] مقالات في صحف العدو - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 31 كانون الأول (ديسمبر) 2020

مقالات في صحف العدو

الخميس 31 كانون الأول (ديسمبر) 2020

- خرق وعده وحطم “دفيئة الجيش”.. هل بقي لـ”الطيب” غانتس شيء يفعله؟

هل يمكن لشخص جيد ونزيه أن يكون قادراً أحياناً على إلحاق ضرر كبير؟ شخصية رئيس “أزرق أبيض”، وزير الدفاع، رئيس الحكومة البديل ورئيس الأركان السابق، بني غانتس، هو الدليل على ذلك. فقد جاء ليصنع معروفاً، وآمن بقدرته على الإصلاح، وحلق على أجنحة وعد أكبر بأضعاف من مقاسه – أن يحل محل نتنياهو ويدافع عن جهاز إنفاذ القانون ويوحد الشعب، بل ويمحو الفجوات الأيديولوجية، حيث “لم يعد هناك يمين أو يسار”.

إن قرار دخوله حكومة برئاسة نتنياهو لم يكن يشكل كارثة، لو لم يكن الاتفاق الائتلافي مثقباً جداً، ولو تم تنفيذه. بعد التعادل في ثلاث جولات انتخابية، وضع غانتس الشعارات جانباً وشمر عن ساعديه. فقد فهم عظم الساعة وخطورة الأزمة الصحية والاقتصادية. وقد اهتم بأن يبقي وزارة العدل بعيدة عن نتنياهو وعبيدة للذليلين. هذا هو الهدف الوحيد الذي سجله “أزرق أبيض”. وحتى هذا الهدف عرّضه غانتس للخطر عندما كان مستعداً للتقليص من صلاحيات وزير العدل الذي عينه، آفي نسنكورن. ولكن اتضح أن الاتفاق الائتلافي الذي نظم حكومة التناوب الخاصة ليس سوى وثيقة هواة من ناحية غانتس، واستتبتعها بالضرورة سلسلة من الأضرار. منذ ذلك الحين وهو يتلقى في مرماه المزيد من الأهداف. إلى درجة احتمالية أن يضطر إلى الانسحاب من المباراة تاركاً خلفه خراباً.

دمر البديل. بعد عقد من سلطة نتنياهو الفردية، وبدون أي حزب كبير يتحداه، نجح غانتس، ويئير لبيد، وغابي أشكنازي وموشيه يعلون، في تشكيل حزب يشبه الليكود في حجمه. كلمة “حزب” قد تكون كبيرة قليلاً. “أزرق أبيض” لم يكن حزباً، بل هو مشروع لمرة واحدة ولهدف واحد ووحيد وهو إسقاط نتنياهو. لم يكن غانتس هو السبب الرئيسي لحل هذا المشروع، فلبيد أيضاً يتحمل مسؤولية كبيرة عن ذلك: لو أنهم دخلوا معاً إلى حكومة نتنياهو، لما تحول غانتس بهذه السهولة إلى ممسحة. لقد تهدم “البديل” لدرجة أن جزءاً من مقاعد “أزرق أبيض” تذهب –وفق الاستطلاعات- إلى جدعون ساعر الموجود على يمين نتنياهو.

لقد دمر اسم رئيس الأركان. ليس هناك الكثير من الأصول الثابتة لدى الجمهور الإسرائيلي مثل لقب رئيس الأركان. نجاح “أزرق أبيض” في الحصول على 35 مقعداً منسوبة لاحتوائها على ثلاثة رؤساء أركان. كان الجيش الإسرائيلي دفيئة لرؤساء حكومة مثل إسحق رابين وإيهود باراك. وفشل غانتس، بما في ذلك فشله القيادي في حزبه، الذي يتفكك في هذه الأثناء إلى عوامل، يضع غيمة ثقيلة فوق هذه الدفيئة. وقد أسقط أسهم هذه العلامة التجارية وأوصلها إلى الحضيض، والمتضرر الرئيسي من ذلك هو غادي آيزنكوت. والحديث يدور عن رئيس أركان يتفوق بقدرته على الثلاثة من “أزرق أبيض”. له عمق ورؤية استراتيجية أفضل مما لدى غانتس، عمود فقري وقيمي أقوى مما هو لدى أشكنازي، وله دفء وسحر شخصي أكبر مما لدى يعلون. في الحقيقة، تغازله كل الأحزاب، لكنه سيضطر إلى إقناع الجمهور بأنه ليس غانتس (هو في الحقيقة ليس كذلك).

