسلام فياض، إلى جانب إمكانية التحالف مع القيادي الأسير لدى الاحتلال مروان البرغوثي، وهو الأمر الذي كان يتكرّر كلّما أُعلنت نية إجراء انتخابات محلية، أي في 2016 و2020.
أما الآن، مع الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي، وموقف السلطة الساخط عليه، خصوصاً في ظلّ الحساسية العالية من دور دحلان في إتمامه، خرجت سهى عرفات بوصفها «السيدة الأولى... ليرضَ من يرضى والي مش عاجبه يشرب من بحر غزة»، كما قالت هي في لقائها مع الإعلامي الشهير وائل الأبراشي، معلنةً رفضها انتقاد أبو ظبي. وبعيد تصريحاتها، استدعت وزارة الخارجية شقيقها المُعيّن سفيراً فوق العادة للسلطة في قبرص بتهم عديدة، وهو ما وصفته أرملة الرئيس الراحل بأنه خطوة انتقامية، في حرب تقودها انتصار أبو عمارة، مديرة مكتب «أبو مازن». وعرفات، التي تحتمي بالدول العربية الأربع المذكورة أعلاه، لم تغفل عن أن تتحدّث عن قيمة الراتب الذي تتلقاه من السلطة، وهو عشرة آلاف يورو شهرياً، لكن هجومها قابله صمت من ديوان الرئيس لاعتقاده، كما تنقل مصادر، بأن مَن يقف خلف الهجوم هو دحلان، خاصة بعد تهديد الطويل بالاحتماء بأطراف عرب إذا لزم الأمر.

محمد دحلان... احتراق ورقة أبو ظبي

- رجب المدهون

على رغم موقفه غير المعارض لتوقيع اتفاق التطبيع بين الإمارات والعدو الإسرائيلي، ظاهراً، بل تمهيده له خلال السنوات الماضية وعمله عليه من تحت الطاولة، فإن تيار القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان، يرى أنه أكثر المتضرّرين حالياً من الاتفاق، لكونه فَقَد بسببه دوراً أساسياً أدّاه طوال السنوات الماضية، إضافة إلى إفقاده أيّ امتيازات محتملة على مستوى القاعدة الجماهيرية، كان دحلان يمهّد لها منذ نحو عقد.

وعلمت «الأخبار»، من مصدر في «التيار الإصلاحي في فتح» الذي يقوده دحلان، أن زعيم التيار كان يرغب في أن يتمّ الاتفاق الإماراتي - الإسرائيلي سرّاً، وأن تُنفّذ بنوده من دون أن يكون هناك إعلان رسمي، كي يبقى دحلان الوسيط الذي يتكسّب من الجهتين، علماً بأن معارضته إعلان الاتفاق خلال الشهرين الماضيين أدّت إلى تقليص الدعم الذي يتلقّاه من الامارات، الأمر الذي انعكس على رواتب العاملين في مؤسّسات التيار، والتي تَقلّصت بنسبة 30%.
وعلى رغم الدور الذي لعبه دحلان في التمهيد للاتفاق، فإن إعلانه بهذه الطريقة وضعه في حرج أمام قاعدته، ما عزّز مخاوفه من تراجع فرص مشروعه بخلافة محمود عباس. وكان تياره بذل جهوداً كبيرة وأنفق أموالاً كثيرة لإيجاد قاعدة جماهيرية داخل قطاع غزة بالتحديد، عبر المساعدات منذ عام 2016، لكن ارتباط اسم دحلان بالإمارات ونظرة الفلسطينيين إلى الاتفاق الأخير باعتباره «خيانة للقضية الفلسطينية» يؤثران سلباً في وضعية الرجل.

