] العمل و(ميرتس) والحظوظ المتواضعة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 29 آب (أغسطس) 2019

العمل و(ميرتس) والحظوظ المتواضعة

الخميس 29 آب (أغسطس) 2019 par علي بدوان

لا يُتوقع لحزب العمل “الإسرائيلي” (الماباي) أن يحقق نتائج جيدة في الانتخابات التشريعية “الإسرائيلية” للكنيست الـ22، والتي يقترب موعد استحقاقها يوما بعد يوم، حيث ستجري يوم السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2019 الجاري، فحضور حزب العمل، وحظوظه تتراجع بشكل متسارع في المجتمع “الإسرائيلي” منذ عقدين من الزمن، مع أنه الحزب المؤسس للدولة العبرية الصهيونية، والقوة الأساسية التي قادت “إسرائيل” منذ قيامها وحتى العام 1977 وخاضت جميع حروبها الكبرى ضد الفلسطينيين والعرب عموما خصوصا حروب 1948، 1956، 1967. فقد كانت نتائج الانتخابات الأخيرة التي جرت في نيسان/ابريل 2019، كارثية بالنسبة للحزب الذي حصل على ستة مقاعد فقط، بعد أن كان يحصد نحو أربعين مقعدا في فترات سطوته وازدهاره في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين، وهو ما يُنذر بتلاشيه واندثاره في المستقبل.
حزب العمل “الإسرائيلي” المحسوب على أحزاب وتيارات “اليسار الصهيوني” لا يُعبّر عن حالة أيديولوجية متماسكة، ولا يُمثّل طبقات مُحددة في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية، بل خليط وتلاوين لأفكار ليبرالية غربية، وتلاوين علمانية. وقد شهد في السنوات الأخيرة صراعات داخلية شديدة في سياق المنافسة على قيادته. ففي تموز/يوليو 2017، فاز في الانتخابات لرئاسة حزب العمل (آفي غباي). وكان (آفي غباي) اليهودي المغربي عضوا قياديا في حزب (كولانو) اليميني بقيادة موشيه كحلون. لكن (غباي) وبعد نتيجة الانتخابات التشريعية الأخيرة، أقيل من موقعه ليعود اليهودي المغربي (عميرا بيرتس) كقائد وزعيم لحزب العمل على أمل إنقاذ الحزب من المآلات التي تنتظره حال استمر انحداره وتراجعه في الوسط اليهودي.
أما حزب (ميرتس) الذي يعتبر نفسه كذلك في صف “اليسار الإسرائيلي”، فيحمل أيديولوجية هلامية، دون هوية، تشكل خليطا من أفكار علمانية وليبرالية، وهو حزب أقرب إلى أحزاب الوسط السائدة في أوروبا والمنضوية بغالبيتها في إطار الاشتراكية الدولية. بل كان في فترات من بداياته يتشكل من ائتلاف ثلاثي “يساري صهيوني” من مجموعات (راتس + المبام + شينوي) وهي مجموعات حزبية صغيرة التحمت ضمن بوتقة حزب (ميرتس).
ولعل من أبرز ما يميز حزب (ميرتس) عن بقية الأحزاب “الإسرائيلية” هو دعوته المبكرة للسلام والحل السياسي مع العرب والفلسطينيين، باعتبار “أن طريق الحروب لن يفضي لنتيجة، وأن خيار العمل السياسي والتسوية هو الخيار الوحيد والممكن”، مع أن رؤيته للسلام والتسوية لا تقل عن “سقف ولاءات الإجماع الصهيوني” في قضايا الحل النهائي مع الفلسطينيين، وفي التنكر لحق العودة للاجئي فلسطين، وهو الحق الذي يشكل جوهر القضية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني باعتبارها قضية اقتلاع وطني وقومي.
حزب ميرتس الذي انتخب (تمار زاندبرج) رئيسة له في آذار/مارس 2018، خلفا لـ(زهافا جال أون)، تتوقع له استطلاعات الرأي العام أن يحصل على أربعة مقاعد في انتخابات الكنيست المقبلة في أيلول/سبتمبر 2019. بيد أن ثمة إمكانية ألا يعبر هذا الحزب عتبة الحسم، في ضوء حصول استقطاب شديد بين معسكري (كاحول/لافان) بقيادة الجنرال (بيني جانتس)، وحزب الليكود بقيادة (بنيامين نتنياهو)، وأن يصوت جزء من قاعدته الانتخابية للجنرال (بيني جانتس) بهدف إسقاط (بنيامين نتنياهو).
على كل حال، إن تغوّل قوى اليمين، واليمين المتطرف داخل “إسرائيل”، في ظل الظروف والمعطيات القائمة حاليا، جعلت من كلمة “يساري” شتيمة في القاموس الشعبوي في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين، عند أحزاب اليمين واليمين المتطرف، وحزب الليكود على وجه التحديد، وعند نتنياهو لكسب الدعاية الانتخابية واجتذاب قوى اليمين وأحزابها، حتى وصلت الأمور أن كال نتنياهو الاتهامات باليسارية لأفيجدور ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” وهو حزب يميني لكنه علماني، بالرغم من الاصطفاف الفاقع للأخير إلى جانب سياست اليمين، مع تلحفه برداء علماني. وهو ما جعل ليبرمان في اليوم التالي يسخر من هذا الاتهام، لأنه ليس بحاجة إلى نفي هذه التهمة ولإثبات يمينيته العنصرية الصارخة ضد الفلسطينيين والعرب عموما.
وخلاصة القول، إن حظوظ حزبي العمل وميرتس، باعتبارهما حزبين محسوبين على قوى ما يسمى بــ”اليسار الصهيوني”، حظوظ متواضعة في الانتخابات القادمة لجهة زيادة عدد مقاعد كل منهما بعضوية الكنيست. وعلى الأرجح فإن الزعيم الحالي لحزب العمل (عميرا بيرتس) لن يستطيع إنقاذ الحزب الذي يغرق في التراجع، بينما يزدهر حضور قوى اليمين واليمين المتطرف، ولا ننسى أيضا أن الحزب الثاني في الكنيست، والمقصود حزب (أزرق/أبيض) أو (كاحول/لافان) يتوقع له أن يمتص وأن يسحب الجزء الأكبر من القادة الانتخابية التي تصوت عادة لحزب العمل، خصوصا وأنه يحمل وبالإجمال الأفكار التقليدية لحزب العمل. أما حزب (ميرتس) فيقدر له أن يراوح مكانه أيضا، إن لم يتراجع من حيث عدد مقاعده في الكنيست القادمة، وبالتالي لا مكان لأي منهما ـ والمقصود حزبا العمل وميرتس ـــ في أي تشكيلة حكومية، اللهم إلا في حالة واحدة حال حقق الحزب الثاني (كاحول/لافان) نتائج أفضل من الدورة الانتخابية الماضية، وعندها سيكون الطريق أمامه لتشكيل حكومة ائتلافية، قد يضم إليها حزبي العمل وميرتس وفقا لحجم كل منهما، بواقع وزير لكل حزب، وهو احتمال ضعيف ومتواضع بكل الحالات، لأن الترجيحات واستطلاعات الرأي تشير لإمكانية تشكيل وزارة قادمة بتشكيلة يمينية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3888 / 2340553

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 18

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28