] ماذا ينقص الانتفاضة الثالثة؟! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 8 آب (أغسطس) 2019

ماذا ينقص الانتفاضة الثالثة؟!

الخميس 8 آب (أغسطس) 2019 par عوني صادق

في أيلول 2014، حلت الذكرى الخامسة عشرة للانتفاضة الثانية، وكانت الأجواء في القدس وما حولها بفضل، الممارسات الإسرائيلية، تسجل مستوى عاليا من التوتر يشير إلى احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة. وفي تشرين الأول 2015، انفجرت أزمة “البوابات الإلكترونية” وكانت مبررا كافيا ل“هبة أكتوبر” التي عمت القدس ومنطقتها، وأوحت بدورها، وبقوة هذه المرة، إلى الاحتمال نفسه. لكن تراجع الحكومة الإسرائيلية وقوات الاحتلال سمح بتحقيق انتصار واضح لجماهير الهبة وصب ماء باردا على غضب الجماهير وأجل الانتفاضة الثالثة.

ومنذ بداية 2016، تزايدت ممارسات قوات الاحتلال شراسة وتطاولا على الفلسطينيين وممتلكاتهم وحقوقهم وحرياتهم، فكان التصعيد هو السمة الغالبة على كل المستويات: مصادرة الأرض وبناء المستوطنات ونشر البؤر الاستيطانية، ومنع الفلسطينيين من البناء وهدم بيوتهم، والتضييق عليهم في أرزاقهم وقطع أشجارهم وحرق محاصيلهم، بالإضافة إلى اعتقال الآلاف منهم سنويا، وإصدار مئات الأحكام الإدارية دون تهم، وإطلاق أيدي المستوطنين في القتل مما رفع من وتيرة “الإرهاب اليهودي” وأعداد الشهداء والمصابين... ثم سنت قوانين عنصرية كشفت كامل المخططات الصهيونية التوسعية المعدة لاستملاك فلسطين كلها، بالاستعانة بالإدارة الأميركية مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أوصلت الأوضاع إلى ذرى غير مسبوقة لم تعد تطاق!

كانت خديعة “اوسلو”، وفشل أسلوب المفاوضات، قد اتضحا منذ خريف 1996، لكن عودة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الأراضي المحتلة في ظل القيود التي فرضها “اتفاق أوسلو” قد حولها إلى رهينة في يد العدو، وبدلا من التخلي عن “الاتفاق- المؤامرة” صار التنازل هو الممر الوحيد للبقاء باسم “المرحلية” و“الواقعية السياسية”، فتحولت “السلطة الفلسطينية” إلى أداة من أدوات الاحتلال وفي خدمة مخططاته. ويوما فيوما اختفى “المشروع الوطني الفلسطيني” الذي كان مبرر “العودة”، فلا “الدولة الفلسطينية” قامت، ولا الحال ظل على حاله كما كان قبل العودة والدخول في نفق المفاوضات!

وفي ظل التطورات المتلاحقة، لم ينقطع الحديث عن الحاجة إلى “الانتفاضة الثالثة” لمواجهة التغولات الإسرائيلية، ودائما كان يخفت الحديث شيئا فشيئا حتى لا يعود يسمع، ثم ليعود من جديد. ومن “العمليات الفردية” إلى “انتفاضة السكاكين”، إلى “انتفاضة الدهس”، كانت أشكال المواجهة تعلو وتهبط تعبيرا عن حاجة ورغبة الجماهير في إحداث “اختراق” يتجاوز التنظيرات العاجزة، لكن تمسك سلطة رام الله باتفاق أوسلو والتزاماته وبنوده، وأخطرها التنسيق الأمني الذي حولها إلى فرع من فروع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وعجز القيادات في “فصائل المقاومة المسلحة”، كان يفشل كل محاولة لإحداث الاختراق المطلوب ولتذهب بطولات وتضحيات الشباب الرافض لما يجري أدراج الرياح.
دائما كانت “العوامل الموضوعية” لاندلاع الانتفاضة متوفرة، بل وربما أكثر مما كان مطلوبا. لكن دائما، أيضا، كان الضعف ماثلا في “العامل الذاتي”. كان هناك “نقص ما” من مقومات الانتفاضة وشروط انتصارها، بل ما كان في واقع الحال ما يغلق الباب في وجهها ويسد طريقها ويلغي حدوثها. هذا “النقص” هو القيادة القادرة على التقاط اللحظة المناسبة وتحقيق الوحدة الميدانية ووضع البرنامج القابل للتنفيذ، وباختصار ترتيب الأمور بما يضمن انتصار جماهير الانتفاضة. هذا النقص عانى منه الشعب الفلسطيني منذ ثورته الكبرى العام 1936، وتأكد بعد ذلك في كل مرة حاول الشعب أن يمتلك حريته ويقرر مصيره، وتكرر ذلك أثناء الانتفاضة الثانية العام 2000، وفي المحاولات اللاحقة.

ولعل المفارقة تتمثل في أن في صفوف العدو من يرى أن “الظرف الموضوعي” لاندلاع انتفاضة ثالثة متوفر، بينما لا يرى قادة الواقعين تحت الاحتلال ذلك! فمنذ شهر آذار الماضي، كتب إسرائيلي في صحيفة (يديعوت- 6/3/2019) يقول: “بينما تنشغل إسرائيل في الانتخابات، فإن أربع ساحات فلسطينية- قطاع غزة، الضفة الغربية، شرقي القدس، والسجون الأمنية، على شفا الانفجار”. ويضيف: “صحيح أن الوضع في كل واحدة من هذه الساحات يتدهور لأسباب مختلفة، بعضها لقرارات إسرائيلية وبعضها فلسطينية، لكن تكفي شرارة لإشعال الحقل كله”!!

وفي مقال آخر نشرته صحيفة (معاريف- 2/8/2019) بقلم باروخ يديد، وصف “الحالة الفلسطينية” أو “مزاج الشارع الفلسطيني” على النحو التالي: “يأس متصاعد من المسيرة السياسية، انتقاد غير مسبوق للسلطة الفلسطينية، معارضة لمبادرات سياسية قائمة، فقدان احتمالات الاستقلال الفلسطيني، تأييد حل السلطة كمخرج من الوضع القائم”! والاستطلاعات الفلسطينية ذهبت في الاتجاه نفسه. وفي استطلاع حديث أجراه مؤخرا د. خليل الشقاقي، نقرأ فيه: “يؤيد الشارع الفلسطيني المواجهة مع الاحتلال، ويرفض المبادرات السياسية. نصف الشعب الفلسطيني يؤيد الكفاح المسلح ويرى أنه البديل المطلوب. أكثر من ثلثي الشعب يؤيد الكفاح المسلح والشعبي كوسيلة لإنهاء الاحتلال”.

والسؤال: ماذا ينقص لتبدأ الانتفاضة الثالثة؟ ألجواب معروف!!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 213 / 2337246

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 30

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28