تدمير الثقة. غانتس ليس السياسي الأول (وليس الأخير) الذي يخل بوعد انتخابي، لكنه أول من خرق وعده الانتخابي الرئيسي، وجوهر وجود “أزرق أبيض”. ولم يكن الحرج في أوساط الوسط – يسار أكثر من ذلك. هم يتفاخرون بانتخابهم سياسة نظيفة، أمينة وأكثر قيمية، لكنهم حصلوا على سياسي مستخذ وغير قيادي ولم ينجح في استخدام الأوراق الكثيرة التي وفرها له ناخبوه. عدم الثقة هو مشكلة رئيسية في الحياة العامة وفي السياسة الإسرائيلية، وقد رأينا ثمنه في إدارة أزمة كورونا. وبدلاً من أن يصلح غانتس الثقة، فقد أحدث شرخاً في السور المتهاوي، وهذا يشهد ضده وضد الأشخاص الذين ذهبوا معه، والآن يتركونه. ولكن ناخبيه الذين سارعوا إلى تنصيب شخص على أساس رتبته وتهذيبه فقط يحتاجون إلى إعادة التفكير في المسار من جديد.

ماذا يجب على غانتس أن يفعل الآن؟ هذا لا يهم. هو لا يملك أي مؤهلات سياسية. أن يكون شخصاً له نوايا حسنة فهذا أمر ممتاز، لكنه غير كاف. لقد حطم معسكره وبدد أوراقه.

بقلم: سامي بيرتس

هآرتس 30/12/2020

- إيهود باراك: هكذا نتخلص من “المتهم” أولاً ثم نعيد لإسرائيل دفة التشغيل

ما الذي لدينا؟ وباء مضلل، إغلاق ثالث سيرمي عشرة مليارات أخرى من الشواكل في صندوق القمامة، ويلقي إلى الشارع بـ 130 ألف عامل وعشرات الآلاف من المصالح التجارية. إغلاق كتب عنه كبار الخبراء في إسرائيل لأعضاء الكابنت: “جاء قرارهم على أساس بيانات مليئة بالأخطاء والتحيز”. جميعنا نأمل بأن يكون التطعيم بداية وقف الوباء، ولكن أمامنا فشل غير مسبوق في الإدارة، ومثال شخصي يقتضي استخلاص العبر بخصوص من يقف على رأسه. وحسب المقربين من مؤيديه، حتى قبل أسبوع، زئيف ألكين مثلاً، فإنه يرتكب خطيئة تسخير مصالح الدولة ومواطنيها لصالح التملص من محاكمته وتنمية عبادة الشخصية. متهم يحطم الديمقراطية ويتصرف مثل رئيس منظمة إجرامية ويعمل بواسطة مندوبيه لتخويف وتجريم المحققين معه والمدعين عليه، وقضاته أيضاً. ليس بهذا حلم أصدقاؤنا وحاربوا، ولا الشباب الذين دفنوا في المقابر العسكرية. ونستحق أكثر من ذلك.

العالم كله في أزمة ليس لها حل. التحديات التي تواجهها الإنسانية عالمية وتحتاج إلى رؤية واسعة وتعاون دولي. السياسة، في المقابل، محلية وشعبوية وفوق قومية متطرفة، وتكره الأجانب والمهاجرين، وضيقة الأفق، وتغرق في الفساد. من بين التحديات: الأوبئة، والمناخ، والإرهاب، وفجوات الفقر والفرص بين الشعوب وداخلها، والتجارة العالمية، وسلاسل التوريد، وغيرها. السياسة من جهة أخرى، بنسخة الولايات المتحدة وإسرائيل وهنغاريا وبولندا وتركيا والبرازيل والفلبين، تثمر بشرى مقلقة.

