] ترامب وسوريا وعاصفة الانتقادات الداخلية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 25 كانون الثاني (يناير) 2019

ترامب وسوريا وعاصفة الانتقادات الداخلية

الجمعة 25 كانون الثاني (يناير) 2019 par علي بدوان

عاصفة من الانتقادات يواجهها الرئيس ترامب داخليا، وخصوصا على مستوى اللوبي الأميركي اليهودي بقراره الأخير بالانسحاب العسكري من سوريا، ففي حيثيات القرار الأميركي بسحب القوات العسكرية الأميركية من سوريا، ثمة خطوة أراد من خلالها الرئيس ترامب الخروج من سوريا قبل التورط في حروب استنزافية مع مختلف الفئات والمجموعات كما حصل في التجربة الأميركية في العراق، والاستعاضة عن الوجود العسكري الأميركي بتوكيل أي عمل عسكري قادم لمجموعات مسلحة مقربة من واشنطن أو تعمل بإمرتها كما هو حال مجموعات “قسد” الكردية المنشقة عن الجسم السوري والدولة والشرعية السورية، والتي دربها وسلحها الجيش الأميركي طوال الفترات الأخيرة، وأدّت في جانب منها لحصول حالة من التأزم في العلاقات الأميركية التركية، حيث تعتبر أنقرة أن مجموعات “قسد” مجموعات إرهابية تستهدفها وتستهدف أمنها القومي، وتعتبرها الجناح الآخر من حزب العمال الكردستاني الــ(PKK) المحظور في تركيا.
القرار الرئاسي الأميركي بالانسحاب العسكري وتفكيك التواجد الأميركي العسكري شرق الفرات وفي منطقة التنف على امتداد الحدود العراقية السورية من جهة الجنوب، نال تحفظات كثيرة، وشبه إجماع رافض من قبل مختلف الأقطاب السياسية الأميركية المُتعددة، وواكبه ضغوط مكثّفة على الرئيس دونالد ترامب أسفرت عن “تراجعه” مؤقتا وإبطاء الوتيرة بتمديد المهلة الزمنية المطلوبة. بيد أن الأمر كشف عن خروج الخلافات العميقة لدى صنّاع القرار الأميركي إلى العلن، وعززتها الرسائل والتصريحات “المتضاربة” لعدد من كبار المسؤولين الأميركيين، وأظهرت مدى عدم الانسجام بين مختلف مؤسسات الدولة الأميركية، لعل أبرزها كان “تعهد” مستشار الأمن القومي جون بولتون بعدم مغادرة القوات الأميركية سوريا “ما دامت القوات الإيرانية خارج حدود إيران”، وأتبعه الرئيس ترامب بتصريح مناقض خلال أيام معدودة دفاعا عن قراره بالانسحاب، حين قال، بأن “إيران تستطيع أن تفعل ما تشاء” في سوريا. وتلك الرسالة وغيرها، واكبها استقالة (وصفها لاحقا الرئيس دونالد ترامب بما يشبه الإقالة) لوزير الدفاع جيمس ماتيس.
وإزاء عاصفة الانتقادات المحلية الأميركية، بما فيها الانتقادات من المنظمات اليهودية العاملة في الولايات المتحدة، وإزاء المواقف “الإسرائيلية” الناقدة لقرار الرئيس ترامب، انحنى الرئيس الأميركي ترامب قليلا أمام العاصفة، وأكد أنه لن ينفذ قرار سحب القوات الأميركية من سوريا سريعا، في وقت شدد فيه على أن الانسحاب من سوريا لن يحدث دون اتفاق لحماية الأكراد، بحسب ما قاله مستشاره للأمن القومي جون بولتون. فقد أعلن مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون ـــ وهو من صقور البيت الأبيض، ومن صقور الحرب على العراق ـــ في تصريحات للصحافيين خلال زيارته لفلسطين المحتلة منتصف كانون الثاني/يناير 2019 “أن واشنطن لا ترغب بأي تحرك عسكري تركي في سوريا دون التنسيق معها” مضيفا “سنناقش الانسحاب من سوريا مع إسرائيل وتركيا خلال جولة إقليمية”. وأضاف بولتون “أميركا ستنسحب من سوريا، لكنها ستحمي قواتها خلال فترة الانسحاب، وضمان تركيا سلامة المقاتلين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة”. وهنا وجه بولتون تحذيرا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن ما يتردد عن عملية عسكرية تركية وشيكة شرق الفرات، حيث قال “لا نعتقد أن على الأتراك القيام بعمل عسكري لم يتم تنسيقه بالكامل مع الولايات المتحدة والموافقة عليه”. وأضاف “إنَّ الرئيس ترامب لن يسمح لتركيا بقتل الأكراد. فهؤلاء حاربوا معنا”، مُشيرا إلى أن الولايات المتحدة طلبت من حلفائها الأكراد “التوقف والامتناع بشكل سريع الآن عن طلب الحماية من روسيا أو من الحكومة السورية.
