] من النقب إلى الضفة احتجاجات واعتقالات وحكومة الائتلاف تريد تطبيع واقع الاستيطان - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 16 كانون الثاني (يناير) 2022

من النقب إلى الضفة احتجاجات واعتقالات وحكومة الائتلاف تريد تطبيع واقع الاستيطان

الأحد 16 كانون الثاني (يناير) 2022

- إبراهيم درويش

تشهد المناطق الفلسطينية المحتلة تصعيدا من القوات الإسرائيلية وجماعات المستوطنين، وشملت حملة القمع المستمرة اعتقالات في بلدة زيتا شمال طولكرم، في حين أقدمت جرافات الاحتلال على تجريف أراض فلسطينية في محيط جبل صبيح في نابلس. وشهدت بلدة بيتا مواجهات مع قوات الاحتلال، رفضا لسياساته الاستيطانية في البلدة. كما وأصيب عدد من الفلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف مساء الخميس، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في قرية برقة شمال غرب نابلس. في وقت رشق المستوطنون المركبات بالحجارة قرب بلدة دير شرف، غرب مدينة نابلس. وداهمت قوات المستعربين يوم الإثنين حرم جامعة بير زيت وأطلق أفرادها الرصاص الحي واعتقلوا عددا من الطلاب وخلفوا وراءهم جريحا على الأقل.

أمريكي – فلسطيني

وقتلت إسرائيل فلسطينيا أمريكيا عمره 80 عاما أثناء مداهمة لبلدة جلجيليا، قرب رام الله. وزعمت القوات الإسرائيلية أنه قاوم القبض عليه أثناء المداهمة للبلدة مع أن رئيس مجلس البلدة أخبر وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» إن عمر اسعد أوقفت سيارته بعد عودته من سهرة مع أقارب له وتم تقييده وتعصيب عينيه واقتيد مع أربعة فلسطينيين آخرين إلى مبنى غير مكتمل حيث عثر على جثته في صباح الأربعاء. وقالت صحيفة «واشنطن بوست» (14/1/2022) إن الرجل الثمانيني أسعد كان ملقى على الأرض بدون حراك بعد احتجازه أثناء مداهمة ليلية، وقام جندي إسرائيلي بفحص الرجل، وبعد ذلك انسحبت القوات الإسرائيلية مباشرة. وقال مراوح عبد الرحمن الذي احتجز مع أسعد إنه ذهب مباشرة إلى أسعد ورفع عنه المعطف وكشف عن عينيه المعصوبتين بكوفيته الحمراء وحاول جس نبضه بدون أي رد. وقال رضا توفيق بكري الذي راقب المشهد من نافذة بيته إنه ذهب سريعا بعد خروج الجنود ووجد أسعد بلا حراك. ولم تنجح محاولات الطبيب المحلي إنعاشه في ساحة البيت ونقل إلى عيادة قريبة ثم إلى مستشفى في مدينة رام الله حيث أعلن عن وفاته. وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي إن التحقيق الأولي يكشف عن اعتقال أسعد لفترة وجيزة وكان على قيد الحياة عند الإفراج عنه. وقال المسؤول الذي لم يكشف عن هويته إن عدم توفير المساعدة الطبية لمعتقل كان يعاني من مشاكل صحية يعتبر خرقا لبروتوكولات الجيش وقد يكون جريمة يعاقب عليها. وطالبت وزارة الخارجية الأمريكية بتحقيق عميق بوفاة أسعد الذي عاش في ميلووكي وكان يملك بقالة فيها وشيكاغو، وربى خمسة أولاد قبل أن ينتقل للعيش في الضفة الغربية قبل عقد. ولم يكشف الجيش الإسرائيلي الكثير عن ظروف وفاة أسعد، غير القول أنه كان في يحقق في نشاطات إرهابية بالبلدة عندما «رفض» أسعد التفتيش، ويعاني الرجل الثمانيني من مشاكل مزمنة بالقلب حسب أحد أقاربه. ولم يخرج أسعد من البلدة إلا نادرا منذ انتقاله من أمريكا التي عاش فيها مدة 40 عاما وبنى بيته الكبير في جلجيليا على مدى 14 عاما. ولا يزال أبناؤه و15 من أحفاده يعيشون في الولايات المتحدة، لكنه حسب قريبه عبد الله أسعد شعر بالراحة في البلدة ولم يواجه أية مشاكل مع الإسرائيليين أو أي جهة أخرى. وفي تقرير مماثل لصحيفة «نيويورك تايمز» (12/1/2022) قالت إن عمر أسعد هو ثاني فلسطينيي يقتل عام 2022. ففي 6 كانون الثاني/يناير قتل بكر حشاش في إطلاق نار مع القوات الإسرائيلية بمخيم بلاطة قرب مدينة نابلس. وفي عام 2021 بلغ عدد القتلى في الأراضي المحتلة على يد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين 79 فلسطينيا حسب الإحصائيات التي أعدتها الأمم المتحدة. وقتل الفلسطينيون ثلاثة إسرائيليين آخرهم في الشهر الماضي وهو مستوطن يهودي في شمال الضفة الغربية.

