] فلسطين: المقاومة تثبّت معادلاتها - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 19 نيسان (أبريل) 2022

فلسطين: المقاومة تثبّت معادلاتها

الثلاثاء 19 نيسان (أبريل) 2022

بات جليّاً أن معادلة «وحدة الساحات» الفلسطينية تؤرّق العدو، المعنيّ، وفق التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، بعدم الذهاب في تصعيده إلى مواجهة شاملة من شأنها أن تعيد فرض معادلات جديدة بمقتضى تداخل الساحات وترابطها، وسط استمرار الغليان خصوصاً في الضفة الغربية والقدس المحتلَّتَين. من هنا، يبدو أن المعادلة التي تسعى فصائل المقاومة إلى تثبيتها وفرْضها على العدو، منذ معركة «سيف القدس» في أيار من العام الماضي، تسير في الاتجاه المفترَض لها، في ظلّ التفاعل الذي تلقاه من جانب الفلسطينيين، بعدما شكّلت جنين ومخيّمها، فتيلاً أشعل الهبّة الجماهيرية، التي تعزّزت مع ارتقاء كوكبة من الشهداء، وتُوِّجت بالانتفاض رفضاً للاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى الذي تمضي المقاومة في معركتها لإنهاء التقسيم الزماني المخصّص له

«الأخبار»

- استمرار العدوان
العدوان على الأقصى مستمر: المستوطنون يقتحمون الباحات لمناسبة «الفصح»

لليوم الثالث على التوالي واصلت شرطة العدو الإسرائيلي اقتحامها للمسجد الأقصى وباحاته، مؤمّنةً اقتحامات المستوطنين من تنظيمات «جماعات الهيكل» الاستيطانية للحرم القدسيّ بمناسبة «عيد الفصح العبري»

وتقدّمت قوات العدو، وحدة التدخّل السريع الشرطية، التي انتشرت في ساحات الحرم وعند المصلّى القبليّ، معتليةً صحن قبة الصخرة، قبل أن تُجلي المصلّين من ساحات الحرم وتُبعدهم عن مسار اقتحام المستوطنين، كما أغلقت أبواب مصلّيات الأقصى، محاصرةً المصلّين والمعتكفين والمرابطين.

من جهتها، اقتحمت «جماعات الهيكل»، الأقصى من طريق باب المغاربة بمجموعات مؤلّفة من عشرات المستوطنين الذين تلقّوا شروحات عن «الهيكل»، وأدّوا شعائر تلمودية قبالة قبة الصخرة.

وفي الوقت نفسه، واصلت قوات العدو التضييق على الفلسطينيّين، واضعةً حواجز على مداخل البلدة القديمة وفي الطرقات المؤدّية للأقصى، مانعةً الفلسطينيين وخصوصاً الشباب منهم، من الدخول إلى المسجد وأداء صلاة الفجر، قبل أن تعتدي عليهم عند المقبرة اليوسفية.
أمّا في المصلّى القبليّ، فأطلقت قوات العدو قنابل الغاز المسيّل للدموع، قبل أن تُخلي النساء من محيط المسجد القبليّ لتأمين مسار اقتحام المستوطنين. الأمر الذي أدّى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق. كما اعتقلت الشرطة ثلاثة شبان من محيط المسجد الأقصى واقتادتهم إلى معتقل المسكوبية.

وفي الخليل، أغلقت سلطات الاحتلال الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين، فيما سمحت لمئات المستوطنين بتأدية شعائر تلمودية في ساحاته.
وقال مدير المسجد الإبراهيمي، غسان الرجبي، إن «الاحتلال أبلغ مديرية أوقاف الخليل بإغلاق المسجد الإبراهيمي أمام الفلسطينيين، يومَي الإثنين والثلاثاء، وفتحه أمام المستوطنين احتفالاً بعيد «الفصح العبري»، موضحاً أن «سلطات الاحتلال تنوي فتح المسجد بكافة أروقته أمام المستوطنين اليهود لأداء طقوسهم الدينية».

