أجرت حكومة إسرائيل والحكومة الأردنية أمس محادثات في محاولة لحل أزمة باب الرحمة في الحرم. هذا ما قالته مصادر سياسية للصحيفة. صباح أمس جرت اتصالات بين الدولتين على مستوى منخفض جداً، عندما طرح الأردن خطة حسبها يتم إغلاق المبنى لغرض الترميم لفترة طويلة. ولكن إسرائيل اشترطت ذلك بأن يتم إغلاقه لفترة قصيرة قبل بدء عملية الترميم من أجل إظهار سيادتها على المكان. والمحادثات فشلت.
أمس كان من المخطط أن يعقد لقاء بين مدير عام الأوقاف وقائد لواء القدس في الشرطة في جهود لمنع تصعيد قبل صلاة يوم الجمعة. ولكن هذا اللقاء ألغي في أعقاب تهديدات وانتقاد من جانب فلسطينيين متطرفين قالوا إن الأوقاف خضعت لإسرائيل.
بعد إلغاء اللقاء وفشل الاتصالات بدأت محادثات على مستوى أعلى في جهود للتوصل إلى تسوية. حسب المخاوف فإن صلاة يوم الجمعة التي ستجري غداً في البلدة القديمة يمكن أن تتدهور إلى مواجهات عنيفة بين المصلين وقوات الأمن احتجاجاً على أوامر الإبعاد التي أصدرتها الشرطة ضد عشرات النشطاء الفلسطينيين واحتجاجاً على نيتها إغلاق المبنى.
المبنى الملاصق لباب الرحمة في الجانب الداخلي من الحرم فتحته الأوقاف قبل ثلاثة أسابيع بعد أن كان مغلقاً مدة 16 سنة بسبب أمر من الشرطة انتهت مدته في آب/اغسطس الماضي. حسب ادعاء الأردن والأوقاف، المبنى القديم يعاني من مشاكل كثيرة، وأصلاً يجب ترميمه. ترميم طويل المدى سيؤجل في هذه الأثناء المشكلة ويمنع تحويل المبنى إلى مسجد في المستقبل القريب.
مجلس الأوقاف بين عصا المحكمة وجزرة حجة الترميم
الاتصالات في الجانب الإسرائيلي يقودها مجلس الأمن القومي مئير بن شبات. شخصيات كبيرة في مجلس الأوقاف قالت للصحيفة إنه في الأيام الأخيرة كانت محاولات للتوصل إلى تفاهمات، وفي هذه المرحلة فإنهم ينتظرون في المجلس ردًا رسمياً من عمان. «إسرائيل تتعامل معنا حسب سياسة العصا والجزرة ـ العصا هي التهديد بإصدار أمر من المحكمة والجزرة هي أن المسجد يغلق لغرض الترميم والسيادة ولا تجري فيه الصلاة»، قالت الشخصيات رفيعة المستوى. حسب أقوال هذه الشخصيات، موقف الأوقاف هو أنه يجب ترميم المبنى، لكن لا يجب منع الصلاة في المبنى وفي الساحة التي تقع خارجه. «كل عملية إسرائيلية، سواء كانت سياسية أو قضائية، هي غير شرعية»، أوضحت المصادر. وحسب أحد المصادر فإنهم في الأوقاف يدركون أنه توجد محادثات على مستويات مختلفة بين إسرائيل والأردن في محاولة للتوصل إلى تفاهمات، ولكنهم أوضحوا بأنهم لن يوافقوا على إغلاق المبنى.
مصادر رفيعة المستوى في مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أكدت أيضاً وجود اتصالات وقالت إنهم في الجانب الفلسطيني غير معنيين بالتصعيد. «في نهاية المطاف هم لا يريدون مواجهة في مبنى المسجد ولا يريدون سفك الدماء»، قالوا وأضافوا بأنه «في إسرائيل يجب أن يستيقظوا ولا يلعبوا بالنار».
أمس سلم ضابط من الشرطة للأوقاف قرار المحكمة الذي صدر، الإثنين، ويقضي بأنه سيتم إصدار أمر إغلاق للمبنى خلال أسبوع إذا لم ترد الأوقاف في المحكمة على طلب الشرطة. بشكل مبدئي تمتنع الأوقاف عن الظهور في المحاكم الإسرائيلية فيما يتعلق بالحرم بدعوى أن في هذا نوع من الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية.
بعد جلسة مجلس الأوقاف في هذا الأسبوع، قال للصحيفة حاتم عبد القادر، الوزير السابق في حكومة السلطة وعضو المجلس إن «المجلس لا يعترف بسيادة إسرائيل، بما في ذلك المحاكم الإسرائيلية، لذلك نحن لن نذهب إلى المحكمة».
نشطاء جبل الهيكل وسياسيون من اليمين هاجموا أمس رئيس الحكومة على خضوعه كما يبدو لمطالب الأوقاف. في رسالة أرسلها عضو الكنيست سموتريتش (البيت اليهودي) لرئيس الحكومة كتب «إن مجرد إجراء مفاوضات مع مخالفين للقانون يمثل خضوع خطير للعنف».
حسب أقوال سموتريتش: «ليس مقبولاً أن يخرج المخالف مستفيداً، والخطوة أحادية الجانب التي اتخذتها الأوقاف في اقتحامها للمبنى تؤتي ثمارها وتحقق لها إنجازات. إعطاء إذن للترميم والاستخدام حتى لو كان جزئياً في المرحلة الأولى، سيشكل تراجعاً آخر للسيادة والسيطرة اليهودية على الحرم». في الأسبوع القادم عند دخول أمر الإغلاق إلى حيز التنفيذ ينوي أمناء جبل الهيكل الصعود احتجاجاً إلى الحرم.
نير حسون
هآرتس 7/3/2019
