] باحث إسرائيلي بارز: حل الدولتين لم يمت ولبيد الوحيد القادر على إنقاذ إسرائيل بدولة فلسطينية - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 21 آب (أغسطس) 2022

باحث إسرائيلي بارز: حل الدولتين لم يمت ولبيد الوحيد القادر على إنقاذ إسرائيل بدولة فلسطينية

الأحد 21 آب (أغسطس) 2022

يزعم مؤرخ ومثقف إسرائيلي من أصل أوكراني أن رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد هو السياسي الإسرائيلي الوحيد القادر على أن يعيد إسرائيل إلى مسار العملية السياسية وأن يحقق لها “الاستقلال الحقيقي” عبر تشكيل دولة فلسطينية مستقلة. ويقول ديمتري شومسكي، في مقال جديد نشره ملحق صحيفة “هآرتس” العبرية، إن ثمة تشابهاً مهماً في السيرة الذاتية بين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلانسكي، وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية، يئير لبيد، فقبل دخولهما السياسة كان لهما نجاح واضح في مجال الإعلام والفن والإنتاج السينمائي والتلفاز. كما يقول إنهما تركا هذا النجاح في تلك المجالات لصالح السياسة بهدف علني هو الإسهام في إصلاح ما هو أعوج في الواقع السياسي والاجتماعي كل في دولته. ويضيف: “لكن رغم خطوط التشابه بينهما فإنه في المرحلة الحالية ما زالت ظاهرة للعيان فجوة كبيرة بين الزعيمين. مهما كانت النتائج النهائية للهجوم الإجرامي لروسيا على أوكرانيا، إلا أنه لا شك أن زيلنسكي قد ضمن لنفسه مكانة محترمة في التاريخ الى جانب الأبطال الوطنيين الكبار للشعوب. كل ذلك بفضل الطريقة الشجاعة والحكيمة التي يقود فيها سفينة دولته أمام عدو بربري ووحشي ليس لديه شفقة، حيث قرر أن يسلب شعب أوكرانيا حريته الوطنية، وأن يقضي على هويته الثقافية”.

وينوه ديمتري شومسكي بأنه في المقابل لم يدخل لبيد، خلافاً لزيلنسكي، بعد التاريخ، ولكن بالتأكيد يمكنه فعل ذلك وبشكل كبير، فقط لو كانت لديه الإرادة لفعل ذلك، فمثلما حارب زيلنسكي ببطولة من أجل استقلال الشعب الأوكراني الوطني، يستطيع لبيد أيضاً أن يحقق للشعب الإسرائيلي الاستقلال الوطني الحقيقي والكامل، استقلالاً من السيطرة المهينة على شعب آخر خلافاً لإرادته، مع إقامة دولة فلسطينية قابلة للعيش إلى جانب إسرائيل. ويستذكر أن لبيد دخل السياسة من أجل أن يدفع قدماً بمبدأ “الوسط السياسي المعتدل” بديلاً صريحاً عن خطاب الأطراف ثنائي الأقطاب في اليسار واليمين. ويضيف عن سبب إهمال لبيد للقضية الفلسطينية: “لأن الخطاب الجماهيري والسياسي الإسرائيلي الساعي لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 وعاصمتها شرقي القدس يتم تشخيصه بصورة مفهومة ضمناً وحصرية كفكرة يسارية– وعلى الأغلب يتم وصفه كموقف يساري متطرف– فإن هذه الرؤية كما يبدو لا تتساوق مع فكرة الوسط للبيد.

يستطيع لبيد أن يحقق للشعب الإسرائيلي الاستقلال الوطني الحقيقي والكامل، استقلالاً من السيطرة المهينة على شعب آخر خلافاً لإرادته.