انتخاب بايدن في الولايات المتحدة والإطاحة بنتنياهو عبر الانتخابات قد يكون علامات استيقاظ أولى للمجتمعات الديمقراطية النشطة التي تتوق للحياة، في طريق الخروج من الأزمة، ومطلوب إصلاح عميق وعقد اجتماعي وسياسي جديد، يولد في قلب الشباب والشابات الذين سيقودون “إعادة تشغيل لإسرائيل”: قيادة جديدة بروح شابة، وطهارة الوعي واليدين، والخدمة وأداء رسالة بدلاً من القوة، ومال واحترام، وتضامن ومصالحة داخلية، ومساواة في الفرص لكل فرد، والمطالبة بالمسؤولية من كل مواطن وكل جماعة. ولكن هذا سيستغرق أكثر من ثلاثة أشهر. “إعادة تشغيل لإسرائيل” هذا هو الهدف المطلوب، لكن من الضروري فهم ما هو مطلوب عمله في هذه الأثناء.

ماذا يسبق ماذا؟ إزاحة نتنياهو أم إعادة دفة القيادة إلى المعسكر الديمقراطي – الليبرالي للمخلصين لإعلان الاستقلال والمساواة؟ جوابي واضح: بتبصر، أقول إن إبعاد المتهم له الأولوية على الخط الزمني قبل أي اعتبار آخر. في وعي الناخبين، بعد تسعين يوماً، سيقف كسب الرزق وتضليل كورونا قبل كل شيء، ثم محاولة نتنياهو للظهور كـ “مخلص”. مسائل مهمة مثل “الضم” أمام “إنهاء الاحتلال” أو “علاقة الدين مع الدولة”، يجدر وضعها حالياً على الرف والعودة إليها بعد إبعاد نتنياهو.

اليمين، كما عرفناه، يتفكك. انضمام ألكين لحزب ساعر هو تطور إيجابي يمس بنتنياهو بصورة شديدة، ويقلص جاذبية ساعر بالنسبة لناخبي “أزرق أبيض” السابقين، ويمنع بينيت من أن يتحول إلى “كفة الميزان”. ولكن في الوسط – يسار تبقى صورة التحلل مقلقة أكثر. فخيبة الأمل من غانتس وأشكنازي أضرت بالثقة الذاتية لمؤيدي المعسكر، وهي تتطور إلى شعور بالعجز. وإذا ولد في الوسط – يسار 2 – 3 ذيول أخرى من الأحزاب، حتى مع زعماء ومؤيدين ممتازين، سيتعمق التفكك واليأس. تفككت خطوط التماس بين الكتل. ولم يكن لنتنياهو والأصوليين وبينيت معاً ستين مقعداً. وإذا لم يقلع “حلف الأخوة” بين بيبي و”الحركة الإسلامية”، فكل شيء مفتوح. الأصوليون، بدون أن يكون لديهم خيار، سيذهبون مع ساعر وليبرمان، وحتى مع لبيد وخولدائي. ولكن هناك شرط للتأثير على الواقع “في اليوم الذي سيلي الانتخابات”، وهو تشابك الأيدي من أجل المسؤولية. وهو ما أوشك على الحدوث، لكنه لم يحدث في جولة الانتخابات الأولى، وقد يحدث مرة أخرى، من لبيد حتى ميرتس، بتنسيق وطيد وحوار متواصل ومخفي عن العين مع ليبرمان وساعر والأصوليين، حتى خلال الحملة الانتخابية. خولدائي ولفني ونسنكورن وآيزنكوت وشيلح وهوروفيتس ونشطاء الاحتجاج، الذين يسحق عنادهم المتهم – هؤلاء معاً يمكنهم إخراج نتنياهو من بلفور، والتأثير على طريق إسرائيل نحو الغد، وإعادة هذا المعسكر ليتسلم الدفة كقائد لـ “إعادة تشغيل إسرائيل”.

