] عشية الانتخابات الصهيونية رقم 4 - جولة في صحافة العدو - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 23 آذار (مارس) 2021

عشية الانتخابات الصهيونية رقم 4 - جولة في صحافة العدو

الثلاثاء 23 آذار (مارس) 2021

- الوسط العربي في إسرائيل.. من برنامج وطني إلى البحث عن الأمن الشخصي

إذا تقدم الجمهور الإسرائيلي نحو يوم الانتخابات وهو متعب ومرهق، ولا يتوقع أي تغيير جوهري، فإن صورة الوضع في المجتمع العربي عشية الانتخابات أصعب بكثير. قبل سنة تقريباً أظهر هذا الجمهور دعماً واضحاً للقائمة المشتركة بمكوناتها الأربعة، 87 في المئة من إجمالي المصوتين العرب. كانت نسبة التوقعات مرتفعة، وكان المرشحون والأجواء العامة تبث جو تغيير. وإن توحيد الصفوف بين الأحزاب العربية ووقوف مرشح رائد، وهو بني غانتس، أمام نتنياهو وفرت روح داعمة ترجمت إلى مقاعد. هكذا وصلت القائمة المشتركة إلى رقم قياسي هو 15 عضو كنيست.

شعار الانتخابات “يجب إسقاط نتنياهو” ظهر في حينه قابلاً للتحقق، وإمكانية أن يحدد ممثلو الجمهور العربي أجندة جديدة لحكومة إسرائيل ويؤثرون على قرارات جوهرية، تحولت للحظة إلى أمور ذات صلة. وقال الساذجون “ها قد جاء الأمر”، واعتقد المتشائمون أن الأمر لن يصمد. وبعد بضعة أسابيع انفجر كل شيء إلى شظايا، وتبدد حلم التغيير في لحظة وبدأ الجميع يبحثون عن أعذار.

ولكن كانت هناك حقيقة واحدة واضحة، وهي أن دولة إسرائيل غير ناضجة بعد لعملية دراماتيكية يمكن للعرب فيها تحديد جدول أعمال سياسي لدولة إسرائيل. سيناريو حكومة رابين التي اعتمدت على خمسة أعضاء عرب في الكنيست، لن يتكرر، وليس لهذا شرعية لدى الجمهور الإسرائيلي. يمكن للوسط واليسار البحث عن أعذار حتى الغد، وكل هذا لن يقنع الجمهور العربي. الغضب وخيبة الأمل لم يتأخرا في المجيء.

رئيس حزب راعم، منصور عباس، استغل هذه الأجواء وبحث عن تغيير. “لست في جيب أحد”، أعلن من فوق المنصة. “لا في اليمين ولا في جيب اليسار”. الحديث عن الاتصالات بين منصور عباس ونتنياهو وجد تأييداً على الأرض، مثل رسائل إيجابية انتقلت بين مكتب رئيس الحكومة وعباس، أو مشاركة نتنياهو في جلسة لجنة الكنيست الخاصة لاجتثاث الجريمة في المجتمع العربي برئاسة عباس. هكذا تم تمهيد الطريق لانفصال عباس عن القائمة المشتركة وعن أصدقائه في القائمة، أيمن عودة وأحمد الطيبي. مسألة حقوق المثليين التي وصلت بصعوبة قبل ذلك إلى الوعي العام في الوسط العربي تحولت إلى الموضوع الرئيسي الذي تتصادم حوله مكونات القائمة المشتركة.

حبة البطاطا الساخنة هذه شكلت في الأساس مادة للتصادم في الشبكات الاجتماعية، لكنها ليست بالمسألة التي تخرج الناس إلى الشوارع، خلافاً للعنف في المجتمع العربي. وتحولت أحداث إطلاق النار وحالات القتل إلى أمر روتيني. في الوقت نفسه، تطبيق قانون “كمنتس” الذي يشدد العقوبة على مخالفات البناء في القرى العربية يشعر به مئات آلاف المواطنين، إذ اضطر عشرات الأشخاص إلى هدم ما بنوه، وزادت موجة الهدم في النقب، بالذات عندما ضربت كورونا كل الدولة.