انتفاضة النقب

من ناحية أخرى شهدت مدينة بير السبع تظاهرات ضد الهدم المستر للبيوت ومصادرة الأراضي الفلسطينية هناك بحجة أنها ملك للدولة. وشارك في التظاهرة حوالي 500 شخص قابلتهم مئات عناصر الشرطة الإسرائيلية التي أطلقت عليهم الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والمياه العادمة. واعتقل حوالي 15من المحتجين على مدخل بلدة سعوة الواقعة على تقاطع خط 31 شرق بير السبع. وحسب ناشطة نقلت عنها قناة «الجزيرة» الإنكليزية (13/1/2022): «لقد استخدموا العنف والضرب وجرح أشخاص فيما اعتقل آخرون». وبدأت الاحتجاجات الأثنين الماضي عندما قامت الجرافات التابعة للصندوق القومي اليهودي، وهو مؤسسة شبه حكومية وبحماية من الشرطة بتجريف مزارع للبدو في بلدة الأطرش بحجة التشجير. وانتشر العنف كما أظهرت لقطات الفيديو والصور التي تم تبادلها على منصات التواصل الاجتماعي وأظهرت قوات الشرطة وهي تقوم باستخدام القوة لاعتقال المواطنين الذين جاءوا للدفاع عن أراضيهم التي يستخدمونها لزراعة القمح والشعير. وقامت الشرطة يوم الإثنين بتدمير خيام اعتصام في الأطرش وسعوة وأطلقت القنابل الصوتية والمطاطية واعتقلت 20 شخصا. وتمت محاصرة القريتين حيث تم منع السكان من الدخول أو الخروج. واعتقل أكثر من 80 شخصا منذ بداية المواجهات. وقال المحامي مروان أبو فريح الذي قدم شكوى لمنظمة عدالة إن هناك تصعيدا واضحا. وقال «أمر غير مسبوق قيام جرافات الصندوق القومي اليهودي وبحماية مشددة- مئات عناصر الشرطة والقوات الخاصة وخيالة الشرطة، ولم يحدث هذا أبدا». وقال أبو فريح إن عمليات التشجير ستؤثر على آلاف الدونمات التي يملكها البدو في منطقة ناق السبع والتي يعيش فيها 28.000 مواطن موزعين على ست قرى لم تعترف بها دولة إسرائيل. ويطالب المحتجون باعتراف السلطات بالقرى العربية غير المعترف بها وكذا الأراضي التي يملكها الفلسطينيون قبل نشوء دولة إسرائيل عام 1948. ويعيش حوالي 300.000 فلسطيني من حملة الجنسية الإسرائيلية في النقب، منهم 90.000 في قرى وبلدات غير معترف بها ومهددة بالهدم باعتبارها «تعديا». وأعلنت السلطات الإسرائيلية في 2019 أنها ستنقل 36.000 من سكان القرى غير المعترف بها إلى بلدات جديدة. ورفضت السلطات ربط القرى بشبكة المياه أو الكهرباء ولا تقديم الخدمات أو تعبيد الشوارع. وبلغ عدد البيوت التي تم هدمها في الفترة ما بين 2013- 2019 أكثر من 10.000 بيت. وتعتبر التطورات الأخيرة جزءا من جهود مستمرة منذ عقود لتهويد النقب من خلال مشاريع بملايين الدولارات تهدف لتحفيز اليهود للسكن في هذه المناطق. وكشفت صحيفة «هآرتس» (13/1/2022) أن أحداث النقب الأخيرة أثارت قلق المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلي. وأكدت الصحيفة في تقرير عاموس هرئيل، أن «المواجهات العنيفة التي اندلعت في النقب مؤخرا، تعكس التداخل الخطير بين أزمة سياسية شديدة وبين تهديد أمني داخلي» منوهة إلى أن اليمين الإسرائيلي «كعادته، يصب الزيت على النار». ورأت أنه في حالة عدم استجابة الحكومة بسرعة، فقد تجد نفسها أمام الخطر الأمني الأخطر الذي سجل في إسرائيل منذ المواجهات التي وقعت في المدن المختلطة أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في 10 أيار/مايو 2021 واستمر 11 يوما. وأشارت الصحيفة إلى أن «الأجواء في أوساط البدو في النقب تسخن بالتدريج منذ بضعة أسابيع، وبالأساس على خلفية الخوف من استئناف هدم البيوت. وزاد الغضب بسبب التشجير في أراضيهم». وقالت إن حكومة نفتالي بينيت تستخدم «التشجير من أجل إبعاد السكان البدو عن الأراضي التي يعيشون فيها». وقالت «توجد هنا مواجهة رمزية يرافقها صراع عملي على تحديد المنطقة الجغرافية والسيطرة عليها، ومستوى العنف (من قبل سلطات الاحتلال) مرتفع نسبيا». وأضافت أن «الاحتجاجات حول التشجير ليست جديدة في النقب، لكنها لأول مرة تحدث في الوقت الذي يوجد فيه حزب عربي عضو رئيسي في الائتلاف الحكومي، علما بأن نحو 40 في المئة من أصوات (راعم) (القائمة العربية الموحدة) في الانتخابات الأخيرة جاءت من النقب». ونقلت الصحيفة عن قيادي كبير في الحركة الإسلامية في الداخل، أن «التهديد الأكبر على استقرار الحكومة يوجد في النقب، واستمرار هدم البيوت في القطاع البدوي». واتهمت الصحيفة العديد من الأحزاب الإسرائيلية من بينها حزب «الصهيونية الدينية» و«الليكود» بأنها «تشعل الحرائق وتلعب بالنار، وكل هذا بهدف الحفاظ على التوتر».

