] إسرائيل تبيع برنامج تجسس متطوراً للإمارات ودول خليجية أخرى لملاحقة المعارضين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 24 آب (أغسطس) 2020

إسرائيل تبيع برنامج تجسس متطوراً للإمارات ودول خليجية أخرى لملاحقة المعارضين

الاثنين 24 آب (أغسطس) 2020

- إسرائيل تبيع برنامج تجسس متطوراً للإمارات ودول خليجية أخرى لملاحقة المعارضين

باعت الشركة الإسرائيلية NSO التي تنتج تكنولوجيا اختراق الهواتف المحمولة، في السنوات الأخيرة، برنامج تجسس “باكسوس” بمئات ملايين الدولارات لملاحقة معارضي النظام في الإمارات ودول أخرى في الخليج. وذلك بوساطة رسمية من إسرائيل وتشجيع منها.

NSO من الشركات الإسرائيلية الأكثر نشاطاً في الخليج. وبرنامج باكسوس 3 الذي طورته يمكن جهات إنفاذ القانون من اختراق الهواتف المحمولة ونسخ محتوياتها واستخدامها عن بعد من أجل التسجيل والتصوير. يجهد طاقم خبراء الشركة الذي يسمى “الباحثون عن نقاط الضعف” في العثور على اختراق إزاء تحديثات مستمرة لشركات الهواتف المحمولة، وفي وسعهم اختراق الهواتف وحدهم (دون مساعدة مستخدميهم بطرق مختلفة، مثل الضغط على رابط).

تعمل الشركة مع جهات رسمية في الدول، لكنها تميز بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الديكتاتورية مثل دول الخليج، رغم ادعاءاتها بأنها تستخدم أنظمة رقابة حقيقية على استخدام البرنامج. توسطت إسرائيل بينها وبين دول عربية في المنطقة، وشارك ممثلون رسميون من إسرائيل في لقاءات تسويق بين رؤساء أجهزة الاستخبارات في دول عربية، ورؤساء الشركة.

تشغّل NSO طاقماً يعمل بشكل خاص مع دول الخليج ويحوز موظفوها جوازات سفر أجنبية. هذا هو القسم الأكثر ربحاً في الشركة، ويكسب مئات ملايين الدولارات في السنة. لكل دولة في الخليج لقب يتكون من الحرف الأول من اسمها ومن اسم سيارة. مثلاً، تسمى السعودية في وثائق الشركة “سوبارو”، والبحرين “بي ام في”، والأردن “جغوار”. وثمة توجيهات باستخدام اللقب فقط دون الإسم.

حسب معلومات “هآرتس”، وقعت الشركة في السنوات الأخيرة على صفقات مع السعودية والبحرين وسلطنة عمان وأبو ظبي ورأس الخيمة. في المقابل، لم تعقد الشركة صفقات مع قطر؛ لأن إسرائيل لا تسمح لها بذلك. اعتاد ممثلو الشركة، في لقاءات الخليج الفارسي، على عرض قدرة اختراق الهواتف التي تم جلبها بشكل خاص للقاء. ويبدو أن سياسة الشركة تحظر اختراق هواتف ليست للشركة، لكنها تخترق هواتف أجنبية من أجل العرض. تبين المحادثات التي تجرى مع موظفي الشركة، بأن الخليج متحمس لهذه التكنولوجيا، وبلغت إحدى الصفقات 250 مليون دولار.

تستثمر شركة NSO جهوداً كبيرة في دول الخليج بسبب جيوب عميقة لإمارات النفط. “منتوج يباع في أوروبا بعشرة ملايين دولار يمكن بيعه في الخليج بعشرة أضعاف”، قال شخص مطلع على نشاطات الشركة المالية. رزمة الشركة الأساسية التي تمكن من اختراق هواتف في الدولة المشترية لها رقم محلي يشمل 25 “تصريحاً” لما سمي بلغة الشركة “عملاء”، الذين يسيطرون على الهواتف.

إن مشغل المعلومات في الدولة التي اشترت هذه الأداة مزود برقم هاتف داخل البرنامج، وبذلك يمكنه اختراق الجهاز خلال بضع ساعات. بعد ذلك، يمكن للمشغل أن ينسخ كل محتويات الجهاز. تفرض NSO قيوداً تقنية قد تمنع كشف العميل، ويمكنه العمل فقط في أوضاع معينة، فأحياناً لا يمكن تشغيل الكاميرا. واستأجرت الشركة مؤخراً إسرائيليين عملوا في السابق في الأجهزة الأمنية كي يوفروا تحليلاً لمعلومات استخبارية إلى جانب خدمة اختراق الهواتف، وهذا إزاء صعوبات في دول الخليج تتمثل بالحصول على معلومات نوعية من إجمالي الرسائل والملفات.