فكرة غير متطرفة

من جهته يرى ديمتري شومسكي أنه لا توجد فكرة أبعد، من حيث الروح والجوهر عن أي نوع من التطرف الأيديولوجي، من الفكرة التي تقول إنه في هذه البلاد التي يوجد فيها شعبان لهما هويات وطنية جماعية واضحة يجدر أن تتم إقامة دولتين قوميتين. ويمضي في تعليل دعمه لفكرة الدولتين: “بالعكس، هذه الفكرة نموذج للاعتدال السياسي والعقلانية الوطنية، وليس بالصدفة أن من روّجوا لها بتصميم، وتقريباً نجحوا في تجسيدها قبل بداية أيام ولاية بنيامين نتنياهو الثانية، كانوا رجال وسط واضحين: إيهود أولمرت وتسيبي ليفني وحاييم رامون. هكذا فإنه منذ اختفاء حزب “كديما” خاصتهم من الساحة السياسية فإن فكرة الدولتين تنتظر زعيم الوسط الجديد الذي سيقوم بتبنّيها. ولكن من الطبيعي أن هذا الزعيم سيكون لبيد؛ لأنه نقش على رايته وبشكل واضح جداً معارضة التطرف ومبدأ الاعتدال”.
تسوية الدولتين

وبرأي هذا المثقف الإسرائيلي البارز ديمتري شومسكي فإنه ليس فقط أن فكرة الدولتين تناسب رؤية الوسط والاعتدال لدى لبيد من ناحية أيديولوجية، بل أيضاً من الجانب السياسي– الشخصي، حيث إن لبيد الآن هو الشخص الصحيح من أجل ترجمة هذه الفكرة الى اللغة العملية. ويشيد بـ “نجاح لبيد بعد الانتخابات الأخيرة بحنكة قيادية تثير الانطباع في منع نتنياهو من الفوز برئاسة الحكومة، وقاد تشكيل ائتلاف مركب ومتنوع، وقف في أساس “حكومة التغيير” ومن خلفه جمهور واسع جداً يرى به مواطنون بصورة غير مشكوك فيها أنه زعيمهم ويثقون به بشكل كامل، وهم مستعدون للسير معه في السراء والضراء.
الحل العقلاني

ويشير إلى أن الحديث يدور عن جزء معتدل بالأساس من الجمهور الإسرائيلي، الذي رغم أنه لم يخرج عن أطواره من أجل محاربة الاحتلال– وهو مفهوم تحفظ عليه ويمقته– إلا أنه يعرف جيدا أنه في نهاية المطاف فإن تقسيم هذه البلاد التي تقع بين النهر والبحر بين الشعبين اللذين يعيشان فيها هو الحل المطلوب والأكثر عقلانية للنزاع الوطني الممتد. ويتابع: “هذا الجمهور الإسرائيلي في الواقع لا يهتم بمصير الفلسطينيين، لكنه أيضاً غير معنيّ بأي شكل من الأشكال في أن يقدم أبناؤه وبناته أرواحهم على مذبح الاستيطان. لذلك، سيعطي هذا الجمهور لبيد الدعم الكامل إذا صرح فقط بأنه يفكر في إعادة إسرائيل الى مسار العملية السلمية”.

جزء معتدل من الجمهور الإسرائيلي لا يهتم بمصير الفلسطينيين، لكنه أيضاً غير معنيّ بأن يقدم أبناؤه وبناته أرواحهم على مذبح الاستيطان.

ويقول ديمتري شومسكي إنه إذا قرّر لبيد في القريب السعي بشكل فعلي إلى استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية بهدف تأسيس اتفاق الدولتين فيمكن أن يكتشف، للمفاجأة، أن الواقع الجغرافي والسياسي ناضج للدفع قدماً بهذه العملية. وعلى غرار ما يؤكده الباحث الإسرائيلي الجنرال في الاحتياط شاؤول أرئيلي، يؤكد ديمتري شومسكي أنه، خلافاً للأسطورة الصهيونية التي تقول إن واقع الاستيطان غير قابل للعودة، التي ترافقنا منذ ثلاثة عقود تقريباً، فإن الحقيقة هي أن مشروع الاستيطان تعرّض لفشل مدوٍّ في مهمته الأساسية والمهمة جداً وهي استيطان قلوب معظم الإسرائيليين.

