] في الاردن: لماذا وكيف دخلت «بي بي سي» و»واشنطن بوست» على خط الاشتباك؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الأحد 11 نيسان (أبريل) 2021

في الاردن: لماذا وكيف دخلت «بي بي سي» و»واشنطن بوست» على خط الاشتباك؟

الأحد 11 نيسان (أبريل) 2021

يبدأ عمليا تسلسل الأحداث المثيرة والأخيرة في الأردن يوم السبت 3 نيسان/ابريل الجاري، من بيان بصبغة عائلية وعشائرية يصدر عن أهل أحد العاملين والمرافقين للأمير حمزة بن الحسين من عائلة المجالي تحديدا، ثم بيان آخر لعائلة موظف آخر مقرب يعمل مع الأمير.

في البيانين إشارات واضحة لاستخدام قوة كبيرة أمنية في مداهمات لبيوت بعض الأشخاص المقربين من الأمير، واعتراض على استخدام مكثف للسلاح خلال عمليات المداهمة، حيث ظهرت هنا القوة الأمنية الخاصة المسلحة جدا المتخصصة في مداهمات الإرهاب.
وسرعان ما تدحرجت الأنباء والأحداث بعد تلك البيانات وبدأت وسائل الإعلام الغربية والعالمية بالبحث وطرح التساؤلات والحديث عن اعتقالات غامضة في الأردن، إلى أن انتظر الجميع بفارغ الصبر البيان الرسمي الذي يوضح مع بداية يوم اعتقالات السبت ما الذي يجري، فيما كانت تسريبات عبر الصحافة الأمريكية والإسرائيلية في ذلك الوقت في يوم «السبت الملتهب» كما وصف، تتحدث عن حالة اضطراب محتملة في الأردن.
تصمت الحكومة إزاء عاصفة التسريبات الإعلامية وظهور بيانات مناطقية وعشائرية الطابع تتحدث عن اعتقال مقربين من الأمير الأردني.
لاحقا يترقب الرأي العام مسار الأحداث فيتم الإعلان رسميا عن بيان مقتضب باسم رئيس هيئة الأركان الجنرال يوسف الحنيطي.

عملية أمنية منسقة

في بيانه تحدث الحنيطي عن عملية أمنية منسقة ومشتركة مع بقية الأجهزة الأمنية انتهت بدون تفاصيل باعتقال عدة أشخاص، ثم يتحدث عن شخصين من الموقوفين وهما الدكتور باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، ويتحدث بيان رئيس الأركان هنا عن عملية أمنية لها علاقة بمحاولة زعزعة الأمن والاستقرار في الأردن. ومن دون ربط مباشر يبلغ الرأي العام في نفس البيان عن زيارة قام بها للأمير حمزة بن الحسين وطلب منه خلالها التوقف عن دعم نشاطات تؤدي إلى استغلال الظروف والعبث بالأمن والاستقرار في الأردن.
حتى صدور بيان رئيس الأركان كانت الحكومة الأردنية في حالة صمت.
وتم التعبير عن غياب الرواية الرسمية في المفارقة التي التقطتها جميع منصات التواصل، وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير شؤون الإعلام صخر دودين يتحدث عن ترتيبات الحظر والوقاية الصحية في شهر رمضان، في نفس التوقيت الذي كانت تشتعل فيه منصات الإعلام الدولية بأخبار عن وضع مضطرب في الأردن.
في المساء يتفاجأ الجميع بتقرير انتشر بسرعة النار في الهشيم لصحيفة «واشنطن بوست» يتحدث عن محاولة إنقلاب ما في الأردن وعن حالة اضطراب أمنية تم خلالها اعتقال بعض الأشخاص المهمين ومن بينهم الدكتور عوض الله وتم خلالها أيضا فرض حظر التجول على ولي العهد السابق.
ألهب تقرير «واشنطن بوست» مشاعر الأردنيين وأقلق قطاعات واسعة من شرائح المجتمع الأردني.
وعبر تقرير «واشنطن بوست» الأول والذي تلقفته منابر ومنصات إسرائيلية وأعادت نشره وتكراره طرح على مستوى النخب والصالونات برز السؤال الأساسي حول خلفية تدخل صحيفة كبيرة مثل «واشنطن بوست» بمسألة داخلية لها علاقة بخلافات مع الأمير الشاب أو في اعتقالات أمنية قالت رئاسة الأركان الأردنية ان التحقيق فيها سيتواصل وانها جرت بموجب وفي ظل القانون.
ما قالته صحيفة «واشنطن بوست» رفع مستوى «الأدرنالين» بمعنى القلق والخوف والمتابعة والشغف والهوس بالحصول على معلومات لدى الرأي العام الأردني، وبات المواطنون في حالة ترقب وتوقع طوال ليلة السبت الأحد فيما كانت الحياة تسير في عمان وبقية المدن بكل لطف وشكل مألوف كالمعتاد ولم ترصد أي مظاهر ذات بعد أمني يمكن ان تفسر حصول اضطراب كبير.
صباح الأحد استيقظ الأردنيون على تزاحم في الأسئلة ومشاعر قلق ورغبة في معرفة ما الذي حصل، بينما كانت تتابع الصحافة الأمريكية والإسرائيلية وبطريقة أغلب الأحيان تؤشر على اهتمام كبير.
في كل حال أعلنت الحكومة في وقت مبكر أن بيانا رسميا لها سيتم الإعلان عنه لشرح ما يجري للأردنيين.

