] لماذا تحقد إسرائيل على مدرسة من صفيح تؤوي 50 طالباً فلسطينياً في الغور؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

لماذا تحقد إسرائيل على مدرسة من صفيح تؤوي 50 طالباً فلسطينياً في الغور؟

هكذا يمكن تصحيح مسار “أوسلو” بين الفلسطينيين وإسرائيل
السبت 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020

- لماذا تحقد إسرائيل على مدرسة من صفيح تؤوي 50 طالباً فلسطينياً في الغور؟

الساعة تمام الثانية عشرة ظهراً، اندفع من غرفة المعلمات طالب صغير ليقرع جرساً ثقيلاً من الحديد كان يحمله. صوت الجرس منقذ؟ ليس مؤكداً. فوراً بعد ذلك، تم فتح أبواب الصفوف الخمسة، وانطلق عشرات الأولاد منها نحو الخارج، ينزلون بالدور إلى منحدر الغور الأخضر إلى بيوتهم – خيامهم، يحملون الحقائب على ظهورهم ومعظمهم يضعون الكمامات. أحد الأولاد من ذوي الامتيازات كانت تنتظره توصيلة- حمار مربوط يقف جانباً. هذا الولد يعيش في أحد تجمعات الرعاة المجاورة.

منذ بداية السنة الدراسية الحالية تغيرت حياة هؤلاء الأولاد بدرجة كبيرة. حتى الآن اضطروا إلى السير في كل صباح مسافة 7 كم نحو المدرسة التي تقع في القرية الأقرب- قرية المغيّر. في الظهيرة كانوا يعودون في نفس الطريق الطويلة: نحو 15 كم ذهاباً وإياباً أيام الصيف والشتاء، تحت الأمطار والرياح، وأحياناً أيضاً أمام هجمات المستوطنين الذين يكمنون في طريقهم. في نهاية الأمر، قرر تجمع الرعاة فعل شيء: بناء مدرسة صغيرة لأنفسهم.

بمساعدة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ومنظمة مساعدة أوروبية مستقلة باسم “غروبو دي آي” تحققت المعجزة. فقد أنشأوا مبنى بسيطاً للأولاد مكوناً من ست غرف – المدرسة الأساسية المختلطة لقرية رأس التين. هذا المبنى البسيط يشمل خمس غرف وغرفة للمعلمات، وهو مغطى بسقف من الصفيح ويقع فوق تلة. المشهد رائع: المبنى الأبيض البسيط، الصفوف الصغيرة والقليلة التي ليس فيها أي شيء سوى الطاولات والكراسي ولوح من الخشب، ثمة حماسة في عيون الطلاب، ومديرة جاءت هنا بعد أن كانت تدير مدرسة مشابهة في تجمع آخر للرعاة، ونسبة الحضور المرتفعة للأولاد الذين في معظمهم غابوا عن المدرسة السابقة وحتى أنهم تسربوا منها بسبب العقبات في الطريق.

تعلم الأولاد طوال هذا الأسبوع في هذه المدرسة الجديدة، إنها معادلة بمجهول واحد، مجهول حقيقي هو: هل ومتى سينتهي هذا الحلم وتهدم هذه المدرسة؟ خوف بألا يطول هذا الحلم السعيد والمؤثر. وسلطات الاحتلال لن تسمح بحدوث هذا. فالإدارة المدنية قد أصدرت في السابق جميع أوامر الهدم، والجرافات في الطريق. أولاً، حاولوا منع البناء، وبعد ذلك صادروا المعدات والأثاث، أما الآن فيمنعون ربط المراحيض بالأنبوب، فالبلدة غير مربوطة أيضاً بشبكتي المياه والكهرباء. كل بضعة أيام يأتي المراقبون لفحص ما إذا كان أحد ما قد ربط الأنبوب في مراحيض المعلمات. أجل، إلى هذه الدرجة وصل الحقد.