ويأتي العدوان على الأماكن الدينية المقدّسة، في وقتٍ تتحضر المنظمات الاستيطانية لتنظيم «مسيرة الأعلام» حول أسوار البلدة القديمة في القدس، والمقررة يوم غدٍ الأربعاء.
من جهتهم، قال منظّمو المسيرة إلى وسائل إعلام إسرائيلية، إنها تأتي في إطار «الرّد على فقدان السيادة الإسرائيلية في القدس».

- الفلسطينيون يحتشدون للتصدّي لمسيرة المستوطنين الاستفزازية باتجاه «حومش»

دعت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، وحركة «فتح»، إقليم نابلس والقوى والفعاليّات الوطنية والشعبية ومؤسسات قرية برقة ولجان المقاومة الشعبية، للمشاركة في التصدّي لمسيرة للمستوطنين اليوم باتجاه البؤرة الاستيطانية المخلاة «حومش»، والمقامة على أراضي برقة.

وقد بدأ قبل قليل تجمّع الفلسطينيين على مدخل قرية برقة، فيما أغلقت قوات الاحتلال مداخل القرية بالسواتر الترابية. في المقابل، بدأ توافد المستوطنين الذين يشاركون في
مسيرة استفزازية باتجاه البؤرة التي أُنشئت عام 1982، وأُخليت عام 2005 فيما أُبقي فيها على المدرسة الدينية. وفي السنوات الأخيرة، تعالت دعوات المستوطنين لإعادة بنائها وتوسيعها.

والمسيرة التي يشارك فيها آلاف المستوطنين اليوم، ليست الأولى من نوعها، فخلال الأشهر الأخيرة، نظّم المستوطنون مسيرات مماثلة تخلّلتها اعتداءات واسعة على ممتلكات المواطنين ومنازلهم في برقة والقرى المجاورة. ومن المتوقّع أن يشارك عدد من أعضاء الكنيست اليمينيين بالمسيرة، بمن فيهم رئيس تحالف «الصهيونية الدينية»، بتسلئيل سموتريتش، وعضو الكنيست إيتمار بن غفير.

ويأتي ذلك، على الرغم من أنّ جيش الاحتلال أعلن أنه لن يقوم بحراسة المسيرة لأن لديه نقص بالقوات بسبب حالة الطوارئ وانتشارها بالضفة وقبالة غزة. كما أنّ المسيرة، وفقاً لجيش الاحتلال «تشكّل خطراً على المشاركين، كونها تمرّ بمحاذاة تجمّعات سكنية فلسطينية».

- الضفة: إصابة عدد من الفلسطينيّين بمواجهات مع الاحتلال في برقة

أُصيب عدد من الفلسطينيّين بالاختناق، اليوم، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال عند مدخل قرية برقة شمال غرب نابلس؛ حيث هدفت قوات الاحتلال لتأمين اقتحام المستوطنين للمنطقة.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، بأن «مواجهات اندلعت بين الشبان وقوات الاحتلال التي حضرت إلى المكان، لتأمين حماية مسيرة استفزازية للمستوطنين باتجاه مستوطنة حومش المخلاة».

يذكر أن أكثر من خمسين حافلة تُقلّ مئات المستوطنين، وصلت إلى المكان؛ تمهيداً للمسيرة. وكانت قوات الاحتلال قد أغلقت منذ ساعات الصباح كافة مداخل بلدة برقة بالسواتر الترابية، في ظل دعوات من قبل المستوطنين لمسيرة ضخمة في المنطقة.

- العدو يشنّ غارات على غزة

شنّت طائرات العدو الإسرائيليّ، غارات جوية، في وقت مبكر اليوم، على قطاع غزة، بعد إطلاق صاروخ من القطاع باتجاه المستوطنات.

واستهدفت الغارات الإسرائيلية موقعاً أمنياً في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، في حين أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لـ«حماس»، أنّ دفاعاتها الجوية تصدّت للطائرات الإسرائيلية.