بقلم: إيهود باراك

هآرتس 30/12/2020

- “طاغية يعقب دكتاتوراً”: بعد عقد على الثورة.. هل تتجه “مصر السيسي” إلى منطقة أكثر ظلاماً؟

قبل عشر سنوات أضاء في تونس بصيص أمل، فأشعل حريقاً كبيراً امتد إلى كل المنطقة وأخذ معه المؤسسة القديمة. سقط الحكام واحداً واحداً في أرجاء الشرق الأوسط: زين العابدين بن علي في تونس، حسني مبارك في مصر، علي عبد الله صالح في اليمن، ومعمر القذافي في ليبيا. للحظة، وكأن التاريخ سارع وأبطأ في الوقت نفسه، وشخصت عيون العالم نحو مصر، وهناك خرج الملايين إلى الشوارع لإزاحة الطاغية، ومطالبين بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. كان اليوم الذي أطيح فيه بحسني مبارك حدثاً مشبعاً بالنشوة الكبيرة التي لا يذكر لها مثيل في مصر خلال عشرات السنين الماضية. للحظة سعيدة، اكتشف المصريون أن كل ما علموهم إياه عن كونهم غير مبالين ومطيعين، بات أسطورة، وأنهم إذا أرادوا فهم القادرون على تحريك الجبال.

مر عقد منذ ذلك الحين، وهناك من يعتقد أن كل شيء كان عبث. من ناحية ما، قامت مصر بدورة كاملة، 360 درجة، عندما حل طاغية محل ديكتاتور شبه متسلط. منذ أن سيطر عبد الفتاح السيسي على الحكم في العام 2013 وهو يضع نصب عينيه مهمة واحدة فقط، وهي أن يقضي على روح الثورة وجعل أبناء شعبه يندمون على أنهم طالبوا بالحرية ذات يوم.

في جهوده لإعادة زمام الحكم إلى يديه، أظهر القائد السابق للمخابرات العسكرية القليل من الفهم والحكمة. وبدلاً من ذلك، فضل استخدام القوة الزائدة والعنف، بما في ذلك قتل أكثر من ألف مواطن في يوم واحد. نظام السيسي اعتقل وسجن وأخفى آلاف النشطاء والثوريين والصحافيين من كل ألوان الطيف السياسي (العدد الدقيق غير معروف) وحول السجون في مصر إلى أكثر المؤسسات ديمقراطية في الدولة.

الكثير من أبناء الشعب الذين نادوا بـ “الحرية” في ميدان التحرير وفي ميادين أخرى في أرجاء الدولة قبل عقد، هم الآن وراء القضبان أو أنهم جمعوا أحلام الحرية التي تبددت، والآن يحاولون إعادة جمع قطع حياتهم المتناثرة. من الصعب على مصري مثلي يعيش في المنفيين يرى ما يحدث في مصر بدون الشعور بالحزن، ولا يقل عن ذلك الشعور بالعجز والذنب. الحزن بسبب حياة محطمة للملايين وفرص ضائعة للتحويل إلى دولة، التي هي ذات إمكانيات كامنة كبيرة، إلى مكان يخدم مواطنيها بدلاً من إخضاعهم إلى مصير العبيد. العجز لأنني وآخرين غير قادرين على فعل شيء، باستثناء إظهار معارضتنا لنظام السيسي، وشعورنا بالغضب والإهانة تجاه الدول التي تسلح هذا المشروع الإجرامي وتمنحه القدرة والدعم. والشعور بالذنب لأن الأشخاص الذين أحترمهم، ومن بينهم أصدقاء لي، يواصلون الوقوف على الجبهة في الوقت الذي أنظر فيه إلى الوضع من مسافة آمنة.

النجاح الساحق للثورة المضادة في قمع الثورة جعل الكثيرين يعودون إلى الفكرة القديمة التي تقول إن الديمقراطية لا تناسب مصر، والمنطقة بشكل عام. ولكن تونس هي الشاذة التي قامت بتحدي هذا الادعاء، وأثبتت أن سلطة الطاغية لا يجب أن تكون القاعدة المتبعة في العالم العربي. مع ذلك، في مصر مثلما هي الحال في دول كثيرة في المنطقة، ليس أبناء الشعب هم الذين لا يفهمون الديمقراطية، بل زعماء الدول التي ترفض قبولها. عندما يتواجه أبناء الشعب مع جيش مسلح بشكل جيد ويقفون أمام خواء قيادي وجد نتيجة عشرات السنين من القمع، لا تبدو للرغبة في الحرية والكرامة الذاتية أي فرصة، على الأقل في الوقت الحالي.