المايكروفون مع الصفدي

في الأثناء لم يكن من المتوقع بسبب مرض رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، ان يظهر تحديدا نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ليتحدث عن تلك العملية الأمنية التي كان قد أعلن عنها قبل ساعات مساء السبت الجيش.
فوجئ الإعلاميون والمواطنون بأن من يتولى ميكرفون شرح الأحداث في اليوم التالي وعصر يوم الأحد هو الوزير أيمن الصفدي، ما أنتج انطباعا بأن المسألة لها أبعاد دبلوماسية وخارجية.
ويبدو ان جدلا حصل في اختيار الشخصية التي ستعلن عن التفاصيل أو بيان الحكومة الجديد. فقد اقترح بعض المسؤولين ان يتولى الأمر نائب رئيس الوزراء الأول وزير الحكم المحلي توفيق كريشان، وشوهد الناطق الرسمي الوزير دودين يجلس مع الصحافيين والإعلاميين فيما اعتلى المنصة الوزير أيمن الصفدي.
طبعا رواية الصفدي للأحداث التزمت بالخطوط والملامح العامة نفسها التي وردت في بيان رئاسة الأركان في اليوم السابق.
لكن مع ضغط أسئلة الصحافة في مجلس الوزراء اضطر الوزير الصفدي لاستخدام مهاراته الدبلوماسية واللغوية في إصدار بعض المواقف واستخدام بعض العبارات.
وكانت رواية الصفدي تتحدث عن جزئيتين في نفس المشهد، وعن نقطة تلاقي حصلت أقلقت الدولة وخالفت القانون بينما ما سماه طموحات وأوهام من جهة الأمير حمزة واتصالات بين الثنائي عوض الله وبن زيد بجهات خارجية لم يحددها، فيما تحدث الصفدي في نفس المؤتمر الصحافي عن اعتقال بعض المقربين من الأمير بسبب اتصالات مع ما سماها المعارضة الخارجية.
كانت تلك بطبيعة الحال المرة الأولى تماما التي يقر فيها مسؤول أو وزير أردني بتعبير المعارضة الخارجية، الأمر الذي صدم الخبراء العميقين وانتهى بتأسيس حالة في الإعلام الدولي اسمها المعارضة الخارجية، علما بأن الأمر لا يزيد عن استعراضات مصورة يقوم بها بعض الأردنيين المقيمون في الخارج من الغاضبين أو من الذين حصلوا على لجوء سياسي.
ويبدو هنا ان إقرار الوزير الصفدي واستعماله لتعبير معارضة خارجية تبنى على أساسها مخالفة قانونية بعنوان الاتصال بتلك المعارضة، دفع وسائل الإعلام عمليا بالنتيجة الدولية المهتمة في الأردن والقلقة عليه للاتصال برموز تلك المعارضة، مما أدى بالنتيجة إلى انتقال حضور ما يسمى بالمعارضة الخارجية من منصات التواصل على المستوى المحلي إلى الفضائيات والشاشات وكان ذلك بإقرار المجتهدين والخبراء أحد أبرز الأخطاء الفنية التي تورط بها الوزير الصفدي.
في الأثناء وبطبيعة الحال قدم الصفدي بعبارات ومعلومات غير مترابطة، ولم يقدم شروحات تفصيلية، وقدر جميع المراقبين بأن القضية قيد التحقيق وبأن المصلحة الأمنية القانونية تتطلب عدم الكشف عن التفاصيل، لكنه أشار إلى اتصال هاتفي غامض جرى بين شخص إسرائيلي وزوجة الأمير حمزة، ما أثار الجدل لاحقا وأوحى بأن الحكومة الأردنية في طريقها للربط بين اعتقال مجموعة الأمير التي تتواصل مع المعارضة الخارجية، واعتقال الدكتور عوض الله في اطار قضية لم تنته بتوجيه تهمة محددة، وإن كان الصفدي قد أعلن أن عوض الله وبن زيد تواصلا مع جهات خارجية غير محددة في إطار مخطط لزعزعة الأمن والاستقرار في الأردن.