وقالت «الكتائب» في بيان صحافيّ، إن «دفاعاتها الجوية تصدّت في تمام الساعة 01:35 من فجر اليوم، للطيران الحربي الصهيوني المعادي في سماء قطاع غزة، بصواريخ أرض-جو».

من جانبه، اعتبر المتحدث باسم «حماس»، حازم قاسم، أن «القصف الصهيوني لبعض المواقع الفارغة محاولة فاشلة لمنع شعبنا الفلسطيني من الدفاع عن مدينة القدس والمسجد الأقصى».
وتابع «تستمر المواجهة التي هي حقّ طبيعي لشعبنا ومقاومته مع الاحتلال الغاصب، على كل محاور الاشتباك في القدس وغزة والضفة والداخل المحتل».
وجاءت الغارات الاسرائيلية بعد ساعات من إعلان جيش العدوّ اعتراض منظومة «القبة الحديدية» صاروخاً أُطلق مساء أمس من قطاع غزة، باتّجاه مستوطنات «كسوفيم» و«العين الثالثة» في غلاف غزة.

- «وحدة الساحات» ترعب العدو: الأقصى في قلب المواجهة

القدس | للعام الثاني على التوالي، يتزامن عيد «الفصح اليهودي» مع شهر رمضان. ومن طقوس «الفصح»، اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى وأداء طقوس تلمودية، إضافة إلى طقوس أخرى، أبرزها: ذبح القربان داخل المسجد، أو ذبحه خارجاً ثم نثر دمه في صحن قبة الصخرة. وفي شهر رمضان، العام الماضي، كان اقتحام المستوطنين للأقصى في عيد الفصح عاملاً رئيساً في اندلاع معركة «سيف القدس»، حيث منع الفلسطينيون المرابطون في المسجد، المستوطنين من اقتحامه. لكنّ هذا العام، وفي ظلّ جهود دولية وإقليمية هائلة للتهدئة، وتمرير شهر رمضان من دون تصعيد كبير، توهّم قادة المستوطنين المتطرّفين بإمكانية تصعيد نشاطاتهم، ولم يكتفوا بالاقتحامات، بل أطلقوا دعوات مكثّفة لـ«ذبح القرابين» داخل الأقصى، مع الإعلان عن رصد مكافآت مالية لأيّ مستوطن ينجح في ذبح القربان، أو يتمّ اعتقاله أثناء الذبح أو قبله. لكنّ تهديدات المقاومة الفلسطينية للعدو ورسائلها الواضحة عبر الوسطاء، وصمود المرابطين والمعتكفين في المسجد الأقصى، حالت دون ذبح القرابين، بعدما شدّدت الشرطة الإسرائيلية حراستها على أبوابه، وضبطت نحو ستّة مستوطنين، بعضهم متنكّر بملابس عربية، في محاولة منهم للدخول إلى المسجد.