عاملون يشهدون: الرقابة معدومة

تسيطر NSO على البرنامج عن بعد بشكل كامل فتغلقه متى تشاء، وتدخل وترى أي معلومات تم جمعها. في السابق، مثلاً، أغلقت نشاطات في المكسيك بسبب متابعة مراسلين حققوا في إخفاء طلاب، ولكن لم يتم إغلاق كهذا في دول الخليج. تدعي الشركة بأن نشاطاتها تلاحق المجرمين، ولكن رقابتها معدومة وليست للشركة قدرة على المتابعة بصورة معمقة للأهداف الاستخبارية لجهات مختلفة بسبب قيود قانونية ولغوية أو قيود مصلحية، وفق شهادات عاملين في الشركة.

ثمة دول خمس “ينتحر” فيها العميل عندما يصل إليها لمنع تسرب معلومات، وهي: إسرائيل، وإيران، وروسيا، والصين، والولايات المتحدة؛ أي إذا اختُرق هاتف شخص ما وانتقل من السعودية وهبط في موسكو، فإن الهاتف يشخص ذلك ويمسح العميل من الجهاز. الهدف هو عدم التورط مع دول لا تتسامح بالتجسس على أراضيها مثل الصين أو الولايات المتحدة أو الكشف عن أسرار لدول معادية مثل إيران.

كشف تحقيق “هآرتس” المنشور في 2018 أن الشركة أجرت مفاوضات لبيع برنامج تجسس للسعودية. وفي أعقاب قتل الصحافي السعودي – الأمريكي جمال الخاشقجي، الذي ادُّعي بأن المخابرات السعودية استخدمت تكنولوجيا NSO لملاحقة معارضي النظام، احتج كثير من موظفي الشركة على الاستخدام غير الأخلاقي لهذه التكنولوجيا، وبعضهم ترك الشركة. نفى مدير عام الشركة، شليف خوليو، في محادثة مع الموظفين، أي علاقة بهذه الحادثة. في الشركة مجلس إدارة عليه أن يقرر الجهات التي يمنع بيعها هذه المنتجات. ولكن تتغير تعريفات الجهات التي تعدّ ملاحقتها شرعية من دولة إلى دولة، ففي دول مثل السعودية، خلافاً لفرنسا مثلاً، فإن من تعتبره الدولة “إرهابياً” قد يكون معارضاً ديمقراطياً وشرعياً للنظام.

وقالت NSO رداً على ذلك، إن “الادعاءات الواردة في المقال كاذبة وخاطئة. نحن نتفاخر بالتكنولوجيا التي لدينا والتي تساعد في إحباط الإرهاب ومنع جريمة خطيرة أو اعتداء على الأطفال في أرجاء العالم، هذا مع التمسك الكامل بسياسة الامتثال وحقوق الإنسان التي نقودها بصورة غير مسبوقة في العالم”.

بقلم: حاييم لفنسون

هآرتس 23/8/2020

- هل تعيد الإمارات المسيرة السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين إلى جدول أعمال الشرق الأوسط؟

صدر الخميس، 13 آب، إعلان رسمي مشترك للولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات العربية، ستبدأ إسرائيل والإمارات بموجبه، في خطوة سياسية نهايتها التطبيع الكامل للعلاقات بينهما. وجاء في الإعلان بأن وفوداً من إسرائيل ومن الإمارات ستباشر قريباً في بلورة اتفاقات في مجالات مختلفة كي تصب مضموناً في العلاقات. يلقي هذا المقال الضوء على الدوافع المحتملة خلف خطوة الإمارات الدراماتيكية على خلفية التغييرات في محيطها الاستراتيجي وعلى تداعياتها المحتملة، بما فيها فرصة تشجع الخطوة الإماراتية لاستئناف المسيرة السياسية الإسرائيلية – الفلسطينية.

لقد فاجأ توقيت إعلان التطبيع الكثيرين، وإن كان إنضاج الخطوة يستوي مع توثيق العلاقات التدريجي بين الدولتين الذي سجل في السنوات الأخيرة. يدور الحديث عن خطوة زعامية شجاعة من حاكم الإمارات الفعلي، ولي عهد أبو ظبي، الشيخ محمد بن زايد. تطورت هذه العلاقات في عدة قنوات متوازية، وأحياناً متطابقة: أمنية – استخبارية؛ اقتصادية – تجارية؛ وقناة علنية تضمنت في السنوات الأخيرة حواراً دينياً إقليمياً، يهودياً – إسلامياً – مسيحياً، كانت الإمارات من رواده. يذكر أن بن زايد إلى جانب ملك الأردن عبد الله، كان من وقف على رأس المعسكر العربي الذي خرج علناً ضد نية إسرائيل بسط سيادتها على الضفة الغربية، ولولا هذا الموقف القاطع، لما كانت عملية التطبيع تخرج إلى حيز التنفيذ في الوقت الحالي.

