جولة القتال التي لا يعرف رقمها عشية جولة الانتخابات التي لا أحد يعرف رقمها، ستمر. وحتى 2 آذار لن يبقى منها أي ذكر عدا الروح المصابة لعشرات آلاف الأطفال في الطرفين. من يؤيدون الليكود في عسقلان وسديروت التي سقطت عليها صواريخ القسام، سيصوتون لبيبي لأنه ملكهم ومحبوبهم ولا أحد غيره؛ تماماً كما يساريين الكيبوتسات الذين لا يحسب رئيس حكومة اليمين حسابهم، كانوا سيصوتون لليسار حتى لو أصبحت غزة جنيف بالشوكولاتة والجبنة. هكذا كان الأمر في الجولات السابقة، وهذا ما سيكون أيضاً الإثنين المقبل.
لقد بقيت خمسة أيام عمل حتى موعد الانتخابات. وفي بركة المياه الساكنة، تظهر استطلاعات الرأي أن هناك شيئاً ما يحدث. الليكود يتقوى ويصبح في المقدمة، متفوقاً على “أزرق أبيض” الذي ضعف. التوجه تغير في النصف الثاني من الأسبوع الماضي ولكنه تعزز في بداية الأسبوع الحالي.
أسباب ذلك هي: حملة متكررة وناجحة لليكود، “لا توجد لغانتس حكومة من غير القائمة المشتركة”. وفتح تحقيق ضد شركة “البعد الخامس” (رغم أن غانتس غير متهم، يقف أمامه متهم بقضايا فساد وتحايل، محاكمته وشيكة)؛ الشعور السائد لدى مصوتي اليسار بأن “أزرق أبيض” حزب قوي ومتقدم. ومع غياب الحسم، يمكن الاستمتاع بتصويت أيديولوجي. وحسب استطلاعات داخلية حديثة للأحزاب، فإن حزب “أزرق أبيض” فقد نصف مقعد تقريباً لليكود، ومقعداً ونصف المقعد لحزب العمل – غيشر – ميرتس. ناخبون آخرون عادوا إلى موقف المتردد العائم.
يمكن التقدير، بحذر مطلوب وبعد آمن، بأن ذعر فيروس كورونا ساهم أيضاً في صعود الليكود: نتنياهو يدير حملة واضحة جداً ومهمة جداً، فهو يعقد جلسات ويظهر سيطرته على الوضع، مثلما فعل أثناء مصيبة الكرمل. في حالة الطوارئ، يحاول دائماً الظهور كشخص عملي. عملياً، الحديث يدور فقط عن صور، وقد صك شعاراً يتناسب مع القلق: “تقديرات زائدة أفضل من تقديرات ناقصة”. وتحت أجنحة هذا الشعار، تتبنى إسرائيل سياسة متشددة أكثر من دول أخرى تجاه القادمين إليها.
حزب “أزرق أبيض” غائب تماماً. الأزمة الصحية، حتى لو كانت في طور الإمكان، تعدّ فرصة ذهبية لأي معارضة: المهاجمة وإظهار الإخفاقات وطرح طرق علاج أخرى. قبل أسبوعين فقط، أطلق غانتس وأصدقاؤه حملة في موضوع جهاز الصحة: ملف الـ 5000 لنتنياهو. وهو عدد من ماتوا في المستشفيات المكتظة والمنهارة بسبب التلوث. هذا لم يهم أحداً. والآن، حيث أمامنا الجحيم بجلاله الذي إذا ما حدث قد يكشف عن النظام عارياً ويكشف إخفاقاته، فإنهم سيقفون جانباً وينتظرون التوجيهات.
حبل نجاة جزئي ودقيق، ولكنه أمر يمكن التعامل معه، هذا ما حصل عليه غانتس من نتنياهو أمس. لقد أجرى الأخير عدة مقابلات مع وسائل إعلام مؤيدة ورجال أعمال لم يثقلوا عليه. في المقابلة الأولى عندما سئل إذا ما كان سيجرب ويجيز القانون الفرنسي في الحكومة القادمة، إذا استطاع تشكيلها، لم يستبعد ذلك. وفي المقابلات الأخرى، نفى ذلك بشدة بذريعة “لقد فكرت بذلك. وسأبدد الاتهامات المضحكة ضدي في المحاكمة، حتى دون القانون الفرنسي”. وقال الحقيقة في المرة الأولى عندما كشف ما يفكر فيه حقاً. هل هذه رواية 2020 لـ “ماذا؟ ماذا حدث؟” حول مسألة الحصانة. وهذه هي فرصة “أزرق أبيض” كي يحاول إعادة النقاش إلى المسألة القضائية والجنائية، التي يبدو أنها نسيت.
التذبذب الأخير في الرأي العام لا يشير إلى وجود حسم بين الكتل. وطالما أن حزب “إسرائيل بيتنا” مستقر عند 7 – 8 مقاعد، فإن كتلة اليمين – الأصوليين لنتنياهو بعيدة عن الوصول إلى الـ 61 مقعداً. “أزرق أبيض” لا يهتم، لأن في كتلته 13 – 14 مقعداً للقائمة المشتركة، التي هي مقاطعة وتقاطع أيضاً الدخول إلى الائتلاف.
ما الذي بقي إذا كان الأمر كذلك؟ أن تفوز إحدى الكتل على الأخرى في عدد المقاعد. “أزرق أبيض” عليه العودة والتفوق على الليكود حتى يستطيع العودة والإعلان: لقد فزنا، مثلما كان الأمر في انتخابات أيلول. ونتنياهو بحاجة إلى الفوز بالنقاط كي يبقى على السرج، في حزبه وكتلته، وفي الطريق إلى جولة الانتخابات الرابعة. ولو أن غانتس تفوق عليه بـ 3 – 4 مقاعد، مثلما تنبأت الاستطلاعات في هذه الفترة، فإن سيطرته على الكتلة ستهتز. ما زال “أزرق أبيض” يأمل بأن يتغير التوجه بشكل كبير، بالضبط كما ذكرنا. وتحولات كهذه حدثت في السابق. مطلوب من مؤيدي غانتس قراءة بنيامين نتنياهو، نموذج الانتخابات في 2015.
بقلم: يوسي فيرتر
هآرتس 25/2/2020
