] لهذا نقلت حماس قيادتها إلى غزة واختارت العاروري من الضفة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 17 آب (أغسطس) 2019

لهذا نقلت حماس قيادتها إلى غزة واختارت العاروري من الضفة

السبت 17 آب (أغسطس) 2019

إن الجهود العنيدة التي تبذلها حماس في محاولاتها لتنفيذ عمليات في الضفة تتم بالتوازي مع الجهود العنيدة بقدر لا يقل عن التي تبذلها المنظمة في حفظ الهدوء في قطاع غزة.
سطحياً، يجري الحديث عن جهود متضاربة، ولكن يكمل بعضها بعضاً كجزء من الهوية متعددة الوجوه للمنظمة. فحماس معنية بالهدوء في غزة كي تعيد بناء البنية التحتية المدنية في القطاع، فترفع مستوى المعيشة لسكانه وتقليص النقد الداخلي الموجه لها جراء الوضع الاقتصادي الصعب. هذا الوقت تكرسه أيضاً للتعاظم العسكري (بالصواريخ، الحوامات والمضادات للدروع) تمهيداً ليوم الأمر.
بالمقابل، حماس معنية بضعضعة الاستقرار في الضفة. الهدف الدائم هو المس بإسرائيل، ولكن لها أهداف هدفاً فرعياً بقدر لا يقل، وعلى رأسها إخراج الجمهور الفلسطيني من عدم اكتراثه. فالمواطنون في الضفة لا يزالون يحترقون من ذكريات الانتفاضة الثانية وينشغلون بحياتهم اليومية ويبدون اهتماماً قليلاً بالكفاح الوطني.
تعتقد حماس بأن العمليات والنشاط الإسرائيلي العسكري المحتم الذي يأتي في أعقابها، ستوقظ الشارع الفلسطيني وتوحده خلف المنظمة، وضمنياً ستمس بقدرة السلطة الفلسطينية على الحكم.
نقطة ارخميدس من ناحية حماس كانت صفقة شاليط. فليس وحده هو الثمن الهائل الذي حصلت عليه مقابل مخطوف واحد، بل الدم الجديد (والمهني) الذي تدفق في شرايين آلة الإرهاب لديها. من نسق الجهود في السنوات الأولى كان صالح العاروري – بداية من تركيا وبعد ذلك من قطر واليوم من لبنان – إلى أن عين رقم 2 في الذراع السياسي في المنظمة. هذا التعيين كان تخفيضاً في مكانة رئيس المنظمة السابق خالد مشعل، الذي هو من سكان الضفة في الأصل، جعل أساس اهتمام المنظمة في الضفة. أما من حل محله إسماعيل هنية، الغزي، فقد نقل ثقل الوزن إلى القطاع. فليست غزة بعد الآن كـ “مشروع” بل هي موضوع مركزي للمنظمة وبؤرة لنشاطها.
هذا التغيير في التوازن يجد تعبيره في ضخ المال واتخاذ القرارات أيضاً. فصعود نجم القطاع نقل مركز القوة إلى المثلث العسكري الغزي الداخلي الذي يقوده السنوار، محمد ضيف ومروان عيسى. من ناحيتهم، فإن المهمة هي تثبيت مكانة المنظمة في غزة، وبعد ذلك كل ما تبقى. هذا لا يعني أن في حماس يربون اليوم حمائم سلام ناصعة البياض، ولكن بخلاف الماضي فإن المنظمة تدار بشكل واضح من الرأس وليس من البطن.
العملية التي ستؤدي إلى الحرب