وحسب رأي تخطيطي مهني قدمته جمعية “بمكوم” للمحكمة اللوائية في القدس، والتي يتم يشغل هذه الجمعية مهندسون معماريون ومخططون يحاربون من أجل حقوق التخطيط، كتب المهندس المعماري ألون كوهين في الشهر الماضي بأن لهذه المدرسة أهمية كبيرة بالنسبة لطلابها. “بالنسبة لعدد منهم، هي الإمكانية الوحيدة لأخذ دور في نظام التعليم، بحكم قربها من مكان سكنهم”، كتب كوهين. مؤخراً، قدم كوهين رأيه للمحكمة العليا، حيث جرى نقاش في استئناف القرية على قرار المحكمة اللوائية للسماح بهدم المدرسة. في السابق، قال المهندس، أثبتت السلطات بضع مرات بأن هناك طرقاً لعدم هدم المدرسة التي بنيت بدون ترخيص، بل ومن أجل ذلك أصدر أمر خاص: “تعليمات المصادقة على الإنشاء والإعفاء من الرخصة لمبنى تعليمي”، غير أنها استهدفت المستوطنات التي تقع في المنطقة، ولم تستهدف سكان المنطقة الآخرين. ركز كوهين أيضاً على حقيقة أن الأرض التي أقيمت عليها المدرسة هي أرض خاصة سمح أصحابها بإقامة المدرسة، وفي الأرض الزراعية مسموح بناء مدرسة حسب المخططات الانتدابية التي تسري على هذه المنطقة. إلى جانب ذلك، احتمالية الحصول على رخصة بناء من إسرائيل في منطقة “ج” تبقى ضعيفة جداً. “من الجدير في هذه النقطة محاولة وصف الأولاد والبنات الصغار في الصف الأول، الذين يخرجون من بيوتهم في الساعة السادسة صباحاً للوصول إلى المدرسة عند بداية الساعة الأولى”، يصف كوهين في رأيه الذي قدمه ويقول: “هؤلاء الأولاد ينهون التعليم في الساعة الواحدة ظهراً، وفعلياً يصلون إلى البيوت في الساعة الرابعة بعد الظهر. هكذا يكون يومهم الدراسي مدته عشر ساعات، نصفها فقط مخصص للدراسة. في زمن كورونا يوجد لهذا أهمية زائدة؛ حيث ليس للأولاد إمكانية للتعلم عن بعد؛ فلا وجود لأي حاسوب أو إنترنت أو كهرباء في القرية”.

في 20 أيلول الماضي، جاء إلى هنا موظفو الإدارة المدنية من أجل التصوير. وفي الأسبوع الماضي جاءوا بهدف التصوير وفحص المراحيض خوفاً من ربطها بالمياه. كل زيارة كهذه تثير المزيد من الخوف والرعب في أوساط الطلاب والمعلمات. المتحدثة بلسان مكتب منسق أعمال الحكومة في المناطق أبلغت الصحيفة بأن “الالتماس بشأن الادعاءات تم تلقيه من قبلنا، والرد على الالتماس سيقدم للمحكمة. ونؤكد أن وحدة الإشراف في الإدارة المدنية تقوم بنشاطات إنفاذ للقانون ضد مخالفات في مجال التخطيط والبناء. هذا جزء من واجبها للحفاظ على النظام العام وسلطة القانون. نشاطات إنفاذ القانون، وكذلك مصادرة المعدات التي جرت في ذلك المكان، تنفذ طبقاً للصلاحيات والإجراءات، وكذلك طبقاً لسلم الأولويات والاعتبارات العملياتية”.

في فترة كورونا يدرسون هنا أربع ساعات فقط في اليوم. الصفوف مختلطة: البنات والبنين معاً. الصفوف “أ” و”ب” و”ج” في غرفة واحدة. وهكذا أيضاً في المراحل الدراسية الأخرى. بالإجمال، يتعلم في المدرسة خمسون طالباً، 30 فتاة و20 ولداً، إلى جانب 6 معلمات وسكرتيرة ومديرة. أما البنات اللواتي لم يذهبن في السابق إلى المدرسة لبعد المسافة وبسبب الأخطار، فهن يشكلن الأغلبية الآن. تقول المديرة إنه مع كل المخاوف من الهدم إلا أن شيئاً لا يقارن بما كان قبل افتتاح المدرسة. أولياء الأمور يقولون لها بتفاخر بأن أولادهم أصبحوا يعرفون اللغة الإنجليزية قليلاً، وكذلك الحساب والأدب. وفجأة، هم يريدون التعلم. والمعلمات، كما تقول المديرة، ينتظرن شروق الشمس للمجيء.

بقلم: جدعون ليفي وأليكس ليبك

هآرتس 20/11/2020

- هكذا يمكن تصحيح مسار “أوسلو” بين الفلسطينيين وإسرائيل

في الأسبوع الماضي نشرت محكمة اتحاد إسرائيل – فلسطين قرار حكم حول المسألة التي تشغل المواطنين في إسرائيل الذين يعيشون في فلسطين منذ فترة طويلة. وهذه المحكمة، التي يقع مقرها في القدس، ألغت قرار حكم المحكمة الفلسطينية العليا وقررت بأن الإسرائيليين من سكان فلسطين يحق لهم نفس الامتيازات الضريبية الممنوحة لمواطني فلسطين، وأعلنت عن إلغاء البند ذي الصلة بقانون ضريبة الدخل الفلسطيني بذريعة أنه يخرق حلم البلاد الواحدة.