قلّص الإماراتيون دعم تيار دحلان بنحو 30% في الأشهر الأخيرة

وعلى إثر إشهار العلاقات الإماراتية - الإسرائيلية، قرّر بعض الفصائل وقف التعامل مع دحلان، وتهميش أنصاره من أيّ لقاءات، والعودة إلى التعامل معهم على أنهم جزء من «فتح» وليسوا كياناً منفصلاً عن الحركة. وكانت «حماس» تلقّت، خلال العامين الماضيين، اعتراضات من عدد من الفصائل على التعامل مع تيار دحلان باعتباره فصيلاً فلسطينياً؛ إذ رفضت الجبهتان «الشعبية» و«الديموقراطية» و«حزب الشعب» وفصائل أخرى من «منظمة التحرير» حضور الاجتماعات في حال دعوة التيار. كما زاد سخط الفصائل بعد بيان دحلان الأخير الذي لم يُدِن التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي، بل سعى إلى تلطيف الموقف عبر إشادته بـ«الدور التاريخي للإمارات العربية المتحدة في دعم صمود شعبنا وثورتنا، ومساندتها الدائمة لشعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال». لكن، وفق ما علمته «الأخبار»، فإن «حماس» بدأت تضييق الخناق على تيار دحلان منذ قرابة عام، بعد فشله في تنفيذ كامل تعهّداته بتوفير دعم مالي وإنساني لغزة، وتجنيد أموال لحلّ مشكلات القطاع المزمنة، كما كان وعد سابقاً.
أما على المستوى الخارجي وعلاقات «حماس» بتركيا، فتَبيّن أن الحركة تلقّت خلال السنوات الماضية مراجعات وتساؤلات من مسؤولين أتراك على خلفية السماح لدحلان بالعمل في غزة بحرية، وخاصة أن أنقرة تتّهمه بالمشاركة في التخطيط للانقلاب العسكري الفاشل في عام 2016، إضافة إلى تنفيذه أعمالاً أمنية ضدّ المصالح التركية، وهو ما ردّت عليه الحركة بأنها تتابع تحرّكات التيار وترفض أيّ تحرّك خارجي له ضدّ أي من الدول، وأن عمل دحلان في غزة «إنساني وإغاثي» في الغالب.
إلى ذلك، نفت مصادر في «حماس» الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام عبرية عن أن الإمارات قَدّمت عرضاً بتوفير منحة مالية إماراتية لقطاع غزة بديلة من القطرية، وأن يكون توزيعها عبر تيّار دحلان، وذلك بعد توقيع اتفاق التطبيع، مؤكدة أن هذا الأمر لم يطرح على الفلسطينيين، وفي حال طُرح، فـ«لن تتعامل حماس مع المانحين تحت قاعدة أن أحداً ما يجب أن يكون بديلاً من أحد».

أمر عمليات لمصر: شدّدوا الحصار على غزة

- رمزي باشا

بدأت مصر، خلال الأيام الماضية، حملة ضغوط مكثّفة على «حماس»، تضمّنت تجديد الهجوم الإعلامي عليها، وتوجيه اتهامات إليها بالمسؤولية عن سوء أوضاع الشعب الفلسطيني على رغم «الجهود المصرية» لتحسينها طوال السنوات الماضية، فضلاً عن إعادة تفعيل اتهامات «الأخونة» والعمل وفق أجندة جماعة «الإخوان المسلمين»، بالتزامن مع سلسلة ضغوط تشمل إجراءات اقتصادية وسياسية لإجبار الحركة على اتخاذ موقف مغاير من الإمارات خلال الأسابيع المقبلة. وعلى رغم أن الاتصالات جارية حالياً بين القاهرة ورام الله لتهدئة موقف السلطة، فإن موقف «حماس» حالياً هو الأهمّ بالنسبة إلى مصر، التي تَلقّت «أمراً» إماراتياً بالضغط على الأطراف الفلسطينيين كافة من أجل قبول الدخول في مفاوضات ستكون أبو ظبي شريكة فيها هذه المرّة إلى جانب القاهرة. وهي ضغوط توازيها أخرى مماثلة من الأردن، الذي يريد من الفلسطينيين قبول الأمر الواقع الذي فرضته الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، والذي ستتّبعه دول عربية أخرى، وفق ما تكشفه مصادر مصرية مطّلعة.