وليلة الجمعة الماضية، وصل نحو ألفَي معتكف لـ«الرباط» في المسجد الأقصى، قبل ساعات من الموعد المفترض لاحتمال ذبح القرابين، واقتحام المستوطنين. يقول أحد المرابطين، لـ«الأخبار»، إن «المصلّين في تلك الليلة، قدِموا من مناطق مختلفة في القدس والداخل المحتل عام 1948، والضفة الغربية، واستعدّوا لصدّ اقتحام شرطة العدو والمستوطنين، إذ أحضروا السواتر الحديدية والخشبية، وجمعوا الحجارة، وأدخلوا مفرقعات نارية». وإن لم يكن بمقدور هؤلاء العزّل منع الاقتحام كلياً، إلّا أن «الهدف كان إفهام العدو، أن الاقتحام لن يمرّ بهدوء على الأقلّ، لأن المستوطنين، وفي حال تمكّنوا من الاقتحام دون مواجهة، فهذا سيشجّعهم على خطوات تصعيدية تالية»، بحسب المرابط. وبعد ثوانٍ من اقتحام أوّل مجموعة من الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى، انهال الشبّان عليها بالمفرقعات النارية والحجارة، وتحوّلت ساحات الأقصى إلى «ساحة قتال». وأثار تصدّي المرابطين الفلسطينيين لاقتحام الشرطة، غضب قائدها في القدس، الذي قاد شخصياً الاقتحام الأوّل. حيث أعاد الكرّة، ونفّذ اقتحاماً ثانياً، ارتكب فيه عناصر شرطته انتهاكات غير مسبوقة. وفي العادة، كان الجيش الإسرائيلي يطلق الرصاص المطّاطي على الشبان في الساحات، ويُلقي قنابل الصوت والغاز داخل المصلّى القبلي، من دون اقتحامه، لكنّ هذه المرة قرّر العدو اقتحام المصلّى، بعد استنفاد كل الوسائل لإرغام الشبّان المرابطين على الخروج منه. كما بادر بالهجوم على المصلّين عقب صلاة الفجر، لأنه أدرك أنه لن يجرؤ على اقتحام المسجد الأقصى ظهر الجمعة، لأن ذلك سيعني بالضرورة اندلاع تصعيد واسع، بسبب عدد المصلّين الذي يزيد على 70 ألفاً خلال الجمعة الأولى من رمضان. وانتهى الاقتحام الكبير للمسجد الأقصى، بإفراغ المصلّى القبلي، واعتقال أكثر من 400 فلسطيني من داخله، وإصابة 158 آخرين.

انتهى الاقتحام بإفراغ المصلّى القبلي واعتقال أكثر من 400 فلسطيني

وخلال اليومين الماضيين، تواصلت المواجهات في المسجد الأقصى، لكنّ المستوطنين تجنّبوا الوصول إلى الأماكن التي يتركّز فيها المرابطون. وتذمّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية من قلّة أعداد المقتحمين، إذ علّقت إذاعة الجيش، قائلة: «صلوات (بركة الكهنة) في حائط البراق، بدأت بمشاركة نحو 1500 مستوطن، وهذا عدد ضئيل مقارنة بالسنوات السابقة»، فيما قال الصحافي الإسرائيلي، يائير ليفي، إن رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزيرة داخليته، نجحا في تخويف المستوطنين في القدس، حيث يتواجد عدد قليل من المستوطنين في حائط البراق، ويكاد يكون فارغاً مقارنة بالسنوات السابقة. وبحسب متابعة «الأخبار»، فقد أصيب 25 إسرائيلياً بجروح خلال الأسبوع الماضي، أثناء أوّل اقتحام للأقصى، فيما أُصيب 7 مستوطنين، بعد يومين، إثر رشق حافلات إسرائيلية بالحجارة قرب باب الأسباط في القدس أثناء توجّهها نحو حائط البراق. وفي الداخل المحتل، أُصيب مستوطن بعملية طعن نفّذتها فتاة فلسطينية في مدينة حيفا، وأصيب آخر بالحجارة في مدينة الناصرة. أما في الضفة الغربية، فقد أصيب مستوطن بالحجارة قرب بلدة ترمسعيا في رام الله، وآخر خلال مواجهات مع الفلسطينيين في بلدة رأس كركر غرب رام الله.