إذا كان قادة الرأي في المجتمع العربي قد جلسوا قبل 15 سنة وصاغوا وثائق الحلم التي تحدثت عن حقوق وطنية ورؤية استراتيجية على المدى الطويل بالنسبة لمكانتهم في الدولة، فإن المواطن العربي اليوم يفحص مكانته في المقام الأول في أمنه الشخصي، التشغيلي والصحي. أُزيح الخطاب الوطني جانباً. وإن “صفقة القرن”، ودولة فلسطينية في حدود 1967 وحتى قانون القومية، كل ذلك تم استبعاده من الخطاب. هكذا تم تمهيد الطريق لليمين وعلى رأسه نتنياهو للتحدث مع الجمهور العربي. وإذا كان نتنياهو يستطيع فإن الجميع يستطيعون.

جميع الأحزاب بحثت عن المرشح العربي الذي يمكنه جلب أصوات. وتحول المجتمع العربي ليصبح مخزون الأصوات الرئيسي، وكل حزب طرح برنامجاً خاصاً به لمكافحة العنف ومشكلات الجمهور العربي المدنية. تبنى نتنياهو الاسم المحبب “أبو يئير”، وسارع إلى تمرير قرار بكلفة في الحد الأدنى هي 150 مليون شيكل لمكافحة العنف. مع ذلك يجب إعطاء العرب شيئاً ما، كل ما تبقى، بعد الانتخابات. بالنسبة له، هذا يكفي لجلب المزيد من الأصوات. وطالما أنه لا يواجه مسائل جوهرية أمام الجمهور العربي، فيمكن حل كل شيء بالمال أو بقرار آخر إداري، مثل تجميد قليل لقانون “كمنتس”. ولن يغير شيء النظام العالمي أو يحسن مكانة المواطنين العرب في إسرائيل.

من ناحيتهم، لا فرق بين اليمين واليسار. حتى الانتخاب المتوقع لمصلحة بن غبير للكنيست لا يحظى بنقاش معمق في أوساط الجمهور العربي. وإذا كانت القائمة المشتركة بكل مكوناتها قبل سنة قد سعت إلى زيادة تمثيل وتأثير ناخبيها، فالتوجه الآن هو إقناعهم مرة أخرى بالخروج والتصويت. هناك من يقولون إن هذه المنافسة تشجع على التصويت، هذا صحيح في مناخ سياسي طبيعي، لكن ليس في ربيع 2021.

تتميز الجولة الانتخابية الحالية بغياب نقاش سياسي عميق، والتركيز على خطاب ضحل وشخصي. والقضايا التي تعدّ حقوقاً أساسية في دولة سليمة مثل الأمن الشخصي والسكن وميزانيات للتطوير، تحولت لتصبح أداة تصادم سياسي وانتخابي. المواطن العربي الذي جاء إلى صندوق الاقتراع في وقت ما وفكر بمفاهيم القومية وتقرير المصير وتحسين مكانته الاجتماعية، يدخل الآن وراء الستارة وهو مضروب ومشوش، ويتطلع إلى أمنه الشخصي والتشغيلي وسقف يحميه.