إن نقل القيادة إلى غزة يجد تعبيره أيضاً في مجالين آخرين: العلاقة مع إيران وجهود الإرهاب في الضفة. في الأول، بخلاف الفكر السائد، تدير حماس سياسة مركبة؛ من جملة الأسباب –من الرغبة في الاستقلال وحتى قوافل الصراع السني الشيعي– ترفض الاستسلام التام لطهران من ناحية اقتصادية، كي لا تضطر إلى أن تخضع نفسها لإمرتها من ناحية عسكرية. العاروري، الذي تقرب من حزب الله أيضاً، وإن كان يدفع نحو ذلك، ولكن بنجاح محدود؛ السنوار وعصبته يفضلون في هذه اللحظة أن يبقوا فقراء ولكن بفخر واستقلال.
الموضوع الثاني، وهو الإرهاب، انتقل هو الآخر إلى المسؤولية شبه الحصرية لغزة. والأسباب هنا أقل أيديولوجية وأكثر عملية: قيادة الخارج، برئاسة العاروري، لم تنجح في إنتاج عمليات إرهاب مهمة، وكان القرار تركيز الجهود في القطاع، من خلال مبعدي صفقة شاليط الذين جمعوا تحت اسم “قيادة الضفة”. الأسماء التي يطرحها نداف شرغاي هذا الأسبوع تدل على الطريقة: كل نشيط يحاول أن يجند الخلايا في ملعبه البيتي.
جهد يومي كهذا يوجد في قيادة الخارج أيضاً. أما الفرق فهو أن “قيادة الضفة” في غزة تحصل على قدرات ما يسمى اليوم في جهاز الأمن “جيش حماس” بتنظيم عسكري مرتب مع نحو 30 ألف مقاتل، وإلى جانب وسائله القتالية يحوز قدرات تكنولوجية لا بأس بها تسمح له بدعم جهود العمليات في الضفة. كما أن سيطرة المنظمة في الجانب الغربي من معبر ايرز – وضمنياً استخدام كل من يدخل إلى إسرائيل لأغراضها تحت غطاء الأهداف الإنسانية أو التجارية – رفعت مستوى جهود العمليات في الضفة.
في الشاباك “المخابرات الإسرائيلية” يلاحظون في كل لحظة عشرات الجهود الموازية من جانب “قيادة الضفة” لتجنيد وتفعيل خلايا إرهاب في الضفة. يدور الحديث عن جهد تكتيكي في أساسه –حتى من ينفذه في غزة لا يعتبر مسؤولا ًكبيراً في حماس ولا يتبوأ مناصب أساسية في المنظمة– ولكنه جهد تأثيراته كفيلة بأن تكون استراتيجية. فالتجربة تفيد بأن عملية كبيرة ناجحة، إذا ما ربطت بغزة، كفيلة بأن تلزم إسرائيل بالخروج إلى حرب، وتحديداً في وقت تتعرض فيها الحكومة بعد سنة ونصف إلى انتقاد شديد على امتناعها عن رد واسع على إرهاب البالونات والجدار في غزة.
إحباط محدود

حماس تقرأ الصورة بشكل مختلف. من الرسائل العلنية والسرية التي تحصل عليها فإنها مقتنعة بأن إسرائيل ستفعل كل شيء كي تمتنع عن الحرب، بما في ذلك ابتلاع ضفدع في كل عملية كبيرة من الضفة. مشكوك أن تكون محقة؛ بالضبط مثل خطف وقتل الفتيان الثلاثة في صيف 2014 المحفزين اللذين أديا إلى حملة الجرف الصامد، ستجد إسرائيل صعوبة الآن أيضاً في التجلد على عملية كثيرة الإصابات أو عملية تبعث صدى جماهيرياً.
ولا تزال حماس محقة في أن إسرائيل غير معنية بالحرب، وستفعل كل شيء كي تمتنع عنها. وكجزء من ذلك يستثمر جهاز الأمن جهداً هائلاً في إحباط الإرهاب من القطاع. يدور الحديث عن تحد مركزي من جهاز الأمن، بقيادة المخابرات، يستهدف تحقيق جملة من الأهداف – من منع العمليات وإنقاذ الحياة، عبر منع اشتعال واسع في الضفة من شأنه أن ينزلق إلى انتفاضة ثالثة وحتى منع إمكانية التدهور إلى معركة في غزة.
المشكلة الأساس لإسرائيل هي صعوبة إحباط العمليات في غزة. فمعاملة الإرهاب في الضفة تغيرت في 2002 عندما استعادت إسرائيل السيطرة على كل الأراضي الفلسطينية. أما في غزة بالمقابل، فرجال حماس محميون، باستثناء الجولات القتالية. والمعنى هو أنه وإن كانت المعلومات الاستخبارية تجمع في الجبهتين، غزة والضفة، ولكن الإحباط لا يتم إلا في واحدة منها-الضفة.
هذا يلزم المخابرات الإسرائيلية التركيز كي لا تفلت عملية ما من بين أصابعها، ويلزم الجيش الإسرائيلي ألا يخفف من “قص العشب” – النشاط الذي يتم منذ حملة “السور الواقي” الذي يعتقل كل ليلة كل من اشتبه بالضلوع في الإرهاب، وذلك من أجل إحباط الإرهاب قبل أن يولد.
في ظل العقيدة السياسية القائمة في الامتناع عن التصعيد في القطاع، سيجد جهاز الأمن صعوبة في تغيير هذه المعادلة. ولكن مشكوك أن يستمر الواقع الحالي في القطاع على مدى الزمن. فهو هش ومتفجر، ومعقول أكثر أنه سيتجه نحو واحد من القطبين: التسوية أو التصعيد.
في كل واحد من هذه السيناريوهات ينبغي لإسرائيل أن تضع “قيادة الضفة” في مكان عال من سلم الأولويات، سواء بالمعالجة الرقيقة بطريقة المحادثات والشروط، أم بالمعالجة العنيفة، وبالذات الإحباط المركز، وكذا بهدف الردع – وإلا فإنها ستعيش تحت خطر دائم لعملية تنجح فتلزمها الخروج إلى حرب تسعى لأن تمتنع عنها.

بقلم: يوآف ليمور
إسرائيل اليوم 16/8/2019


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3908 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 8

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28