الاعتقاد بأن المصريين لا يفهمون سوى لغة القمع ويحتاجون إلى فرعون ليحكمهم، غير دقيق. وهو أيضاً أمر مهين. هو يخطئ كثيراً في فهم اللحظة الحالية وفهم التاريخ. السيسي ليس فرعوناً، بل هو شخص غير شعبي. ورغم أنه متسلط إلا أن له القليل جداً من الصلاحيات. واعتماد نظامه على العنف لا يشير إلا إلى الضعف وليس القوة.

وإذا كان المصريون يتوقون إلى نظام سلطوي، فلم يكن السيسي حينئذ بحاجة إلى إظهار قوة كبيرة كي يسيطر على الدولة. إضافة إلى ذلك، المصريون ليسوا أعظم المعجبين بالسلطة في المنطقة، وهناك الكثير من الزعماء في العالم يتصرفون مثل فرعون أكثر مما تصرف بهذه الصورة أي زعيم مصري في أي وقت من الأوقات. في المقابل، يجب الإشارة إلى أن السلطوية –مع الأسف والخوف- موجودة في عملية تجذر عميقة في عدد من أقدم الديمقراطيات. وعلى الرغم من أن الأفكار التي أثارتها الثورة في مصر فقد تعرضت إلى ضربة قاسية، إلا أنها ما زالت قادرة على تحريك قلوب كثير من السكان، أكثر مما كانت الحال عليه قبل تولي السيسي الحكم. كثيرون ممن أيدوه في السابق لم يعودوا يعتبرونه بطلهم ومخلصهم. الثورة السياسية هزمت في الوقت الحالي، لكن الثورة الاجتماعية في الذروة. مع ذلك، لا يوجد في هذه الأثناء أي مكان في المشهد السياسي لتغيير إيجابي ما. السيسي غير الواثق من الإمساك بكرسي الحكم، لا يسمح بإظهار أي معارضة، بل ويخاف من أي تحد محتمل لسلطته. هذا الأمر تم التعبير عنه بتخويف أو سجن كل مرشح كان ينوي التنافس على الرئاسة في “الانتخابات” السابقة.

هذا الوضع مقلق بالنسبة للمستقبل. فحتى لو لم تسقط مصر حتى الآن في هوة عميقة مثل سوريا وليبيا، سيبقى أمراً محتملاً. كلما زاد السيسي مبلغ المقامرة بعمليات عنف وقمع، يزداد احتمال أن يشعل النظام نزاعاً واسعاً. على الرغم من أن مصر لم تفشل تماماً بعد، إلا أنها موجودة على مسار الفشل. الدولة تهتم بإغناء الجيش وتفشل في تقديم الخدمات التي يتوقع المواطنون الحصول عليها من حكومتهم. فعلياً، حضور الدولة في حياة معظم المواطنين يعتبر عاملاً قمعياً. وإذا لم يتغير هذا الوضع في القريب فمن المتوقع أن تتدهور مصر وتصل إلى مكان مظلم.

بقلم: خالد دياب

هآرتس 30/12/2020

- إسرائيل وانتخابات 2021… بين “النينجا” السياسي والأمل في استرجاع الثقة

وصلنا إلى المرحلة الحاسمة في منافسة نينجا السياسيين في سنة 2021. سلسلة من النجوم الجدد يلمعون، مزيتون ومتحمسون، يستعرضون العضلات قبيل صعودهم إلى مسار اجتياز الحواجز. مثلما في برنامج “الصراع على البقاء”، يتجمعون الآن في مجموعات وقبائل، ويتصلون مع من يغنون الشعارات المألوفة للتودد للقضاة ومشاهدي “نجم يولد”، الذين ليس عليهم سوى الضغط على الرقم الصحيح في الهاتف المحمول.

ومن خلال النظر عن قرب، يتبين أن معظمهم ليسوا جدداً. يدور الحديث عن خريجي مسلسلات واقعية سابقة، مثل عوفر شيلح “القادم من يوجد مستقبل”، وجدعون ساعر “المنشق عن الليكود” ومعه أبناء القبيلة: يفعات شاشا بيتون، وزئيف الكين، وتسفي هاوزر، ويوعز هندل. الكشاف موجه جانباً للحظة، وهناك تتوهج الاكتشافات الجديدة التي مرت بسلسلة عروض مبكرة مثل رون خولدائي وغادي آيزنكوت. ومن الساحر تظهر شخصية تسيبي لفني وكأنها من قصص الأساطير.