ماكينة الإعلام الدولي

مباشرة بعد المؤتمر الصحافي المثير للجدل بتوقيع الوزير الصفدي، حصلت المفاجأة الأبرز في مسار وتسلسل الأحداث، حيث دخلت ماكينة كبيرة بمستوى الإعلام الدولي على خطوط الاشتباك، وفوجئ الجميع بمحطة «بي بي سي» البريطانية تدخل في التفاصيل مباشرة بعد صحيفة «واشنطن بوست» التي عادت لتعديل روايتها عن انقلاب تبين انه مفترض وغير حقيقي في الأردن.
كان الحديث المسجل للأمير حمزة في «بي بي سي» وبالنسختين العربية والانكليزية مفاجأة لجميع الأطراف، خلطت بعض الأوراق ولاحقا ظهر الحديث المسجل لعدة دقائق عبر محطة «الجزيرة» بمعنى ان المسألة دخلت في نطاق التدويل الإعلامي والدولي والإقليمي.
وهي مسألة من المرجح ان الحكومة الأردنية لم تحسب حسابها، حيث شكل دخول مؤسسات إعلامية دولية بحجم «واشنطن بوست» و»بي بي سي» علامة سؤال ما زالت عالقة حتى اللحظة يمكن ان تؤدي إلى خلط الأوراق، فيما عادت وبنفس ليلة الأحد الصحيفة الأمريكية لتصويب أو تعديل روايتها وهي تتحدث عن اضطراب «مزعوم» أو مخطط مزعوم في الحالة الأردنية.
لاحقا بدأت مبادرة الأمير حسن بن طلال برعاية وأمر وتوجيهات الملك عبد الله الثاني شخصيا، باحتواء مسألة الأمير تحت يافطة العائلة، وهي خطوة رحب بها جميع الأردنيين وشكلت مخرجا لأزمة كانت تقلق الجميع في ظرف استثنائي.
حصل ذلك قبل التهاب الأجواء مجددا بتسريب مضمون الحوار الذي جمع الأمير حمزة برئيس الأركان الجنرال الحنيطي على بوابة منزل الأول، وهو حوار صاخب ومهم سَجّل على مستوى العالم وليس الأردن فقط معدلات قياسية من المتابعة والاستماع ساهمت بدورها في إعادة تسليط أضواء الإعلام خصوصا العالمية على الأزمة التي حصلت حيث كان الأمير يطلب من الجنرال مغادرة منزله رافضا النصيحة أو ما سمي بالطلب، ومتسائلا ما إذا كان قادة الأجهزة الأمنية حضروا لتهديده في منزل الحسين والده.
طبيعة الحوار المسجل والمسرب هنا رفعت أسهم الأمير حمزة بطريقة غير مسبوقة على المستوى الشعبي خصوصا وانه تحدث بلباقة ولياقة معتذرا من مرافقي الجنرال ومنه شخصيا على اعتبار انه غير مرحب به.
هنا تجددت الأزمة فتحول الشغف الكبير إلى محاولة عبثية لمعرفة كيفية توثيق التسجيل للحوار ثم كيفية تسريبه أيضا وتوقيت ذلك التسريب بعد توقيع الأمير على وثيقة الولاء للملك والنهج الهاشمي، ولاحظ الجميع أن أحدا لم يتصدر لينفي حصول الحوار الذي ألهب الأجواء مجددا، مع أن الأمير كان قد قال سابقا في تسجيل صوتي قبل حل المشكلة عائليا بأنه أرسل تسجيلا لأهله ولبعض الأصدقاء على أساس انه لا يعرف ما الذي سيحصل لاحقا.
بوضوح بعد التسجيل الأخير بدأ الشارع الأردني يهاجم وبقسوة نحو سبعة من المسؤولين والمعلقين اتهمهم الأردنيون بالإساءة للأمير خلال محاولتهم ركوب موجة التنديد بالمؤامرة.
واضطر بعض هؤلاء للدفاع عن أنفسهم فيما رصد الملاحظون بعضهم الآخر وهم يحاولون إعادة إنتاج مواقفهم وإفاداتهم بلغة دبلوماسية أكثر، أقرب إلى اعتذار ضمني من الأمير الغاضب خصوصا بعد احتواء المسألة وقبل صدور القرار القضائي بحظر النشر في القضية وهو قرار بني على أساس قضية لم توجد في أروقة النيابة علنا على الأقل.
وهو القرار نفسه الذي أثار انتقادات من منظمات حقوقية دولية وساهم في تسليط أضواء الإعلام العربي مجددا على ما يحصل في الأردن وتحديدا على مسألة ملف حريات التعبير، فانتهت العملية الأمنية التي تحدثت عنها السلطات تحت عنوان مؤامرة لزعزعة الاستقرار والأمن، بحراك شعبي كبير يرفض التسليم برواية الحكومة ويدافع عن الأمير حمزة قبل ان يوجه الملك شخصيا رسالته للأردنيين موضحا موقفه مما حصل ومؤسسا لإستراتيجية في التعامل مع النتائج.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع تقارير اعلامية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 34

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28