القدس في خطر

وما دمنا في القدس فقد تواصلت الاعتداءات على الفلسطينيين وحرمانهم من الإقامة والاستفزازات في الحرم الشريف. وما يلفت في الأمر هو المقال الذي كتبه بطريرك القدس للروم الأرثوذكس ثيوفيولس الثالث ونشرته صحيفة «التايمز» (8/1/2022) حذر فيه من الجماعات اليهودية المتطرفة التي باتت تستهدف المسيحيين في القدس. وقدم فيه رؤية تاريخية عن الوجود المسيحي في القدس منذ قرون و«قد نجونا من الحصار والغزوات والأوبئة والإضطهاد وبقينا موالين لربنا لأننا نعرف أنه نور حياتنا في الظلام». وقال إن «وجودنا في القدس بات عرضة للتهديد. وتتعرض كنائسنا للتهديد من جماعات راديكالية هامشية. ويعاني المجتمع المسيحي في القدس على أيدي هذه الجماعات الصهيونية الكثير. وصار إخواننا وأخواتنا ضحايا لجرائم الكراهية. ويتم تشويه وتخريب كنائسنا. ويتعرض رجال الدين في كنائسنا للتخويف الدائم. والهدف الرئيسي لهذه الجماعات الراديكالية هو إطفاء نور المجتمع المسيحي في المدينة القديمة». وقال إن الجماعات اليهودية المتطرفة تحاول احتلال والسيطرة على بنايتين كبيرتين بطريقة غير قانونية. وأكد البطريرك أن القدس هي مدينة الأديان التوحيدية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام وهي العاصمة الروحية للعالم. وجمال المدينة نابع من تنوعها الديني والثقافي. وقال إن الجماعات المتطرفة التي تحاول استبعاد المسيحية تمثل تهديدا وجوديا على القدس. مضيفا أن هذه الجماعات لا تمثل دولة إسرائيل أو الشعب اليهودي ويجب حماية تنوع وتميز المدينة القديمة من أجل القدس والعالم.

