] كيف استطاع “شمغار” إدخال الاحتلال الإسرائيلي مركز التجميل؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

كيف استطاع “شمغار” إدخال الاحتلال الإسرائيلي مركز التجميل؟

الأحد 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2019

0
حجم الخط

الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967 مدين جداً لرئيس محكمة العدل العليا الأسبق، مئير شمغار، الذي توفي مؤخراً. لولا إسهامه لما عاش الاحتلال فترة طويلة، ولولا الشرعية التي منحها لقضي على هذه الجريمة منذ زمن. في اريئيل وايتمار يجب أن تسمى شوارع على اسمه. ومن جنين حتى رفح يجب اعتباره وصمة عار مدى الحياة.

شمغار هو طبق الفضة الذي قدم عليه الاحتلال لإسرائيل والعالم: بارد، نزيه، مغلف بالسولفان اللامع، مع مظهر قانوني مزيف، جميل ومتنور، مغسول ومكوي. لولا هذا الغلاف لشعر كثير من الإسرائيليين بخجل كبير، ولكرهوا الاحتلال وحاربوه. لولا شمغار والمحكمة العليا لاعترف العالم بالانحلال الأخلاقي الذي يختبئ خلف مغسلة شمغار.

ليس مدهشاً أن إسرائيليين كثيرين من جميع الأطياف قدروه واحترموه بهذا الشكل. لقد فعل من أجلنا العمل الأهم بعد العمل العسكري للاحتلال؛ مكن من تخليد الاحتلال. شمغار والمحكمة العليا التي تشكلت بروحه، منحا الاحتلال الأمر الوحيد الذي كان ينقصه، وهو الشرعية. بفضل شمغار ستكون مع الاحتلال ولا تشعر بوجوده؛ منذ بداية أيامه قضى بأن الأمر لا يتعلق باحتلال، وأن ميثاق جنيف الرابع لا يسري عليه، بالضبط مثلما يدعي الآن المتطرفون من اليمين. ليس هناك تقريباً رجل قانون جدي في العالم قد اشترى هذا الغباء.

شمغار أيضاً توقع الاحتلال: في بداية الستينيات أعد المدعي العسكري شمغار البنية التحتية القانونية لاحتلال متوقع، دون أن ينكر شرعيته. ومنح المناطق الاسم الخالد: المناطق المسيطر عليها. غير محتلة وغير حرة. شيء ما في الوسط. هكذا أحببناها، مؤقتة، أوراق للمساومة، فقط إلى أن يتم إيجاد الشريك الفلسطيني المأمول، بعد لحظة أو لحظتين وربما ثلاث لحظات. حتى ذلك الحين مسموح لنا السيطرة عليها كما نشاء. شمغار سمح بذلك. اختفى أحد التحايلات الكبرى للاحتلال خلف التعبير الذي صكه: احتيال المؤقتية. بعد لحظة سينتهي. مسيطر عليها.

لم يكن شمغار مستوطناً فظاً أو عنصرياً وحشياً. لقد كان “بن غوريون الجهاز القضائي”، مثلما قام بتأبينه أول أمس أفضل ورثته، اهارون براك. بالضبط مثل دافيد بن غوريون عرف كيف يضع بصماته دون أن يترك آثاراً على جوانبه الظلامية. عبقريته الحقيقية كانت في تشكيل الصورة الليبرالية والمتنورة له وللمحكمة. ها هو شمغار يمكّن الفلسطينيين من التوجه للمحكمة العليا، وهو أمر غير مسبوق في العالم. الجميع أسروا بسحره هذا، للشعب الواقع تحت الاحتلال حق المقاضاة في محكمة العدل العليا. أجل “العدل” أيضاً هنا اختفى بتحايل كبير. هذه العملية ساعدت في طمس الخط الأخضر. الجميع متساوون أمام المحكمة وللجميع حق في المقاضاة، سكان الخضيرة ومخيم جباليا.

بماذا أفاد حق المقاضاة الفلسطينيين؟ كم مرة وقفت المحكمة العليا إلى جانبهم ودافعت عن حقوقهم؟ وكم مرة وقفت إلى جانب المستوطنين؟ ألم تكن خاتماً مطاطياً تلقائياً أمام جهاز الأمن؟ حتى الطرد المشين لـ 414 شخصاً من أعضاء حماس إلى لبنان في 1992 صادقت عليه المحكمة العليا بالإجماع، برئاسة شمغار. هذا هو شمغار الذي قال ذات مرة إنه قرر تكريس حياته للقضاء العام، بعد اعتقاله إدارياً من قبل البريطانيين وإبعاده إلى اريتيريا. منذ ذلك الحين اعتقلت إسرائيل، بتشريع من محكمة العدل العليا، عشرات آلاف الفلسطينيين اعتقالاً إدارياً، بالضبط مثل البريطانيين الذين اعتقلوا شمغار، لكن كيف يمكن المقارنة.

لن ينسى لشمغار إسهامه في حماية حرية التعبير والدفاع عن حقوق المواطن والنشاط والقيم المهمة الأخرى، ولكن في يوم الحساب لا يمكننا عدم ذكر الشخص الذي شرعن المظالم وعرف كيفية تغليفها بكلمات قانونية سامية، العدل والمساواة، قيم لم تكن ولن توجد في الفناء الخلفي المظلم لإسرائيل، التي دافع عنها شمغار بروحه وشخصيته.

بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 20/10/2019


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 4

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28