] حدود الأمن «الإسرائيلي» - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 7 حزيران (يونيو) 2020

حدود الأمن «الإسرائيلي»

الأحد 7 حزيران (يونيو) 2020 par ناجي صادق شراب

«إسرائيل» دولة قامت على القوة المسلحة، ولذلك سيبقى الأمن هو هاجسها الدائم في كل علاقاتها الفلسطينية والعربية والدولية.

كما يقول الشاعر محمد الماغوط «أحلام «إسرائيل» أطول من حدودها».

لو أعطيت لبنان لطالبت بتركيا لحماية أمنها في الجنوب، ولو أعطيت تركيا لطالبت ببلغاريا لحماية أمنها في تركيا، ولو أعطيت أوروبا الشرقية لطالبت بأوروبا الغربية لحماية أمنها في أوروبا الشرقية، ولو أعطيت القطب الشمالي لطالبت بالقطب الجنوبي لحماية حدودها في القطب الشمالي. الأمن بالنسبة ل«إسرائيل» ليس كالأمن بالنسبة لأية دولة، ولو أعطيت فلسطين كلها ستطالب بالعالم العربي كله. هذه قاعدة ثابتة في مفهوم الأمن «الإسرائيلي» الذي لا حدود له. والأخطر أن «إسرائيل» هي الدولة الوحيدة التي لها حق استخدام القوة، ومنع أية دولة من امتلاك عناصر القوة التي قد تخل بموازين القوى لغير صالحها.

رأينا ذلك في ضرب المفاعل النووية في العراق وفي سوريا، والمطالبة اليوم بنزع سلاح إيران النووي، والحيلولة دون وجود أية قوة على حدودها، وهذا يفسر لنا هدفها الاستراتيجي من عدوان يونيو 1967 وتوجيه ضربة عسكرية لأكبر قوة عسكرية متمثلة في مصر وجيشها، واليوم نجد ملامحها في سوريا والعمل على تفكيكها إلى دويلات صغيره، وبقاء الأردن ضعيفاً، وتفكيك قوة العراق، والدفع بتشجيع الحروب العربية الداخلية بهدف إنهاك القوى العربية.

ومن عناصر الأمن «الإسرائيلي» ما يروج له اليوم بالسلام الإقليمي وأساسه اتفاق أمني إقليمي تتحكم فيه «إسرائيل» باعتبارها دولة قوة كبيره وتتحكم في القرار الدولي من خلال تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، وسياسة التحالف الاستراتيجي عنصر آخر مهم في توليفة الأمن «الإسرائيلي». ولو عدنا للعلاقات «الإسرائيلية»- الفلسطينية، فالأساس فيها العنصر الأمني، فاتفاق أوسلو لم يخرج عن كلمة واحدة، وهي أولوية «الأمن الإسرائيلي» الذي يجب كل شيء، ويعني أن لا دولة فلسطينية، وإن وجدت فلا سلاح لها، ولا حق لها في امتلاك موانئ أو مطارات أو منافذ خارجية، ولا حق لها في التحالف مع أية دولة أخرى حتى لو كانت عربية، ولا استقلالية اقتصادية. فالدولة الفلسطينية تعد نقيضاً للأمن «الإسرائيلي»، ولذلك لن تسمح «إسرائيل» بقيام هذه الدولة، وخاصة في منطقة القلب الاستراتيجية التي تمثلها الضفة الغربية وفي قلبها منطقة غور الأردن وشمال البحر الميت والتي تمثل مساحتها ثلاثين في المئة من مساحة الضفة الغربية، وأهميتها الاقتصادية كمصدر

للمياه. والكل يعلم اليوم أن المياه تشكل أهم مشاكل الأمن القومى، إلى جانب الأمن الغذائي.

ولا تقف عملية الضم عند حدود المساحة والمياه؛ بل من منظور آخر الحيلولة دون التواصل السكاني بين الدولة الفلسطينية والعمق السكاني في الأردن والذي قد يسمح بتغيير قواعد اللعبة. وثانياً العامل السكاني الذي يقوم عليه مفهوم الأمن «الإسرائيلي» بإنشاء المستوطنات في منطقة غور الأردن وتكثيفها، والمستوطنات أحد أهم وظائفها الأمن فهي تشكل الخط المتقدم لأمن «إسرائيل».

ولو نظرنا أيضاً إلى صفقة القرن وما أعلن عنها، فهي لا تخرج عن ترجمة واستجابة كاملة لأمن «إسرائيل»، فالدولة التي تسمى بفلسطين هي عبارة عن كانتونات مجزأة تتحكم فيها الحواجز الأمنية «الإسرائيلية»، وعبارة عن أرخبيل من الجزر.

«إسرائيل» تريد أيضاً الانقسام لوظيفة غزة، لأن الانقسام يخدم الأمن «الإسرائيلي»، فأحد أهم وظائفه الحيلولة دون دولة فلسطينية، وبقاء غزة كيانية فلسطينية أخرى تابعة وهشة محكوم بقاؤها بقدرتها على توفير الأمن ل«إسرائيل».

الخلاصة، أن ما يحكم علاقة وسلوك «إسرائيل» مع فلسطين هو الأمن، وهو نفس السلوك الذي يحكم علاقاتها الخارجية. الأمن «الإسرائيلي» أولاً، هذه هي قاعدة التعامل مع «إسرائيل»، وفي هذا السياق العام، فإن عملية الضم الكامل لغور الأردن وكل المستوطنات قرار اتخذ بالفعل ولا ينتظر وموافقة أحد، لأن «إسرائيل» تعتبره قراراً أمنياً، لها الحق الكامل فيه. فالسلام والمفاوضات محكومين بقدر قربهما من تحقيق الأمن «الإسرائيلي».

«إسرائيل» دولة قامت على القوة المسلحة، ومشكلتها الرئيسية في أمنها وبقائها لأنها قامت على حساب حقوق شعب آخر، ولذلك سيبقى الأمن هو هاجس «إسرائيل» الدائم في كل علاقاتها الفلسطينية والعربية والدولية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

38 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 31

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28