] حماس ما بعد نتن ياهو…! و «إسرائيل» أخفقت… (مقالان ) - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الاثنين 18 آذار (مارس) 2024

حماس ما بعد نتن ياهو…! و «إسرائيل» أخفقت… (مقالان )

الاثنين 18 آذار (مارس) 2024

- د. عصام نعمان*

ما معيار كسب الحرب أو خسارتها؟ الجواب: تحقيق أهدافها أو الإخفاق في ذلك. “إسرائيل” أعلنت عندما شنّت حربها الإبادية براً وجواً وبحراً على قطاع غزة أنّ أهدافها ثلاثة: القضاء على “حماس”؛ استعادة الرهائن (الأسرى)؛ منع فصائل المقاومة الفلسطينية من العودة إلى القطاع. فوق ذلك، أضمرت وحاولت تنفيذ هدف رابع: تهجير سكان القطاع إلى صحراء سيناء المصرية.
“إسرائيل” أخفقت في تحقيق جميع أهدافها. “حماس” ما زالت صامدة فوق الأرض في جميع مدن القطاع وتحت الأرض في الأنفاق الممتدة مئات الكيلومترات. كما أخفقت في استعادة الأسرى وفي منع فصائل المقاومة من الصمود والقتال في مختلف مدن القطاع وقراه. صحيح أنها تمكّنت من تهجير مئات آلاف الفلسطينيين من شمال القطاع ووسطه الى جنوبه، إلّا أن السكان المهجّرين صامدون في العراء ويقاومون محاولات تهجيرهم إلى سيناء ويتحمّلون كل صنوف التقتيل والتجويع والتنكيل والتشريد.
أقسى من خسارتها الحرب، خسرت “إسرائيل” “شرعيّتها” الدولية وسمعتها ومكانتها حتى بين حلفائها في الغرب الأطلسي، وباتت في عزلةٍ اُممية خانقة. وفي أميركا، اندلعت ضدها تظاهرات احتجاج وتنديد في جميع مدن ولاياتها الخمسين والعاصمة واشنطن، كما في مختلف الجامعات، أساتذةً وطلاباً. الأمر اللافت كذلك أنّ زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السناتور اليهودي تشاك شومر دعا إلى إجراء انتخابات جديدة في “إسرائيل” “لأنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بات يشكّل “عقبة أمام السلام”، ولأنّ الائتلاف الحاكم الذي يقوده “لم يعد يلبّي حاجات الكيان بعد 7 أكتوبر 2023، تاريخ اندلاع حربه ضد قطاع غزة.
الرئيس جو بايدن أظهر امتعاضه مراراً من نتنياهو، لكنه ما زال يدعم “إسرائيل” بالمال والسلاح بدعوى “أنها تدافع عن نفسها”! صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية كشفت أنّ إدارة بايدن وافقت على أكثر من 100 صفقة بيع أسلحة الى “إسرائيل” بعد 7 اكتوبر 2023، بحسب ما أبلغ مسؤولون أميركيون الكونغرس اخيراً في إحاطةٍ سرية، وانّ هذه الصفقات لم تكن في حاجة الى موافقة الكونغرس لكون تكلفة كلٍّ منها أقل من الحدّ الأدنى الذي يتطلّب موافقته!
نتنياهو ما زال يكابر ويتمسك بمواقفه الداعية الى مواصلة الحرب لغاية تحقيق أهدافها. فوق ذلك، يبدو كأن منافسةً تدور بين الكتّاب والصحافيين الإسرائيليين على التساؤل: الى أين يتجه الكيان المنقسم على نفسه سياسياً والمنهَك عسكرياً؟
عاموس هرئيل، كبير المحللين السياسيين في صحيفة “هآرتس” (2024/3/8) يقول “إن التشاؤم تعمّق بشأن إمكانات التوصل الى صفقة تبادل أسرى، وان الفجوات بين مواقف “إسرائيل” و”حماس” ما زالت كبيرة، وأشكُّ اذا كان لدى الطرفين إرادة حقيقية للوصول الى اتفاق”.
إيال عوض، الباحث المتخصص في اقتصاد غزة (موقع N12، 2024/3/12) يرى “أن الانشغال المهووس باحتلال رفح يمنع الجيش من التوصل الى أهداف لا تقلّ أهميةً في الشهر المقبل. غزة ليست سباقاً إنما ماراثون لم تحقِّق فيه “إسرائيل” أهدافها الاستراتيجية. النتيجة: انتصار تكتيكي يمكن أن يتحوّل الى هزيمة استراتيجية”.
يائير شيلغ، المحلل السياسي والباحث في معهد هرتمان للسلام “مكور ريشون” (2024/3/13) يرى “أنّ احتمال عودة “حماس” الى السيطرة على القطاع، إذا أخفقت “إسرائيل” في ضغطها، ما زال موجوداً”.