لقد تمسكت الدول العربية، بشرط مبادرة السلام العربية، أن تطوير العلاقات بينها وبين إسرائيل منوط بتسوية سلمية شاملة بين إسرائيل والفلسطينيين. أما إسرائيل فطلبت إعطاء أولوية لتحسين العلاقات مع الدول العربية على إعادة المسيرة السياسية مع الفلسطينيين إلى جدول الأعمال، بينما عمل الفلسطينيون على كبح مظاهر التطبيع بين إسرائيل ودول الخليج لإبقائها ورقة مساومة مع إسرائيل. ولكن موقف دول الخليج تجاه إسرائيل لم يكن ثابتاً، بل اجتاز تغييرات على مدى الزمن، في ظل تآكل شرط مبادرة السلام العربية. غير أن هناك دولاً، مثل الكويت، لا تزال تتمسك بشرط المبادرة العربية وتحفظت من خطوة الإمارات.

في السنتين الأخيرتين، عزف في الإمارات وحدها النشيد القومي الإسرائيلي في المسابقات الرياضية، وأجريت زيارات لوزراء إسرائيليين، وعين حاخام رئيس للجالية اليهودية في دبي، ودعيت إسرائيل للمشاركة في معرض “اكسبو” (الذي تأجل بسبب وباء كورونا)، ونقلت أبو ظبي إلى الضفة الغربية مساعدة لمكافحة وباء كورونا (ولكن السلطة الفلسطينية رفضتها لأنها أرسلت عبر إسرائيل)، ونشر سفير اتحاد الإمارات في الولايات المتحدة مقالاً في صحيفة إسرائيلية، ثم توقيع إسرائيل والإمارات اتفاقاً للتعاون في مجال مكافحة كورونا.

أبدت الإمارات في الماضي ضبط نفس وكبح جماح في إدارة علاقاتها الخارجية، ووقفت في ظل الأخرين. أما اليوم فهي قوة محركة من خلف كثير من التغييرات الإقليمية ولاعب أساسي في ساحات كثيرة، بقدر لا يقل، وأحياناً أكبر، من جارتها – شريكتها السعودية. جيش الإمارات الصغير، المدرب والمجهز من بين الجيوش العربية، مشارك في ساحات بعيدة، مثل اليمن وليبيا وأفغانستان. والنسبة بين العدد القليل من السكان في الإمارات (مليون مواطن من أصل نحو 9 مليون نسمة) وبين احتياطات النفط الهائلة في أراضيها (نحو 100 مليار برميل نفط مؤكد) تجعلها إحدى الدول الأغنى في العالم بتعابير الناتج القومي الخام للفرد. هذا الثراء ساعد الإمارات على وضع نفسها في المكان الأول في العالم العربي، في مجالات عديدة، بينها النووي المدني، والصناعة الأمنية، والسايبر والفضاء.

تعرض الإمارات اتفاقها مع إسرائيل كنصر دبلوماسي موجه لصالح الفلسطينيين، وكثمن ضروري يستهدف وقف نية بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية. وعلى حد قول الناطقين بلسانها، فإن الاستعداد للتطبيع مع إسرائيل لا يساعد فقط في الإبقاء على حل الدولتين، بل ويساهم أيضاً في استقرار الشرق الأوسط. يحتمل أن بن زايد يؤمن بأن الثمن الذي يدفعه لقاء الخطوة في الساحة الداخلية، التي لا تبدي بعد محبة زائدة لإسرائيل، أدنى من الإنجاز الكامن فيها؛ فقد أشارت استطلاعات أجريت في السنوات الأخيرة في الإمارات إلى أن الرأي العام قلق من التهديد الإيراني، وفي الوقت نفسه يضع المسألة الفلسطينية في أسفل القائمة.

بالنسبة الإمارات، فإن ميزة الخطوة الأهم الكامنة لا تتلخص في وقف بسط السيادة الإسرائيلية على الضفة أو في المكاسب التي قد ينطوي عليها توثيق العلاقات مع إسرائيل والتي كانت راسخة على أي حال. فمن المتوقع للاتفاق، كما يأمل بن زايد، أن يحسن صورة الإمارات التي تضررت أساساً بسبب تدخلها العسكري في اليمن وتعاونها مع محمد بن سلمان، الذي أضر عدد من أعماله مكانة السعودية ونفوذها.

