] “إسرائيل” ومكانة الدين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأربعاء 5 شباط (فبراير) 2020

“إسرائيل” ومكانة الدين

الأربعاء 5 شباط (فبراير) 2020 par علي بدوان

يخطئ من يعتقد بأن “الدولة العبرية الصهيونية كانت وما زالت دولة علمانية”، فالدين اليهودي يُشكّل رابطا أساسيا في قيامها وتأسيسها على أساس الرواية الميثولوجية التي كرّستها الحركة الصهيونية وفق نصوص توراتية مزيفة، واستطاعت من خلالها تحشيد عامة اليهود، للهجرة الاستيطانية التوسعية فلسطين، بدعم وإسناد كبير من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وفي الواقع الحالي، وكما قال الباحث في شؤون “إسرائيل” انطوان شلحت، فإن: “ثمة من يعتقد أن إسرائيل تمر بعملية تحوّل ديمغرافية وثقافية متسارعة، متأثرةً بعض الشيء بتحولات إقليمية أيضا، تنقلها شيئا فشيئا من مجتمع كان علمانيا في معظمه إلى مجتمع سيضحّي دينيا بغالبيته، بما قد يؤول ربما إلى إقامة دولة دينية صرفة”، تحت عنوان “دولة يهودية” وأن على الفلسطينيين الاعتراف بــ”يهودية الدولة”. وفي مقابل هؤلاء، تُثبت أبحاث عدة أن “إسرائيل” كانت أقل علمانيةً بكثير مما توصف في العادة، وأن الرابطة بالديانة اليهودية لم تكن ضعيفةً يوما، ولا سيما في مجرى بلورة ما يسمى بــ”الهوية الإسرائيلية”.
في هذا السياق، وربطا مع الوارد أعلاه، فقد قالت أغلبية بين اليهود في “إسرائيل” أنها تؤمن بالله، لكن في المقابل عبرت أغلبية أيضا عن تأييدها لفتح المصالح التجارية في يوم السبت، وعن تأييدها للزواج المدني، وشددت على أن الدين يؤدي دورا أكبر مما ينبغي في حياة الدولة. وجاء ذلك في استطلاع نشرته صحيفة “هآرتس” نهاية العام الفائت 2019.
وحول معنى اليهودية، قال 24% إنه الدين، أي التوراة والفرائض، بينما اعتبر 29% أن اليهودية هي قومية (وهو أمر مخالف للمنطق، فاليهودية دين وليست قومية). فيما رأى 25% باليهودية أنها ثقافة وتراث، فيما قال 22% إن اليهودي هي جميع القيم المذكورة بشكل متساوٍ.
وقال 48% إن لموضوع الدين والدولة دور مهم في التصويت في الانتخابات الأخيرة للكنيست، وأضاف 27% إنه لهذه الناحية دور صغير، بينما قال 25% إنه لم تكن أية أهمية لمسألة الدين والدولة في تصويتهم. ورأى 52% أن الدور الذي تلعبه العلاقة بين الدين والدولة أكبر مما ينبغي، بينما اعتبر 25% أنها تلعب دورا لائقا، وقال 15% إنها تلعب دورا أصغر مما ينبغي.
هذا، وأظهرت تقارير عديدة، نُشرت مؤخرا، وجود شرخ في العلاقات بين “إسرائيل”، حيث الأغلبية تنتمي للتيار اليهودي الأرثوذكسي، وبين اليهود في الولايات المتحدة، حيث ينتمي غالبيتهم العظمى للتيارين الإصلاحي والمحافظ، والكثير منهم بعيد عن الديانة اليهودية وطقوسها، مع أنهم يعتنقون اليهودية كدين لهم. وقال 25% من المستطلعين: “إنه لا ينبغي أبدا أن تعترف إسرائيل بالتيارين الإصلاحي والمحافظ كمتساوين للتيار الأرثوذكسي”، بينما قال 18% إنه يجب الاعتراف بهذين التيارين ولكن ليس بصورة مساوية للأرثوذكس. ووافق 39% على “اعتراف إسرائيل بهذين التيارين كمتساوين للأرثوذكس”.
على كل حال، هناك ربط مُحكم في “إسرائيل” بين الدين والدولة، بالرغم من البرقع الإعلامي الذي تغطي نفسها به، وفي تحييدها للدين باعتبارها دولة علمانية. وهذا البرقع تساهم به كل الأحزاب اليهودية على أرض فلسطين التاريخية، بما فيها أحزاب ما يسمى بــ”اليسار الصهيوني” أو “اليسار الإسرائيلي”.
في هذا السياق، أثارت تصريحات للحاخام الشرقي الأكبر لـ”إسرائيل”، يتسحاق يوسف، ضجة في “إسرائيل” بعد أن نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” مقتطفات منها مؤخرا. حيث هاجم الحاخام يتسحاق يوسف فيها المهاجرون من دول الاتحاد السوفييتي السابق، قائلا إنه “يوجد هنا الكثير من الأغيار (غير اليهود)، وقسم منهم شيوعيون، كارهون لدين. وهم ليسوا يهودا أبدا. وبعد ذلك يصوتون لأحزاب تحرض ضد الحريديين وضد الدين”. أقوال الحاخام يتسحاق يوسف جاءت خلال مشاركته في مؤتمر للحاخامات عُقد في القدس مؤخرا، وقال فيه إن “مئات وربما عشرات آلاف الأغيار جاؤوا إلى البلاد بسبب قانون من هو اليهودي. وقد أحضروهم (السلطات الإسرائيلية) إلى البلاد كي يشكلوا وزنا مضادا للحريديين، وفي حال جرت انتخابات لا يكون الكثير من الحريديين في الكنيست”. فيما اعتبر رئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، حزب المهاجرين الروس، أفيجدور ليبرمان، الذي يحصل على أصوات شريحة كبيرة من المهاجرين الروس، إن الحاخام يوسف “يحرض ضد جمهور المهاجرين من الاتحاد السوفييتي السابق، الذين يعملون ويخدمون في الجيش ويخدمون في قوات الاحتياط ويدفعون الضرائب ويسهمون ببناء الدولة.
ويُذكر أن هجرة اليهود الروس إلى فلسطين المحتلة، بدأت في بداية تسعينيات القرن الماضي، ووصل خلالها أكثر من مليون شخص، من مواطني دول الاتحاد السوفييتي السابق إلى “إسرائيل”، بموجب “قانون العودة” الذي يسمح لليهود من أنحاء العالم بالهجرة إلى “إسرائيل”. وتُشير معطيات “دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية” إلى وجود قرابة 450 ألف “إسرائيلي” ليسوا معرّفين دينيا، وهؤلاء ليسوا يهودا وهم أزواج أو أبناء وبنات المهاجرين الروس. ويواجه هؤلاء صعوبة في التهود بسبب الإجراءات والشروط المُتشددة التي تضعها “الحاخامية الإسرائيلية”. كذلك فإن ثلث المهاجرين الروس، في السنوات 2012 – 2019، يهود والباقون أبناء عائلاتهم لا يعترف بيهوديتهم.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 36

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28