] عبرية: إعلامياً.. لهذا لم يعد أحد يصدق “الرواية الإسرائيلية” - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 31 أيار (مايو) 2021

عبرية: إعلامياً.. لهذا لم يعد أحد يصدق “الرواية الإسرائيلية”

الاثنين 31 أيار (مايو) 2021

بعد فشل هجوم “تيت” الأمريكي في فيتنام عام 1968 تم إرسال وولتر كرونكايت، المذيع التلفزيوني الأسطوري في شبكة “سي.بي.اس نيوز”، إلى جنوب شرق آسيا من أجل إعداد سلسلة مقالات عن تورط أمريكا العسكري هناك. وبعد أن أوجز كرونكايت عبر البث التلفزيوني بأن الولايات المتحدة قد فشلت في فيتنام وأن الوقت حان لإعادة الجنود الأمريكيين إلى الوطن، قال الرئيس الأمريكي في حينه، لندن جونسون، لمستشاريه: “إذا كنا فقدنا كرونكايت نكون قد فقدنا الشعب الأمريكي”.

سواء كانت هذه أسطورة حضرية أم لا، فإن هذا قد عكس أسلوب عمل وسائل الإعلام الأمريكية، حتى عندما كنت أعمل مسؤولاً صحافياً في القنصلية الإسرائيلية في نيويورك بعد عقد على بث كرونكايت لذاك التقرير من فيتنام. في حينه، كانت هناك ثلاث شبكات تلفزيونية كبيرة وهي “سي.بي.اس” و”ان.بي.سي” و”آي.بي.سي”، التي شاهدت العائلات في أمريكا نشراتها الإخبارية في كل مساء، وهكذا حصلت على صورة عما يحدث في العالم، بما في ذلك الشرق الأوسط.

إذا كانت هذه الشبكات التلفزيونية على شاكلة كرونكايت قد رسمت صورة الواقع للأمريكي العادي في الغرب المتوسط، فإن مجموعة من الصحف البارزة، على رأسها “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” و”وول سترين جورنال” و”لوس أنجليس تايمز” ومجلات أسبوعية مثل “التايم” و”نيوزويك”، ساعدت في وضع أجندة وتوجه تفكير متخذي القرارات ورجال الأعمال والنخبة في واشنطن ونيويورك وهوليوود وبوسطن.

بدرجة معينة، كان عمل رجال الدعاية الإسرائيلية في الولايات المتحدة سهلاً بشكل نسبي. كان الهدف شرح ما يحدث في البلاد لمجموعة غير كبيرة من الصحافيين والمحررين والمذيعين والمخرجين الذين كانوا يتركزون في مانهاتن (من بينهم مايك والاس من “سي.بي.اس”، وبربارة وولترز من “آي.بي.سي”، وايف م. روزنطال من “نيويورك تايمز” ودافيد برودر من “واشنطن بوست”)، والحفاظ على التواصل معهم وضمان قدرتهم على الوصول إلى زعماء إسرائيل.

إن جميع رجال الإعلام هؤلاء كان جلهم تقريباً من البيض، وعدد كبير منهم كانوا من اليهود. الجيل الأول أو الثاني كانوا أبناء مهاجرين من أوروبا. مناحيم بيغن ذكرهم بآبائهم. “أتذكر مذيعاً مشهوراً انفعل إلى درجة ذرف الدموع عندما وافق بيغن على التوقيع له على تهنئة بعيد ميلاد والده”. وشمعون بيرس كان في نفس جيلهم، وكانت له خلفية ثقافية مشابهة. بعضهم انتقد سياسة إسرائيل، لكن في نهاية المطاف، كانت زيارة إسرائيل أو الثرثرة مع إسرائيليين بمثابة تجربة عائلية، حتى لو لم تكن توافق على أي قرار لحكومة إسرائيل.

بسبب ذلك، لم يكن مفاجئاً أن يكون الجواب كالآتي، عندما اقترحت -في حينه- إجراء اتصال ثابت مع المحررين والمراسلين في الصحف السوداء في نيويورك: “من الذي يحتاجهم، نحن نعمل مع النجوم الأوائل في الصحافة الأمريكية”.

ولكن التغطية الإيجابية التي ما زالت تحظى بها إسرائيل في وسائل الإعلام الأمريكية في العقدين الأخيرين من القرن السابق، عكست البنية المتجانسة لوسائل الإعلام في تلك الفترة، بل والموقع الاستراتيجي للصحافيين الذين يؤيدون إسرائيل، أيضاً. ليس الوسيط هو العامل الحاسم لتسويق المنتج دائماً، فللرسالة دور مهم، وفي هذا السياق كانت “رواية إسرائيل” تحظى بالشعبية ببساطة. جيل من الأمريكيين المسيحيين، حتى العلمانيين من بينهم، تربوا على قصص التوراة، وكانوا يعرفون عن كارثة يهود أوروبا وعن الصراع الوجودي لإسرائيل أمام عالم عربي معاد. جيل شعر بالتعاطف مع إسرائيل ولم يعرف عن الفلسطينيين.