هذا بالطبع لم يحدث في الأسبوع الماضي، وما حدث هو أن فوز بايدن على ترامب في الانتخابات الأمريكية حرك خلايا دماغ كانت في سبات عميق خلال أربع سنوات، وفجأة بدأت مصطلحات مثل “مفاوضات” و”عملية سياسية” و”حل الدولتين” في شق طريق عودتها إلى الخطاب العام. ومن المبكر التقدير هل سنشهد استئناف “العملية السلمية” القديمة والدؤوبة، وبالأساس هل تم استخلاص الدروس من الإخفاقات السابقة. ولكن من المهم القول لكل من يدفعون لاستئنافها بأنه ممنوع العودة إلى العوامل التي رسمت اتفاقات أوسلو بدون استخلاص العبر من إخفاقاتهم حتى الآن وإجراء التعديلات الحادة الضرورية.

الفلسفة السياسية الموجودة في أساس اتفاقات أوسلو تقوم على فرضيتين: الأولى هي أن الشعبين الموجودين في هذه البلاد يريدان تطبيق حقهما في تقرير المصير بصورة سياسية، وأنهما لن يتنازلا عن هذا التطلع في المستقبل المنظور. لذلك فإن مسار أوسلو يقود (رغم عدم قول ذلك بصورة صريحة ولم يتم فعل ذلك بصورة فعلية) إلى دولتين مستقلتين. والفرضية الثانية هي أنه بعد أكثر من مئة سنة على النزاع بين شعبين يكرهان بعضهما، يحتاج الاستقرار إلى الفصل الكامل بينهما، بما يشبه الطلاق بين زوجين لا أولاد لهما وليسا بحاجة إلى ترتيبات لرؤيتهم. لهذا، فإن حلم أوسلو بدرجة كبيرة حزين ويمكن تشبيهه بصورة إسرائيليين وفلسطينيين يقفون وظهرهم الواحد للآخر. هؤلاء ينظرون نحو الغرب، وأولئك ينظرون نحو الشرق، ويفصل بينهماجدار عال يضمن أن كل واحد منهما سيتبخر من حياة الآخر. ليس كرؤية يوم القيامة، بل هو أشبه باتفاق هدنة.

لم ينجح مسار أوسلو في إطفاء نار النزاع لأسباب كثيرة، فللطرفين إسهامات كبيرة في الفشل رغم أن أساس المسؤولية يقع على إسرائيل التي هي الطرف الأقوى والمحتل. ومنذ أن وقعت على الاتفاقات زادت سرقة الأراضي، وزادت بأكثر من ثلاثة أضعاف عدد المستوطنين. ولكن هذا ليس كل شيء، ففحص دقيق وشجاع لمبادئ أوسلو يستوجب الاعتراف بأنه كان فيه عيب منذ الولادة. ففي حين أن الاتفاقات رسمت طريقاً كان يمكن أن تجيب على حاجة الطرفين إلى تحقيق سياسي لطموحاتهما، وبهذا استبقا معالجة إحدى غرف قلب النزاع. وقد قاموا بشل الغرفة الثانية من خلال الارتكاز على فكرة الفصل وتقسيم البلاد بإزميل، التي يراها كثير من الشعبين وحدة واحدة، لأن تقديس الفصل هو استمرار للتعامل مع الطرف الآخر كعدو خطير يثير الاشمئزاز ويجب الابتعاد عنه وإبعاده. وأوهام “نحن هنا وهم هناك” تعكس الكراهية وليس المصالحة، وتنمي عدم الثقة والخوف التي هي نبوءة تجسد نفسها، يا الله، كم جسدت نفسها في السنوات التي انقضت.

