] عبرية: جولة لمقالات في صحف العدو - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 5 كانون الأول (ديسمبر) 2020

عبرية: جولة لمقالات في صحف العدو

السبت 5 كانون الأول (ديسمبر) 2020

- هل ستجد إسرائيل نفسها وحيدة أمام إيران؟

اغتيال رئيس مشروع السلاح النووي في إيران محسن فخري زادة، والنشاطات التي سبقته ونسبت إلى إسرائيل، مثل تخريب منشأة تجميع أجهزة الطرد المركزية المتطورة في نطنز، وتصفية الشخص رقم 2 في القاعدة في طهران، وهجوم السايبرر على ميناء بندر عباس، كلها تثبت قدرة استخباراتية وتنفيذية عالية.

وكل هذه، إلى جانب اتفاقيات التطبيع التي وقعت مؤخراً مع دول الخليج، تخلق شعوراً بأن تحالفاً قوياً من الدول المستعدة للوقوف مع إيران أمر آخذٌ في التبلور. ولكن حسب مقال نشره محلل النيويورك تايمز هذا الأسبوع توماس فريدمان، فإن الرئيس ترامب دفع نحو تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية، وإلى بيع السلاح المتطور كجزء من استراتيجية تسعى لكي تحوّل عبء المسؤولية عن أمنها و وعن مواجهة إيران إلى دول المنطقة. لهذا، امتنع ترامب أيضاً عن الرد عندما أطلقت إيران صواريخ كروز وطائرات بدون طيار إلى منشآت النفط لشركة أرامكو السعودية.

ولكن سلوك دول الخليج الواقعة بالقرب من إيران، يوجهه الخوف منها، ولهذا فقد سارعت إلى إدانة تصفية فخري زاده وإبعاد نفسها عن أي علاقة مع الحدث. حسب وجهة نظرها، فإن التهديد الإيراني تعزز في أعقاب اتفاقيات التطبيع التي تظهرها أكثر تماهياً مع إسرائيل. في هذا السياق، نشر بأن إيران حذرت الإمارات الخليجية مؤخراً بأن كل هجوم أمريكي ضدها سيؤدي إلى رد مباشر عليها. وفي حين أنها حذرة من إغضاب إيران، فإن دول الخليج تتمنى من جهة ما أن تخرج الكستناء من النار من أجلها، ولتوقعها أن ذلك يأتي من الولايات المتحدة، فإنها تأمل من إسرائيل أن تفعل ذلك. خلافاً للتفكير بأن لإسرائيل شركاء إقليميين في الصراع ضد إيران، فإن الواقع على الأرض من المتوقع أن يخيب أملها، فهي من شأنها أن تبقى وحدها وبدون استعداد من قبل الولايات المتحدة لاستخدام مواردها العسكرية لحماية إسرائيل عندما تريد مواجهة تهديدات توجه ضدها، حيث إن الرغبة الأمريكية بتقليص تدخلها العسكري ستظل عاليةً حتى في ظل إدارة بايدن.

في الخلفية، يجب العودة والتأكيد أنه رغم شعور ارتفاع الروح المعنوية بعد سلسلة العمليات الأخيرة، والتي قد تعزز التقدير بأن يد المعارضين لإيران هي العليا، لا يبدو أن هناك تغييرات في التوجهات الرئيسية التي تميز النشاط الإيراني في السنة الأخيرة. رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تفاقم بسبب فيروس كورونا، تواصل إيران مراكمة يورانيوم مخصب، وتخصيب اليورانيوم والدفع قدماً بتشغيل أجهزة طرد مركزية متطورة. كل هذه الخطوات معاً تقلص وقت الانطلاق نحو قنبلة نووية، إذا قررت إيران السير في هذا المسار. وهي أيضاً مصرّة على مواصلة ترسيخ هيمنتها على المنطقة، والخروج المتوقع للقوات الأمريكية في العراق سيساعدها في ذلك.

الاستنتاج الذي يمكن التوصل إليه- دون الدخول إلى تداعيات الوضع السياسي في إسرائيل على قدرة الاستعداد للجيش الإسرائيلي في لمواجهة التحديات التي تقف أمامه- هو أن إسرائيل، ورغم النجاحات العملياتية المنسوبة لها، يجب عليها مع دخول الإدارة الجديدة إلى البيت الأبيض، العثور “ويفضل بصورة سرية” على الطرق الصحيحة لضمان استمرار التعاون النوعي بين كلتا الدولتين. من المرجح أن سيكون في واشنطن استعداد للإصغاء إذا قدرت الإدارة الأمريكية أن إسرائيل تأتي إلى الحوار ” نقية الكفين” دون نية بالعمل من خلف ظهرها.