الذين يجرون الاستطلاعات بدأوا طريقهم يعرضون صفحات الرسومات البيانية وكعكة التقسيم بين كتل اليمين وكتل الوسط (أما اليسار فلم يعد -منذ زمن- كتلة، هو بصعوبة أنقاض). ومنتخب الأحلام هذا يأمل أن نقوم نحن، جمهور المضطهدين الذين نحمل الندب والعاطلين عن العمل والمفلسين، بتصديقهم مرة أخرى، وكأن الأمر الآن لا يتعلق بمحتالين يمارسون علينا لدغة بعد أخرى ولم يدفعوا الثمن حتى الآن.

لو تعلق الأمر بمحتالين عاديين للاحقهم حاييم اتكر وصرخ عليهم: “كيف يمكنكم فعل ذلك بأشخاص مساكين، وذوي احتياجات خاصة، وشيوخ ومعاقين؟”. ولكن لا يمكن ملاحقة وزراء وأعضاء كنيست بهذه الطريقة في الشارع. هؤلاء محتالون “في.آي.بي”. لا يوجد بند يمنع بالقانون سرقة أصوات، وإعطاء وعود فارغة للجمهور، وغش في التشريعات، وخيانة للبرنامج السياسي أو بغاء سياسي.

القانون لا يمنع أي سياسي من أن يكون غبياً، كاذباً، طماعاً، داهية، أو يفتقر لأي مهارات – وليس لأي منهم إلا ومشوب بواحدة منها، أو بكل هذه العيوب. ولا يوجد منهم من لم يرتكب هذه المخالفات الخطيرة، التي لا يعاقب عليها بسبب الإيجاز القانوني. إلى جانب المرشحين الذين لم يعلن عنهم بعد، فإن كل من يحاول طرح نفسه الآن كشيء جديد، أو على الأقل معاد تأهيله، كان عضواً في حزب أو في حكومة دهورت الدولة إلى الهاوية، والآن ينظر من فوق الجرف ويعرض خدمات الجر التي لديه على الناجين المصابين الذين يصرخون من أسفل الوادي.

في مركز حملة الانتخابات القادمة ستكون هناك مشاعر غضب ثائر ومشاعر انتقام. ليس مع، بل ضد. تعتمد هذه الانتخابات على عدم ثقة مطلق بالطريقة وبالمرشحين. الخيار الذي سيعرض على الجمهور سيكون بين السيئين والأقل سوءاً، بين من يجب معاقبتهم بشدة أكثر، ومن يجب معاقبتهم بشدة أقل. السؤال الرئيسي الذي سيوجهها هو: هل يجب التصويت لمن خدعنا قليلاً وإبعاد من هو مشوب بجرائم خطيرة؟ هل يجب أن نعطي فترة اختبار أخرى لمن يعد بالتصرف بطريقة مختلفة هذه المرة، وأنه لم يزرع زلاً ذات مرة ثم يعد بعدم سرقة أصوات الناخبين، أم ربما من الأفضل أن نعطي النصر لأزعر معروف، لا يفاجئنا؟

من الأفضل ألا نوهم أنفسنا، ففي حملة الانتخابات هذه لا يعرضون أملاً أو قيماً أو أفقاً اقتصادياً أو سياسياً أو صراعاً بين اليسار واليمين، بل ترجمة الاحتجاج والمعاناة إلى قوة سياسية، تستطيع أن تعيد الثقة بالديمقراطية وبإدارة رشيدة وبقوة الجمهور على تغيير الواقع بوسائل قانونية. هذه الانتخابات هي انتخابات شخصية، ليس فيها أيديولوجيا، وهي خالية من الأحاديث الفارغة عن أفكار سامية. هدفها المركزي هو إزاحة قمة الجريمة التي سيطرت على الدولة، وإعطاء الأصوات لمن يتوقع أن يكون صاحب الاحتمالات الأفضل للقيام بهذه الرسالة. انتخابات أيديولوجية باتت ترفاً تسمح به الدول الديمقراطية لنفسها – وليس تلك الدول التي ترتدي قناع الديمقراطية، التي أصبحت فيها الأيديولوجيا الحاكمة هي عبادة الشخصية وبقاء الديكتاتور والحزب الحاكم.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 30/12/2020


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 31

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28