] سنوية استشهاد القادة المؤسسين : المجد للشهادة .... - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 14 شباط (فبراير) 2023

سنوية استشهاد القادة المؤسسين : المجد للشهادة ....

الثلاثاء 14 شباط (فبراير) 2023

تطل علينا اليوم الذكرى 35 لاستشهاد القادة الثلاثة محمد باسم مصطفى سلطان التميمي المعروف بـ “حمدي”ومروان إبراهيم كيالي و محمّد حسن بحيص المعروف بــ”أبو حسن قاسم” وهم قادة أبطال الكتيبة الطلابية قوات الجرمق وقادة القطاع الغربي وهم أيضا قادة تأسيس سرايا الجهاد ولاحقا حركة الجهاد الاسلامي ونواة الإلهام في تشكيل تيار المقاومة والتحرير، في مدينة ليماسول بقبرص عام 1988 على يد الموساد الصهيوني ردا على دورهم في إشعال انتفاضة الحجارة عام 1987.

الانتفاضة تستذكر مع القاريء الكريم أبرز ما كتب حول الشهداء القادة الثلاثة في هذه الروزنامة الوطنية إلى جانب ما كتبه الأخ المعلم منير شفيق في تسجيله بطولات التيار المقاومة في حركة فتح عبر كتاب شهداء ومسيرة ...

هوية تعريفية من مركز رؤية للتنمية السياسية

- أبو حسن
ولد محمّد حسن بحيص المعروف بــ”أبو حسن قاسم” في مدينة يطّا في محافظة الخليل عام 1944، وهو متزوج وله أربعة أبناء. درس المرحلة الأساسية في مدينة يطا والثانوية في مدينة الخليل، ونال درجة البكالوريوس في التجارة من جامعة الإسكندرية عام 1967، وعمل موظفًا في البنك العربي.

انضم بحيص لحركة فتح عام 1967، وأنهى دورة أمنيّة وعسكريّة في مصر عام 1968، والتحق بـ”جهاز الأرض المحتلة” عام 1971، حيث أسند إليه قائده كمال عدوان مهمّة تأسيس قسم المعلومات في الجهاز، كما عمل مع رفيقه حمدي التميمي على تأسيس لجنة تنظيم 77 وهي إحدى أذرع الجهاز، وشارك في تلك المرحلة في إرسال عدد من المجموعات الفدائية إلى فلسطين فيما بات يُعرف بـ” دوريات الأرض المحتلة”.

عمل في التنظيم الطلابي التابع لحركة فتح في لبنان، وكان من مؤسسي الكتيبة الطّلابيّة التي عُرفت فيما بعد بـ “كتيبة الجرمق”، وشارك في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975، وأصبح عضوًا في المجلس العسكري في فتح، وكان يُحسب على التيار” الماوي” داخل الحركة، وقد خاض هذا التيار سلسلة نقاشات معمقة أدت إلى تحول أغلب كوادره إلى تبني الفكر الإسلامي، وكان له دورٌ في المعارك التي خاضتها المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني في منطقة جنوب لبنان منذ سبعينيات القرن الماضي، وساهم في التصدي للاجتياح الصهيوني للبنان عامي 1978و 1982، وفي التخطيط لعدد من عمليات المقاومة داخل الأرض المحتلة مثل عملية الدبويا في قلب مدينة الخليل عام 1980.

أسس بحيص مع حمدي التميمي وآخرين سرايا الجهاد الإسلامي بداية ثمانينيات القرن الماضي، وهو إطار فلسطيني مقاوم ركَّز على استقطاب عناصر من التيار الإسلامي، وشارك في التخطيط لعدد من عمليات المقاومة ضد أهداف صهيونية مثل عملية حائط البراق، أو باب المغاربة عام 1986، ومحاولة تفجير مبنى رئاسة الوزراء الصهيونية بعملية استشهادية عام 1987، وتعاون مع الدكتور عبد الله عزام لتدريب عناصر من مجموعاته في أفغانستان، وأمَدَّ مجموعة الشهيد مصباح الصوري بالسلاح بعد هروبها من سجن غزة عام 1987، ورفض عرضًا من جماعة أبو موسى المنشقة عن فتح بالانضمام إليها وتولي مسؤولية الأرض المحتلة، لكنَّه عرض عليها التعاون في مقاومة الاحتلال فرفضت الفكرة، وهرب من سوريا إلى لبنان، ثمَّ انتقل إلى الأردن ليكون قريبًا من الأرض المحتلة.

ظل أبو حسن قاسم مستمسكًا بفكرة تحرير فلسطين، وعارض إقرار منظّمة التّحرير الفلسطينيّة برنامج النّقاط العشر، وتوجهاتها نحو التسوية، واعتبر ذلك انقلابًا على مبادئ فتح ومنطلقاتها وأهدافها، ونادى بضرورة بقاء مهمّة الثّورة الأساسية هي الكفاح المسلّح ضدّ الاحتلال، وظلَّ مركِّزًا على تفعيل المقاومة داخل الأرض المحتلة.

عانى أبو حسن قاسم في مسيرته النضالية، واضطر للعيش متخفيًا مدة طويلة، واعتقلته السلطات السورية عام 1985، وتعرض لتعذيب شديد وبقي في السجن سنة كاملة، ثم فُرضت عليه الإقامة الجبرية لمدة ثلاثة أشهر في شقة بحي المزة في دمشق، وبقي على قائمة اغتيالات الموساد الصهيوني فترة من الزمن حتى اغتاله في ليماسول في قبرص عبر تفجير سيارة كان يستقلها بصحبة حمدي التميمي ومروان كيالي في الرابع عشر من شباط عام 1988.