بقلم: سيما شاين والداد شبيط

هآرتس 4/12/2020

- “عقيدة داغان”.. من قبل المبحوح إلى زادة.. صحيفة عبرية: السعودي ينشغل بالثمن والإمارات “هدف محتمل” وسفارات تل أبيب تتحصن

ألغى السعوديون الأسبوع الماضي بشكل مفاجئ زيارة كان مخططاً لها لمحفل أمني إسرائيلي كبير إلى بلادهم. وحسب مصادر سياسية في القدس، ومن غير المستبعد أن يكون رئيس الموساد يوسي كوهن هو المحور المركزي في العلاقات بين الدولتين، ما جعل إلغاء الدعوة حدثاً مهماً جداً.

حصل هذا بعد بضعة أيام من تباهي إسرائيل بزيارة رئيس الوزراء نتنياهو مع ولي العهد السعودي على الأراضي السعودية، وقبل تصفية العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة في 27 تشرين الثاني. وبتقدير تلك المصادر السياسية، جاء إلغاء الدعوة ليعبر عن عدم رضى سعودي من السلوك الإسرائيلي. مشكوك جداً أن يكون السعوديون قد عرفوا شيئاً عن التصفية المخطط لها، ومعقول أكثر الافتراض أنهم غضبوا من انعدام سرية نتنياهو ومحيطه. فنشر أمر اللقاء لم يكن بالتشاور معهم، وألزم وزير الخارجية السعودية بنفي جارف حتى لوجوده.

في السنوات الأخيرة حطم نتنياهو بالتدريج سياسة الغموض التي خدمت إسرائيل سنوات عديدة جداً في علاقاتها الخارجية السرية وفي إدارة شؤونها الأمنية الحساسة للغاية.

وهذه ليست المرة الأولى، ففي السنوات الأخيرة يحطم نتنياهو بالتدريج سياسة الغموض التي خدمت إسرائيل سنوات عديدة جداً في علاقاتها الخارجية السرية وفي إدارة شؤونها الأمنية الحساسة للغاية. وقد بات هذا رد فعل شرطي: نصل إلى إنجاز كل قوته في سريته، ونجعله أداة سياسية داخلية هدفها تعظيم رئيس الوزراء. فالتسريب عن زيارة نتنياهو إلى مدينة نيوم في السعودية قد لا يكلف حياة الإنسان، ولكن تلميحاته بأنه كان منشغلاً جداً في الأيام التي صفي فيها أبو البرنامج النووي الإيراني قد يكون لها ثمن، بحياة الإنسان أيضاً.
“جيب” وأربع دراجات

من صفى فخري زادة بذل جهداً كبيراً جداً في طمس الآثار، ويبدو أنه تعلم جيداً دروس تصفية كبير حماس محمود المبحوح في دبي.

من صفى فخري زادة بذل جهداً كبيراً جداً في طمس الآثار، ويبدو أنه تعلم جيداً دروس تصفية كبير حماس محمود المبحوح في دبي، قبل 11 سنة. فلا توجد شهادات مصورة من حملة تصفية العالم الإيراني الذي كان في طريقه لزيارة أقاربه في مدينة أبساد. وبقدر ما هو معروف، فإن الإيرانيين لا يزالون يتحسسون طريقهم في الظلام، ولكن لهم مصلحة في نشر رواية معينة تسمح لهم بتبرير الفشل في نظر جمهورهم. ومن هنا أيضاً تأتي القصص الرائعة عن التصفية عن بُعد وما شابه. وبالتوازي، يحررون “معلومات” كي ينتزعوا رد فعل يسهل عليهم حل لغز الحدث. فالنشر غير الرسمي لصور أربعة من المغتالين، زعماً، هو محاولة جس نبض أخرى تستهدف استفزاز أحد ما بارتكاب خطأ والرد، وبالتالي كشف نفسه.

للجهة التي قامت بالاغتيال، بالمقابل، مصلحة في نشر رواية تساعد على طمس آثار المصفين، تسمح لهم بالاختفاء وتزيد التخوف الإيراني من التغلغل العميق في أجهزة الحراسة لديهم.