في الضفة الغربية، يواصل المقاومون في جنين، انتشارهم واستنفارهم ليلاً. وفي الأيام القليلة الماضية، لوحظ ظهور عدد إضافي من مقاومي «كتائب القسّام» في مخيم جنين، ما يشي باحتمالية وجود قرار لدى «حماس» بتعزيز المقاتلين في المخيم. كما ظهر ملثّمون من الحركة في عدد من مناطق الخليل بشكل مفاجئ، في مشاهد غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، حيث شارك هؤلاء برفقة ملثّمين آخرين من «الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية»، في فعّاليات مشتركة تركّزت في مخيم الفوار ومنطقة باب الزاوية، وبلدتَي صوريف وبيت أمر في الخليل، ومخيم جنين.
وأحدث تحديد موعد اجتماع قيادة السلطة الفلسطينية و«منظّمة التحرير» للتباحث في شأن اعتداءات العدو في الأقصى، موجة تندّر واسعة، إذ جرى تحديد الموعد بعد نحو ثلاثة أيام من اندلاع التصعيد، ولكنّ المفاجأة الأكثر غرابة، كانت في قرار رئيس السلطة، محمود عباس، تأجيل الاجتماع، بعد يوم من تصريحه بأن «اجتماع القيادة غداً، سينفّذ قرارات المجلس المركزي بقطع العلاقات مع إسرائيل». وعلمت «الأخبار»، من مصادر مطّلعة، أن «السلطة الفلسطينية تعرّضت لضغوط من دول عربية، وبشكل خاص الأردن، لإلغاء الاجتماع وليس تأجيله، بناءً على طلب من الإدارة الأميركية»، بحجّة أن «الجميع يريد الهدوء ويتّجه نحوه، ولا حاجة إلى أيّ اجتماعات تصعيدية».

- تحت سقف المواجهة الشاملة: إسرائيل تخشى التصعيد / يحيى دبوق

لا يوجد ما يمنعُ تصعيدَ الأوضاع في الأراضي المحتلّة لتصل إلى مواجهة شاملة مع قطاع غزة. فالأسبوعان المقبلان مشبَعان بالمناسبات الدينية اليهودية التي يحرص المستوطنون على تفعيل طقوسها بما يمسّ الحرم القدسي، وهو ما سيستدعي ردّاً من المقدسيين ومن المناطق الأخرى، بما فيها الأراضي المحتلّة عام 1948. مع هذا، فإن التصعيد، كما تُبيِّن مواجهات يوم الجمعة الماضي، لا يبدو محتوماً، إذ إن إرادة الأطراف ذات الصلة، أيّ الاحتلال الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية، غير معنيّة بالتصعيد الشامل، وهو ما يؤكده العدو من خلال مواقفه وأدائه العملي ورسائله من «تحت الطاولة» وعبر وسطائه، كما فصائل المقاومة وإن كانت يدها على الزناد في غزة.

وفي المشهد العام، يمكن الإشارة إلى الآتي:
- تخشى تل أبيب، على خلفية تقديراتها الاستخبارية، من أن تؤدّي المواجهات إلى دحرجة التصعيد ليشمل الساحات الفلسطينية على اختلافها، وصولاً إلى المواجهة العسكرية مع قطاع غزة. وهي مقدمات كانت موجودة دائماً على طاولة التقدير الإسرائيلية، إلّا أنها لم تكن تحظى بأولوية كون «الأوضاع الأمنية ممسوكة»، ما يحول دون تدحرج المواجهات إلى تصعيد شامل. وتلقّى العدو تأكيدات عملية بخصوص إمكانية الدحرجة في العام الماضي، وهو ما أدّى إلى تصعيد واسع مع قطاع غزة استمر 11 يوماً، دفعت خلالها إسرائيل أثماناً وخسائر، لكن أيضاً مواجهات داخل الخط الأخضر، هي الأولى من نوعها منذ عقدين. في الوقت نفسه، لا يبدو الجانب الإسرائيلي معنياً، بل ممنوع عليه، أن يرضخ ويغيّر سياساته المعتمدة في الأقصى وفي الأراضي المحتلّة، لأن الفلسطينيين وفصائل المقاومة، يقرأون هذه المرّة موقفه جيداً، ويعملون على استغلال الفرص إلى حدّها الأقصى، طالما أن يلجم نفسه عن تصعيد متعمّد من جانبه، الأمر الذي يوصل، في النتيجة، إلى ترسيخ معادلات جديدة ومنْع تغييرات أخرى مرتبطة بالوضع الراهن في القدس، إذ تستغل تل أبيب بنوده (الوضع الراهن) بهدف التوسّع وتعزيز السطوة على القدس والحرم القدسي. بين هذا الحدّ وذاك، تتحرك إسرائيل: بين الدافع لِلَجم المواجهات والتصعيد عبر منْع أسبابها، وبين تمكين الفلسطينيين من تحقيق إنجازات تمنع عن الاحتلال المضيّ قدماً في «مظاهر السيادة» على الحرم.