بقلم: جاكي خوري

هآرتس 22/3/2021

- فليصوت الإسرائيليون بـ”العقل” لحكومة جديدة على رأسها نتنياهو

غداً اخرجوا من دائرة الشر، تحرروا من الكراهية. هذا ليس سهلاً، ولكني آمل أن أخيرا، وأنتم أمام صندوق الاقتراع، ستصوتون وفقاً لما هو خير للدولة ولكم، وليس وفقاً لما هو سيئ لبيبي. لا أحد قادر على تحقيق نتائج أفضل للدولة من تلك التي حققها بيبي في السنوات الأخيرة. ومع ذلك يوجد في إسرائيل جموع من المقترعين وإن كان المنطق يشير بأن نتنياهو أثبت أنه الأكثر ملاءمة لقيادة إسرائيل، لن يصوتوا له. فهم غير قادرين. فقد أثارت الكراهية حماستهم وباتت تتحكم بهم، فلم يعد بإمكانهم التغلب على آثار حملة التحريض الإعلامية التي تعود إلى 25 سنة، وربتهم على أن نتنياهو منبوذ – قبل وقت طويل من لائحة الاتهام (موضع الخلاف). في نظر كثير من الناخبين، تعدّ هذه مسألة “كيف أعرف هويتي في نظر محيطي وفي نظر نفسي”، وليس تفكيراً جدياً واعتبارات عقلانية. هل ارتكب نتنياهو أخطاء أو زلات؟ بالتأكيد نعم، لأسفنا. نتنياهو لحم ودم، وليس هناك إنسان كامل، ولكن ما المعنى من استبداله بشخص من لحم ودم آخر، فهو مثله غير كامل أيضاً؟ فمن أجل الإطاحة بزعيم ناجح والمراهنة على آخر، يجب أن يكون هناك سبب قوي، أو ميل غير مسؤول للمراهنات.

بعد هذه الانتخابات، من شأن لبيد مثلاً أن يقود إسرائيل بسبب أغلبية واضحة أو غير واضحة، ستسمح للرئيس بأن يلعب بالنتائج ويدعي بأن ضميره يلزمه بكذا وكذا. وإذا قال لبيد بعد الانتخابات: “حسناً، لي ولبيبي خمسون مقعداً، وسنقيم حكومة”، ولكن هذا متعذر، بسبب المقترعين الذين لا يريدون سوى كراهية بيبي.

أنتِ، أنتَ، ستقرران غداً، هذا هو الوقت للتوجه إلى كل مقترعة ومقترع، التوجه إلى عقول المقترعين وليس إلى مشاعرهم، ولكي تتمكنوا من استخدام الرأس، لا تقولوا كيف ستصوتون ولا تكشفوا عن تصويتكم، حطموا القيود. وإذا كان هذا ضرورياً في محيطكم المهدد قولوا إنكم صوتتم بشكل مختلف عما فعلتم. فهذا ليس كذباً، بل حماية للديمقراطية، وحماية لحريتكم في أن تصوتوا ما تظنونه صحيحاً وليس ما يمليه عليكم الآخرون.

في إسرائيل ثلاث إمكانيات للاختيار: من جهة، الحريديم الذين لا يريدون وجود دولة إسرائيل. من جهة أخرى العرب الفلسطينيون الذين لا يريدون وجود دولة إسرائيل. وبين الطرفين مئة مقعد للصهاينة – من شاس وحتى ميرتس. ومعاً يمكنهم أن يقيموا حكماً مستقراً برئاسة من ينتخبه الحزب الأكبر، وفي هذه اللحظة يظهر بنيامين نتنياهو.

لماذا لا يحصل هذا؟ لأن الكراهية والانقسام سيطرا على العقول. والصرخة “ماذا؟ أجلس مع نتنياهو؟” أصبحت هي الدعوة المتصدرة. إن الشتائم، والمقت، وتمزيق الشعب بحمية، لم يعد ممكناً منعها، وإن الكراهية ومزيداً من الكراهية جلبتنا إلى معركة انتخابات هجر الكثيرون فيها التفكير من الرأس ولا يستخدمون إلا العواطف المشتعلة، العواطف التي يقول فيها هذا النوع من الناخبين: “فقط لا نتنياهو. الزبالة، الفاسد، الكذاب. ولا كلمة لنتنياهو حقيقة. نعم، تطعمت، بالتأكيد تطعمت”.

