] بومبيو يهيل التراب على التسوية المأزومة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019

بومبيو يهيل التراب على التسوية المأزومة

السبت 30 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 par علي بدوان

تصريحات وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو يوم الثلاثاء 19/11/2019، بشأن “شرعية” المستعمرات المقامة فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، زاد الأجواء السياسية تعقيدا على تعقيد، وأبرز بشكل صارخ فجاجة الموقف الأميركي المنحاز لدولة الاحتلال. وقد زاد عليه تعطيل الولايات المتحدة عملية استصدار بيان سياسي وإعلامي بهذا الخصوص عن مجلس الأمن الدولي بعد اجتماعه مساء يوم 20/11/2019، بالرغم من إجماع الدول الأعضاء، وخصوصا منها الأوروبية، وروسيا والصين، وباقي الدول الأعضاء بدورة مجلس الأمن الحالية، على موقف الإدانة والرفض لعملية “تشريع إقامة المستعمرات” فوق الأرض الفلسطينية، باستثناء صوتٍ واحد هو صوت الولايات المتحدة وموقفها داخل جلسة مجلس الأمن.
إن دولة الاحتلال “الإسرائيلي” وأمام هذا الزخم من الدعم والغطاء الأميركي، تجد نفسها، أمام فرصة ذهبية لاستمرار سياساتها التي نسفت كل عملية التسوية (الغارقة أصلا في سبات عميق منذ سنوات طويلة)، كما في نسف ما يُسمى “حل الدولتين” وهو حل الإجماع الدولي انطلاقا من قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وفي هذا المسار، شجعت الإدارة الأميركية، وما زالت تشجع “إسرائيل” على القيام بضم المناطق (ج) من خريطة اتفاق أوسلو، وهي المناطق التي تصل نسبتها نحو 58% من مساحة الضفة الغربية. وقد أدلى السفير الأميركي في فلسطين المحتلة ديفيد فريدمان، بعدة تصريحات، دعا فيها “إسرائيل” لضم المناطق (ج)، وسبق أن كرر نتنياهو الأمر ذاته في زيارته الاستفزازية لمدينة الخليل أوائل أيلول/سبتمبر 2019.
إن”إسرائيل” باتت تتعامل مع كل المناطق المحتلة عام 1967 وكأنها مناطق (ج). من هدم المنازل في وادي الحمص قرب صور باهر في محيط القدس الكبرى قبل وقت ليس بالبعيد، إلى مدينة الخليل ومحيطها وريفها ككل، وإلى طرح نتنياهو مسألة ضم غور الأردن، لفصل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وحتى المحتلة عام 1948، عن أي تواصل مع أي طرف عربي، وليصبح الكيان الفلسطيني المرتقب أشبه بكانتون (ابارتهايد) مطوّق من كل الجهات بسلطة الاحتلال، برا، بحرا، جوا.
ونشير هنا إلى أن التقسيم المصطنع للضفة الغربية منذ توقيع اتفاق أوسلو الأول عام 1993 واتفاقيات تطبيقاته، حسب مناطق المسؤولية الإدارية، والشرطية والعسكرية، كان يجب أن ينتهي في العام 1999 حسب اتفاق أوسلو ذاته، لكن عملية الخداع في “التخطيط الإسرائيلي” واستضعاف الطرف الفلسطيني، أدَّت في نهاية المطاف لخدمة عمل مخادع كبير من قبل دولة الاحتلال، هدفه: استكمال السيطرة “الاستيطانية الإسرائيلية”، وخلق محميات فلسطينية معزولة، ليصبح التقسيم المؤقت لمناطق الضفة الغربية، بمثابة تقسيم دائم على يد الاحتلال وتكتيكاته التي عمل وفق مسارها.