- المشاهد المبثوثة خلال المواجهات وفي أعقابها، في الحرم وخارجه، والأكثر قسوة من بينها هو اقتحام القوات الأمنية الإسرائيلية المسجد الأقصى وتدنيسه، لا تغيّر من المقدّمات وضوابطها وحدودها، سواء لدى المحتلّ أو لدى الفلسطينيين، بل هي في أوجه كثيرة تؤكد عليها. وكما تبيّن، فعّلت إسرائيل كل ما لديها من أدوات قمع، دون التسبّب بإسقاط قتلى في صفوف المدافعين عن الحرم، لإدراكها المسبق أن الدماء التي تسقط في الحرم من شأنها تغيير أولويات الساحات الأخرى.

تشير التقديرات الاستخبارية لدى العدو إلى أسبوعين حافلين بعوامل التصعيد وإمكانات التدحرج إليه

- لا تُنهي المواجهات في القدس وغيرها من المناطق المحتلّة، ظاهرة العمليات المنفردة في الداخل، بل تزيد من حافزيتها. وتنضمّ المواجهات والتسبُّب بها إلى وكالة للتخطيط والقرار في تل أبيب كما هو حال العمليات المنفردة داخل الخط الأخضر، ما يزيد موقف الاحتلال تعقيداً وإرباكاً عمَّا هو عليه. على هذه الخلفية، تشير التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية إلى أسبوعَين حافلَين بعوامل التصعيد وإمكانات التدحرج إلى مستويات أعلى مما شهدته فلسطين المحتلة يوم الجمعة الماضي، بما يشمل رفع مستوى حافزية شنّ عمليات منفردة.

- كان لافتاً موقف السلطة الفلسطينية التي اكتفت ببيان طالبت فيه إسرائيل بأن لا تعمد إلى التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي، وهو بيان لا يُغني ولا ينفع ولا يتلاءم مع حجم ومستوى الاعتداءات في الحرم. وكان الأَولى بالسلطة، إن أرادت أن تكون عاملاً مؤثّراً في لجْم اندفاعة تل أبيب وزيادة عوامل كبحها، أن تجمّد وظيفتها الأمنية، إن لم تكن تقوى أو تريد تغيير هويتها ووظيفتها.

- اللافت في سياق المواجهات، أنه بعد ساعات قليلة على الاعتداء على الحرم، والمشاهد المبثوثة للخراب الذي تسبّبت فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية داخل الأقصى، جمع الرئيس الإسرائيلي على مائدة الإفطار لديه، سفراء الأنظمة المطبّعة: مصر والأردن والإمارات والبحرين والمغرب وتركيا، إضافة إلى سياسيين مندوبين عن هذه الأنظمة، في مظهر معيب يشير إلى أيّ حدّ وصلت التبعية. وكان لافتاً أيضاً، قرار أبو ظبي مشاركة طائراتها في العرض الجوّي الذي تقيمه إسرائيل كل عام، لمناسبة «قيامها».

- المقاومة تفرض إنهاء التقسيم الزماني / رجب المدهون

غزة | مع استمرار المباحثات بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، عبر الوساطات العربية والدولية، أكّدت الفصائل أنّ معركتها الحالية تهدف إلى إنهاء التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، وإيقاف عملية اقتحامه من قبل المستوطنين، بحماية شرطة الاحتلال.

