] الاستيطان بين الغاية والوسيلة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 28 آذار (مارس) 2019

الاستيطان بين الغاية والوسيلة

الخميس 28 آذار (مارس) 2019 par عوني صادق

لم تعد هناك من حاجة اليوم لإعادة القول أو البرهنة على أن «المشروع الصهيوني»، منذ أن كان «فكرة استعمارية غربية»، كان جزءاً من المخطط الاستعماري للمنطقة، وهو لا يزال كذلك حتى اليوم. وأيضاً منذ بداية وضعه موضع التطبيق العملي، كان مشروعاً استيطانياً إحلالياً بدأ مع إقامة أول مستوطنة يهودية في فلسطين العام 1905. ومثلما كانت الغاية من ذلك هي الاستيلاء على فلسطين كلها، كان الاستيطان هو الوسيلة في الوقت نفسه. وفي العام 1948، عندما أصبح ممكناً إقامة الكيان المسمى «إسرائيل»، جاء كل ما استتبع ذلك من حروب شنتها، وقوانين سنتها، ليجري التوسع المطلوب عبر التهجير القسري ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات من جهة، وباستجلاب المهاجرين من دول العالم ولا سيما أوروبا، من جهة أخرى. وفي الخمسينات والستينات، تم الاستيلاء على الأرض بمسميات عدة، كما جيء بيهود العالم العربي ويهود الفلاشا. واليوم تدور الحرب الاستيطانية على تهويد القدس والخليل. وانتهى الأمر مؤخراً إلى تمرير ما سمي «قانون القومية» الذي أصبحت تصريحات بنيامين نتنياهو تستند إليه وتؤكده، وبأن فلسطين «لليهود فقط»!
ويفضح درور أتكس، باحث في سياسة الاستيطان، أحد أساليب الاستيلاء على الأرض، وهو «وضع اليد» على أراضي الضفة بالأوامر التي أصدرها، ويصدرها، الجيش عبر سنوات الاحتلال. وتلخص عميرة هاس في مقال لها في (هآرتس- 2019/3/10)، وتقول: «إن أكثر من (1150) أمراً صدرت منذ 1969، وبعد خصم ما ألغي منها، تم بها الاستيلاء على (100 ألف دونم)، والحجة المعلنة كانت تتمثل في الاحتياجات الأمنية والعسكرية، خصص 40% منها للاستيطان»!
من جهة أخرى، أوجز يهودا شاؤول، وهو عضو في منظمة (نكسر الصمت)، تاريخ الاستيطان بعد جولات قام بها لهذا الغرض، وعرض له جدعون ليفي وأليكس لبيك في مقال لهما إيجازه في مقال (هآرتس- 2019/1/11)، بأن «أهداف الاحتلال حددت فوراً بعد حرب الأيام الستة، وكل حكومات إسرائيل دون استثناء عملت على تحقيقها»، وبأن: «أساس خطة المستوطنات كانت منع إقامة كيان فلسطيني بين البحر والنهر، بواسطة تقطيع الضفة وتجزئتها إلى شظايا من القطع. الطرق تغيرت والهدف بقي على حاله، واضح ومحدد: سيطرة إسرائيلية إلى الأبد». لينتهي إلى القول: «ليس المتطرفون هم الذين طبقوها، بل أعماق قلب إسرائيل: وكالات سلطتها، بدعم جهاز القضاء والإعلام، في الطريق إلى المليون مستوطن، المليون الأول، وكل الطرق كانت مباحة»!
وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقراراته بنقل السفارة إلى القدس، واعترافه ببقاء المستوطنات، وإسقاطه حق عودة اللاجئين، اعتبرته حكومة بنيامين نتنياهو ضوءاً أخضر لتتقدم في خططها الاستيطانية بل ولضم الضفة الغربية في نهاية المطاف. وتقول حركة «السلام الآن» «الإسرائيلية»، إن الاستيطان في عهد ترامب تضاعف بسرعة وسجل أرقاماً قياسية، وبينما كانت عطاءات بناء الوحدات الاستيطانية قبل وصوله بالعشرات، صارت بعد وصوله بالمئات بل بالآلاف سنوياً. ومعها صارت المطالبة بضم الضفة الغربية واعتبار الانسحاب من منطقة (ج) مصدر خطر وجودياً على «إسرائيل» علنياً ومسموعاً.
مع ذلك، هناك أصوات يهودية صهيونية تعارض، على المستوى اللفظي، سياسة الاستيطان «الإسرائيلية» الرسمية، ليس لأنها تتعاطف مع الحقوق الفلسطينية، بل لأنها تخشى هذه السياسة على «مستقبل إسرائيل». من هذه الأصوات، سمع مؤخراً صوت البروفيسور ديفيد مايرز، الرئيس الحالي ل«الصندوق الجديد لإسرائيل»، الذي لاحظ أن «الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لا يحتل مكاناً مركزياً في انتخابات الكنيست الحالية، وهو من هذا المفهوم، فإن المشروع الاستيطاني انتصر». ويقول مايرز في مقابلة صحفية: «إن الدولة ستخسر من ذلك بشكل كبير، فقد أثبت المشروع الاستيطاني قوته، وجعل هذه العملية غير قابلة للتغيير. وأعتقد أن الضحية الأكبر هي دولة إسرائيل، كدولة يهودية وديمقراطية. وهذا انتحار قومي»!
وتبقى الكلمة الأخيرة، دون شك، للشعب الفلسطيني وقواه الوطنية، فهذا الكيان الغاصب بني على الباطل، وما بني على الباطل فهو باطل.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 29 / 2330092

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

23 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 21

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28