الرواية المقبولة اليوم في “نيويورك تايمز” ووسائل إعلام أخرى ذلا مصداقية، تتحدث عن انقطاع الكهرباء لنصف ساعة في المنطقة التي تمت فيها التصفية، مما منع على ما يبدو تفعيل كاميرات الحراسة المنصوبة في المنطقة. والنقطة التي اختيرت توجد قريباً من ميدان حركة السير، حيث يتعين على سيارات القافلة الثلاثة إبطاء سرعتها. ثمة وصف لجيب “نيسان” أزرق عمل كسيارة مفخخة وانفجر بالتشغيل عن بعد أمام سيارة الحراسة التي سارت في نهاية القافلة. وبالتوازي مع الانفجار، هوجمت سيارة الحراسة التي سافرت على رأس الطابور بنار من سلاح أوتوماتيكي، بينما قام قناصة برش السيارة الوسطى حيث كان فخري زادة. وانصرف المغتالون من هناك في أربع دراجات وجيب من طراز “هونداي سنتفيه”.

وعثر على فخري زادة نفسه مستلقياً خارج سيارته بعد أن أصيب بثلاث رصاصات على الأقل. إما أن يكون خرج وحده بعد أن أصيب، أو أن المغتالين نفذوا فيه “تأكيد قتل”. ومهما يكن من أمر، لم ينج أي شاهد عيان إيراني في الحدث.

لا حاجة للمرء أن يكون خبيراً كي يستنتج بأن يكون قد شارك في مثل هذه العملية بضع عشرات الأشخاص الذين يتواجدون في الميدان، حيث يشكل معظمهم بنية تحتية عملياتية على أرض إيران. وخلية التصفية التي تصل إلى إيران تستوعب وتستعين بالبنية التحتية التي أعدت لها: شقق للاختباء، ومعلومات استخبارية في الزمن الحقيقي، وتجنيد مساعدين، وسبل فرار، وما شابه. والإنقاذ بشكل عام هو عقب أخيل في عمليات من هذا النوع.

سيكون الرد الإيراني، إذا حدث، موجهاً على ما يبدو لممثلات إسرائيلية في الخارج وأهداف إسرائيلية أخرى في العالم. والتقدير هو أنهم سيهاجمون أماكن فيها شبكات لحزب الله تستوعب رجال العمليات من الاستخبارات الإيرانية، أو أن يتم استخدام أجهزة العمليات الخارجية لحزب الله. ويدور الحديث بشكل عام عن دول لا تتعاون محافلها الأمنية مع إسرائيل، مثل دول جنوب أمريكا، وإفريقيا والشرق الأقصى، وكذا تركيا والإمارات – التي أصبحت مقصداً سياسياً للإسرائيليين.

وهنا تنتقل الكرة إلى جهاز المخابرات “الشاباك”، المسؤول عن حماية الممثليات والوفود في الخارج وتبدأ المرحلة الدفاعية في الحملة: تعزيز منظومة الحراسة، ومشاركة الشرطة المحلية، وتحديث أنظمة الدفاع في السفارات ومحيطها. ويمكن لرفع حالة التأهب أن يستمر لفترات زمنية محدودة. فللإيرانيين صبر، وسينتظرون لحظات الضعف.

كما أن من شأن الإيرانيين أن يردوا بإطلاق النار من سوريا أو من غرب العراق نحو أهداف في إسرائيل. فلديهم صواريخ جوالة هي في واقع الأمر طائرات نفاثة بدون طيار تحمل مواد متفجرة بوزن 30 كيلوغراماً. في أيار 2018 بعد أن دمر سلاح الجو منظومات الدفاع الجوي السورية وبنى تحتية إيرانية في سوريا، أطلق الإيرانيون نحو 30 صاروخاً، أربعة منها فقط وصلت إلى الأراضي الإسرائيلية واعترضتها القبة الحديدية.
تصفية علماء النووي الإيرانيين المنسوبة لإسرائيل يمكن أن نسميها “عقيدة داغان”