ويأمل بن زايد في أن تعزز خطوته الشجاعة علاقات الإمارات والولايات المتحدة، ولا سيما في المجال الأمني وتمنح إنجازاً ما للرئيس الأمريكي الذي يأمل بواسطتها في الحصول على ولاية ثانية. لهذا السبب تم اختيار التوقيت الحالي لتحريك الخطوة مع إسرائيل. في السنوات الأخيرة، تعاظم الشك في أوساط القيادة الإماراتية بالنسبة لتواصل الالتزام الأمريكي بأمن الاتحاد. وكجزء من الاتفاق المتبلور مع إسرائيل، يحتمل أن تكون هناك تفاهمات هادئة تحققت بين الولايات المتحدة والإمارات، ذات ضمانات مختلفة وقدرة وصول إلى وسائل قتالية أمريكية متطورة لم تورد لها بعد. في هذا السياق، يذكر أن الإمارات قد مارست في السنوات الأخيرة ضغطاً على واشنطن لتزويدها بمنصات متطورة، بينها الطائرة القتالية المتطورة “إف 35” التي تتفرد إسرائيل باستخدامها في المنطقة. إذا ما بيعت الطائرة المتطورة بالفعل للإمارات فإن ذلك يجعل التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي يتآكل بل ويساهم في تسريع سباق التسلح في المنطقة.

لا يفترض بزخم العلاقات بين إسرائيل والإمارات أن يحسن التنسيق والتعاون بينهما بالنسبة لإيران، إذ إنه وثيق على أي حال. العكس هو الصحيح، فأحياناً يكون من الأفضل للأمور أن تبقى في السر وإن كان، لأن الاتفاق سيعرض الإمارات لانتقاد إيراني وتركي وقد يصعد الدافع في إيران للمس بها (في ظل الحفاظ على علاقات تجارية سليمة بين دبي وطهران – وهي مصلحة أساسية مشتركة للدولتين). ولكن اتفاقاً مستقبلياً لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين الدولتين – التي لا يزال طريق تحققها طويلاً – سيوسع ويسهل التعاون الاقتصادي – التجاري بين إسرائيل والإمارات.

إن خطوة بن زايد لن تمس بالمسيرة السلمية الإسرائيلية الفلسطينية، المجمدة على أي حال بسبب المواقف الفلسطينية الرافضة. ومع ذلك، فإن مسيرة تطبيع إقليمية كفيلة، وثمة من يقولون محملة بالمفارقة، ستساهم في دفع التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين إلى الأمام. وذلك لأن كسر الإمارات للإجماع العربي كفيل بأن يمارس على الفلسطينيين ضغطاً لإبداء المرونة والموافقة على حل وسط سياسي، خشية أن تسبقها دول أخرى في المنطقة، تقفز على عربة السلام، وتشدد عزلتهم.

ستسمح الخطوة الإماراتية لدول أخرى في الخليج للسير في المسار الذي خطته، مما سينزل الرف الذي بموجبه يفترض بكل تطبيع في العلاقات مع إسرائيل أن يكون متعلقاً بموافقة فلسطينية. دليل على موقف البحرين وعمان في هذا السياق كان في مباركتهما للخطوة التي نشرت بعد أن باركتها مصر. وثمة اهتمام خاص يجب أن يوجه للسعودية. معقول أن يفضل محمد بن سلمان فحص جملة ردود الفعل على الخطوة الإماراتية، وينظر هل وفي أي ظروف يمكنه أن يعلن علاقاته مع إسرائيل. مهما يكن من أمر، فإن السعوديين سيدعمون وسيساندون الإمارات، مثلما ينعكس الآن في وسائل الإعلام السعودية.

أهمية الإعلان عن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات دبلوماسية – اقتصادية في أساسها، فثمة تعاون أمني – سياسي وثيق بين الدولتين اللتين تريان المحيط الاستراتيجي بشكل مشابه؛ فكلتاهما تخافان تطلعات إيران وتركيا لزيادة وتوسيع نفوذهما في المجال العربي. في نظرة تستشرف المستقبل، إذا وقع اتفاق سلام بين إسرائيل و الإمارات معقول أن يكون هذا سلاماً حاراً أكثر من السلام الذي لإسرائيل مع جارتيها مصر والأردن، لأنه ليس بينهما نزاع إقليمي ولا “دم فاسد” بين النخبتين وبين الشعبين.