ويأتي هذا التحرّك المصري على رغم التحسّن النسبي خلال السنتين الأخيرتين في العلاقة مع «حماس»، والتنسيق الكبير بينهما على جميع المستويات، الأمر الذي مهّد لعودة شبه كاملة للعلاقة، مع تقديم تسهيلات إلى الغزّيين أكثر من أيّ وقت مضى، منذ وصول عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة قبل ستّ سنوات. لكن ضغوط أبو ظبي، المدعومة أيضاً من واشنطن وتل أبيب، دفعت إلى التوتير، خاصة في ظلّ التشابك المصري - الإماراتي في ملفات كثيرة، في مقدّمتها المجال الاقتصادي. ووفق المصادر، تتضمّن سياسة «الضغوط القصوى» على «حماس»، بطلب إماراتي، جميع الخيارات المتاحة، بما فيها تشديد الحصار على قطاع غزة بصورة أقسى مما سبق، ومحاول إقصاء الحركة من المشهد السياسي، وتقييد خروج قياداتها من القطاع ودخولها إليه خلال الأسابيع المقبلة.
كذلك، أبلغ المسؤولون الإماراتيون نظراءهم المصريين غضبهم من «الإساءات» التي تعرّض لها محمد بن زايد في الشارع الفلسطيني (كحرق صوره ودوسها خلال المسيرات)، طالبين منهم نقل تهديد فحواه أنه في «كلّ مرة يُهان فيها أيّ فرد من الأسرة الحاكمة في الإمارات علناً، ومن دون تصدٍّ من الأمن، سيكون ثمن ذلك غالياً على الجميع»، خاصة أن «ما حدث عند إعلان اتفاق التطبيع لم يكن جيداً... الإمارات لديها قدرة محدودة على التسامح وصبرها سينفد قريباً». وبحسب ما علمته «الأخبار»، فإن الأجهزة المصرية باتت على علم بنية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة أبو ظبي خلال أسابيع، وهي الخطوة التي ستراقب فيها الإمارات ردود الفعل في الشارع الفلسطيني قبل اتخاذ «إجراءات قاسية بحق حماس خاصة»، وكذلك السلطة الفلسطينية التي تقول القاهرة إنها وصلتها منها رسائل إيجابية مضمونها العدول عن المواقف الرسمية السابقة، لكن تدريجياً.
من جهتها، أبلغت مصر الإمارات، بصورة رسمية، تقديرها أنه توجد «فرصة حقيقية لاستكمال المسار الدبلوماسي»، ولا سيما مع توقع «تراجع أصوات المعارضة الفلسطينية قريباً»، في ظلّ وعود إماراتية بتحقيق المزيد من المكتسبات لجميع الأطراف وعلى المستويات كافة، سواء لـ«فتح» و«حماس»، أم في العلاقات مع إسرائيل، لكن ذلك مرهون بفوز دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الأميركية المقبلة، من وجهة نظر أبو ظبي.

بومبيو يُطمئن إسرائيل إلى «تفوّقها» العسكري

يشهد كيان العدو الإسرائيلي حركة ديبلوماسية كثيفة بدأها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، على أن يلحق به اليوم وزير خارجية بريطانيا، دومينيك راب. وحطّ بومبيو في تل أبيب في زيارة قصيرة، التقى خلالها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن بيني غانتس، ووزير الخارجية غابي أشكنازي، ورئيس الموساد يوسي كوهين، لبحث اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات، واستئناف العقوبات على إيران. وسيَتوجّه بومبيو، من بعد ذلك، إلى البحرين ومنها إلى السودان لحثّهما على إقامة علاقات رسمية مع الكيان العبري أسوةً بأبو ظبي، التي يزورها هي الأخرى أيضاً.