حتى لو لم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن أي تصفية في أي مكان في العالم، فإن لتصفية علماء النووي الإيرانيين المنسوبة لإسرائيل يمكن أن نسميها “عقيدة داغان” على اسم رئيس الموساد الراحل مئير داغان، الذي يرى رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين نفسه كتلميذه ومواصل دربه. في ندوة لذكرى داغان عقدت في 2017 وصف كوهن تلك العقيدة، فقال: “لقد آمن داغان بأنه يمكن العمل على الاستراتيجيات عبر سياق متواصل من الأعمال التكتيكية، وأمن بقوة العمليات المركزة لخلق كتلة تصبح مصممة للواقع. كانت هناك حالات اعترف فيها داغان نفسه بأنه لا يعرف كيف يحدد بالضبط خطاً واحداً يربط سلسلة العمليات الصغيرة، ولكنه آمن بأنه طالما كان لديك اتجاه عمل واضح، فإن سلسلة العمليات الموضعية ستحرك الواقع في الاتجاه الصحيح”.

وثمة مبدأ آخر لداغان، يبدو أن كوهين تبناه هو أيضاً: “بهذه العقيدة ثمة قيمة كبرى إذا ما تمت الأعمال الهجومية في أرض العدو”.

في نظرة إلى الوراء، فإن سلسلة العمليات المركزة التي تحدث عنها داغان تتضمن -حسب المنشورات- ضرب المصانع التي تعمل في العالم على إنتاج عناصر للبرنامج النووي الإيراني، وضرب المنظومة المالية التي تخدمه، وضرب مصانع الصواريخ ومنشآت تخصيب اليورانيوم على الأرض الإيرانية، وغيرها. وإلى جانب هذا – ضرب مديري المشروع النووي والعلماء. لا يمكن لأي عملية كهذه أن توقف وحدها السباق نحو النووي، ولكن بالمجمل تؤدي إلى تأخير وضرب القدرة الإيرانية على الوصول إلى النووي العسكري.

كان لداغان كرئيس للموساد خلاف جوهري مع رئيس الوزراء نتنياهو حول طريقة وقف النووي الإيراني. في بداية العقد السابق.

بالمناسبة، كان لداغان كرئيس للموساد خلاف جوهري مع رئيس الوزراء نتنياهو حول طريقة وقف النووي الإيراني. في بداية العقد السابق، عندما تحدثت القيادة السياسية عن ضربة عسكرية في إيران، ادعى داغان بأن مثل هذه الضربة ستجبي ثمناً لا يطاق من إسرائيل. وقال أعطوني المليارات، وسأكسب لكم بين سنتين وأربع سنوات في تأخير المشروع. وسيكون هذا أقل كلفة وأقل خطراً بكثير.

وقد كان محقاً؛ فليس لدى الإيرانيين بعد قدرة عسكرية نووية، رغم التوقعات القاتمة التي تحدثت عن قنبلة إيرانية منذ 2010.

وتحليل عمليات البنى التحتية النووية في إيران كفيل بأن يشير إلى الصعوبة في شلها لزمن طويل من خلال عملية عسكرية. يوجد اليوم في إيران 11 مركزاً ترتبط بالمشروع النووي؛ اثنان منها في قم ونطنز – تحت أرضيين. والجهة الوحيدة القادرة على أن تنفذ، من اليوم إلى الغد، تدميراً متناسقاً لمعظم مراكز النووي هي قيادة أوروبا في الجيش الأمريكي. في بداية العقد، كانت منشآت النووي هشة أكثر، ولهذا كان يمكن للأمريكيين بل ولجهات أخرى أن تضربها بنجاعة. ولكن في عامي 2012 – 2013، في ضوء الجدال العلني في إسرائيل عن خيار الهجوم في إيران، دفن الإيرانيون جزءاً من المنشآت في باطن الأرض، وأحاطوها ببطاريات صواريخ أرض – جو، وجعلوها مواقع محصنة. أما الإدارة الأساس المتبقية في يد إسرائيل فهي العمليات السرية.

منذ تسلم داغان منصبه في 2002، عندما تلقى من رئيس الوزراء اريئيل شارون المسؤولية عن الموضوع النووي الإيراني، استغرقه ثلاثة – أربع سنوات كي يبني بنية تحتية تخدم عقيدته. وكانت هذه استثمارات كبرى، تتواصل حتى يومنا هذا. لا بتفعيل طواقم تصفية فقط، منسوبة للموساد، بل وأيضاً ببناء قدرات استخبارية وبنى تحتية في دول الهدف.