في هذه الأثناء بدأ الجيش الأميركي عملية تركيب رصيف بحري لربطه بشاطئ غزة. العملية تستغرق 60 يوماً على الأقل، ومن المتوقع أن تصل اليه سفن مساعدات من أساطيل أميركية وأخرى من سائر الدول. هذا المشروع تموّله الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، ويتطلّب أكثر من 1000 جندي أميركي للعمل في مجالات التركيب والتشغيل والصيانة، وتزعم واشنطن أنهم لن يكونوا موجودين على أرض غزة. لكن تسفي برئيل، المحلل السياسي في صحيفة “هآرتس” (2024/3/11) يؤكد أنّ غاية إدارة بايدن من إقامة الرصيف هي “إحباط سياسة نتنياهو التي تهدف الى تحويل المساعدات الإنسانية الى أداة ضغط استراتيجية ضد “حماس” وأداة في اللعبة السياسية الداخلية”، وأنّ “إسرائيل” “ستجد نفسها في وضع لا تستطيع فيه إغلاق طرق الوصول الى القطاع طالما حليفتها الأهمّ (أميركا) تقوم بإرسال أساطيل الى غزة، وبذلك تفكك الرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية بأنّ للحصار على غزة وظيفة مركزية”.
إلى هنا يبدو الرصيف البحريّ مبادرةً إنسانية أميركية، لكن تفحّص المشروع يكشف أغراضاً أخرى شديدة السوء، أهمّها خمسة:
*الأول تغطية دعم أميركا السافر، مالياً وعسكرياً، لعدوانية الكيان الصهيوني ومحاولة لبلسمة آلام الفلسطينيين الجرحى والجوعى المشرّدين في العراء نتيجةَ حرب الإبادة الإسرائيلية بأسلحة ثقيلة اميركية أدّت الى استشهاد أكثر من ثلاثين الفاً، معظمهم من الأطفال والنساء، وجرح وإعاقة أكثر من سبعين الفاً.
*الثاني حرمان “حماس” من الظهور كجهة حريصة على تزويد سكان قطاع غزة بالغذاء والدواء والكساء.
*الثالث استبدال منظمة الأونروا التي قطعت عنها الولايات المتحدة ودول أطلسية أخرى معوناتها المالية، وقامت “إسرائيل” أخيراً بقصف مستودعاتها في غزة بمنظومة أخرى تكون مسؤولة عن توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية.
*الرابع إبدال القوات الأميركيّة العاملة في إدارة وتوزيع الغذاء وسائر المساعدات الإنسانية على السكان، بقوات وأجهزة إسرائيلية لدرجة حملت أوساطاً إسرائيلية على الإشارة الى انّ تشغيل الجيش الإسرائيلي في إدارة وتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة ستحوّله الى جيش احتلال وقوة شرطة في القطاع (“صحيفة هآرتس” بتاريخ 2024/3/11).
*الخامس تحويل الجسر البحري الأميركي الى ميناء عائم ودائم ليصبح منفذاً لتهجير الفلسطينيين الذين يعانون ويلات الحرب والحصار. وفي هذه الحالة يُخشى ان يكون الأردن هو وجهة التهجير ومنتهى توطين المهجّرين الجّدد، لا سيما أن دولاً نفطية عربية ستتقبّل، بضغطٍ من واشنطن، مهمة مساعدة عمّان على استيعابهم ودعمهم مالياً بسخاءٍ واسع ومصحوب بدعم مالي وتقني رديف من المنظومة التي تحاول الولايات المتحدة إحلالها محل الأونروا.
كيف يواجه الفسلطينيون وحلفاؤهم هذا التحدّي المستجد؟
بمواصلة المقاومة بلا كلل ولا ملل، والإصرار على عدم متابعة مفاوضات وقف القتال إلاّ بعد رضوخ العدو الصهيوني، كما الولايات المتحدة، لمطلبٍ أساس هو سحب قواته من كافة أراضي قطاع غزة، والتسليم بأنّ إدارة القطاع تبقى مسؤولية الشعب الفلسطيني وحده وحقه في استبقاء تنظيمات المقاومة، على أن يتمّ التوافق في إطار الأمم المتحدة ورعايتها على صيغة لإعادة إعمار غزة وقطاعها بمساهمات مالية تفرضها الأمم المتحدة على كلّ دولة يكرّسها قرار محكمة العدل الدولية الناظرة في الشكوى المقدّمة من دولة جنوب أفريقيا ضدّ “إسرائيل”، مسؤولةً كما الكيان الصهيوني عن الجرائم المرتكبة خلال حرب الإبادة الأخيرة التي شنتّها “إسرائيل” على الشعب الفلسطيني.
هل يجوز القبول بأقل من هذا العقاب والتعويض؟