بقلم: مئير عوزيئيل

معاريف 22/3/2021

- القائمة المشتركة: البحث عن الخبز لن ينسينا مأساتنا وكرامتنا

إذا اعتمدنا على قنوات التلفاز، يمكننا الذهاب للنوم؛ لأن رئيس حكومة، اسمه بنيامين نتنياهو، قد انتخب بالفعل. ومثلما قيل “لا يطلب منك التفكير، فنحن نفكر عنك، وما عليك سوى أن تأكل وتشرب وتنام”.

ولكن الجماهير العنيدة لم تستمع لنصيحة أبواق الحكومة، ولم تكتف بالأكل والشرب والنوم. لقد جاءوا بعشرات الآلاف إلى بلفور من أجل التخلص من الزعيم المشهور، الذي يتصرف وكأنه رجل آلي ويكرر إجابات ليس لها صلة بالأسئلة. وإذا سألت نتنياهو عن “مي تو” فسيقول لك إن يئير لبيد كان وزير مالية غير جيد. انتهت الألاعيب ولم يبق في كيس الساحر المثقوب سوى “سماعة بائسة”. ها هو يتوج لبيد مرشحاً لرئاسة الحكومة، وفي المقابل يشترط إجراء المواجهة معه بأن يعلن لبيد عن نفسه بأنه مرشح لرئاسة الحكومة. هناك قصة عن ولد توجه إلى شخص بالغ وسأله: “أنت من الصين؟”، أجاب “لا”. وفي كل مرة يكرر السؤال يحصل على الإجابة نفسها، إلى أن سئم الرجل وقال للولد: “نعم، أنا من الصين. ماذا تريد؟”. فأجاب الولد بوقاحة: “لمَ لا أرى عينين ضيقتين كالصينيين؟”.

في الحقيقة، ما هذه الوقاحة يا لبيد، كيف سيقف نتنياهو أمامك لمواجهة ما إذا لم تكن مرشحاً لرئاسة الحكومة؟ هذا هو نتنياهو الجديد، يضع فرضية ويريد من الواقع أن يلائم نفسه بحسبها.

في هذه الأثناء قرر منصور عباس، رئيس راعم، “استغلال” نتنياهو كما استغله بني غانتس وشاؤول موفاز، وبعد ذلك رماهما. السؤال المقلق هو: أين سيضبط عباس نتنياهو كي يستغله. لأن نتنياهو كالزئبق يغير شكله في كل لحظة معطاة. وها نحن، كيف لم نلاحظ أن قانون القومية لم يأت للإضرار بالمواطنين العرب، بل جاء موجهاً ضد طالبي العمل الأفارقة، حسب ادعاء نتنياهو في مقابلة مع صحيفة “كل العرب”. يبدو أن هذا الكذب الفظ لن يزعج منصور عباس، الذي قال قبل ذلك برحابة صدر: “لكنه، أي قانون القومية، لا يحرمنا من المواطنة”.

في قناة الكنيست، كان المذيع نداف اليميلخ سأل عباس إذا كان يزعجه الجلوس مع سموتريتش، فأجاب عباس: “من يأتينا ويساعدنا ويساعد مجتمعنا سنذهب إليه”. لم يتأخر العرض المناسب، وأعلن سموتريتش: “منصور عباس يمثل ديناً إرهابياً”. ولو أن شخصية رفيعة في الولايات المتحدة تحدثت بشكل مشابه ضد الديانة اليهودية فلن تبقى في منصبها دقيقة واحدة.

في ظل الصدمة من مغازلة نتنياهو وردود فعل رئيس الحكومة المتغطرسة والمتعالية، الذي هو غير مستعد لقبول أي دعم من “راعم”، إضافة إلى تصريحات شركائه الطبيعيين، سموتريتش وايتمار بن غبير، أتذكر جملة “الكرامة الشخصية روحك الثانية، حافظ عليها حتى لا تموت مرتين”.