وقال الوزير الأميركي، خلال لقائه نتنياهو، إن بلاده ملتزمة بالحفاظ على التفوّق العسكري لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في ظلّ الحديث عن بيع الولايات المتحدة طائرات «إف 35» للإمارات، مستدركاً بأن «لدينا علاقات عسكرية وطيدة مع أبو ظبي، وستواصل واشنطن فحص مسار صفقة الأسلحة وبيع الإمارات الطائرات للدفاع عن ذاتها من التهديد الإيراني». من جانبه، كرّر نتنياهو قوله إن «الاتفاق مع الإمارات لا يشمل موافقة إسرائيل على أيّ صفقة أسلحة»، وإنه «لا يعرف بمثل هذه الصفقة»، مضيفاً: «لقد سمعت التزاماً قوياً بأن الولايات المتحدة ستضمن الميزة النوعية لإسرائيل. وقد ثَبتت صحّة ذلك على مدى أربعة عقود مع مصر، وعقدين مع الأردن». وفي شأن استئناف العقوبات على إيران، اعتبر نتنياهو أن «مجلس الأمن يجلس جانباً ولا يُحرّك ساكناً ولا ينضمّ إلى آليات فرض العقوبات، هذه فضيحة. هذا يعني أن النظام الإيراني سيحصل على دبابات وطائرات وأسلحة لمواصلة حملته العدوانية في المنطقة والعالم». وتابع: «نسمع دولاً في الخليج الفارسي تتحدّث بحزم كما أفعل الآن. أقترح على أصدقائنا الأوروبيين أنه عندما يتّفق العرب والإسرائيليون، فإن الأمر يستحق الانتباه».
إلى ذلك، يصل وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إلى تل أبيب اليوم، في أول زيارة له إلى إسرائيل، حيث يلتقي نتنياهو وغانتس، ومن ثمّ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سعياً من لندن للضغط على الجانبين للعودة إلى طاولة المفاوضات على أساس «حلّ الدولتين». ورأى راب، في بيان قبيل بدء زيارته، أن «الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات لحظة مهمّة للمنطقة»، واصفاً «تعليق إسرائيل ضمّ أراض» بأنه «خطوة أساسية نحو تعزيز السلام في الشرق الأوسط»، وداعياً إلى «التفاوض على حلّ الدولتين، اللازم لضمان تحقيق سلام دائم بين حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية».

تل أبيب أرضت أبو ظبي بـ«التكنولوجيا» بعد اغتيال المبحوح!

نقل موقع «تايمز أوف إسرائيل» عن دان شابيرو، سفير الولايات المتحدة لدى تل أبيب (2011 – 2017)، أن الإمارات حصلت على تكنولوجيا إسرائيلية في أعقاب اغتيال وقع عام 2010 في دبي، منسوب إلى «الموساد»، وسط محاولات في ذلك الوقت لإعادة بناء العلاقات بين البلدين. ووفقاً لشابيرو، فإن العلاقات كانت قوية لسنوات، لكنها توترت عندما قُتل محمود المبحوح (الصورة)، أحد قياديّي حركة «حماس»، في غرفته داخل فندق في دبي.

«بعد اغتيال المبحوح في دبي، حصل انقطاع دام نحو عام ونصف عام، ثم ساعدنا الجانبين على التقارب مرة أخرى. بدآ يتحادثان عبر الولايات المتحدة بشأن ما هو المطلوب لإعادة العلاقات إلى كانت عليه قبل الاغتيال»، بحسب تصريح السفير الأسبق لـ«إذاعة الجيش الإسرائيلي». يضيف شابيرو: «شعر (محمد) بن زايد بالأذى شخصياً مما حدث في أعقاب الاغتيال. طالب بتعهّد بعدم تكرار ذلك على أراضيه، كما طلب مجموعة من التكنولوجيات التي لم تكن إسرائيل قد وافقت حتى تلك اللحظة على مشاركتها»، لتقوم عند ذاك بتلبية طلبه. ويتابع المبعوث السابق: «كانت عملية تعاون طويلة الأمد بدأت حتى قبل إدارة (باراك) أوباما. عندما كنت سفيراً، كان هناك اتصال سرّي بين إسرائيل والإمارات، عادة في واشنطن. ذات مرة، جلس مسؤول أميركي كبير مع الجانبين معاً، لكن في ذلك الوقت كان الأمر وراء الكواليس فقط. ثم تَطوّر ببطء حتى الإعلان».


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أحداث و متابعات  متابعة نشاط الموقع ملفات   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 31

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28