] دلال مغربي [جهاد]! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 12 آذار (مارس) 2023

دلال مغربي [جهاد]!

الأحد 12 آذار (مارس) 2023 par رنا علوان

كتب نزار قباني [بعد ألف سنة سيقرأ الأطفال العرب الحكاية التالية ، إنه في اليوم الحادي عشر من شهر آذار 1978 تمكن أحد عشر رجلا وامرأة من (تأسيس جمهورية فلسطين داخل أتوبيس)
في باص أقاموا جمهوريتهم ، أحد عشر رجلًا بقيادة امرأة جميلة اسمها (دلال المغربي) تمكنوا من تأسيس فلسطين ، بعدما رفض العالم أن يعترف لهم بحق تأسيسها ، ركبوا أتوبيسًا متجهًا من حيفا إلى تل أبيب وحولوه إلى عاصمة مؤقتة لدولة فلسطين رفعوا العلم على مقدمته ، وهتفوا كما يفعل تلاميذ المدارس في الرحلات المدرسية وحين طوقتهم القوات الإسرائيلية ولاحقتهم طائرات الهليوكوبتر وأرادت أن تستولي بقوة السلاح على الأتوبيس (العاصمة) فجروه وانفجروا معه ولأول مرة في تاريخ الثورات يصبح باص من باصات النقل المشترك (جمهورية) مستقلة كاملة السيادة لمدة 4 ساعات ، إنه لا يهم أبدًا كم دامت هذه الجمهورية الفلسطينية المهم أنها تأسست وكانت أول (رئيسة جمهورية) لها اسمها دلال المغربي]
مما لا شك فيه أن السياسة لا تكتب بالعواطف ، لكن التاريخ يكتب بها ، بل وأحيانًا بأكثر منها ، (يكتب بالدم )
دلال المغربي إبنة حيفا ، واللاجئة الجميلة ، التي أبصرت النور عام 1958 في مخيم صبرا للاجئين في بلدها الثاني لبنان ، [لأم لبنانية وأب فلسطيني]
تعلمت في مدرسة يعبد الابتدائية ، ودرست الإعدادية في مدرسة حيفا وكلتا المدرستين تابعتين للأونوروا في بيروت ، التحقت دلال بحركة فتح وهي على مقاعد الدراسة فدخلت عدة دورات عسكرية وتدربت على جميع أنواع الأسلحة وحرب العصابات وعرفت بجرأتها وحماسها
إسم العملية [كمال عدوان]
الفرقة [فرقة دير ياسين]
عددهم [14 بطلًا وقائدتهم دلال]
المُخطط لها [خليل الوزير المُلقب بأبو جهاد]
أما الخطة [السيطرة على حافلة عسكرية]
قرر أبو جهاد أن تكون قيادة العملية (لإمرأة) ، بسبب قيام فرقة إسرائيلية بإغتيال مناضلين فلسطينيين وقيام (إيهود باراك) بالتخفي في زي امرأة أثناء العملية
وفي سرد الخطة ، [فهي القيام بإنزال على الشاطئ الفلسطيني والسيطرة على حافلة عسكرية والتوجه إلى تل أبيب لمهاجمة مبنى الكنيست]
في صباح 11 آذار 1978 نزلت دلال مع فرقتها ، على متن سفينة نقل تجارية ، تَقرّرَ أن توصلهم إلى مسافة 18 كيلومتر عن الشاطئ الفلسطيني ، ثم تستقل المجموعة زوارق مطاطية توصلهم إلى شاطئ مدينة يافا القريبة من تل أبيب حيث مقر البرلمان الهدف الأول للعملية ، غير أن رياح البحر المتوسط كانت قوية في ذلك اليوم فحالت دون وصول الزوارق إلى الشاطئ في الوقت المحدد لها الأمر الذي دفع بالزورقين المطاطيين إلى البقاء في عرض البحر ليلة كاملة تتقاذفها الأمواج ، ونتيجة ذلك ، قُلب أحد الزوارق فاستشهد اثنان من المجموعة غرقاً قبل أن تصل الزوارق إلى الشاطئ
بعدها وصلت الزوارق إلى الشاطئ في منطقة غير مأهولة ونجحت عملية الإنزال ، ولم يكتشفها الإسرائيليون حيث لم تكن إسرائيل تتوقع أن تصل الجرأة بالفلسطينيين القيام بإنزال على الشاطئ على هذا النحو