هكذا كانت طريقنا دائماً مختلفة عن طريق عباس، حتى في الأيام الصعبة، في سنوات الخمسين المظلمة. تظاهر آباؤنا أمام مقرات الحكم العسكري وهتفوا “خبز وعمل”. وكتبوا ليلاً على الجدران شعارات تنادي بعودة اللاجئين الذين طردوا بالأمس. لم ينسهم نضالهم في الحصول على رغيف الخبز تلك الكارثة التي نزلت على أبناء شعبهم، ولم ينتزع من قلوبهم تفاخرهم القومي.

أمس قررتُ الخروج من زنزانة قنوات التلفاز، ووزعتُ والعشرات من مؤيدي القائمة المشتركة في قريتي، برامج القائمة. كان ينتظرنا جو نقي وسماء زرقاء ووجوه مبتسمة، تلقوا توجهنا لهم بمحبة وقالت نظراتهم بدون كلام “سنواصل”.

ومن يسأل نوضح له: عنوان بيتنا لم يتغير. سنواصل بقامة منتصبة طريق الأجيال السابقة.

بقلم: عودة بشارات

هآرتس 22/3/2021

- في ظل اهتمامه بانتخابات الكنيست.. أما زال “العالم العربي” يبحث عن شريك إسرائيلي؟

يتابع العالم العربي باهتمام الهزة السياسية التي تجتازها إسرائيل، ويصعب عليه فهم الفجوة التي لا تطاق بين صورة إسرائيل الذاتية، والشلل الذي ألم بساحتها السياسية. ولكن أكثر من أي شيء آخر، بل وربما أكثر من الإسرائيليين أنفسهم، ينتظر الناس في العالم العربي حسماً واضحاً يؤدي في أعقابه إلى إقامة حكومة مستقرة تؤدي مهامها، وهي ليست مصلحة إسرائيلية فقط، بل ومصلحة عموم عربية. ففي الواقع الإقليمي الحالي، بعد أن تبين أن الولايات المتحدة مصممة على ترك المنطقة واهتمامها بالمصالحة مع إيران، بات العرب اليوم بحاجة إسرائيل حاجة ماسة كي تقود الصراع ضد التهديد الإيراني وضد تحديات أخرى.

مثلما في كل حملة انتخابات في العقود الأخيرة، ثمة من يسعى لجر العالم العربي من موقف المشاهد الحيادي إلى المعمعان السياسي، ووضع الكلام في أفواه العرب ونسب مواقف ليست لهم.

هكذا مثلاً، زعم أن لا وجود لما هو حقيقي في اتفاقات السلام بين إسرائيل ودول الخليج والسودان والمغرب، وأنها لن تصمد بعد تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، وأن العرب لا يريدون السلام مع إسرائيل بل علاقات طيبة مع واشنطن، كما يجري بين الحين والآخر حديث عن أزمات وهمية في علاقات إسرائيل وجيرانها، مثل شرخ في العلاقات مع الإمارات العربية، وإدارة كتف باردة من جانب السعودية، وانهيار السلام مع الأردن. غير أن السلام يواصل الازدهار، وأن مزيداً من الدول العربية تعتزم الصعود إلى العربة.

بالمناسبة، طرح ادعاء مشابه عشية حملة الانتخابات في 1981، عندما نسب للرئيس المصري أنور السادات تأييده لمرشح المعراخ، شمعون بيرس، بل وزعم أن الرئيس المصري غاضب جداً من مناحيم بيغن بعد أن أمر هذا بتدمير المفاعل النووي في العراق غداة لقاء أجراه معه، وبذلك أحرجه. ولكن تبين أن السادات لا يشعر بالحرج، بل أراد لبيغن أن ينتخب، فقد شق معه طريق السلام، ويرى فيه زعيماً مصداقاً وقوياً يلتزم بكلمته.