*نائب ووزير سابق

- حماس ما بعد نتن ياهو…!

محمد صادق الحسيني*

في استعراض ميداني للنصر الآتي لا يقبل التردّد ولا التشكيك، حصل ليلة الأحد 17 مارس/ آذار 2024 عندما دخلت قافلة من المساعدات الإنسانية الى شمال غزة مكوّنة من 12 شاحنة يرافقها مسلحون ملثمون، 6 منها وصلت الى جباليا، دون ان يتجرّأ المحتلّ الإسرائيلي على اعتراضها…
أكد ذلك بيان رسميّ صادر باسم الجبهة الداخلية يشكر فيها تعاون الأهالي في رفح وخان يونس مع المقاومة لإيصال هذه المساعدات من الجنوب الى الشمال.
المواكبون لما جرى ويجري يقولون إنّ هذا الأمر لم يكن ليحصل لولا حصول ثلاثة أمور هامة على أرض الواقع:
الأول، حتى الآن ما زالت منظومة القيادة والسيطرة، وقدرات مجاهدي القسام متماسكة، وتستطيع إدارة حرب استنزاف لشهور إنْ لم يكن لسنوات، وسبب تقلّص خسائر العدو مؤخراً مرتبط بانسحابه من معظم المناطق، وتركيز قواته في مناطق محددة.
الثاني، هو أنّ المقاومة تمكنت عملياً من تدمير 40% من القدرات العسكرية الإسرائيلية، التسليحية والبشرية، الأمر الذي دفع حكومة الحرب من الاقتراب من قبول مقترحات حماس… ولو بشكل غير مباشر وأسلوب مُوارب.
الثالث، بسبب رفض معظم قادة الجيش خيار البقاء في غزة، ويُصرّون على ضرورة طرح حلّ سياسي بالتعاون مع جهات محلية أو إقليمية وربما السلطة، فهذا هو الحلّ الكفيل بنظرهم الذي قد يؤدّي الى القضاء على المقاومة من خلال تطبيق عقيدة «الضفة الغربية» على قطاع غزة (أيّ من خلال نشر قوات محليّة عميلة) بعد فشل الخيار العسكري، وغرق الجيش الفعليّ في مستنقع قطاع غزة.
وهو ما جعل الهوة بين حكومة تل أبيب وواشنطن تصل إلى نهاياتها المحتومة، ما جعل صراخ السيد الأميركي وصاحب الكيان يصل الى كلّ ردهات مطبخ صناعة القرار والحرب الإسرائيلية: لقد منحناك كلّ الفرص يا نتن ياهو ففشلت، وبلغ السيل الزبى…
في هذه الأثناء فإنّ تماسك المستويين السياسي والعسكري لدى مجلس الحرب «الإسرائيلي» نفسه وصل هو الآخر إلى أدنى مستوياته:
فهل يُعقل أنّ كلاً من وزير الحرب ورئيس الأركان يدعوان الى اجتماع مجلس الحرب فيرفض نتن ياهو قبول الدعوة بحجة أنّ السبت يوم عطلة وحرام فيضطر الجيش والأركان والأجهزة ان يجتمعوا من دونه، لأنهم يعتقدون بأنّ الوضع كارثيّ وانّ رئيس الحكومة يكذب ويتهرّب…
أما السبب الأساس والحقيقي لكلّ هذا التصدّع في مجلس الحرب فهو الصمود الأسطوري للمقاومة في الميدان.
المقاومة التي مع كلّ محاولة توغل جديدة ـ تل الهوى أو حي الزيتون مثلاً ـ ظلت تواجه العدو خلالها مقاومة ضارية كبّدته خسائر بشرية دفعته للانسحاب بعد أيام.
ذلك أنّ استراتيجية المقاومة التي اتبعتها في هذه المواجهة غير المتكافئة هي الاقتصاد في القدرات البشرية والعسكرية، وليس الزجّ بكلّ ما لديها من إمكانات، وذلك استعداداً لحرب طويلة الأمد.
