] عاملان في مسار الانتخابات “الإسرائيلية” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 5 آذار (مارس) 2020

عاملان في مسار الانتخابات “الإسرائيلية”

الخميس 5 آذار (مارس) 2020 par علي بدوان

برز عاملان مهمان، في مسار الانتخابات “الإسرائيلية”. أولهما صوت المستوطنين، وثانيهما تراجع بل وتآكل دور ما يسمى بــ”قوى اليسار الإسرائيلي”.
ففي العامل الأول، لعب المستوطنون، وعملية استرضائهم، دورا مهما في العملية الانتخابية للكنيست، في المرات السابقة، والأخيرة، وقد بلغ عدد المستوطنين اليهود المقيمين في مستعمرات الضفة الغربية والقدس الشرقية وعموم الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، نحو 600 ألف يهودي، منهم حوالي 210 آلاف يسكنون في مستعمرات تُحيط بمدينة القدس وفي إطار حدودها الإدارية، في حين أن أكثر من 44% منهم يسكنون في مستعمرات تقع خارج الكتل الاستيطانية.
حكومات الاحتلال المتعاقبة، اندفعت في مساعيها لإيصال أعداد المستوطنين اليهود لنحو مليون مستوطن يهودي في مناطق القدس الشرقية والضفة الغربية، وعندها لن يكون بالإمكان رسم خريطة تَظهَر فيها دولة فلسطينية مستقلة وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، أي بمعنى آخر نسف “حل الدولتين”.
وتحظى قوى اليمين واليمين المتطرف بحضور كبير في المستعمرات وبين المستوطنين، ومعها أحزابها (أحزاب الحريديم) إضافة لحزب الليكود الذي يُشكّل الهرم الكبير في قوى اليمين. وتقول المعطيات المتوافرة إن نحو 90 بالمئة من سكان تلك المستعمرات يصوتون عادة لصالح حزب الليكود وأحزاب اليمين وقوى اليمين المتطرف وعموم الأحزاب الدينية. ومن هنا نستطيع تفسير السعي المحموم من قبل حزب الليكود والأحزاب اليمينية للحراك والعمل الدعاوي الانتخابي داخل أوساط اليهود المقيمين في مستعمرات القدس والضفة الغربية، ودغدغته لمشاعرهم العنصرية والبهيمية ضد العرب بشكل عام في كل دعاية انتخابية.
إن المستعمرات المقامة في القدس ومحيطها وعموم الضفة الغربية كانت قد اجتذبت سكانا ومهاجرين جددا لفلسطين المحتلة طوال العقود الماضية منذ احتلال العام 1967، وخصوصا المتدينين من يهود (الحريديم)، خصوصا مع التسهيلات التي ما زالت تبديها حكومة الاحتلال لطالبي السكن في تلك المناطق، من حيث أسعار الشقق الزهيدة، ومساحاتها الكبيرة، وهذا عامل مركزي ومهم يُفَسّر إقبال اليهود القادمين من أصقاع الأرض على الاستيطان في الأرض المحتلة عام 1967.
وفي العامل الثاني، أكدت نتائج الدورات الانتخابية الأخيرة المتتالية، أن ما يسمى بــ”اليسار الإسرائيلي” قد انهار تماما. فالنتائج التي حصدتها تلك الأحزاب والمجموعات المحسوبة على تيارات “اليسار الإسرائيلي” كانت متواضعة جدا قياسا لحضور وتأثير وفعالية قوى اليمين واليمين المتطرف، بشقيه: العلماني والتوراتي.
فقد نال حزب العمل “الإسرائيلي” (الماباي) حظوظا متواضعة بين مقاعد في الكنيست بعد أن كان الحزب القائد للدول العبرية الصهيونية منذ قيامها وحتى العام 1977. كذلك حزب “ميرتس”. عدا عن تراجع حظوظ حزب “راكاح”.
البعض في حركة “ميرتس” اليسارية الصهيونية، حمَّلَ فلسطينيي الداخل مسؤولية تردي أوضاع “اليسار الإسرائيلي” ككل داخل “إسرائيل”، ففي إطار لقاء أجرته معه صحيفة “يسرائيل هيوم” يدعي البروفيسور امنون روبنشتاين، وزير التعليم نيابة عن حزب “ميرتس” في حكومة إسحاق رابين في سنوات التسعينيات من القرن الماضي، أن للفلسطينيين دورا في انهيار “اليسار الإسرائيلي” في الانتخابات. وقال روبنشتاين في معرض حديثه عن أسباب فشل “اليسار الإسرائيلي” وتراجع حضوره في نتائج الانتخابات الأخيرة للكنيست، إن “الموضوع الأمني والسيادة بالغ الأهمية بالنسبة للناخبين الإسرائيليين، ويسبق كل شيء، وفي الانتخابات القطرية يُعبّر الجمهور عن الحاجة للدفاع عما لنا، وعن عدم ثقته بالفلسطينيين”. وقال: “لقد ساهم الفلسطينيون في هزيمة اليسار، فالحركة الليبرالية في إسرائيل، واليسار بشكل خاص، تبنوا مقاربة الأرض مقابل السلام، ورد الفلسطينيون بالأرض ليس في مقابل السلام، وإنما مقابل المزيد من الأرض، وأصروا على حق العودة كأمر مقدس”.
لاحظوا ما قاله أمنون روبنشتاين أعلاه، إنه يطالب الفلسطينيين بالتخلي عن حق العودة وعلى القبول بالصيغ المطروحة “إسرائيليا” للتسوية. إن فحوى كلام أمنون روبنشتاين يتقاطع عمليا مع سياسات الليكود، وهو ما حدا البعض لتوصيف قوى “اليسار الصهيوني” بأنها ليست سوى “الليكود ب”.
إن مصادر في حركة “ميرتس” تعتقد بأن الرئيس الراحل ياسر عرفات شجع حلقة الإرهاب بعد أوسلو، وبعد ذلك تم الخروج العسكري “الإسرائيلي” من قطاع غزة، والذي كانت نتائجه ــــ من وجهة نظرها ـــ لا تقل خطورة، حيث بدء مسلسل قصف الجنوب، وليس الجنوب فقط، وبناءً عليه، أصبح اليمين في “إسرائيل” أقوى. فتلك المصادر تُشير إلى أن عملية إخلاء قطاع غزة كانت مؤلمة للغاية ومليئة بالأخطاء، بدلا من عملية تدريجية، وليس من جانب واحد، حيث كان من الممكن تحقيق السلام والهدوء، وخلق تعاون اقتصادي، والمساعدة في إعادة إعمار وتعزيز الحياة جنبًا إلى جنب.
وعليه، إن أحزاب ما يسمى بــ”اليسار الإسرائيلي”، تعيش أكذوبة وجودها، وترمي بفشلها على فلسطينيي الداخل، وتثير أجواء سلبية تمس أبناء الوطن الأصليين الذين بقوا صامدين على أرض فلسطين منذ نكبة العام 1948. دون أن تُدرك بأن المجتمع “الإسرائيلي” ذاته بات غارقا حتى أذنيه في مستنقعات اليمين واليمين المتطرف، بشقيه العلماني والتوراتي.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 402 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 26

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28