كثيرون يرون في الإمارات مؤثرة على اتجاه التطورات الإقليمية في الوقت الحالي، ربما أكثر من كل دولة عربية أخرى. ومع ذلك، فإن جزءاً من “المشاريع” الإقليمية التي كانت تشارك فيها في السنوات الأخيرة، مثل مقاطعة قطر، والحرب في اليمن، والحرب في ليبيا.. لم تحقق نجاحاً كبيراً. يبدو أن القيادة الإماراتية سعت لتحقق لنفسها إنجازاً واضحاً، لتثبت مكانتها الإقليمية الرائدة. وستبين الأيام إذا كانت ستتمكن، وحدها أو كجزء من منظومة إقليمية، أن تعيد المسيرة السلمية الإسرائيلية الفلسطينية إلى رأس جدول الأعمال في الشرق الأوسط.

بقلم: يوئيل جوجنسكي

نظرة عليا 23/8/2020

- كيف اعتلى شبح دحلان منصة مهرجان نظمته السلطة الفلسطينية ضد “الضم”؟

خلق صوت منفعل احتفالي لمذيعة راديو “صوت فلسطين” انطباعاً بأن الأمر يتعلق بحدث مهم: مهرجان وطني رابع لوقف الضم، يعقد في قرية ترمسعيا شمال شرقي رام الله. وسيتحدث في هذا المهرجان ممثل حماس، كما وعدت، وسيكون خطابه، كخطابات المتحدثين الآخرين، عبر البث المباشر. جرى هذا في قناة راديو تمتنع عن إجراء مقابلات مع أعضاء حماس أو أي شخص آخر يختلف مع القائد محمود عباس.

حين يتعرض الشعب الفلسطيني للخيانة عليه أن يظهر الوحدة الوطنية. كانت هذه رسالة المهرجان الذي عقد الأربعاء الماضي وركز على مقاومة “التطبيع المجاني”-اتفاق الإمارات وإسرائيل. أرسلت حركة “فتح” إلى المهرجان كبار قادتها: رئيس الحكومة محمد اشتية الذي ألقى خطاباً، وزملاءه صبري صيدم وروحي فتوح وجبريل الرجوب، الذين جلسوا على كراسي البلاستيك التي كانت تحيط بالمنصة إلى جانب الممثلين الدائمين في التنظيمات الأخرى (عدد منها تنظيم صغير ليس له وزن)، وأصغى الجميع بصبر لما يقال.

من غاب عن المهرجان؟ أعضاء “تيار الإصلاح الديمقراطي” في “فتح”؛ أي مؤيدو محمد دحلان، الذين طردوا من الحركة هم ورئيسهم، لكنهم ينفون حق محمود عباس في طردهم. لم يذكر اسم دحلان، ولكنه حلق عالياً. الشائعات والتقديرات التي تملأ الخطاب الفلسطيني هي أن دحلان، مستشار محمد بن زايد ولي عهد اتحاد الإمارات، هو عراب الاتفاق مع إسرائيل، الذي هو حبيب الإسرائيليين والأمريكيين، وأنهم ينوون تحويله إلى الزعيم الفلسطيني القادم.

وصفته بـ”عراب الاتفاق” بين الإمارات وإسرائيل.. والمشهراوي يرد: لو كان عرفات حياً لتوجه إلى أبو ظبي فوراً

“كيف سيفعلون ذلك؟ هل سينزلونه بالمظلة من الطائرة؟”، استهزأ سمير مشهراوي، وهو من مواليد مخيم للاجئين في قطاع غزة وسجين سابق في إسرائيل ومن أعضاء “تيار الإصلاح الديمقراطي”. في مقابلة مع قناة التلفزيون المصرية “الغد” التي تم بثها في الأسبوع الماضي، توسل لسامعيه قائلاً: “لا تستخفوا بوعي الناس. إسرائيل هي التي تتحدث عن عودة دحلان وغياب مكان لأبو مازن. وكل شخص يعي السياسة يعرف ما الذي تريده إسرائيل.. تريد تخويف السلطة الفلسطينية وتطلب المزيد من التنازلات”.

تأخر افتتاح المهرجان قليلاً، وشرحت المذيعة بصوت عال بأن الاحتلال وضع الحواجز لمنع الجمهور من القدوم. على مدخل ترمسعيا تم وضع جنود وشرطة من حرس الحدود مسلحين، وسيارات مدرعة كثيرة. وإذا كانوا منعوا الدخول قبل ذلك، هم لم يفعلوا ذلك عند الساعة الرابعة تقريباً. كان الشارع الرئيس الذي يؤدي إلى مكان المهرجان في القرية، يغص بالسيارات والحافلات. كراسي البلاستيك الرمادية الكثيرة التي وضعت على طول الشارع وعرضه تحت أشجار الكينيا العالية وسلسلة المحلات المغلقة، دلت على الطموحات والتوقعات.

