أم المفارقات

الخميس 2 أيار (مايو) 2024 par أيمن اللبدي

عندما انطلقت الثورة الفلسطينية الثانية عام ٦٥، شملت كل المنابع الفكرية التي يمكن للمرأ تخيّلها، فتح التي قررت أن تطلق الكفاح المسلح، شهدت عنوانا لتلاقي القادم من الماركسية مع القادم من البعثية مع القادم من الاخوان المسلمين، وحتی بعض القومية، قبل ان تصبح للقومية جبهة تامة٠
هذا تاريخ، يجب ان يقرأ بدقة، يومها كان رحم التشكيل لفكرة الثورة والكفاح المسلح، مقترنا بنتيجتين كانتا بارزتين، ان الانظمة تستعمل القضية ولا تخدمها ربما مع شبه استثناء علی شك، والثانية ان الاحزاب العربية تكتفي بالصراخ، وان منظمة التحرير نفسها، كانت شكلا من اندماج هاتين الصورتين معا٠
وخلال الدورة الدموية الاولی لهذه الثورة، منذ الانطلاق حتی الثمانينات، كانت كتلة مهمة اسلامية المبعث تنأی بنفسها عن كل ذلك، وتعطلت قوة وازنة من شعبنا لا نبالغ ان قلنا انها تزن ثلثه، وهي تراقب دون فعل، وخسرت التجربة ذلك بكل اسف، وكان ذلك اصلا هو موضع الحوار والنقاش بالتحديد في الارض المحتلة، بين جزء من فتح وبين هذا التيار، والدعوة لتغيير موقفه والانخراط، حتی انبثقت اخيرا سرايا الجهاد، ثم حركة الجهاد وحماس٠
اليوم تنقلب الصورة، وتجد ان الذين كان لنا همّ ان يقاتلوا وينزلوا الی الميدان، هم الان اسياد هذا الميدان، ونجد فتح التي كانت تتمنی انخراطهم هي التي تجلس تراقب، وتضع نفسها خارج حركة التاريخ، وهذا يشكل مفارقة عجيبة والخاسر الاول والاخير منها هو الشعب الفلسطيني، الذي خسر في الدورة الاولی، والان يخسر في الدورة الثانية٠
الذين كانوا يقولون لم يٶذن بجهاد، اصبحوا اول الجهاد، والذين كانوا يقولون تعالوا وهلموا، اصبحوا هم الذين يقال لهم ما كانوا يقولون، كيف حدث ذلك؟ وكيف يمكن ان يكتبه تاريخ هذا الشعب العظيم والمظلوم من الجميع، من دری ومن لم يدر٠!
الوحدة الوطنية موجودة في الميدان كما كانت داٸما، هذه يصوغها شعبنا بدمه وحكمته وتجربته وقدرته، النداءات التي تقال اليوم ليست لوحدة وطنية، بل لبرنامج موحد للوطنيين، وهذا لا يمكن ان يتحقق ولا يولد ولا ان يخلق الا بين الوطنيين ومن لم ينحرف عن خط الوطن، اليوم هذا هو خط الوطن فمن يقفز عنه، قفز عن وطنيته وانتهی، ولا لقاء مع الخارجين عنه بأي صيغة مهما كانت بسيطة٠
هل تذكرون من اطلق ذلك: اللقاء علی ارض المعركة؟