] ما مصير القضية الفلسطينية؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 30 آذار (مارس) 2019

ما مصير القضية الفلسطينية؟

السبت 30 آذار (مارس) 2019 par ناجي صادق شراب

يمكن أن نتصور تراجع القضية الفلسطينية في سلم الأولويات السياسية الإقليمية والدولية. بمعنى ألا تكون القضية الأساس أو الرئيسية التي يتوقف على حلها حل الكثير من القضايا الأخرى. فمن المفاهيم الخاطئة التي ترسخت فلسطينياً ألا حل لأي قضية إقليمية من دون فلسطين. اليوم هذه المعادلة في حالة عكسية، حل القضايا الإقليمية والتفاهمات الدولية قد يكون المفتاح لحل القضية الفلسطينية.
هذا التراجع ذهب ببعض الإعلاميين والمحللين على مختلف مشاربهم، حتى من العرب وليس من «الإسرائيليين» فقط إلى الاستنتاج أن القضية الفلسطينية قد بهتت أو تلاشت ، وتنتظر تصريح الدفن. هذا الاستنتاج غير صحيح على الإطلاق وتقف وراءه الأفكار المشبوهة المعادية للفلسطينيين وقضيتهم. وتعكس قصوراً في القراءة التاريخية للقضية ، ومحدداتها الدولية والإقليمية.
لا أحد ينكر أن الفلسطينيين غير مسؤولين عن نشأة هذه القضية. لقد أوجدها التحالف الإمبريالي - الصهيوني في القرن التاسع عشر، في إطار البحث عن حل للمسألة اليهودية خارج أوروبا، ومن ثم ارتبطت بتحولات موازين القوى التي عملت لصالح «إسرائيل» وما زالت. القضية الفلسطينية محصلة تحولات وتفاعلات أيديولوجية وعقيدية ومصالح قوى . فالمشكلة والأولوية منذ نشأة القضية الفلسطينية لم تكن القضية ذاتها بل المستهدف هو المنظومة الإقليمية العربية بكاملها، فالهدف الاستراتيجي عدم قيام نظام إقليمي عربي واحد وفاعل وقوي لأن معنى ذلك الحيلولة دون كل المشاريع الإقليمية والدولية ، والهدف الثاني هو الحيلولة دون وجود دولة قوية مركزية قائدة تقود النظام الإقليمي ، وهنا لماذا الاستهداف الدائم لقوة مصر، وقوة الدول العربية الصاعدة الأخرى . لذلك كان لا بد من وجود «إسرائيل» أولا ، والحفاظ على قوتها ثانيا وبقائها أقوى من كل مَن حولها ، لأنها هي الخيار الرئيسي الذي من خلاله يمكن تمرير كل المشاريع الإقليمية والدولية التي تستهدف الأمة وثرواتها وموقعها.
فعندما نقول قضية فلسطين تحتضر نقول إن القضية العربية برمتها في طور الاحتضار. ومظاهر الاحتضار كثيرة ، عربيا وهذا ينعكس على القضية الفلسطينية تراجع دور الدولة الوطنية واستهدافها، وزيادة المخاطر الخارجية ، وتصاعد موجات الإرهاب، وتفكك مفهوم الأمن القومي العربي ، وبروز إرهاصات الشعبوية والمذهبية والإثنية ، وتنامي دعوات الانفصال، والحروب الداخلية التي تعاني منها العديد من الدول كما في اليمن وسوريا وليبيا والعراق. وتنافس المشاريع الإقليمية على حساب المشروع العروبي مثل مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تقوده «إسرائيل» والولايات المتحدة. ومع ذلك ما زالت العروبة قوية بلغتها وهويتها وخصوصيتها التاريخية والحضارية. وبالمقابل القضية الفلسطينية لا يمكن أن تموت، نعم تواجه أعراض التراجع والجمود السياسي ، ولعل أبرز هذه المظاهر من الاحتضار هو الانقسام السياسي الذي تحول لحالة من الكينونة السياسة المستقلة، ومظاهر التفتت في الجسد الاجتماعي الفلسطيني ، والتناقض في الرؤى السياسية ، وضعف وهشاشة الشرعية السياسية ، وحالات الحصار والعنف والاعتقال التي تمارسها «إسرائيل» ، والعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على السلطة ، وحجز أموال الشعب الفلسطيني من قبل «إسرائيل».
ورغم مظاهر الاحتضار فما زالت القضية حية ، ولا يمكن أن تموت، فالقضية ليست مرتبطة بأشخاص أو تنظيمات فصائلية تموت بموتهم ، القضية الفلسطينية تخص شعباً كاملًا له هويته الوطنية والتاريخية والحضارية ، هذا الشعب الذي يزداد تماسكاً وصموداً مع كل محاولات التفكيك . لقد علمنا التاريخ أن الشعوب الحية لا تموت أبداً، وهذا ما أكده تاريخ الشعب الفلسطيني.
فكم من حرب ، وكم من حصار ، وكم من الأسرى والمعتقلين في سجون «إسرائيل»، وكم من الضغوطات الدولية والعقوبات، ورغم ذلك بقي الشعب الفلسطيني حياً صامداً متجذراً في أرضه. كل الشعوب تهاجر إلا الشعب الفلسطيني ، ودرس الهجرة الأولى عالق في الذاكرة الجمعية ، وحتى هؤلاء الذين أجبروا على الهجرة ما زالوا يعيشون في المخيمات ، ويحتفظون بمفاتيح بيوتهم. والذين يهاجرون في الشتات ما زالوا متمسكين بقضيتهم وهويتهم ..والقضية الفلسطينية ستبقى حية وقائمة طالما هناك احتلال «إسرائيلي»، ودولة تنتظر الميلاد الرسمي ، وشعب يمارس حقوقه التي أقرتها له الشرعية الدولية والإنسانية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10983 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

36 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 38

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28