“لا تصدقوه”… لافتة تسبق خطاب نتنياهو في الأمم المتحدة

الثلاثاء 19 أيلول (سبتمبر) 2023

بعد تسعة أشهر من أقسى ما مرت على إسرائيل ورئيس وزرائها، سافر نتنياهو أمس في رحلة لثمانية أيام إلى الولايات المتحدة. ومع أن في نيته العمل بكد، لكن يمكن القول بأنها ستكون رحلة متاعب مزدوجة.
سبب ذلك أن نتنياهو ورجاله سيبقون في نيويورك يوم السبت. بشكل غير مسبوق، بعد روما ولندن وباريس، ستكون هذه نهاية أسبوعه وأسبوع زوجته خارج البلاد، في غضون تسعة أشهر فقط. لم يتجرأ نتنياهو على التصرف بهذا الشكل المبذر وناقر العيون، لكن لما كانت هذه هي المرة الرابعة على التوالي يصعب التصديق بأن هذا يتعلق بـ “اعتبارات جدول الأعمال”.
ثانياً، مثل كل البشر، يستمتع الزعماء بالهروب من المشاكل المحلية، وبخاصة حين تكون المشاكل ملقاة على عاتقهم. هناك، في العالم الكبير، لا تضايقه وسائل الإعلام المحلية، فجدول أعماله أكثر تنوعاً مما هو في روتين البلاد. وعندما يدور الحديث عن نتنياهو، فثمة إعجاب عالمي تجاهه. وكذا المظاهرات تحت النافذة… وبالفعل، سترافقه هذه المرة بالذات إلى التفاحة الكبيرة. انظروا عنوان “لا تصدقوه” الذي يلوح الآن من فوق مبنى الأمم المتحدة.
لاعب مؤثر
لكن فضلاً عن ذلك، فالسفر إلى الولايات المتحدة يفتح لنتنياهو سنة جديدة ويعيده إلى الملعب البيتي. حتى لو تضررت مكانته في الإعلام الليبرالي، فهو لاعب مؤثر في السياسة الأمريكية، بشكل يتجاوز كل سياسي إسرائيلي آخر، أكثر من معظم زعماء العالم.
جولته في الولايات المتحدة، ومحادثته المخطط لها مع العملاق الشعبي إيلون ماسك، ولقاءاته مع بايدن وزيلينسكي وأردوغان وزعماء آخرين، وبالطبع الخطاب في الأمم المتحدة – الموقف المستحب لديه على نحو خاص – ستعيد لنتنياهو بعض الحمرة إلى الخدين وتنسي قليلاً الإصلاح القضائي، تؤجل تعقيدات قانون التجنيد لبضعة أيام وتدحر مطالب بن غفير جانباً.
حين تبقى كل هذه في الجانب الآخر من العالم، يمكن لنتنياهو أن يعود إلى عنصره، العنصر السياسي. هو الذي سيقف في قلب حديثه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن المخطط له ليوم الأربعاء. عقد اللقاء يزيل عن نتنياهو وصمة المقاطعة التي تمتد لعشرة أشهر التي فرضها عليه البيت الأبيض. فضلاً عن ذلك، واضح أن الاثنين سيكرسان قسماً واسعاً من حديثهما، داخل الغرفة وخارجها لإمكانية اتفاق مع السعودية. صحيح أن هذا الاختراق يبدو في هذه اللحظة بعيداً وكثير العوائق، لكن الحديث عنه جيد للطرفين. ومن غير المستبعد أن يطرح موضوع الإصلاح القضائي أيضاً على جدول الأعمال.
خيبة أمل زيلينسكي
ثمة حديث أعقد سيواجهه نتنياهو مع رئيس أوكرانيا زيلينسكي، الذي سيكون الشخصية الأبرز والأكثر مغازلة في الجمعية العمومية. فبينما يعانق الغرب زعيم الحرب ضد الروس عناقاً شديداً، يبقي نتنياهو على حيادية هندية. فهو أيضاً قد امتنع عن شجب غزو أوكرانيا مثل رئيس وزراء الهند مودي. أعرب زيلينسكي عن خيبة أمله من إسرائيل مرة ومرتين وأكثر منذ نشوب الحرب، ومن غير المستبعد أن يفعل هذا أيضاً غداً.
وثمة لقاء شائق آخر سيكون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان؛ فرغم أن الرجلين يتوليان منصبيهما منذ نحو عقدين، لم يلتقيا قط، ولا حتى صدفة. فأردوغان رضع اللاسامية مع حليب أمه والاضطرارات الجغرافية السياسية هي التي فرضت عليه التصالح مع إسرائيل قبل سنتين، ولا يزال التعاطي معه حذراً.
فضلاً عن هؤلاء الزعماء، سيلتقي نتنياهو جانباً مع شخصيات أخرى. بعدها ستأتي يوم الجمعة درة التاج: الخطاب في الجمعية العمومية.
في الماضي، كانت التحديات المركزية التي رافقت نتنياهو في هذه المكانة خارجية. أما هذه المرة فواضح أن المواضيع الداخلية تصب في جدول أعماله، وإن لم يكن مؤكداً أن ينعكس الموضوع في الخطاب.
مهما يكن من أمر، ربما نكون متأكدين أنه سيتحدث عن التهديد الإيراني، وسيعبر عن التطلع إلى السلام مع السعودية، وسيعلم الإصلاح القضائي. المتظاهرون من خارج مبنى الأمم المتحدة لن يقتنعوا بذلك.
فرنسا وبريطانيا والصين في الخارج
الجمعية العمومية للأمم المتحدة الـ 78 هي الأولى التي تعقدها المنظمة بحجم كامل بعد كورونا. نعم، حتى في السنة الماضية كانت هناك قيود مختلفة في المبنى الزجاجي. تتفجر منهاتن الآن بمهاجرين غير قانونيين هذه السنة، وستمتلئ بالحاشيات التي تغرقها. إذا ما علقتم في المدينة هذا الأسبوع، نوصيكم بالتحرك سيراً على الأقدام أو في القطار.
من بين 195 رئيس دولة، سيصل إلى الجمعية 160. سيبرز في تغيبهم 4 من 5 الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن. زعماء فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا فضلوا البقاء في البيت، ما يثير تساؤلات حول جديتهم تجاه هذه المنظمة التي تدعي إدارتها للعالم.
أرئيل كهانا
إسرائيل اليوم 18/9/2023