من هذه الناحية، لم يكن هناك أي حاجة إلى تجنيد مكاتب علاقات عامة لمديسون افنيو، أو قصف الولايات المتحدة بالدعاية من أجل تسويق إسرائيل للأمريكي العادي. الإنجليزية الطليقة لآبا إيبان ساعدت. ولا يمكن القول إن فيلم “الإكسودس” (الخروج) هو المسؤول عن غسل أدمغة الأمريكيين: كان المشاهد الأمريكي على استعداد لالتقاط الرسالة الصهيونية لهذا الفيلم.

إسرائيل بكيبوتساتها وقيادتها التقدمية حظيت بفترة طويلة من التعاطف في أوساط اليسار الأمريكي. ايزي دور ف. ستون، وهو أحد أيقونات الصحافة اليسارية في أمريكا، أرسل في العام 1947 لمجلة “ذي نيشن” مقالات متعاطفة عن المتسللين اليهود الذين يصارعون السلطات الإمبريالية البريطانية، في حين أن صحف اليمين هاجمت قيادة الصهيونية. بعد ذلك، اتهمت صحيفة “وول ستريت جورنال” المحافظة، إسرائيل بأنها تخدم السوفييت بعد أن قامت باختطاف آيخمان.

في بداية الثمانينيات كان ستون أشد المنتقدين لإسرائيل، بل وقارن سياستها تجاه الفلسطينيين بسياسة بريطانيا تجاه المتسللين اليهود. جاءت حرب لبنان الأولى والانتفاضات، وبدأت “رواية إسرائيل” تتغير بشكل دراماتيكي، وهي تعكس الواقع الجديد الآخذ في التشكل. هذا لم يكن نتيجة دعاية إسرائيلية سيئة، بل كان جزءاً من عملية تدريجية لم تتساوق الرسالة الإسرائيلية فيها مع الواقع، والأكثر أهمية مع صورة العالم لأجزاء في أوساط الشعب الأمريكي. في النهاية، يصعب أن تبيع الثلج لسكان الإسكيمو.

كل ذلك حدث عندما جرت عمليات ديمغرافية وسياسية مهمة جداً في أمريكا: لم يكن المهاجرون من الدول غير الغربية شركاء في الأحاسيس المؤيدة لإسرائيل كما لدى الأغلبية البيضاء. وشعرت النخبة السوداء بالتماهي مع الفلسطينيين. وبدأ الجيل الذي عرف الكارثة وإقامة إسرائيل بفقدان قوته السياسية.

في الوقت نفسه، حدثت ثورة تكنولوجية في وسائل الاتصال. وبدلاً من شبكات التلفزة الثلاث، تم إنشاء عشرات قنوات الكوابل، التي توجهت إلى شرائح مختلفة من السكان. لم يعد الجمهور الأمريكي يوافق كأمر مسلم به على صورة العالم التي قدمها لهم الكرونكايتيون على أشكالهم. وجلبت الـ “سي.ان.ان” و”فوكس نيوز” صوراً مختلفة عن العالم. العمليات الديمغرافية أيضاً أدت إلى صعود جيل جديد من الصحافيين والصحافيات، بما في ذلك شباب سود وملونون ويهود ليبراليون، الذين يتماهون مع السناتور بيرني ساندرز أكثر مما يتماهون مع بنيامين نتنياهو. خط “نيويورك تايمز” الآن ورئيس التحرير الأسود دين باكت، يعكس هذه التغييرات وهو يختلف كلياً عن خط الصحيفة التي كان رئيس تحريرها روزنتال.

عندما تتم إضافة إلى الصورة التغييرات الكبيرة في وسائل الإعلام في عصر الإنترنت والشبكات الاجتماعية، ستظهر غير جدية، بل وتثير الشفقة تلك الفكرة القائلة بأن عملية دعاية متطورة ستغير صورة إسرائيل في الإعلام الأمريكي.

تواصل إسرائيل التمتع بتغطية متعاطفة في “فوكس نيوز” وفي قنوات إعلام يمينية، لنفس السبب الذي تواجه فيه صعوبة في تسويق رواية إسرائيل في “سي.ان.ان” و”نيويورك تايمز”: هذه هي الرسالة والسياسة التي تعكسها، أيها الغبي.

بقلم: لي – أون هدار

هآرتس 30/5/2021


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 20

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28