رفعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من جاهزيتها بعد قيام وزير الأمن القومي إيتمار بن كفير باقتحام المسجد الأقصى صباح اليوم الثلاثاء، وذلك بعد تحذيرات وتهديدات فلسطينية بالرد على هذا الاعتداء الأول لبن غفير كوزير.
ونقلت الإذاعة العبرية العامة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إنها تخشى من إطلاق صواريخ من قطاع غزة، وإن إسرائيل في ذات الوقت لا تقبل بشروط الفصائل الفلسطينية، مدعية أن خطوة بن غفير لم تغيّر “الوضع الراهن” داخل الحرم القدسي الشريف.
وقال سفير الولايات المتحدة في القدس المحتلة، توم نايدز، للموقع الإخباري العبري “والا” إن البيت الأبيض أوضح لحكومة الاحتلال أنه يعارض كل خطوة من شأنها المساس بـ”الوضع الراهن” في الأماكن المقدسة بالقدس. وتابع: “حتى يكون واضحا، نحن معنيون بالحفاظ على الوضع الراهن. وكل خطوة تتعارض معه غير مقبولة، وقد قلنا ذلك بلغة واضحة لحكومة إسرائيل”.
وكان بن غفير قام بعملية اقتحام خاطفة للمسجد الأقصى دامت 13 دقيقة في ساعة مبكّرة من هذا الصباح، بعدما روجت جهات إسرائيلية رسمية بعضها تابع له، تصريحات وتسريبات مفادها أنه سيقوم بإرجاء الاقتحام لعدة أسابيع.
وقالت بعض وسائل الإعلام العبرية أمس الإثنين، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو دعا بن غفير للتريث في “زيارته” كونه يقوم بزيارة الإمارات واللقاء برئيسها محمد بن زايد. واليوم اتضح أن هذه التسريبات كانت جزءا من مناورة إسرائيلية لتخفيف وطأة اقتحام بن غفير، وقطع الطريق على الفلسطينيين في الاستعداد للتصدي للاقتحام داخل الحرم القدسي الشريف.
وسارع بن غفير بعد الاقتحام الاستفزازي للقول في تغريدة في حسابه في تويتر إن “الحكومة التي ينتمي لها، لن ترضخ لتهديدات حركة حماس.. و”جبل الهيكل”(الحرم القدسي الشريف) هو الموقع الأهم بالنسبة لشعب إسرائيل”. وتابع بن غفير في مزاعمه: “نحن نحافظ على حرية الحركة للمسلمين والمسيحيين ولكن لليهود أيضا الحق بزيارة “الجبل” ومن يهددنا سنعالجه بيد من حديد”. وقال مكتب بن غفير في هذا الخصوص إن أجهزة الأمن، قدرّت بأن التراجع مقابل التهديدات الفلسطينية ينطوي على هدية لـ”الإرهاب” ومنح الشرعية للعمليات ضد إسرائيل.
اتفاقات ائتلافية
يشار إلى أنه بموجب الاتفاق الائتلافي بين حزب “قوة يهودية” برئاسة بن غفير، وحزب “الليكود” برئاسة بنيامين نتنياهو، التزم بن غفير بالحفاظ على “الوضع الراهن” في الأماكن المقدسة بما في ذلك منطقة الحرم القدسي الشريف، وذلك رغم تصريحات مغايرة أطلقها قبيل انتخابات الكنيست الأخيرة في الأول من نوفمبر/ تشرين ثاني 2022. وجاء في اتفاقات الائتلاف المذكورة، أنه سيتم الحفاظ على “الوضع الراهن” في قضايا الدين والدولة كما كان متّبعا طيلة عقود في إسرائيل، وكذلك الوضع الراهن في المواقع المقدسة.
وهاجمت عضوة الكنيست عن حزب “العمل” المعارض، نعماه ليزمي “زيارة بن غفير الاستفزازية” وقالت إنها ستقود لعنف وسفك دماء. وفي حديث لصحيفة “معاريف”، ذكّرت ليزمي بأن مفتش الشرطة الإسرائيلية موشيه كرادي نفسه الذي وافق على اقتحام بن غفير للحرم القدسي اليوم، سبق واتهم بن غفير بأعمال تحريض واستفزاز في القدس في مايو/أيار 2021 قادت لمواجهة عسكرية مع قطاع غزة. وتابعت: “هذا النهار نفهم أكثر من أي وقت مضى بأن ما يهم هذا الوزير الجديد، ليس الأمن القومي، بل القوة بغية التحريض والتهويش وسفك الدم، ولذا علينا فعل كل شيء لمنع مشعل الحرائق هذا من تهديد أمننا القومي وتدفيعنا ثمنا ثقيلا مقابل تحرشاته”.
مشعل النيران
إسرائيليا أيضا، هاجم القائد الأسبق لشرطة الاحتلال في القدس المحتلة، آرييه عاميت “الزيارة البائسة” التي قام بها بن غفير للمسجد الأقصى، وتساءل في حديث للإذاعة العبرية العامة: “هل هذا هو العمل الأول الذي يقوم به وزير الأمن الداخلي الجديد؟ أن يشعل حريقا جديدا؟”. وتابع: “لا أفهم صمت المؤسسة الأمنية على هذه الزيارة التي ستستفز الفلسطينيين وتغضب الأردن. بن غفير يرهب رئيس الحكومة ولا يحسب له حسابا، وهذه الخطوة لا تنطوي على قيمة أو فائدة، وهي مجرد محاولة من نوع “شوفوني يا ناس”، وفق تعبيره.
وقال بيان صادر عن “تحالف الجبهة/ التغيير”، برئاسة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي، إن اقتحام بن غفير للمسجد الاقصى، هو “اقتحام احتلالي لـ(حرامي) بحماية شرطة الاحتلال، وأن هذا الاقتحام وكافة الاقتحامات لن تغير حقيقة كون المسجد الاقصى وقف إسلامي خالص، وتحت الاحتلال الذي يجب أن يزول عن القدس”. وأضاف البيان: “نتنياهو الذي أقر الاقتحام هو شريك ومسؤول عن هذا الاقتحام وتبعاته”.