خيبة أمل.. نصف الكراسي شاغرة. وثمة شك بوصول أكثر من 500 شخص، جميعهم من الفتيان والشبيبة، بما في ذلك الشخصيات الرفيعة. لم يكن هذا استعراضاً للقوة، بل هو استعراض حزين للتعب والضعف ومحاولة فاشلة لإخفاء ذلك. أطال مشهراوي التحدث عن هذا الضعف.. “ألم نكن ضعفاء قبل الاتفاق؟”، سأل في مقابلة تلفزيونية استمرت ساعة تقريباً، وأجاب: “لدينا سلطة فرد، لا توجد مؤسسات أو ديمقراطية أو شفافية. متى جرت انتخابات؟ ثمة قيادات فلسطينية في “فتح” لا تقف أمام الشعب وتتحدث عن وضعنا السيء”.

ناقش مشهراوي رد السلطة الفلسطينية على الاتفاق، لا سيما مع جبريل الرجوب. ومثل أي فلسطيني، قال: “تيار دحلان في “فتح” يعارض تطبيع أي دولة عربية مع إسرائيل قبل إقامة الدولة الفلسطينية. المشكلة هي في الصورة التي يطرح فيها الموقف. يمكننا أن نتناقش “كما علمنا ياسر عرفات”. ولكن التشهير وإحراق علم دولة عربية وتشويه سمعة قيادة دولة عربية والاتهام بالخيانة، هي أمور غير حضارية ولا تناسب الفلسطينيين.. هذا هرب من الفشل. هل الحل أن نخسر دولة عربية أخرى؟ هذا تماما ما يريده الإسرائيليون. العالم العربي قاطع مصر بعد قمة كامب ديفيد، وياسر عرفات هو أول من خرج من لبنان وزار القاهرة، فقد فهم أنه يحظر على الفلسطينيين خسارة مصر. ولو كان عرفات حياً الآن لأخذ طائرة وسافر إلى الإمارات ليقول لهم إنه غير موافق.

“آمل أن يقوم أبو مازن بهذه الخطوة، فلنا جالية في الإمارات تشمل 300 ألف فلسطيني، ويجب التفكير بمصالحهم. هل يوجد تطبيع حلو وتطبيع مالح؟”، سأل، وأشار إلى التسامح تجاه العلاقات التي تقيمها مثل قطر وتركيا مع إسرائيل. علينا التوقف عن اتهام بعضنا بالخيانة، أوصى. “يجب أن يبدأ الحل بنا نحن، بنقد ذاتي”، أضاف، وأعطى أمثلة: “لم تعترف فتح بفوز حماس في الانتخابات، ولم تسمح لها بالحكم. يقول الرجوب إنه ليس لأجهزة الأمن أي علاقة بالسياسة. ومن المعروف أن الأجهزة و”فتح” لها علاقة. حماس تراوح بين المقاومة المسلحة والحكم – وللسلطة مطالب هناك”.

مشهراوي الذي لم يقدم نقداً ذاتياً لتياره، أضاف: عندما يكون التنسيق الأمني مقدساً عندنا، وعندما نكون منقسمين فيما بيننا، كيف نتوقع أن يكون هناك موقف عربي موحد؟

بقلم: عميره هاس

هآرتس 23/8/2020

- أمنيون إسرائيليون: لم تعد التسوية مع حماس على رأس أولويات القيادة السياسية

نقلت إسرائيل وحماس في الأسابيع الأخيرة رسائل تتضمن عودة جولات القتال. وتبعث حماس لقطر ومصر رسائل من خلال إشعال النار في حقول غلاف غزة وإطلاق الصواريخ على المستوطنات في المنطقة الجنوبية، وتقوم إسرائيل بمهاجمة أهداف لحماس في القطاع لتظهر أنها لن تتجاوز الأمر بصمت. تدرك أجهزة الأمن أن الدول الوسيطة يمكنها منع التصعيد، لكنه يقدر بأنه لن يحصل على مساعدة كبيرة من المستوى السياسي؛ لأن كورونا والأزمة الاقتصادية تشغلهم أكثر في هذه الأثناء. لذلك، يعدّ الجيش الإسرائيلي الجهة الأساسية التي تعالج هذا الأمر.