وعليه، إن المناطق (ج) هي الخطة التي امتدت بهدف الضم اللاحق لها، من بدايات صاحبي اتفاق أوسلو من الطرف “الإسرائيلي” إسحق رابين وشمعون بيريس، وصولا إلى نتنياهو، والطواقم التي قاموا بتعيينها من أجل التفاوض على الاتفاق المرحلي وتطبيقه، فكان هناك منطق في السحب التدريجي البسيط والمحدود فقط لجيش الاحتلال من مناطق مختلفة في الضفة الغربية، طبقا لتشكيل وانتشار مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية.
لقد بات واضحا، بعد تلك المسيرة من عملية التسوية المختلة، أن الطرف “الإسرائيلي” مراوغ من الطراز الأول، ويتلحف بالغطاء الأميركي لصنع الوقائع على الأرض، ولو كان هناك جدية “إسرائيلية” خالية من تكتيكات الابتلاع، ابتلاع الأرض، وتهويدها، لكانت كل الصلاحيات الإدارية والمدنية للتخطيط والبناء وإعادة تأهيل المناطق الزراعية وتوسيعها وتطوير البنى التحتية للمياه وغيرها، أعيدت للجانب الفلسطيني الرسمي، ولكن الواقع يخبرنا ويشي بشيء آخر.
وكما نشرت وسائل الإعلام الفلسطينية، وفي خطوة جيدة، وذات بعد مهم، تدعم توجه الموقف الفلسطيني، أكد الدكتور محمد أشتية رئيس الوزراء الفلسطيني: “أن الكيان الإسرائيلي لم يَعُد يحترم أيا من الاتفاقيات الموقعة معه، وأصبح يتعامل مع كافة المناطق والتصنيفات على أنها مناطق (ج)، وبناء عليه فإن الفلسطينيين سيتعاملون مع كافة المناطق على أنها مناطق (أ)”. وقال الدكتور محمد أشتية، خلال استقباله لجنة الدفاع عن حي (وادي الحمص) والأهالي المتضررين الذين هدمت بيوتهم في منطقة صور باهر جوار مدينة القدس المحتلة: “إن ما جرى في وادي الحمص، جريمة بشعة لن نقبلها، يهدف الاحتلال من خلالها إلى تفريغ مدينة القدس من سكانها ضمن مخطط القدس 2020، والقائم على أن لا يتجاوز عدد الفلسطينيين في المدينة 19% من مجمل السكان”.. مشددا على أن الحكومة الفلسطينية ستقدم كافة أشكال الدعم لتعزيز صمود المواطنين، وثباتهم على أرضهم، وستعوض المتضررين من إجراءات الاحتلال. وفي هذا السياق، أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية لأول مرة، عزمها منح تراخيص بناء في مناطق (ج) من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة “إسرائيل” أمنيا وإداريا مؤقتا حسب اتفاق أوسلو، وهي سيطرة كان يجب أن تنتهي بسقف العام 1995، فيما لو كان الطرف “الإسرائيلي” أمينا على تطبيق اتفاق أوسلو “بعجره وبجره”.
وختام القول، إن تصريحات وزير الخارجية الأميركي مارك بومبيو بشأن “تشريع” المستعمرات المقامة فوق الأرض المحتلة عام 1967، وسلوك مندوب الإدارة الأميركية بمجلس الأمن عند مناقشة التصريحات والمواقف الأميركية إياها، أهالا التراب على ما تبقى من عملية “تسوية” مأزومة بالأساس، بل وغارقة في سبات عميق. ولن تستطيع تلك التصريحات أن تفيد الرئيس دونالد ترامب في الداخل الأميركي حتى لو اصطفت معه كل “منظمة الإيباك” التي تمثّل اللوبي اليهودي المتصهين في الولايات المتحدة. فحظوظ الرئيس دونالد ترامب عند الجمهور الأميركي العام تتراجع كل يوم، نتيجة التخبط في سياساته الخارجية في مختلف بؤر التوتر في العالم، وحتى الداخلية على المستوى الاقتصادي وحياة المواطن الأميركي.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 148 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 28

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28