الحق الكامل أو الاحتلال

وطالما استمرت إسرائيل في سياستها العنصرية فلن يتوقف التوتر. وفي مقال كتبه مسؤول ملف إسرائيل وفلسطين في مجموعة الأزمات الدولية مئيراف زونسزين نشرته صحيفة «واشنطن بوست» (6/1/2022) علق فيه على إحياء رئيس إسرائيل الجديد، إسحاق هرتزوغ، الليلة الأولى من هانوكا في كانون الأول/ديسمبر بإضاءة الشموع في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش حوالي 850 مستوطنا إسرائيليا تحت الحماية العسكرية بين أكثر من 200 ألف فلسطيني، فقد قدم تذكيرا مهينا آخر للاحتلال الوحشي الإسرائيلي. وتحدث الكاتب عن التناقض بين السياسة الخارجية التي ينهجها الائتلاف الإسرائيلي المختلط الذي أنهى ولاية بنيامين نتنياهو وإصلاح علاقات إسرائيل مع الديمقراطيين الأمريكيين والدول الأوروبية، وموقف وزير الخارجية يائير لابيد من قرار شركة بن أند جيريز أنها لن تبيع الآيس كريم بعد الآن في المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يقيم 670000 إسرائيلي بشكل غير قانوني. فقد وصف لابيد هذه الخطوة بأنها «معادية لإسرائيل ومعادية لليهود».
وقال الكاتب إن الخلط المنهجي بين مقاطعة المستوطنات وإسرائبل يمحو التمييز بين حدود إسرائيل المعترف بها دوليا عام 1948 والأرض – والشعب – التي احتلتها منذ عام 1967. وعلى الرغم من أن تحالف نفتالي بينيت – لابيد يدعي أنه الترياق لحكم نتنياهو، فإنه مستمر في نفس سياسات التوسع الاستيطاني وهدم المنازل والتهديد بالإخلاء، وقمع الدولة للفلسطينيين ورفض الانخراط حتى في ما يشبه العملية السياسية. كما أن الحكومة الجديدة، إن وجدت، ضاعفت من قوتها في الخلط بين إسرائيل والضفة الغربية. فالمنطق، حتى في ظل رئيس الوزراء الذي يدعي «تقليص» الصراع، ووزير الدفاع الذي يسعى لتقوية الاقتصاد الفلسطيني ووزير الخارجية الذي يدعم حل الدولتين، يقوم على استمرار الاحتلال وإضفاء الشرعية على المستوطنات فيها ووضع الفلسطينيين تحت الحكم العسكري مع الإدعاء بتحسين حياتهم. وهذا استمرار للضم بحكم الأمر الواقع مثل الحكومات السابقة – ويمكن القول إنه يزيد عليها قليلا من خلال خلق مظهر الضم بحكم القانون. إنها ليست مجرد مصادرة مستمرة للأراضي (مع التهرب من التداعيات القانونية) ولكنه موقف يتوقع من بقية العالم قبول الأراضي المحتلة كما لو كانت إسرائيل. وهذا جزء من سبب قيام منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم بعد نظيراتها الفلسطينية بالإعلان قبل عام أن إسرائيل هي نظام فصل عنصري. ويعلق الكاتب أن تطبيع المستوطنات الإسرائيلية ومحو الخط الأخضر ليس بالأمر الجديد. لقد كان يحدث بشكل مطرد منذ أن بدأت إسرائيل في إرسال مواطنيها عبر الخط بعد حرب 1967. لكن هذا التحالف الجديد يتابع هذه الأجندة في حين يقدم نفسه على أنه أكثر ودية إلى حد ما وأكثر استساغة، وهو الأمر الذي يستطيع فعله إلى حد كبير دون مساءلة بسبب التقاعس الدولي. ويقول إن إسرائيل تتعامل مع الضفة الغربية كما لو كانت بالفعل جزءا من أراضيها السيادية، فربما ينبغي على الحكومات الأخرى أن تبدأ في التصرف وفقا لذلك. على الرغم من تحول السياسة – والخطاب – في إسرائيل بعيدا بشكل كبير عن عملية السلام، إلا أن السياسة والخطاب الدوليين لا يزالان عالقين. ويحتاج العالم إلى إجبار إسرائيل على الاختيار: إما أن تلتزم بسحب وجودها العسكري والمدني من الضفة الغربية إلى حدود ما قبل عام 1967 أو منح حق المواطنة والمساواة الكاملة ومنح حق التصويت لجميع أولئك الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية، على الأقل حتى عودة حل تفاوضي حقيقي إلى الطاولة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع تقارير اعلامية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 6

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28