ويضيف: “حقيقة أنه بعد أكثر من خمسين سنة على الاستيطان الذي قام به حنان بورات ومستوطنو غوش عصيون، ورغم الدعم الواضح والمستمر من قبل حكومات إسرائيل لعشرات السنين، فإن نسبة المستوطنين من إجمالي سكان الدولة ما زالت أقل من 5 %. على خلفية هذا الفشل فإن الشائعات المستمرة حول موت حل الدولتين، التي تنشر طوال سنين صباح مساء من قبل اليائسين في اليسار، بدءاً من ميرون بنفنستي في نهاية الثمانينيات، وإلى الكتاب أ.ب يهوشع وروغل الفر وجدعون ليفي في السنوات الاخيرة، هي شائعات مبالغ فيها بالتأكيد. ويرى أن الدليل على ذلك هو اختراقة تمت قبل الاتفاق المأمول الذي كان قاب قوسين أو أدنى في جولة المحادثات الأخيرة بين إسرائيل والفلسطينيين في إطار عملية أنابوليس في الأعوام 2007 – 2009. ويتابع: “في حين أن الهواية المعروفة لرافضي العملية السياسية من اليمين، ومن قبل بعض المتشائمين المتسلسلين من اليسار ومن الوسط– اليسار، هي تقديم عملية أنابوليس كجزء من مقاربة “لا يوجد شريك”، التي أطلقها إيهود براك بعد في كامب ديفيد عام 2000– أو نسيانها تماماً، كما لو كانت فصلاً سياسياً غير مهم– وفي حقيقة الأمر كان يمكن، في حينه، لأولمرت ومحمود عباس الاقتراب أكثر من أي وقت مضى من تسوية شاملة بين الشعبين”.

خلافاً للأسطورة الصهيونية التي تقول إن واقع الاستيطان غير قابل للعودة، فإن الحقيقة أن مشروع الاستيطان تعرّض لفشل مدوٍّ في مهمته الأساسية..

حوار حميمي

وبرأيه أيضاً أنه رغم الفجوات التي بقيت بين الطرفين، إلا أنه بفضل حوار حميمي وموضوعي بين القيادات، التي عرفت كيفية تطويره في عشرات اللقاء التي أجروها، سجل في فترة أنابوليس تقدم مهم جداً في العملية السلمية. كما يقول إنه إضافة الى ذلك، بفضل عمل سياسي أساسي وشاق لطواقم المفاوضات الإسرائيلية والفلسطينية تم التوصل إلى تقدم في كل قضية من القضايا الأربع الرئيسية للنزاع: الجغرافيا، والحدود، والأمن، ومشكلة اللاجئين، والقدس.

على أساس الاتفاقات التي تم التوصل إليها صاغ أولمرت اقتراح التسوية السياسية، التي أرسلها إلى عباس في أيلول 2008، وتضمنت المواضيع التالية: العودة إلى خطوط 1967 مع تبادل للأراضي، سيكون الحوض المقدس في القدس (بدون أحياء الطور وسلوان التي ستكون جزءاً من الدولة الفلسطينية) تحت الوصاية الدولية، بدون سيادة سياسية لأي دولة، في إطار مبادرة السلام العربية، وعلى أساس فردي إنساني فقط، سيسمح بدخول ألف فلسطيني في العام إلى إسرائيل لمدة خمس سنوات. كما تضمنت التسوية المقترحة، حسب ديمتري شومسكي: لن تحتفظ إسرائيل بقوات عسكرية في غور الأردن، في حين أنه سيتم نشر قوة عسكرية دولية على طول نهر الأردن في الطرف الأردني، وستفصل بين دولة الأردن ودولة فلسطين.

وبخلاف الموقف الفلسطيني، يزعم ديمتري شومسكي أن محمود عباس لم يرد في الواقع على اقتراح أولمرت، لكنه لم يرفضه في أي وقت من الأوقات مدعياً أن تردده نبع من الخوف من أن أولمرت، الذي وصل وضعه القانوني في حينه إلى الحضيض بسبب قضايا الفساد التي كان متورطاً فيها، لن يستطيع مواصلة قيادة العملية السلمية كما هو مطلوب. ويتابع: “لا نعرف إلى أي درجة كان هذا التردد مبرراً، حيث إنه في نهاية المطاف يمكن فقط تخيل قوة تحريض اليمين التي كانت ستندلع حول مسألة شرعية رئيس الحكومة الخاضع للتحقيق معه في اتخاذ قرارات سياسية مصيرية. ولكن مهما كان الأمر، فإن الوضع في حينه مثلما هو الآن، مبادئ مسار أنابوليس بشكل عام واقتراح أولمرت بشكل خاص هي المعايير ذات الصلة التي على أساسها على إسرائيل أن تسعى لاستئناف المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية”.