نجحت دلال وفرقتها في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل أبيب ، وتجاوزت مع مجموعتها الشاطئ إلى الطريق العام قرب مستعمرة [معجان ميخائيل] حيث تمكنت دلال ومجموعتها من إيقاف حافلة كبيرة بلغ عدد ركابها ثلاثين راكبًا وأجبروها على التوجه نحو تل أبيب ، وفي أثناء الطريق استطاعت المجموعة السيطرة على حافلة أخرى ونقل ركابها إلى الحافلة الأولى وتم احتجازهم كرهائن ليصل العدد إلى 68 رهينة
خاطبتهم دلال ، نحن لا نريد قتلكم نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنُخلّص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر ، نحن شعب يطالب بحقه في وطنه الذي سرقتموه ، ما الذي جاء بكم إلى أرضنا؟
وحين رأت دلال ملامح الإستغراب في وجوه الرهائن سألتهم ، هل تفهمون لغتي أم أنكم غرباء عن اللغة كما الوطن!
كان بينهم فتاة يهودية من اليمن تعرف العربية ترجمت ما تقوله دلال للرهائن ، [فدلال رغم تلقيها التدريب العسكري ، إلا أنها أمتنعت عن تعلم لغة عدوها ، غير المُشرّفة]
أخرجت دلال من حقيبتها علم فلسطين وقبلته بخشوع ثم علقته داخل الحافلة وهي تردد [بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي] ، وعند هذه المرحلة إكتشفت القوات الإسرائيلية العملية نتيجة تأخر الحافلة في الوصول إلى محطاتها في الموعد ، فهيئة فرقًا كبيرة من الجيش وحرس الحدود لمواجهة الفدائيين وسعت لوضع الحواجز في جميع الطرق المؤدية إلى تل أبيب ، لكن الفدائيين تمكنوا من تجاوز الحاجز الأول ومواجهة عربة من الجنود وقتلهم جميعًا ، فوضعت قوات الاحتلال المزيد من الحواجز في الطرق المؤدية إلى تل أبيب ، غير أن الفدائيين إستطاعوا تجاوز حاجز ثانِ وثالث حتى أطلوا على مشارف تل أبيب فارتفعت روحهم المعنوية أملًا في تحقيق الهدف ، لكن قوات الاحتلال صعّدت من إمكاناتها العسكرية بمزيد من الفرق ، وتمركزت الآليات العسكرية المدرعة قرب نادٍ ريفي اسمه [كانتري كلوب] وأصدر إيهود باراك ، قائد وحدة مواجهة العملية وقتها ، أوامره بإيقاف الحافلة بأي ثمن
عملت القوة الإسرائيلية على تعطيل إطارات الحافلة ومواجهتها بمُدرعة عسكرية لإجبارها على الوقوف ، حاولت المجموعة الفدائية مخاطبة الجيش بهدف التفاوض وأملًا في ألا يصاب أحد من الرهائن بأذى ، لكن الجيش رفض أن يصغي لصوت الفتاة اليهودية التي حاولت محادثتهم من نافذة الحافلة وأعلن عبر مكبرات الصوت أن لا تفاوض مع جماعة [المخربين] وأن عليهم الاستسلام فقط
أصدرت دلال أوامرها بالمواجهة ، وجرت معركة عنيفة ، نجحت فيها المجموعة في اختراق الجيش ومقاتلته بأسلحتها البسيطة
أصيبت دلال واستشهد ستة من المجموعة وبدأ الوضع ينقلب لمصلحة الجيش خاصة وأن ذخيرة المجموعة بدأت في النفاذ
كان الجيش يطلق قذائفه غير مبالٍ بالرهائن ، فسقطوا بين قتيل وجريح ، وظهر للمجموعة أن الوضع آخذ في التردي خاصة وأن دلال أصيبت إصابة بالغة
استشهدت دلال المغربي ومعها أحد عشر قمرًا من الفدائيين الأبطال بعد أن كبّدت جيش الاحتلال 30 قتيلاً و80 جريحا [الرقم أعلنته قوات الاحتلال]
أما الاثنان الآخران فتقول الروايات أن أحدهما نجح في الفرار والآخر وقع أسيراً وهو جريح ، [فسألوه عن قائد المجموعة فأشار بيده إلى دلال ، لم يصدق حينها باراك] ، فأعاد سؤاله على الجريح مهدداً فكرر الأسير قوله السابق ، فاقبل عليها باراك يشدها من شعرها ويركلها بقدمه بعد استشهادها
أما أبطال تلك العملية فهم