في 2007 بدأت تنشر أنباء عن تفجيرات خفية في منشآت النووي في إيران. في كانون الثاني من تلك السنة، علم عن عالم كان يعمل في منشأة لتحويل اليورانيوم لأصفهان وقتل بالسم. ولكن الموجة الكبرى كانت بين 2010 و 2012. وحسب المنشورات، صفي في تلك الفترة أربعة علماء نووي آخرين. كما نشر في حينه عن دودة “ستاكسنت” التي شلت منظومة حواسيب أجهزة الطرد المركزي وعن إدخال “حصان طروادة” لعدة منشآت نووية.

يبدو أنه بالتوازي مع بناء بنية تحتية لتنفيذ عمليات هجومية توثق التعاون في المجال مع وكالات استخبارية صديقة، تباهى سير جون سويرس، رئيس وكالة الاستخبارات البريطانية M16 في مقابلة صحفية، بأن وكلاء بريطانيين أيضاً ضربوا البرامج النووية الإيرانية.

أنهى داغان مهام منصبه في 2011، وتواصلت سلسلة الأحداث في إيران بسنة أخرى على الأقل. وعندها، في 2013، توقفت موجة الاغتيالات للعلماء الإيرانيين فجأة، وكانت الخلفية على ما يبدو بدء الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران، والتي انتهت بالتوقيع على الاتفاق النووي في 2015. في 2018 خرجت إدارة ترامب من الاتفاق النووي، وفي 2019 عادت إيران لتهدد بتحطيم القيود التي فرضت عليها في الاتفاق. وفي نهاية تلك السنة، استأنفت السباق نحو القنبلة. فمن غير المفاجئ إذن أن عادت في منتصف 2020 التقارير عن عمليات قامت بها جهات خفية في إيران. في حزيران وقع انفجار في منشأة للصواريخ، وفي تموز انفجرت منشأة لإنتاج أجهزة طرد مركزي في نطنز. وفي آب صفي رقم 2 في القاعدة في طهران، وفي تشرين الثاني صفي فخري زادة. وهكذا انهار العامود الفقري الثاني –بعد قاسم سليماني– الذي اعتمدت عليهه سياسة الردع والأمن القومي الإيراني.

ليس “قنبلة موقوتة”

برأي خبراء في الغرب، فإن تأثير تصفية فخري زادة على استمرار المشروع النووي رمزي فقط. ولكن إذا عادت إيران إلى كامل برنامج السلاح – أي بناء الرأس المتفجر النووي – فسيكون ملموساً جداً غياب الرجل بسبب قدراته وخبراته في المجال. يبدو أن أحداً ما توصل إلى الاستنتاج بأن الإيرانيين يستغلون تجميد الاتفاق النووي كي يستأنفوا السباق نحو القنبلة، وينبغي تذكيرهم قبل أن يدخل بايدن إلى البيت الأبيض ويبدأ بالاتصالات على استئناف الاتفاق النووي.

قد تنجح عقيدة داغان فقط إذا أبقيت سراً، والاغتيال مسألة إشكالية في دولة ديمقراطية. تتحدث إسرائيل بشكل عام عن إحباط مركّز فقط في سياق “القنبلة الموقوتة”. معقول الافتراض بأن علماء النووي الإيرانيين لا يدخلون ضمن هذا التعريف القانوني. وتصفية بؤر المعرفة تأتي بشكل عام للردع، بضرب المعنويات، وزرع الحرج في محافل الأمن، ولإزالة عقول إبداعية عن الطريق. ولكن العالم يعرف كيف يقدّر القوة ويحترم الأعمال الجريئة والذكية. ولا تزال عملية عنتيبة رمزاً تجارياً دولياً. كما أن النجاح العملياتي يبرز كون إسرائيل ذخراً لحلفائها – ولا سيما الولايات المتحدة.

وبالمقابل، تثور معاضل مثل “إذا كنت أصفي عالماً، فلماذا لا أصفي وزير دفاع يعطيه الأوامر أو الزعيم الروحي؟ أين الحدود؟ إذا صفيت خصماً في دولة صديقة وأمسك بك، فإنك تعرض العلاقات الدبلوماسية للخطر. وبخلاف ضرب المنشآت أو البنى التحتية، فإن تصفية شخص ما تدعو إلى الثأر. وعندما تكون هذه شخصية رسمية، فهذه إهانة للنظام الذي لم ينجح في حمايتها. قد يكون داغان آمن بأن تلك العمليات الموضعية المتواصلة التي نسبت لإسرائيل، ستضعف النظام أمام جمهوره. وهذا هو السبب الذي يجعل النظام الإيراني يتوعد بعملية ثأر.

