] إخوة الأمس - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 2 شباط (فبراير) 2020

إخوة الأمس

الأحد 2 شباط (فبراير) 2020 par علي قباجة

بنشيد «أيام مضت» ودّع أعضاء البرلمان الأوروبي نظراءهم البريطانيين؛ بعد أعوام من الاتحاد قاربت أربعة عقود، ومن المؤكد أن لندن لن تكون بعد اليوم كما كانت قبله؛ إذ إنه وبعد مضي ثلاث سنوات ونصف السنة من الجدل أصبح «بريكست» واقعاً، وباتت بريطانيا منعزلة تماماً على المستوى السياسي عن الاتحاد الأوروبي، وعليها أن تخط طريقاً لسياستها الداخلية والخارجية بمنأى عن دول الجوار التي لطالما تماهت معها في أحلك المواقف.
«بريكست» الذي شهد تأجيلاً ثلاث مرات منذ الاستفتاء عليه عام 2016، لم تفلح السنوات في العدول عنه، وعلى الرغم من المعارضة الشديدة له، حتى بين من دعوا للاستفتاء عليه؛ وأولهم زعيم حزب المحافظين، ديفيد كاميرون، فإنه بات أمراً لا مناص منه، وعلى دوائر القرار البريطاني أن تفكر في الاعتماد على نفسها، وأن تكون مستعدة لمواجهة المصاعب التي ستعترضها جرّاء الانفصال عن الجسد الأوروبي؛ إذ كما هو معلوم فإن لندن في السابق كانت تتبادل الخبرات والموظفين مع دول الاتحاد، وهناك الكثير من البريطانيين يعملون في دول أوروبية عدة، وفي الوقت نفسه هناك أوروبيون يعملون في بريطانيا، أبرزهم البولنديون، فما مصير هؤلاء؟ وكيف ستنظر أوروبا للموظفين البريطانيين؟ وهل ستطبق عليهم شروط العمالة الأجنبية؟ أم أنهم سيتمتعون بوضع خاص؛ لكونهم إخوة الأمس؟
المملكة المتحدة التي كانت تتغنى فيما مضى بأنها لا تغيب الشمس عن أراضيها، باتت تتخوف من ألا تجد أرضاً تفاخر فيها، لا سيما بعد أن طفت إلى السطح دعوات من قبل إيرلندا، واسكتلندا، للانفصال عنها، خاصة أن اسكتلندا أجرت في 2014 استفتاء حول استقلالها وُصف بأنه «استفتاء لمرة واحدة في جيل واحد»، وكانت نتائجه قريبة من المناصفة بين معارضة الاستقلال، وتأييده؛ لكن ذلك جرى قبل أن تفكر بريطانيا في الانفصال عن الاتحاد الأوروبي؛ إذ إنه بعد خطوة لندن الأخيرة، ستكون اسكتلندا أقرب للاستقلال منها للبقاء ضمن كيان المملكة، وهو ما تشاطرها فيه إيرلندا، وربما تذوق لندن، بانفصالهما، من الكأس التي سقتها للأوروبيين، وما خلفته من آثار جراء انفكاكها عن كيانهم الذي لطالما اعتزوا به. وفي حال انفصال إيرلندا، واسكتلندا، فعلاً، فإن موقف لندن سيكون ضعيفاً في القضايا العالمية؛ إذ إنها ستتراجع اقتصادياً، وسياسياً.
وأبرز الداعمين ل«بريكست» هي أمريكا التي سعت بخطى حثيثة نحو لندن للتأثير في قراراتها في قادم الأيام، خاصة أن علاقاتهما شهدت فيما مضى تبايناً في ملفات عدة؛ أبرزها الدور الذي منحته بريطانيا ل«هواوي» في شبكة الجيل الخامس، ومعارضة أمريكا لذلك، وموقف بريطانيا من الملف النووي الإيراني؛ لذلك لا غرابة أن يحط وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، رحاله في لندن عشية الانفصال؛ حيث تناسى الخلاف السابق، وأشاد بعلاقات البلدين الوثيقة، وهو ما بادله به رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، علّه يجد أسواقاً لمنتجات بلاده تعوّضه عن أوروبا، لا سيما بعد تخوف لندن من فرض إجراءات جمركية بحقها عقب الانفصال.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

30 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 25

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28