] اعتراف بالتقصير مضمونه اتهام - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 27 آب (أغسطس) 2019

اعتراف بالتقصير مضمونه اتهام

الثلاثاء 27 آب (أغسطس) 2019 par عوني صادق

طفلان لا يتجاوز عمر كل منهما 14 عاماً، أثار حميتهما واستفزهما ما جرى صبيحة أول أيام عيد الأضحى المبارك، من اقتحام عشرات المستوطنين للمسجد الأقصى وبحماية قوات من الجيش «الإسرائيلي»، والاعتداء بالضرب على المصلين والمرابطين فيه من الفلسطينيين، وهو ما دفعهما لمهاجمة الجنود «الإسرائيليين» المدججين بالسلاح، فأصابا أحدهم بجراح وصفت في حينه بأنها طفيفة، ودفعا حياتهما ثمناً لذلك. الطفلان الشهيدان هما نسيم أبو رومي، وحمزة خضر الشيخ.

كان للواقعة أثر كبير بين أبناء الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده وظهر ذلك واضحاً في وسائل الاتصال الاجتماعي المختلفة، وأعمدة الصحف ومقالات الكتاب. أحد الكتاب طرح هذا السؤال: ما الذي يدفع أطفالاً بعمر الورود إلى الاستشهاد؟ في إجابته عن السؤال، وجد أن هؤلاء الأطفال رأوا أن «كل السبل والخيارات قد سدت أمامهم، وأن الحياة بالنسبة لهم لم يعد لها قيمة أو معنى». كانت هذه الإجابة جزءاً من الحقيقة، ولم تكن كل الحقيقة، حيث أغفلت الجزء الأهم منها المتعلق بالوضع الراهن للمقاومة، وكان طبيعياً أن تصل التداعيات إلى فصائل المقاومة التي لا بد أنها شعرت بحرج الموقف، وما يحمله من دلالات، والأهم ما يحمله من اتهامات لفصائل المقاومة ذاتها، فخرج بعضها يبرر، وبعضها تجاوز التبرير.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، دعت «الفصائل» في بيان إلى الاشتباك مع جيش الاحتلال، نصرة للقدس والمسجد الأقصى، وطالبت ب«تفعيل المقاومة المسلحة المنظمة على الأرض ضد الاحتلال والمستوطنين والمستوطنات». الدعوة هذه فيها اعتراف أكثر من ضمني على قصور هذه الفصائل عن أداء مهامها التي وجدت من أجلها، وهو اعتراف يمكن، لمن يشاء، تحويله إلى «تساؤل»، إن لم نقل إلى اتهام، حول ما انتهى إليه دورها، ليس في «تحرير فلسطين» بل في حماية المدنيين والأطفال من بطش الاحتلال وقوات الاحتلال. إسماعيل هنية، في لقاء له مع عائلات بعض شهداء «العمليات الفردية»، قال: «أمامنا في هذه المرحلة عدة مهام، أولاها مراكمة القوة، وتعزيز استراتيجية المقاومة، والتصدي لمخططات (إسرائيل) في القدس»! والسؤال: لماذا مراكمة القوة، وكيف تتعزز استراتيجية المقاومة إن كان الهدف التفاوض والوصول إلى التهدئة؟ ولماذا وكيف التصدي لمخططات «إسرائيل» في القدس؟ وماذا عن التصدي ل«إسرائيل» في الضفة الغربية ككل؟

بالنسبة لغزة، تهديدات «إسرائيل» بشن «عملية واسعة» عليها لا تتوقف. مع ذلك تزايدت «العمليات الفردية» على السلك الشائك الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة، والتي ينفذها مقاتلون ينتمون لفصائل المقاومة، بما يشير بوضوح إلى حالة من عدم الرضا عن «استراتيجية المقاومة في هذه المرحلة»، فضلاً عن عدم الرضا عن الأوضاع الداخلية بصفة عامة. ومنذ بداية شهر آب / أغسطس الجاري، نفذ فلسطينيون أربع «عمليات فردية» استشهد فيها ثمانية فدائيين، كانوا اسما ينتمون لفصائل المقاومة في وقت أكدت مصادر أن هذه العمليات لا تحظى بأي توجيه. قد يقال بأن «هذا تكتيك» أو «هذه سياسة»، ولكن إلى أين وماذا تؤدي بينما يموت الفلسطينيون، مقاتلين ومدنيين، نساء وأطفالاً، كل يوم في غزة والضفة الغربية؟ وماذا يحقق هذا «التكتيك» أو هذه «السياسة» مقارنة بما تتخذه سلطات الاحتلال من إجراءات تتعلق بالحرب المعلنة ضد البشر والأرض والحجر والشجر؟!

بعد عودة «حماس» إلى طهران، تزايد الحديث عن «محور المقاومة»، لكن المقاومة الفلسطينية لا تستطيع أن تكتفي ب«استراتيجية محور المقاومة» التي تحددها طهران، لأن صراع المقاومة الفلسطينية مع «إسرائيل» صراع وجود وتحرير وطن، والتحرير لا ينتظر العدوان ليكون الرد، أياً كانت طبيعة هذا الرد وأياً كانت نتائجه.
الدعوة إلى «تفعيل المقاومة المسلحة»، لا يجب أن تنتهي بالبيان الذي تضمنها، بل يجب أن تتحول إلى فعل يومي مستمر دون توقف، وليس رداً لمواجهة أزمة. إن الاحتلال لا يتوقف في سياساته وإجراءاته وهو يضع مخططاته موضع التنفيذ في كل لحظة، وكل وقت، سواء تعلق بمصادرة الأرض أو بناء المستوطنات، أو هدم البيوت، أو تهويد المقدسات، أو قتل المدنيين. وعلى المقاومة الفلسطينية أن تكون المبادرة للاشتباك، وعندما ترد يجب أن يكون الرد على قدر الفعل. وتظل المبادرة للاشتباك هي المبرر الوحيد لوجود «فصائل المقاومة»، وإلا فلن يكون مبرر لهذا الوجود.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4002 / 2336793

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

3 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 3

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28