وفي هذا السياق، شرعت الإدارة الأميركية باحتواء ردود الفعل الدولية الرافضة، حيث قام أبرز اقطابها، وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، بترؤس وفود رسمية جالت على عدد من العواصم الإقليمية في الشهر الأول من العام الجديد 2019، بغية التخفيف لدى حلفاء الولايات المتحدة من تداعيات انسحاب أميركي.
إذا، لقد كرر قوله مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، من “أنه يجب تلبية شروط من بينها تطمينات بشأن سلامة الحلفاء الأكراد، قبل سحب القوات الأميركية من سوريا”. وأن بلاده “لن تسحب قواتها من سوريا حتى تتحقق هزيمة تنظيم داعش وتتوفر حماية الحلفاء الأكراد”. غير أن تصريحات جون بولتون، الذي زار تركيا على رأس وفد ضم المبعوث الخاص لسوريا والتحالف الدولي للحرب على تنظيم داعش جيمس جيفري، ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزيف دانفورد، أغضبت المسؤولين الأتراك، إذ قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في بيان، إن الاتهامات الأميركية بشأن استهداف أنقرة للأكراد في سوريا، وضرورة ضمان حمايتهم قبل الانسحاب الأميركي “أمر لا يتقبله العقل”، وإثر ذلك غادر بولتون أنقرة وهو مكفهرا، وبنظرات استياء تركية كانت واضحة في وداعه بمطار أنقرة.
هذه الشروط “المستجدة في خطة جون بولتون وفريقه بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا، لم تكن عنصرا أو مكونا أساسيا من مكونات خطة الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب العسكري الأميركي من سوريا، مما دفع الرئيس ترامب إلى تفنيد ما تناقلته وسائل الإعلام الأميركية بشأن تركيا، مؤكدا على نشرها “تقارير تعوزها الدقة فيما يتعلق بالنوايا (الرئاسية) حول سوريا .. حيث قال “سياستنا ما زالت على ما هي عليه، سنخرج (من سوريا) وفق وتيرة مناسبة، وفي الوقت عينه الاستمرار في قتال داعش ..”في وقت حاولت فيه واشنطن ضمان مكاسبها وتحالفاتها، وإعادة استيعاب تركيا، طرحت إحياء مشروع ما يسمى “المنطقة الآمنة” لضمان عدم تنفير تركبا من جهة، وحماية “الشركاء الأكراد”. فمنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قراره سحب قوات بلاده من سوريا، دخل ملف شرق الفرات مسارا سريعا ومتشعبا تحكمه قنوات تفاوض ومقايضات بين عدة أطراف. وواشنطن التي أشعلت فتيل تلك المفاوضات، بدت منقسمة على نفسها بداية، ليعود ترامب ويقدّم عبر (تويتر)، نقاطا تلخّص تصورا يضمن لبلاده موازنة عصا تحالفاتها مع أنقرة والقوى الكردية في الشمال السوري، وقد تحدث عن إنشاء “منطقة آمنة بعرض عشرين ميلا” تمنع اجتياح تركيا لكامل مناطق سيطرة “وحدات حماية الشعب” الكردية، كما أي هجمات من تلك الأخيرة نحو الأراضي التركية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3311 / 2332414

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 25

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28