] «كورونا» والتحولات العالمية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 4 نيسان (أبريل) 2020

«كورونا» والتحولات العالمية

السبت 4 نيسان (أبريل) 2020 par يونس السيد

كشفت محنة وباء «كورونا» عن ضعف القواعد التي بُني عليها النظام العالمي الراهن، وقدرته على الصمود لاحقاً؛ بعد أن تنتهي المحنة؛ إذ بات من المؤكد أنه لن يعود كما كان؛ لكن من المبكر الحديث عن عواقب وتداعيات هذه المحنة، وتأثيراتها في مجمل العلاقات الدولية.
بغض النظرعن التراشق، والاتهامات المتبادلة التي رافقت ظهور هذا الوباء، خصوصاً بين الولايات المتحدة والصين، حول أسباب ومسببات الفيروس، والتسبب في سرعة انتشاره، سرعان ما انكشفت هشاشة النظام الدولي، وغياب التعاون الجماعي، لتقود كل دولة جهود مواجهة الوباء بشكل منفرد، وهو ما أضعف قدرة الدول مجتمعة على مواجهته، والحد من انتشاره. حتى في التكتلات الكبرى كالاتحاد الأوروبي، واجهت الدول الأعضاء عملية التصدي للوباء بصورة منفردة مع بعض الاستثناءات القليلة، ناهيك عن تأخرها في اتخاذ إجراءات الوقاية والعزل والإغلاق، ما طرح علامات استفهام كبيرة حول إمكانية بقاء الاتحاد كتلة موحدة لاحقاً. وبينما تعاملت الصين وروسيا بشكل منفرد في مواجهة الوباء، فإن الولايات المتحدة لم تتعامل مع الوباء بصورة منفردة فحسب؛ بل بنوع من الانكفاء والانعزالية التامة، حتى أنها حاولت شراء شركة دواء ألمانية؛ بهدف تأمين إنتاج لقاحات للولايات المتحدة وحدها؛ بل ذهبت إلى حد شراء حمولة طائرة من الكمامات الصينية كانت معدة لفرنسا، بعدما دفعت ثمنها مقدماً، من على مدرج أحد المطارات الصينية مباشرة بطريقة اعتبرها مسؤولون فرنسيون نوعاً من القرصنة. وبينما كشفت محنة الوباء عن فضيحة هشاشة الأنظمة الصحية، خصوصاً في الدول المتقدمة، فقد ظهرت أهمية منظمة الصحة العالمية، والدور الذي تقوم به الأمم المتحدة ومنظماتها الإقليمية وحاجتها إلى الدعم والتطوير؛ لتعزيز أنظمة الرعاية الصحية في كل البلدان؛ إذ ثبت أن الأنظمة الصحية الضعيفة في أي بلد من البلدان تشكل تهديداً للآخرين. ومع ذلك، فإن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس لوقف الصراعات في العالم والحروب الإقليمية لم تلق استجابة، إلا في الفلبين كما تشير بعض التقارير، وهو ما يدفع للاعتقاد أن الصراع التنافسي العالمي لا يزال على حاله في خضم المحنة، فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، رفضت رفع العقوبات عن أي من الدول التي لم تخضع لها، أو حتى التمييز بين ما هو إنساني وما هو سياسي؛ بل واصلت سياسة التهديد والتصعيد في مناطق الصراعات المختلفة.
في خضم المحنة، يصعب التنبؤ بالتداعيات المقبلة أو بمرحلة «ما بعد كورونا» على كل المستويات الجيوسياسية والاقتصادية وغيرها؛ لكن بات من الواضح أن هناك تحولات جارية، وأن النظام العالمي في طريقه إلى التغيير لا محالة، فالولايات المتحدة التي تخلت إلى حد كبير عن دورها القيادي في العالم، لن تعود كما كانت سابقاً، والاتحاد الأوروبي معرض للتفكك أكثر مما هو مرشح للبقاء، فيما روسيا والصين ستخضعان للنتائج التي سترسمها أزمة الوباء، وكيفية التعامل مع تداعيات الركود أو حتى الانهيار الاقتصادي العالمي، في حين لن يجد المجتمع الدولي الكثير من الوقت؛ لحل النزاعات العالمية، ما يعني أن استقرار النظام العالمي لا يزال مفتوحاً على كل الاحتمالات.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28