في مذكراته “عكس الرياح” كتب رامون بأنه يمكن القضاء على حكم “حماس” بوساطة ضغط سياسي مشترك لإسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة.

حضور بنيامين نتنياهو

ويرى أنه حتى لو أراد ذلك فمن غير المقبول، من وجهة نظر لبيد، الإعلان في إطار الحملة الانتخابية الحالية عن الطموح للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين، لأنه شئنا أم أبينا فإن مسألة نتنياهو ستستمر بالتأكيد في دفع أي قضية سياسية أو اجتماعية أخرى إلى الزاوية، وهذه هي الحال مادام نتنياهو مستمراً في العمل على الساحة السياسية بسبب شخصيته القوية وتأثيره الكبير. ويضيف ديمتري شومسكي: “لكن مع الاختفاء المأمول لنتنياهو من الحياة السياسية فإن من شأن طريق لبيد لاستئناف العملية السياسية ودفعها قدماً– التي ستكون بالتأكيد طويلة ومليئة بالعقبات– أن تتضح لتبدو أنها أسهل مما تنبأ به أنبياء الدولة ثنائية القومية، حيث إن هذه الطريق سبق شقها من قبل على يد آخرين بجهد كبير. عندما سيأتي لبيد في القريب يجب علينا الأمل بحكومة مستقرة ومنتخبة، وكل ما سيكون عليه فعله من أجل إعادة إسرائيل إلى هذه الطريق هو العودة إلى طرح اقتراح أولمرت على الفلسطينيين وعلى الدول العربية، باعتباره خطة لاستئناف المفاوضات حول تقسيم البلاد واستكماله”.
دور السعودية

مرجحاً ألا تكون حركة “حماس”، التي لا تعترف بوجود إسرائيل وتعارض تقسيم البلاد، عائقا جوهريا لا يمكن التغلب عليه في الطريق إلى الدفع قدماً بحل الدولتين، وللتدليل على رؤيته هذه يستذكر الباحث أن الوزير السابق حاييم رامون، الذي كان شخصاً أساسياً في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قبل اتفاقات أوسلو وحتى بعد عملية أنابوليس، يعتقد أن “حماس” لن تكون عقبة. في مذكراته بعنوان “عكس الرياح” كتب رامون بأنه يمكن القضاء على حكم “حماس” بوساطة ضغط سياسي مشترك لإسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، مرجحاً أيضا أنه بعد اتفاقات إبراهيم وإزاء احتمالية حقيقية لإشراك السعودية في العملية السياسية الإقليمية فإن تفاؤل رامون ما زال ساري المفعول بصورة أكبر.

من هنا يستنتج ديمتري شومسكي القول إنه إذا كان الأمر كذلك فإن يائير لبيد هو السياسي الإسرائيلي الوحيد الآن الذي يمكنه أن يعيد إسرائيل في المستقبل القريب الى مسار العملية السياسية، حيث لديه نظرية منظمة تحافظ على مبادئ الاعتدال السياسي، كما أنه يتحلى بصورة واضحة بمزايا سياسية ثمينة، التي هي حيوية لإدارة مفاوضات سياسية، بما في ذلك طول النفس واحترام الآخر والسحر الشخصي، ويحظى بدعم آخذ في الازدياد من قبل جمهور إسرائيلي واسع غير متعصب، هو بحاجة ماسة إلى زعيم يعيد للإسرائيليين الأمل الحقيقي لسلام حقيقي والعيش باحترام متبادل مع الجيران الفلسطينيين”.

ويخلص للقول إنه سيكون في ذلك أكثر من قدر ضئيل من الرمزية التاريخية، إذا كان رئيس الحكومة الإسرائيلي الأول من وسط أبناء الجيل الثاني للكارثة هو الذي سيضع حداً للقتل المستمر لليهود في أعقاب النزاع الوطني الذي لا ينتهي. ويضيف متسائلاً: “لبيد يمكنه اختيار هذه الطريق وهو قادر على ذلك. هل سيرغب لبيد بفعل ذلك؟ هل سينجح في التحرر من عناق الدب المقيّد لـ “أنبياء الكذب”، وأن يتحول إلى البطل القومي الذي يحتاج إليه كثيراً الإسرائيليون في هذا الوقت، بطل السلام؟ ستقول الأيام كلمتها.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع صحافة العدو   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 29

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28