] أوكرانيا في المنتصف - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 3 أيار (مايو) 2019

أوكرانيا في المنتصف

الجمعة 3 أيار (مايو) 2019 par علي قباجة

لا تزال الحرب الباردة بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين من جهة، وروسيا من جهة أخرى، تتوقد جذوتها بين الحين والآخر، فهي ما تلبث أن تخمد في بقعة إلا وتلتهب في بقعة أخرى من هذا العالم المترامي الأطراف، الذي يتجاذبه القطبان العالميان؛ ليوسع كل منهما نفوذه على حساب الآخر، ولعل بعض الأزمات تغيب عن السطح في الوقت الحالي؛ بسبب ظهور مفاجأة جديدة، وربما صادمة للغرب، وأمريكا على وجه التحديد؛ إثر فوز الممثل الكوميدي الشاب فولوديمير زيلينسكي، في انتخابات الرئاسة الأوكرانية التي جرت في21 إبريل/ نيسان؛ حيث تشير وقائع الأحداث هناك في المرحلة الحالية، إلى أن روسيا كسبت الرهان على حساب الغرب.
فبداية، حسم فوز زيلينسكي، الذي حصل على نسبة تأييد واسعة فاقت ال73%، المشهد الأوكراني الذي أخذ حالات شد وجذب طوال فترة الرئيس السابق بوروشينكو؛ بل ولتطوي أوكرانيا صفحة قديمة من علاقات متشعبة لم تشهد حالة مستقرة طوال فترة بوروشينكو الذي حاول أن يتماهى مع الغرب في سياساته المعادية لروسيا، علّه في ذلك يكسب الرهان في الانتخابات؛ لكن جرت رياح المعارضة له على غير ما تشهي سفنه، لتصدر النتيجة الصادمة بحصوله على 25% من أصوات الناخبين، ولتتم بالتالي إزاحته عن المشهد السياسي في أوكرانيا على حساب منافسه الشاب الممثل الكوميدي سابقاً.
أوكرانيا اليوم، ليست أوكرانيا الأمس، فمن المؤكد أن الرئيس الجديد لن يسير على خطى الرئيس السابق الذي لم تشفع له علاقاته وتودده لدوائر القرار الغربي في البقاء بالسلطة؛ بل إن المفارقة أن تلك العلاقات كانت أحد الأسباب الرئيسية لإطاحته، وتغييبه عن المشهد السياسي؛ حيث إنه بالغ حدّ الثمالة في تأييده للغرب، ما أثار القوى الأوكرانية الوطنية التي رأت أن الغرب أجبر أوكرانيا على الخضوع لسياساته؛ بل إن بعضهم عدّ العلاقات الغربية - الأوكرانية غير متكافئة البتة.
ففي حين قدمت أوكرانيا كل تنازل لم تجد مقابلاً يذكر من الغرب؛ لذا جاءت نتائج الاستفتاء لتعلن أن الشارع الأوكراني ربما يحن لحبه الأول روسيا، لا سيما وأن أوكرانيا هي إحدى دول الاتحاد السوفييتي السابق؛ إلى جانب أنها تتمتع بموقع استراتيجي مهم، ما يؤهلها إلى تبني سياسات مستقلة سيدير دفتها زيلينسكي الذي لم يتأخر عقب فوزه في إرسال رسائل إيجابية لموسكو؛ ومن بينها أنه لم يذكر القرم التي ضمتها روسيا إليها، كما أنه دعا لعلاقات طبيعية مع روسيا، مخالفاً سلفه الذي أظهر عداء منقطع النظير لموسكو، ما أثار حفيظة الغرب الذي يطمح إلى حصار موسكو من خلال كييف، إلا أن الرئيس الجديد لم يكن - مبدئياً - على مستوى الطموح الغربي.
روسيا ترى في أوكرانيا امتداداً لنفوذها، وتسعى جاهدة إلى كسب ودها، ولكن بطرق دبلوماسية، فموسكو ترى أن أوكرانيا هي بوابتها الشرقية، ومن خلالها يمر النفط الروسي إلى أوروبا، فهي لا تريد أن تخرج عن دائرة القرار الروسي، وفي الوقت ذاته تسعى إلى علاقات طبيعية معها، ورغم عدم تهنئة الرئيس الجديد بفوزه في الانتخابات، إلا أن موسكو أرسلت رسالة إيجابية بمنح بعض الفئات الأوكرانية الجنسية الروسية، فهل تبادل كييف الرسالة بعلاقات طبيعية، وتمسك العصا من المنتصف مع موسكو؟ الأيام كفيلة بالإجابة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2331039

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 15

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28