هكذا حصل في انتخابات 1969، حين نسب للحسين ملك الأردن والرئيس المصري حسني مبارك التأييد لشمعون بيرس رجل رؤيا “الشرق الأوسط الجديد”، غير أنهما أيدا نتنياهو لنفس الأسباب التي أراد فيها الرئيس المصري بيغن حينذاك. يمكن الافتراض، بالمناسبة، أن الأمور في العالم العربي تسير على هذا المنوال إلى اليوم، فثمة بحث عن شريك إسرائيلي يمكن الاعتماد عليه ويمكن التقدم معه في خطوات مشتركة ذات تأثير على مستقبل المنطقة كلها.

من المهم إذن أن نسمع رأي حلفاء إسرائيل في العالم العربي ولا سيما عندما يعزى لهم مواقف ليست لهم. ولكن القرار بشأن مستقبل إسرائيل يجب أن يبقى لمواطني إسرائيل، وسيتخذونه هذا الثلاثاء في صناديق الاقتراع.

بقلم: ايال زيسر

إسرائيل اليوم 22/3/2021

- هل ستنقذ حملة التطعيمات نتنياهو فيكون الرئيس “الأكثر حظاً” في تاريخ إسرائيل؟

تقول القصة المعروفة إن نابليون طلب من جنرالاته أن يكونوا محظوظين. وإذا انتصر نتنياهو غداً في انتخابات الكنيست فسيُذكر بأنه السياسي الإسرائيلي الأكثر حظاً عبر التاريخ. حتى وباء كورونا انخفض في الأسابيع التي سبقت الانتخابات، بالضبط في الوقت المناسب، من أجل زيادة فرص الليكود للفوز. في جولة الانتخابات الثالثة في آذار من العام الماضي، حوّل نتنياهو التعادل في صناديق الاقتراع إلى انتصار سياسي عندما تحايل وكذب على بني غانتس. فقد أقنع رئيس الأركان السابق بالانضمام إلى حكومته بذريعة أن هذا الأمر واجب في أعقاب حالة الطوارئ بسبب الوباء. وبذلك نجح في تحقيق هدف مزدوج: الأول، تصفية المرشح الأكثر شعبية الذي وضعه أمامه معسكر الوسط – يسار منذ عقد تقريباً. والثاني، تقسيم وتحطيم المنصة المؤقتة التي صعد عليها غانتس.

نتنياهو الذي ضبط غير مستعد لكورونا قبل سنة، نجا بطريقة معينة من الجولة السابقة. وهو الآن، بعد مرور سنة، يأمل تجاوز نسبة الـ 61 مقعداً المطلوبة لائتلاف اليمين المتطرف خاصته، رغم أن ستة آلاف إسرائيلي فقدوا حياتهم في ظل قيادته.

إن مفتاح آمال رئيس الحكومة يكمن في التطعيمات. ووصول الطفرة البريطانية المعدية لكورونا إلى البلاد أعاق تطبيق خططه. ويبدو الأرقام ستكون في صالحه بفضل عملية التطعيمات الناجحة التي قادها. انخفض معدل المصابين اليومي تحت الألف شخص، ويتراوح معدل الفحوصات الإيجابية حول 2 في المئة فقط.

إذا واصل معامل العدوى الانخفاض، حتى بعد الاحتفالات الحاشدة بعيد المساخر وبعد فتح الاقتصاد تقريباً بدون قيود قبل أسبوعين تقريباً، وهو الآن يلامس 0.6، في الوقت الذي تلقى فيه 56 في المئة من المواطنين الحقنة الأولى ونحو 15 في المئة تعافوا من المرض، فربما تقترب إسرائيل من مستوى مناعة القطيع المقدر، الذي توجد حوله تقديرات مختلفة. طالما لم تظهر في البلاد سلالة قادرة على الصمود أمام التطعيم، فهي أكثر قرباً من تحقيق هذا الهدف من دول أخرى.