كان يمكن لانعدام العنوان الواضح أن يسمح للإيرانيين بالامتناع عن الرد. فليس لهم من يدينوه. وإلى هنا يدخل التبجح حتى وإن كان بالتلميح من جانب رئيس الوزراء. وهذا يكفي للإيرانيين.

بقلم: أليكس فيشمان

يديعوت 4/12/2020

- بعد انعقاد “لوبي أرض إسرائيل”: هكذا يتفق اليمين وحزب غانتس على حملة لشرعنة “الاستيطان الشاب” في الضفة الغربية

أدرك مجلس “ييشع” في تموز من هذا العام بأن حلم ضم المناطق يبتعد عنهم. وفي محاولة لتحقيق إنجازات قبل انتخابات الولايات المتحدة، وحل الحكومة الحالية في إسرائيل، بدأ المجلس بحملة ذات هدف متواضع أكثر من ضم شامل: تسوية وضع البؤر الاستيطانية غير القانونية. ومن أجل تغيير صورتها، عملت الحملة على استبدال كلمة “بؤر استيطانية” بتعبير “مستوطنة شابة”، وعرض الوضع فيها كمشكلة اجتماعية- إنسانية، لطلائعيين يتم التعامل معهم كـ”مواطنين من الدرجة الثانية”. لم تتردد هذه الرسائل على يد أحزاب اليمين فحسب، بل أيضاً على يد أعضاء من “أزرق أبيض” بتصريح من قبل رئيس الحزب بيني غانتس؛ ما يدل على نجاح الحملة.

اضطر غانتس إلى التطرق مؤخراً إلى مسألة البؤر الاستيطانية بعد أن دفعه اثنان من زملائه في الحزب إلى الزاوية: وزير الشؤون الاستراتيجية ميخائيل بيطون، ووزيرة الشتات عومر ينكلفيتش. وقال غانتس، وهو الذي رفض الرد على أقوال ينكلفيتش، حسب ما تقول تقارير في جلسة قائمة “أزرق أبيض”، إن “وزارة الدفاع تعمل على تسوية وضع كل البؤر الاستيطانية الموجودة على أراض قانونية بالضبط حسب لوائج وقوانين”. بؤر استيطانية غير شرعية هي اسم عام للمستوطنات التي أقيمت بدون قرار حكومي وليس لها مخطط لبناء مدينة. من بين البؤر الاستيطانية هنالك مجموعات مختلفة – تلك التي أقيمت على أراضي دولة وأخرى أقيمت على أراض خاصة لفلسطينيين، وهنالك من يتم إخلاؤهم يومياً، وهنالك مزارع للرعاة قليلة السكان. وقد سمحت السلطات لأغلبها بالتمركز مع تقديم دعم أو هن طريق غض الطرف عنها طوال سنوات. حسب منظمة “السلام الآن”، يوجد في المناطق اليوم 124 بؤرة استيطانية.

يمكن اعتبار جزء كبير من البؤر الاستيطانية كـ “مأهولة”. أحدها مثلاً البؤرة الاستيطانية “أحيا” التي أقيمت سنة 1997 بمحاذاة مستوطنة “شيلو”، وسبق أن أعلنت الدولة في الماضي عن نيتها المبدئية بتسوية وضعها. حسب مجلس بنيامين، فإن سبعين عائلة تسكن هناك اليوم في بيوت دائمة وفي كرفانات، وفي المكان كنيس وحوض للتطهر.

كطلقة لبدء حملة مجلس “ييشع”، انعقد في آب “لوبي” أرض إسرائيل في الكنيست، الذي يقف على رأسه بتسلئيل سيموتريتش “يمينا” وحاييم كاتس “الليكود”. بموازاة ذلك، دخل إلى العمل جسم أنشئ في 2018 باسم “منتدى المستوطنات الشابة” الذي يعمل بدعم من مجلس “ييشع” ويشكل فعلياً رابطة لحوالي 70 بؤرة استيطانية. وفي حينه ألحقوا ظلماً كبيراً بالاستيطان واخترعوا مفهوم “بؤر استيطانية غير شرعية” وهذا المفهوم كان يجب تغييره. “إنه نضال على الوعي”، قال مؤسس ورئيس منتدى المستوطنات الشابة أوري بيرتفلد، الذي يعيش بنفسه في البؤرة الاستيطانية “عشهال”. في إطار الصراع على الوعي، زار أعضاء كنيست عديدون هذه البؤر، من بينهم الوزيران بيطون وينكلفيتس.