وصلت إلى غزة في هذا الأسبوع بعثة من كبار رجال المخابرات المصرية، وتحدثوا مع قيادة حماس، بعد التحدث مع جهات في إسرائيل. وفي نهاية اللقاء، لم توضح البعثة إذا ما تم التوصل إلى تفاهمات بين الطرفين أو تعهد بالعودة إلى التسوية التي سادت في الأشهر الأخيرة.

وحسب مصدر أمني مطلع على جهود الوساطة، استمرت عملية التسوية بين إسرائيل وغزة لأكثر من سنة بقيادة رئيس هيئة الأمن القومي، مئير بن شبات، مع قيادة المنطقة الجنوبية ومنسق أعمال الحكومة في المناطق وهيئة الأركان ومكتب رئيس الحكومة. وحسب أقوال هذا المصدر، فإن المستوى السياسي وعلى الرغم من أنه لا يكرس وقتاً كبيراً للتوتر أمام غزة، فإن جميع الأطراف معنية بإسماع صوتها ليكون لها فضل إذا ما تم التوصل إلى تهدئة.

“تناولت المحادثات مواضيع مدنية ومساعدة إنسانية وبنى تحتية”. وقام رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية بتعيين العميد احتياط آشر بن لولو كممثل من طرفين؛ يريد أشكنازي أن يتحدث مع قطر ومصر بعد أن غابت وزارة الخارجية عن الصورة، وأعلن غانتس بأنه سيعين شخصاً من قبله وسيكون منسق أعمال الحكومة تابعاً له، ويحاول منسق أعمال الحكومة الحفاظ على مكانة الوحدة – كل واحد يحاول ترسيخ قوته، وهذا يخلق عدداً غير قليل من المشاكل التي قد تبين لحماس بأنه ليس لديها عنوان واحد واضح. تظهر الأحداث الأخيرة أن حماس غير معنية بصراعات القوى في إسرائيل وتطالب باستمرار التسوية”.

إن العلاقة بين غزة وإسرائيل، يقول جهاز الأمن، استمرت طوال السنة. وقال مصدر كبير في الجهاز للصحيفة بأنه وطبقاً لطلب رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأمن القومي، فليس هناك محادثات أو لقاءات مباشرة بين إسرائيل وحماس. ولكن خلال السنين وجدت قنوات اتصال غير مباشرة من خلال وسطاء، بدءاً بمحادثات هاتفية، وسفر ممثلين من حماس وإسرائيل إلى أماكن محايدة، على الأغلب مقر المخابرات المصرية في القاهرة. الأمر يتم كالآتي: “يجلس الممثلون الإسرائيليون في غرفة، وممثلو حماس في غرفة أخرى، ويتنقل الوسطاء بين الغرفتين ويمنعون حدوث لقاء مباشر”.

كانت بوساطة مصرية في غرفتين منفصلتين بحضور السنوار أحياناً وقتل “السواركة” فاجأ الطرفين.. والسؤال: ما هدف قطر؟

ونشر مؤخراً أن قائد المنطقة الجنوبية، هرتسي هليفي، خرج إلى لقاء في موضوع جرى في قطر، وكان يخرج إلى جانبه رجال أمن آخرون (الجيش، والشاباك، والموساد، وهيئة الأمن القومي) للقاءات مشابهة. وحسب أقوال هذا المصدر: “بن شبات هو من يدير الحدث من إسرائيل، وهو من يصادق على ممثلي البعثة ومكان المحادثات وهامش المناورة في المفاوضات. في حالات كثيرة، عندما تبدأ تفاهمات في التبلور لتسوية أو لوقف إطلاق النار، يخرجون من الغرفة ويتصلون مع بن شبات. ويحضر بنفسه أحياناً”.

وأكد مصدر أمني كبير أن هناك تعاوناً كبيراً يجري بين كل الجهات الأمنية المشاركة في عملية التسوية. وحسب قوله، تعمل الجهات بتزامن كامل طبقاً لتوجيهات المستوى السياسي لدفع العملية وضمان استقرار أمني وهدوء لمواطني إسرائيل.

حصلت إسرائيل بموافقة مصر على حق منع وصول ممثلين تريد حماس إرسالهم للقاءات. وهنا يحصل بن شبات على قائمة المشاركين. “حماس لا يحب هذا، وتدرك أنه شرط لن تتنازل عنه إسرائيل”، قال المصدر. وأضاف: “كانت هناك حالات حضر فيها يحيى السنوار هذه اللقاءات. ولكن لا أستطيع القول إذا كان قد حضر إلى مقر المخابرات أم جلس مع رجاله في فندق مجاور. مع ذلك، يعرف المصريون كيف يضعون الحدود للطرفين عندما تتعلق الطلبات بصغائر الأمور”.