هذه هي الحجة الرئيسية التي تستند إليها حملة الليكود “نعود إلى الحياة”، وهو شعار يواصل الحزب استخدامه بصورة غير مباشرة رغم حظر المحكمة العليا لذلك. عاد الإسرائيليون إلى التنزه بجموعهم، والذهاب إلى المطاعم والمقاهي (إن كان بأعداد قليلة نسبياً حتى الآن)، ومشاهدة المباريات في الاستاد. لا يمكننا الهرب من المقارنة مع الدول الأوروبية التي تقف في معظمها أمام موجة أخرى قاتلة لكورونا وما زالت تتبع سياسة إغلاق متشددة جداً.

حتى الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان سرعتا مؤخراً عملية تطعيم المواطنين فإنهما في مرتبة خلف إسرائيل في وتيرة اكتساب المناعة وفتح الاقتصاد.

إن العودة إلى روتين الحياة توفر لنتنياهو الورقة الأقوى، فبواسطتها وأمام الحملات المتلعثمة لخصومه من اليمين واليسار، يستطيع أن يعيد إليه عدداً من الناخبين. وإن ذكر آلاف الوفيات، وهو رقم كبير على دولة أغلبية سكانها من الشباب، لا يردع مؤيديه. وستبقى هبات الإجازة بدون راتب حتى تموز على الأقل، ولم يتم تقليص أجرة العمال في القطاع العام حتى الآن، وقد تمتد توقعات حدوث أزمة على مدى عقد، وما زالت مجردة بالنسبة لكثير من الناخبين.

استجاب ألبرت بورلا، المدير العام لشركة “فايزر”، في اللحظة الأخيرة لطلبات علماء كبار في إسرائيل، وألغى زيارته في البلاد قبل أسبوعين، التي خطط الليكود لاستغلالها لأهداف دعائية. ولكن لا حاجة إلى القلق. فبورلا استجاب لاقتراح إجراء مقابلة مع “أخبار 12″، حيث وصف نتنياهو هناك بأنه زعيم استحواذي، يتصل به ثلاثين مرة حتى الساعة الثالثة فجراً، لضمان وصول التطعيمات في موعدها. اقتُبست هذه الجملة وبثت مرة تلو الأخرى في أفلام الدعاية ووسائل الليكود.

إنجاز نتنياهو في تبكير موعد وصول التطعيمات يساعده كي يتملص من إخفاقاته. فشل السيطرة على مطار بن غوريون طوال عام، والرفض المستمر لإلقاء مهمات مساعدة في مكافحة الوباء على الجيش الإسرائيلي، والإحباط المتعمد لنموذج “الإشارة الضوئية”، والخنوع المستمر للأصوليين الذي يعتمد عليه في بقائه على قيد الحياة – كل ذلك يأمل نتنياهو في نسيانها بفضل نجاح التطعيمات.

ولكن التراجيديا التي يحدثها نتنياهو الآن لا تكمن في مؤهلات الإدارة المتدنية التي أظهرها، أو في رفضه محاولة إحياء العملية السلمية مع الفلسطينيين، بل تقف في أساس ذلك شخصيته وجهوده المستمرة لتوسيع الانقسام والكراهية في أوساط الجمهور الإسرائيلي، والضرر المتوقع الذي يمكن أن يلحقه بالديمقراطية إذا ما نجحت خطته لوقف المحاكمة الجنائية ضده. إذا فاز في الانتخابات فيمكن تذكره كمن أخرجنا من كورونا، وفي الوقت نفسه يتسبب بدمار لسلطة القانون لا يمكن إصلاحه.