ومثلما هناك إسرائيليون غير مستعدين للتفكير بأنهم سيضطرون إلى القيام بزيارة إلى الحرم الإبراهيمي كسياح، وفي “شيلا” و”بيت إيل”، فهكذا بالنسبة للفلسطينيين، فإن يافا وحيفا لا تقل فلسطينية عن رام الله وجنين. العلاقات الثقافية والتاريخية والدينية للشعبين هي في كل البلاد وليس في جزء منها. هذا الفهم لا يبدو لمهندسي أوسلو باعتباره عائقاً، وأعترف بأنني، بصفتي شخصاً علمانياً وليس لدي صعوبة في ترك مواقع التوراة خلف الجدار الحدودي، لم أقدر المعنى السياسي المهم للعلاقة التي يشعر بها الكثيرون في الطرفين بالبلاد كلها. هذه الصعوبة إلى جانب الاستيطان والقمع الوحشي والنهب المنهجي من جانبنا وموجات العنف والعمليات من جانبهم، قوضت فضاء المصالحة وشرعيتها، إلى درجة أن الشعبين فيهما أجزاء واسعة تنصلت من هذه الطريق التي رسمت في أوسلو، أوسع من أن تسمح بالقيام بمصالحة تاريخية (“مؤلمة”).

وفي الوقت الذي يرتكز فيه المبدأ الأول لنموذج الدولتين على فرضية صحيحة – أن الشعبين يريدان استقلالاً وطنياً على صورة دولة ذات سيادة (ليغفر لي من يؤيدون الدولة الواحدة)، إذ لم يظهر الجمهور في فضائنا أي دلائل على الانتقال إلى عهد ما بعد القومية في القريب – فإن تبني المبدأ الثاني (فصل وتقسيم شامل للبلاد) عكس فشل فهم مغزاه إبقاء العداء بين الطرفين ورفع الثمن المطلوب دفعه من قبلهما في اتفاق الحل الدائم. بناء على ذلك، فأي استئناف للعملية السياسية يحتاج من جهة إلى الحفاظ على فكرة الدولتين، ومن الجهة الأخرى إلى التنازل عن فكرة الفصل. يبدو هذا متناقضاً؟ ليس بالضرورة.

إن مبادرة إسرائيلية – فلسطينية باسم “بلاد للجميع”، التي تعمل منذ بضع سنوات في إسرائيل والضفة الغربية، تستهدف تربيع الدائرة. وقد أسسها الصحافي ميرون ربابورت والمحلل السياسي والناشط في فتح عوني المشني، وقد كنت مشاركاً معهم ومع آخرين في صياغة مبادئها. تعترف المبادرة بالحاجة إلى دولتين، وأيضاً بحقيقة أن مساحتها وحدة تاريخية ودينية وثقافية واحدة.

بناء على ذلك، تقترح المبادرة كونفيدرالية بين دولتين مستقلتين في حدود مفتوحة، فيها مواطنو الدولتين هم في الوقت نفسه سكان البلاد جميعها. إسرائيليون، من بينهم مستوطنون، يعيشون الآن في الضفة الغربية يمكنهم أن يكونوا سكاناً في فلسطين. والمواطنون الفلسطينيون، من بينهم أيضاً لاجئون سيصبحون مواطنين في فلسطين، ويمكنهم أن يصبحوا من سكان إسرائيل، بما يشبه الوضع في الاتحاد الأوروبي. ليس فوراً وليس الجميع – كل ذلك طبقاً لقدرة استيعاب الدولتين، تحت مبدأ أنه لا يمكن إصلاح الظلم بظلم، والسعي إلى التمكين بحرية الإقامة الكاملة في جميع أرجاء الفضاء.

هذا النموذج الذي يحافظ على العلاقة بين كلا الشعبين والبلاد جميعها، يرعى فضاء المصالحة ويخفف الصعوبة المرتبطة بترسيم حدود سيادية – مثلاً على الخط الأخضر. وبدلاً من تقسيم البلاد بين شعبين، فإن “البلاد للجميع” تقترح على الشعبين المشاركة فيها. وفي فرضية مناقضة تماماً لفكرة الفصل، فإن نموذج الكونفدرالية يقترح أن يكون للدولتين مؤسسات مشتركة في مجالات مختلفة، منها محكمة عليا لحقوق الإنسان، التي ستضمن بأن حقوق سكان الدولتين الذين ليسوا من المواطنين فيهما، تكون محفوظة.

أفترض أن الكثير من القراء يتساءلون في هذه المرحلة عن المادة التي قمت بتدخينها. أتفهم التشكك، لكني واثق من أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فإن من تجرأ على اقتراح أن تكون هناك حدود مفتوحة بين ألمانيا وفرنسا وعملة واحدة وحرية إقامة للجميع، كان عليه الذهاب إلى علاج نفسي. فالأوروبيون أسالوا في النزاعات بينهم أضعاف الدماء التي أسالها الإسرائيليون والفلسطينيون، وفي نهاية المطاف فهموا أن الفصل ليس حلاً، بل الاتحاد.

بقلم: ميخائيل سفارد

هآرتس 20/11/2020


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

39 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28