في حين أن الهدف النهائي لأعضاء المنتدى هو تسوية وضع البؤر الاستيطانية، فإن حملتهم الحالية تتركز بما شخصّوه كهدف يدعو إلى تماهٍ أكثر- تسوية وضع البنى التحتية فيها. هكذا، فإن عضو الكنيست متان كهانا “يمينا” نشر على “فيسبوك” فيلم فيديو حول هذا الموضوع باسم “ليروني لا يوجد إنترنت”، وقال عضو الكنيست أريئيل كلينر “الليكود” في الكنيست إنه “من المثير للغضب جداً رؤية التمييز ونقص البنى التحتية الأساسية من الكهرباء والماء والاتصالات في المستوطنات الشابة في “ييشع”، وهي المستوطنات غير المعترف بالمقارنة مع البلدات غير المعترف بها على سبيل المثال في النقب”.

هذه التصريحات ترسم صورة مضللة. معظم البؤر الاستيطانية اليوم مربوطة بالكهرباء أو الماء عن طريق المستوطنة المحاذية لها. وعندما أمر رئيس الحكومة نتنياهو في وقت سابق من هذا العام بربط 12 بؤرة استيطانية بالكهرباء، كان بالإمكان أن نفهم من ذلك أن هذه أماكن يدرسون فيها على ضوء الشموع في الليل، ولكن الوضع ليس ذاته اليوم؛ فعلياً تزويد الكهرباء لهذه البؤر الاستيطانية قد يكون غير منظم، لأن الحديث لا يدور عن ربط رسمي. حتى اليوم، تم ربط بؤرة استيطانية واحدة فقط من بين 12 بكهرباء مباشرة بسبب مشاكل قانونية تكتنف هذه العملية، نظراً لأنها بؤر لم تشرعن وهي غير قانونية.

إن محاولة “شرعنة” البؤر الاستيطانية، أي تحويلها إلى قانونية، مستمر منذ سنوات. فقد أبلغت الدولة محكمة العدل العليا في 2011 بسياسيتها الحالية أنه سيتم إزالة البؤر الاستيطانية التي بنيت على أراض خاصة، أما تلك التي أقيمت على أراضي دولة فسيتم تسوية وضعها. حسب أقوال رئيس مجلس “ييشع” السابق، بنحس فلرشتاين، فقد تم تسوية وضع حوالي 10 بؤر استيطانية في السنوات الأخيرة، والتي كانت تسوية وضعها بسيطاً نسبياً، مثل “مفؤوت يريحو” والتي تم تسوية وضعها قبل لحظة من انتخابات 2019. في الوقت نفسه، تدفع الحكومة قدماً بإجراءات مختلفة في هيئات قضائية وفي مؤسسات التخطيط من أجل تسوية وضع بؤر استيطانية أخرى، من بينها “مستبي كراميم” والتي تصدرت العناوين مؤخراً، أو بؤر استيطانية مثل “ايفي ناحل” التي سيتم تسوية وضعها تخطيطياً كحي في مستوطنة “معاليه عاموس” في هذه الأيام.

كوبي اليراز، مستشار وزير الدفاع السابق لشؤون الاستيطان (واليوم يشغل هذه الوظيفة آفي رؤي) خلال سنوات عمله، قام مع الإدارة المدنية برسم خرائط للبؤر الاستيطانية المختلفة وتصنيفها حسب الفئات المختلفة. “جزء موجودة على أراض هنالك احتمالية بالإعلان عنها كأراضي دولة، وأخرى لديها طرق للوصول تمر بأراض خاصة، وأخرى غير مثبتة الحوائط (قريبة من البنى التحتية لمستوطنات قائمة- هـ.ش) وفي جزء منها ما زال يتوجب القيام بمسح للأراضي” أوضح.

حسب أقواله، حوالي 30 بؤرة استيطانية يمكن تسوية وضعها عن طريق إعلام الحكومة بأثر رجعي لاحقاً عن إقامتها “لقد عقدنا عددًا لا بأس به من الجلسات، أصدرنا وثائق، وكل هذا العمل تم ولا يوجد ما نجدده هنا”، قال اليراز.