فالمقاومة لم تخطط قتالها على أساس أيّ خطة دفاعية على أسلوب «الصدّ الدفاعي أو الجبهوي الثابتة» والذي تقوم به الجيوش عادة، بل على نمط الإغارات والكمائن السريعة تناسباً مع قدراتها، وبالتالي فإنّ معايرتها بسقوط مناطق أو تمركز قوات مدرّعة هائلة التسليح في مدن ومحاور معينة محض هراء.
هذا الأسلوب المرن والحكيم من جهة والواعي والجسور والأداء المذهل من جهة أخرى، في مواجهة مغامرات جيش متهوّر مدجّج بكلّ أنواع القتل المتطور، هو الذي صنع معجزة حرب الأشهر الستة الأسطورية حتى الآن والتي تنبئ بنصر عظيم مقبل بإذن الله، ان بالمفاوضات الجارية في الدوحة، والتي يُقال إنها ستجري خلال الساعات المقبلة رأساً برأس ايّ مرة أخرى أشبه بالميدان، أيّ بالمسافة صفر، حيث ستجلس حماس في غرفة مستقلة والإسرائيلي في غرفة مجاورة وساعي البريد سيكون القطريّ بينهما كما تتواتر التقارير والأخبار. وهو الخيار الأرجح حتى الآن بسبب اضطراب الساحة الأميركية.
أو من خلال حرب طويلة الأمد قد تستمرّ حتى نهاية العام لتسقط نتن ياهو وبايدن معاً.
الصوت العالي الذي صدر من زعيم الأغلبية الديمقراطية اليهودي تشاك شومر في وجه نتن ياهو قبل أيام، مطالباً إياه بالرحيل، يؤشر على وصول الأمور الى خواتيمها عند زعيم واشنطن سواء بسبب تداعيات ذلك على حرب الداخل المحتدمة لديه مع غريمه، ترامب الذي يهدّد بحمام دم، أو بخصوص الخارج الذي ينبئ بقرب سقوط حلفه عند بوابات كييف ونهاية حلم الناتو بإنهاء روسيا، روسيا التي ستكون على مقربة من حدود النورماندي في نهاية حربها المنتصرة في أوكرانيا.
وهكذا يكون محور المقاومة انطلاقاً من 7 أكتوبر المجيد قد تحوّل إلى لاعب دولي أساسي، بل وبيضة القبان في عالم متعدد الأقطاب.
وتعود القضية الفلسطينية الى بداياتها وتحديداً الى ما قبل نكبة 1948، بعد أن سقط زيف فكرة «إسرائيل» التي لا تقهر جيشاً ومستوطنات.
وأما بعد التفويض الذي منحه سيد المقاومة باسم المحور لحماس ثمّة مَن يتوقع ما هو أبعد من ذلك ألا وهو حصول محادثات مباشرة بين حماس والولايات المتحدة على شاكلة محادثات واشنطن مع حركة طالبان التي عُقدت في الدوحة، قد تجري في نهاية عملية طوفان الأقصى لتعيد كلّ أمور فلسطين إلى نصابها قضية عادلة تستحق كلّ الاهتمام، ولا مستقبل للعالم الجديد من دون عودة الحق لأصحابه فيها.
ولا ينبئُك مثل خبير،
بعدنا طيّبين قولوا الله…

* كاتب وباحث وسياسي ايراني


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 52 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أحداث و متابعات  متابعة نشاط الموقع مختارات   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 37

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28