] مسارب الضم ونتائجها - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 19 تموز (يوليو) 2020

مسارب الضم ونتائجها

الأحد 19 تموز (يوليو) 2020 par علي بدوان

إن المرحلة القادمة حبلى بالتطورات السياسية في المنطقة، والمسؤولية هنا هائلة على الطرف الفلسطيني وعلى عموم القوى والتشكيلات السياسية الفلسطينية ذات الوزن والحضور، فالطريق واضح، والنصر مُمكن، ومواجهة عملية الضم لا يُمكن مواجهتها بالعمل الدبلوماسي فقط..
إن بنيامين نتنياهو والجنرال بيني جانتس، الشريكين الأساسيين في الائتلاف الحكومي في “إسرائيل”، يدركان في قرارة ذاتهما أن عملية “الضم” لمناطق من الضفة الغربية (30% من مساحتها) ومعها منطقة الأغوار، إن وقعت، فستؤدي إلى مسرب من المسارب الثلاثة الآتية: أولا ستقضي نهائيا على ما يُسمى بــ”حل الدولتين”، وهو الحل الذي يتبناه المجتمع الدولي منذ انطلاقة عملية تسوية مدريد عام 1991، مضافا إليه حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، والقدس عاصمة لدولة فلسطين.
وثانيا قد تفتح عملية “الضم” الطريق أمام خيار آخر، وهو الحل الواحد على كامل أرض فلسطين التاريخية. وهو ما يسميه “الإسرائيليون” تحويل “إسرائيل” إلى دولة “ثنائية القومية” (مع أن اليهودية ليست قومية بل دين)، وهو حل يرعب الغالبية “الإسرائيلية” التي ترفضه رفضا تاما.
وثالثا قد تؤدي لقيام نظام أبارتهايد رسمي (بانتوستانات ومعازل) على أرض فلسطين التاريخية، في المناطق ذات الأغلبية العربية، وهو طريق مرفوض دوليا وأخلاقيا، وإنسانيا، في القرن الــ21، ولا يُمكن لأي طرف بالعالم أن يقبل به. وهو ما يُذكرنا بالمعازل في جنوب إفريقيا فترة سياسات الفصل العنصري التي دامت نحو مئة عام، وانتهت بانتصار شعب جنوب إفريقيا عام 1990 عندما انهار نظام الأبارتهايد والفصل العنصري وأصبحت جنوب إفريقيا دولة لكل مواطنيها.
وبالتالي، إن المرحلة القادمة حبلى بالتطورات السياسية في المنطقة، والمسؤولية هنا هائلة على الطرف الفلسطيني وعلى عموم القوى والتشكيلات السياسية الفلسطينية ذات الوزن والحضور، فالطريق واضح، والنصر مُمكن، ومواجهة عملية “الضم” لا يُمكن مواجهتها بالعمل الدبلوماسي فقط، مع أهمية هذا الجانب، لكن مع ضرورة حل مشكلة الانقسام الداخلي الفلسطيني، مع جهد وطني مشترك، وموحّد، لتصعيد المقاومة في وجه الاحتلال بكل الأشكال المُمكنة والمتوافرة، بما فيها المقاومة الشعبية، ولإيجاد آليات لتوحيد النضال الفلسطيني المشترك في الداخل مع مثيله في الأراضي المحتلة، ومع جهد اللاجئين وجميع الفلسطينيين المقيمين في الخارج، وخصوصا في دول الطوق المحيطة بفلسطين (سوريا + لبنان + الأردن).
وبصرف النظر عن توقيت إعلان سلطة الاحتلال الإسرائيلي المضي قدما في تنفيذ برنامجها الهادف لضم مناطق من أراضي الضفة الغربية والأغوار، فإن ذلك البرنامج يستدعي فعلا فلسطينيا، إزاء عقود متصلة من سياسات وإجراءات استعمارية توسعية، بما أفضى لجعل مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، امتدادا “للسيادة الإسرائيلية”، والقضاء على فرص حل الدولتين بالأساس منذ ما بعد انطلاق قطار تسوية مدريد عام 1991 وصولا إلى اتفاق أوسلو الأول، وما بعد أوسلو.
وعليه، إن مسرب “حل الدولتين”، وهو المسرب الأهم، بات على الأرجح في مهب الريح، ولم يَعُد له مكان في مسارات التسوية الغارقة في الأوحال منذ أكثر من عقدين من الزمن. ولن تقوم قائمته الآن في ظل المعطيات المتوافرة، والتي لا تحمل الجديد، بل تحمل جملة من التعقيدات.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 34

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28