في بداية تشرين الثاني، انعقدت لجنة الدستور في الكنيست لمناقشة تحت عنوان “استشارة قانونية لفقراء السكان في يهودا والسامرة، والذي بادر بها عضو الكنيست أوريئيل بوسو “شاس” وعضو الكنيست كيلنر. حضر النقاش رؤساء مجالس المستوطنات ومدير عام مجلس “ييشع”، وكذلك المستشار القانوني لشؤون الاستيطان في وزارة الدفاع موشي بروخت، والباحث في منتدى كهيلت والذي عيين في هذا المنصب على يد نفتالي بينيت.

حسب أقوال بروخت، ففي حين أن الحكومة أوضحت لسنوات طويلة بأنها تريد تسوية البؤر الاستيطانية، فإنه لم يتخذ يوماً ما قرار حكومي عام يشير إلى النية لهذه التسويات. “في اللحظة التي يكون فيها قرار حكومي للدفع قداً بتسوية لمكان معين، فإنه سيكون من الأسهل علي كقانوني أن أجد حلولاً مؤقتة” شرح. المنطق الذي يقف خلف أقوال بروخت، دفع وزير شؤون الاستيطان تساحي هنجفي، للإعلان في بداية هذا الأسبوع عن نيته لبلورة قرار حكومي في موضوع تسوية وضع البؤر الاستيطانية سوية مع الوزير بيتون، وبموافقة رئيس الحكومة.

بيتون سارع للقول بأن تصريح هنجفي تم إصداره بدون التنسيق معه، وقال لـ”هآرتس” بأن موقفه هو تأييد “تسوية كل عملية بالإمكان تسويتها وحسب رأي المستشار القانوني، وبضمن ذلك استخدام “إجراء السوق” وقرارات حكومية سابقة ذات علاقة”. في أقوال بيتون يمكن رؤية علامات على أن حملة مجلس “ييشع” حققت نجاحاً. “كل المواطنين القانونيين في يهودا والسامرة، عرباً ويهوداً على حد سواء، يستحقون ظروفاً إنسانية أساسية ومتساوية من الكهرباء والماء والأمن والبنى التحتية”، قال.

الأحد الماضي، أقيم عرض في مدخل الكنيست وفيه أسماء البؤر الاستيطانية غير الشرعية، كجزء من حملة “منتدى الاستيطان الشاب”. كما هو متوقع، حضر إلى المكان أعضاء كنيست من كتلة اليمين، ولكن من برز في المشهد هي الوزيرة ينكلفيتش، التي أعلنت هناك عن دعمها لغانتس في تسوية وضع “المستوطنات الشابة”.

رغم علامات النجاح هذه، فإن مجلس ييشع أبدى تشاؤماً بخصوص إنجازات الحملة. حسب أقوالهم، الأعمال المطلوبة من أجل تسوية وضع البؤر الاستيطنانية فعلياً تقتضي قوى بشرية كثيرة غير موجودة في الإدارة المدنية. خلال هذا الأسبوع، ينوي مجلس “ييشع” إجراء لقاء مع الإدارة من أجل مناقشة هذه المسألة من بين أمور أخرى.

على الرغم من الانقسامات في “أزرق أبيض” حول قضية البؤر الاستيطانية، فليست هذه هي المرة الأولى التي يدفع فيها غانتس قدماً بعمليات لصالح المستوطنات: مع رد قانون التسوية، بلور مع وزير العدل آفي نسنكورن، طاقماً لتسوية وضع حوالي 2000 وحدة سكنية. بالإضافة إلى ذلك، طالب الاثنان، في أعقاب رفض تسوية وضع البؤرة الاستيطانية متسفي كراميم في المحكمة العليا، أن تجري المحكمة نقاشاً آخر بهذا الشأن. يتعلق موقف غانتس بالبؤر الاستيطانية، مع ذلك، بقي ضبابياً، ولم تساهم أقواله بجلسة قائمته في توضيح موقفه من هذه القضية: عدة جهات في المستوطنات ضحكت عندما سمعت بأن غانتس ينوي تسوية وضع البؤر الاستيطانية “المقامة على أراض قانونية” لم يكن واضحاً حتى لهم ماذا كان يقصد.

بقلم: هاجر شيزاف

هآرتس 4/21/2020


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 6

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28