القيود موجودة لتبقى

قبل أن يستبدل اليمين المستشار القانوني للحكومة والنائب العام للدولة، تميزت السنة الماضية بسلب وتقييد متواصل لحقوق المواطن. وفرض الكمامة في الخارج مثال بارز على ذلك. ليس في ذلك منطق وبائي (شخص منفرد يسير في الشارع لا يعرض أحداً للخطر)، لكن هذا استخدمته الحكومة كوسيلة سيطرة ناجعة، تحافظ على خوف المواطنين. فعلياً، نشأ وضع غير معقول، تضع فيه مواطنة الكمامة في منطقة مفتوحة خوفاً من الغرامة، وتزيلها عند دخولها غرفة اجتماعات مكتظة.

الأكثر خطورة من ذلك هو وجود قيود متشددة على الحركة (100 متر من البيت وحظر النشاطات الرياضية) وتعقب الشاباك وغياب سياسة مفهومة ومتواصلة في مجال الطيران. “لا تخطئ”، قال مصدر كبير في جهاز الأمن. “لن يتنازل نتنياهو وحكام ديمقراطيون أو شبه ديمقراطيين، مثل صديقه من هنغاريا، فيكتور اوربان، بسهولة عن السلطات التي حصلوا عليها في فترة الوباء. ولم يحلموا بأن تكون في أيديهم صلاحيات كهذه. ترغب الحكومات بأن تكون في وضع قوة أمام المواطنين. ولن تتنازل أي حكومة عن هذه الصلاحيات حتى لو تلاشى الوباء”.

في المقابلات التي أجراها نتنياهو مع وسائل الإعلام الشهر الماضي، برز الخط العدائي الذي تبناه إزاء المذيعين، وبرزت السهولة التي انحرف بها عن الحقيقة دون أن يرف له جفن، وشرح في مقابلة مع “كل العرب” بأن “قانون القومية كان موجهاً ضد المتسللين الأفارقة وليس ضد العرب في إسرائيل”. المستقبل مجهول في دولة نتنياهو، والماضي لا يتوقف عن التغير.

في معظم الحالات تجد وسائل الإعلام صعوبة في مواجهته، فهو لاعب مخضرم ذو تجربة، إلى درجة استغلال كل مقابلة لصالحه، حتى خدعة “أخرجي السماعة” تنجح في إخراج المذيعين عن أطوارهم. النغمة المتحدية التي يتبعها نتنياهو وزمن الشاشة غير المحدود الذي تعطيه إياه قنوات التلفاز، أضيف إليهما مؤخراً ممثلية ثابتة في أستوديوهات مفتشي الحلال من قبله – محرر الصحيفة المحلية أو مجرد مستشارين للحملة.

ثمة علاقة مباشرة بين هذه الظواهر وأداء وسائل الإعلام في فترة كورونا. إن وزارة الصحة، إلى جانب الاستخبارات العسكرية بصورة محزنة أحياناً، تعملان منذ فترة كمركز للمعلومات والتخويف. ونضيف إلى ذلك تأثير قادة الرأي العام من الأصوليين، وأساتذة مع وجوه متكدرة في الأستوديوهات، وصحافيين متحمسين للتحدث عن الأحكام الجديدة التي فرضتها السلطات، ويقدمون المواعظ بمبادرة منهم في الشبكات الاجتماعية.

وسائل الإعلام الرئيسية في إسرائيل منحازة، بصورة مفهومة، لصالح قصص التخويف والرعب. إضافة إلى ذلك، فهي مشلولة خوفاً من أن تجد نفسها في خط نار رئيس الحكومة ومبعوثيه. وطوال فترة كورونا أشعل نتنياهو الخوف ولم يطرح أي حلول. حسب فهمه، وجد أن عملية التطعيم هي نقطة الخروج الوحيدة من الأزمة المتواصلة. ولكن التغطية الإعلامية خدمته، سواء في هاوية الأزمة أو في مرحلة الخروج منها، ولسعادة نتنياهو، فقد جاء في موعد الانتخابات.

بقلم: عاموس هرئيل

هآرتس 22/3/2021


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 13

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28