تزايدت التقارير في الأشهر الأخيرة عن تدخل متزايد لقطر في لقاءات الوساطة، لكن المصدر الكبير يقول إنهم “لاعب ثانوي، نوع من الأمن الاقتصادي للتفاهمات التي يتم التوصل إليها”. وحسب أقوال المصدر: “الوجود القطري هناك يهدف إلى رغبتها في التقرب من مصر، فغزة لا تعنيهم، وهم أيضاً ليسوا جزءاً من المحادثات والنقاشات. ولا يمكنني القول بأنهم يحضرون أصلاً إلى مصر. هم على الأغلب يعطون مصادقة على المساعدة الاقتصادية عن بعد”.

ما زالت هناك مفاجآت

في إحياء ذكرى بن غوريون في تشرين الثاني 2018 تطرق نتنياهو إلى جولة القتال التي انتهت قبل يوم من ذلك. “في أمن إسرائيل، الخفي يفوق المكشوف. توسل أعداؤنا لوقف إطلاق النار وهم يعرفون السبب”، قال نتنياهو في حينه، وحاول أن يعرض حماس كمستسلمة. أما الآن، فيقول المصدر الأمني الكبير: “إن حماس، وخلافاً لما يحاول إسرائيل تصويره، لا تجلس في القاهرة وتتوسل من أجل وقف النار، فهم يعرفون أنهم سيدفعون ثمناً باهظاً، وأن كل يوم قتال يكلفهم الكثير، لكنهم يدركون أيضاً بأن هذا ضار بنا أيضاً”.

وأضاف المصدر: “هناك ميل في إسرائيل، بعد القتال، إلى رسم صورة انتصار. من يقف على ذلك يعرف أن الأمر لا يجري مع منتصرين ومهزومين، فهي ليست حرباً بين دولتين. وفي النهاية، يجلس طرفان غير متساويين في القوة، وكل واحد يريد العودة إلى روتين الحياة الطبيعي”.

ورغم كثرة المحادثات والوسطاء، قال المصدر الأمني إن هناك عدداً غير قليل من المفاجآت التي تدل على أن الطرفين لا يعرفان بعضهما مثلما اعتقدا. وحسب قوله، فإن الحالة الأكثر بروزاً هي عملية “الحزام الأسود” التي جرت في تشرين الثاني الماضي، عندما حاربت إسرائيل الجهاد الإسلامي بعد قتل بهاء أبو العطا. كانت “الحزام الأسود” مدرسة لعدد كبير من الأشخاص”، وأضاف المصدر: “لم يعرف أحد أن حماس لم تدخل إلى القتال، ومن يقول غير ذلك فهو كاذب. وفي أحد النقاشات الأمنية التي سبقت تلك العملية، قال ضابط صغير إنه يمكن توجيه الرد بحيث لا تدخل حماس إلى القتال وتبقي “الجهاد” منفردة أمام الضربات، فسخر منه ضباط ورجال أمن كبار”.

في نهاية المطاف، هاجم سلاح الجو أهدافاً للجهاد في غزة ليومين دون تدخل حماس. “لم يتوقع رئيس الأركان أن تجلس حماس على الجدار”، وأضاف المصدر: “نشر الجميع في نهاية العملية تحقيقات تقول إن الأمر كان مخططاً، لكن ذلك كان مخالفاً للحقيقة؛ فلا كوخافي أو أي شخص آخر كان يعرف كنه الأمور “.

بعد قتل أبناء عائلة سواركة التسعة في دير البلح، قال: “نقلت حماس رسالة إلى إسرائيل بأن هذه الحادثة أوصلتها إلى نهاية حدود ضبط النفس، وأن أي حادثة أخرى ستدخلها إلى دائرة القتال. ولكن في “الحزام الأسود” جرى حوار مع حماس عبر جهات وساطة بالهاتف والفيديو. وحتى دون أن تخرج بعثات”.

وقال مصدر أمني آخر إن “محادثات الوساطة التي تناولت مسائل مدنية، قادت في السنتين الأخيرتين أيضاً إلى منع وقوع أحداث أمنية كادت تخلق تصعيداً. “عندما كانت سيارة إسعاف تقترب من الجدار كان نصف القطاع يهب ويكون في حالة تأهب”، قال، وأضاف، “أما اليوم، بواسطة قنوات الوساطة، فيبلغون عن سيارة الإسعاف، ونعرف ما هدفها”.

بقلم: ينيف كوفوفيتش

هآرتس 23/8/2020


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 13

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28