وبحسب مصدر في المقاومة، فقد تواصلت الاتصالات والمباحثات مع المصريين، على مدار اليومين الماضيين، في وقت طلبت فيه الفصائل من المصريين الضغط على الإسرائيليين، لمنع الاقتحامات في المسجد الأقصى، كي لا تضطرّ للدخول في معركة عسكرية جديدة.
وأكّدت الفصائل أنّها لن تكتفي بمنع ذبح القرابين داخل المسجد، بل هي معنيّة بوقف اقتحامه من قبل المستوطنين، إضافة إلى وقف الانتهاكات التي تقوم بها الشرطة تجاه المعتكفين، مشدّدة على أنّ هذه الاستفزازات ستؤدّي إلى تفجُّر الأوضاع من جديد. كذلك، أشارت المقاومة إلى أنّ العمليات الفدائية الجديدة، التي ستنطلق خلال الأيام المقبلة بعد إنهاء قضية ذبح القرابين، ستكون وفق هذا العنوان.

واقتحمت، أمس، مجموعة من المستوطنين، يُقدّر عددها بـ545 شخصاً، باحات المسجد الأقصى، بعد اعتداء قوات الاحتلال على المصلّين، وإفراغ ساحات المسجد منها، تزامناً مع جولة استفزازية في البلدة القديمة للقدس، نفّذها رئيس تحالف الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش، بصحبة عدد من نواب الكنيست والمستوطنين.
في مقابل ذلك، جدّدت حركة “حماس” تأكيدها على استمرار الرباط لحماية المسجد الأقصى، مشدّدة على أنّ استمرار اقتحامه والاعتداء على المصلّين، يواجَه بمزيد من الصمود والتصدّي، رفضاً لسياسة الأمر الواقع وإفشالاً لمحاولات التقسيم.

اقتحمت أمس مجموعة من المستوطنين يُقدّر عددها بـ545 شخصاً باحات المسجد الأقصى

وعلى خلفية هذه الأحداث، بثّت وسائل الإعلام العبرية موادَّ تحريضية ضد قائد حركة “حماس” في الضفة الغربية، صالح العاروري، المتواجد في تركيا. واتّهمته بالمسؤولية عن التصعيد الأخير. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إنّه يقف خلف الأحداث المتفجّرة في مدينة القدس، إذ إنّه “شكّل خلايا مسلّحة في الضفّة، ونجح في تنفيذ عمليات فدائية”.

وبالتزامن مع زيادة التحذيرات من تطوّر الأحداث في القدس، إلى الضفة المحتلّة وقطاع غزة، ومن إطلاق الصواريخ، عزّز الجيش الإسرائيلي، أمس، قوّاته في الضفّة، لتصل إلى 24 كتيبة. ونشر عدداً من منظومات القبّة الحديدة في المنطقة الجنوبية، خشية إطلاق صواريخ من قطاع غزة تجاه الأراضي المحتلّة.

بدوره، لم يخفِ الإعلام العبري خشية المستوى الأمني والعسكري من دخول قطاع غزّة على خطّ المواجهة، إذ زعم الكاتب في “القناة 13”، حيزي سمان توف، أنّ “حركة الجهاد الإسلامي” - أو قسماً بسيطاً منها - تدفع في اتجاه إطلاق الصواريخ بشكل فوري من غزّة، للتضامُن مع المسجد الأقصى. وقال، إنّه “رغم أنّ حماس لا ترغب بالتصعيد في غزة، إلّا أنّ هناك أصواتاً قليلة داخلها ترغب في إطلاق الصواريخ من غزّة، بطريقة محسوبة لا تؤدّي إلى عملية واسعة، من أجل التضامُن مع المسجد الأقصى، ولكي يرى المصريون والعالم العربي أنّها لم تبقَ صامتة”.

مع ذلك، اعتبر توف أنّ “حماس لا تزال تشجّع وتوجّه وتحرّض، لكي تُشعل المنطقة”، مضيفاً أنّ الحركة “تعتقد بأنّ إشعال المنطقة في القدس والمسجد الأقصى، سيخدم أجندتها لأنّها ستوحّد كلّ العالم العربي، بما في ذلك الدول العربية التي وقّعت على اتفاق أبراهام”.


صالة العرض

الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أحداث و متابعات  متابعة نشاط الموقع ملفات   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

39 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28