دلال سعيد المغربي [جهاد] ، المفوض السياسي للمجموعة ، رصاصة فوق عينها اليسرى ، أدت إلى إستشهادها
محمود علي أبو منيف [أبو هزاع] ، قائد المجموعة ، أصيب في جبهته واستشهد
الأسير حسين فياض [أبو جريحة] تم اعتقاله بعد العملية وحكم عليه بالمؤبد
[أبو الرمز] أشجع أفراد المجموعة ، تظاهر بالاستسلام للقوات الإسرائيلية وعندما اقتربوا منه التقط الكلاشينكوف المعلق بكتفه وقتل مجموعة من القوات الإسرائيلية ، أصيب بعدها واستشهد
الأسير خالد محمد أبراهيم [أبو صلاح] ، أصيب في يده ، تم اعتقاله بعد العملية وحكم عليه بالمؤبد
حسين مراد [أسامة] لبناني الأصل ، أصغر أفراد المجموعة سنًا ، أصيب بطلقة في رأسه واستشهد
محمد حسين الشمري [أبو حسن] اليمن ، (كان يحب فتاه فلسطينية اسمها فاطمة كان سيتزوجها بعد العملية ، حتى يحقق أمنيته بأن يصبح الفلسطينيون أخوال أولاده) ، أصيب أثناء العملية بكسر في قدمه اليمنى ثم أصيب برصاصة أدت إلى استشهاده
خالد عبد الفتاح يوسف [عبد السلام]، غرق قبل أن تصل المجموعة إلى هدفها وذلك بعد أن انقلب الزورق الذي كان يستقله هو ورفاقه فنجا بعضهم وغرق هو وفدائي آخـر واستشهدا
عبد الرؤوف عبد السلام علي [أبو أحمد] مواليد صنعاء ، يمني الأصل ، غرق بعد أن انقلب الزورق
محمد محمود عبد الرحيم مسامح [فاخر النحال] فلسطيني من مواليد الكويت ، قناص من الدرجة الأولى أصيب في عينه برصاصة قاتلة أدت إلى استشهاده
عامر أحمد عامرية [طارق بن زياد] لبناني الأصل ، استشهد
محمد راجي الشرعان [وائل] مواليد صيدا ، (دائم الابتسام حتى خلال العملية) ، أصيب برصاصة في بطنه أدت إلى استشهاده
يحيى محمد سكاف [أبو جلال] لبناني ، أصيب في العملية ، شهادات الصليب الأحمر تقول إنه كان محتجزًا في سجون الاستخبارات العسكرية وإسرائيل لم تعترف بوجوده
محمد حسين الشمري [أبو حسن] اليمن
[فهل لكم أن تنظروا إلى التنوع الجميل لهؤلاء الأبطال]
أما عن جثمان دلال فقد كان على قائمة الجثامين التي طالب بها حزب الله اللبناني في إطار صفقة لتبادل الأسرى ، ولكن فحوص الحمض النووي أظهرت عدم إعادة الجثمان وأن الجثث المعادة هي لأربعة شهداء مجهولي الهوية ، ولا يزال جثمانها غير معروف المكان حتى اليوم
ختامًا ، سجل يا تاريخ كما سجلت آنفًا ، بأن البطولة لا جنس لها فليفهم الرجال العرب إنهم لا يحتكرون مجد الحياة ولا مجد الموت ، وان المرأة يمكن أن تعشق أنبل بكثير مما يعشقون ، وتموت أروع بكثير مما يموتون وحين قررت البطلة الحسناء دلال المغربي أن تمارس أمومتها الحقيقية ذهبت إلى فلسطين الأم
سجل يا تاريخ ، بأن أحد عشر بطلًا وحسناء قطعوا شعرة معاوية التي كانت تخنقنا ، وكسروا كل الزجاجات التي كان يخزن بها سيدنا أيوب دواء الصبر ، ومزقوا كل إتفاقيات التهدئة المزيفة التي لا تحمي سوى عدوٍ غاصبٍ ، لو أراد العرب هزيمته لتحدوا كما فعل هؤلاء الأبطال ، لكن أنى لهم ذلك ، ففيهم المتخاذل وفيهم المتصهين وفيهم من دون ذلك
إنما النصر يحتاج الى شرف قد فقدوه ، ويحتاج الى إيمانٍ قد نسوه ، ويحتاج الى شجاعةٍ قد خلقوا دونها


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

39 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 39

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28