- مروان
ولد مروان إبراهيم كيالي في بيروت عام 1951، لأبٍ فلسطينيّ من مدينة يافا المحتلة وأم لبنانية، وهو متزوج وله ابنة. نال درجة البكالوريوس في الحقوق من الجامعة اللّبنانية.

التحق بصفوف حركة فتح عام 1971، وأصبح أحد مسؤولي القطاع الطلابي الفتحاوي في لبنان، ومسؤول تنظيم فتح داخل الجامعة اللبنانية، ونشط في استقطاب الطلبة الفلسطينيين والعرب للانضمام للثورة الفلسطينية، وتمكَّن من حَشْدِ مئات الطلبة لإعادة إعمار بلدة كفر شوبا في جنوب لبنان بعد أن دمَّرها الطيران الصهيوني عام 1974. انخرط في العمل العسكري، وساهم في تأسيس السرية الطلابية وهي ذراع عسكري طلابي تابع لفتح، وأصبح نائبًا لقائدها، وبقي في هذا المنصب بعد أن أصبحت كتيبة الجرمق.

شارك كيالي في الحرب الأهلية اللبنانية، وفي معارك المقاومة الفلسطينية ضد القوات الصهيونية والمليشيا اللبنانية المتعاونة معها في جنوب لبنان في سبعينيات القرن الماضي، وتلقى دورة عسكرية في الاتّحاد السوفييتي قبيل اجتياح قوات الاحتلال الصهيوني لبنان عام 1982، وعندما عاد إلى لبنان لعب دورًا مهمًا في إعادة بناء المقاومة والتخطيط لعددٍ من الهجمات ضد مواقع القوات الصهيونية، وأصبح عضوًا في المجلس العسكري التابع لحركة فتح، كما أنَّه قاتل ضد جماعة أبو موسى في البقاع اللبناني، واختير عضوًا في لجنة لبنان في حركة فتح بعد معارك طرابلس عام 1983، فركَّز على الدفاع عن المخيمات وترتيب عودة المقاتلين الفلسطينيين إليها.

ساهم كيالي مع أبو حسن قاسم وحمدي التميمي في تشكيل سرايا الجهاد الإسلامي، وهي إطار واسع ضم في صفوفه عناصر ذات مرجعية فكرية إسلامية، وقد نفَّذت السرايا عدّة عمليّات نوعيّة ضد أهداف صهيونية داخل فلسطين منها؛ عملية باب المغاربة في 15 تشرين أول/ أكتوبر 1986، ومحاولة تفجير مبنى رئاسة الوزراء الصهيونية بعملية استشهادية عام 1987، وتعاون قادتها مع الدكتور عبد الله عزام في تدريب عناصر من مجموعاته في أفغانستان، وأمَدَّوا مجموعة الشهيد مصباح الصوري بالسلاح بعد هروبها من سجن غزة عام 1987.

كان كيالي يُحسب على التيار الماوي في فتح، وقد عايش التحولات داخل هذا التيار والتي أدت إلى تبنى معظم كوادره الفكر الإسلامي، وقد ظل كيالي مستمسكًا بفكرة تحرير فلسطين، وعارض إقرار منظّمة التّحرير الفلسطينيّة برنامج النّقاط العشر، وانخراطها في مسيرة التسوية، واعتبر ذلك تخلِّيًا عن مبادئ فتح وأهدافها، وطالب بأن تبقى مهمّة الثّورة الفلسطينية الأساسية الكفاح المسلّح ضدّ الاحتلال، وأن تكون الأرض المحتلة مركزًا رئيسًا للمقاومة ونشاطاتها.

وضع الموساد الصهيوني كيالي على قائمة الاغتيالات، وتمكن من اغتياله في ليماسول في قبرص في الرابع عشر من شباط عام 1988، عبر تفخيخ سيارته التي كان يستقلها بصحبة حمدي التميمي وأبو حسن قاسم، ودفن في بيروت.

- حمدي
ولد محمد باسم مصطفى سلطان التميمي المعروف بـ “حمدي” في مدينة الخليل في الرّابع عشر من شباط/ فبراير عام 1951، وهو متزوج ولديه ثلاثة أبناء. درس المرحلتين الأساسية والثانوية في الخليل.

انخرط في العمل الوطنيّ خلال المرحلة الثانوية، ثم انتمى لحركة فتح، وأصبح من أشهر مقاتليها، وشارك في أنشطتها الوطنية، وقدَّم دعمًا لوجستيًا لدوريّات الفدائيين العابرة من نهر الأردن نحو فلسطين، ورغم مغادرته فلسطين وانخراطه في العمل المقاوم خارجها، إلا أنَّه ظل مسكونًا بفكرة العمل المقاوم داخلها، ما دفعه للالتحاق بقيادة القطاع الغربي، وهو أحد أذرع فتح التي قادت العمل المقاوم في الأرض المحتلة، وأن يكون جزءًا من في قيادة لجنة التنظيم 77، حيث ساهم في الإشراف على العديد من عمليات المقاومة النوعية مثل عملية الدبويا الشهيرة عام 1980، وعملية حائط البراق أو باب المغاربة عام 1986، ومحاولة تفجير مبنى رئاسة الوزراء الصهيونية عبر عملية استشهادية عام 1987، كما شارك في تأسيس الكتيبة الطلابية الذراع العسكري الأبرز لحركة فتح على الساحة اللبنانية، وأسس مع رفاق دربه إطارًا مقاومًا ذا صبغة إسلامية عُرف بـ” سرايا الجهاد الإسلامي” عام 1983، والذي كان أحد الإشارات العملية على انخراط إسلاميي فلسطين بمشروع المقاومة، حيث لعب هذا الإطار دورًا محوريًا في إسناد العمل المقاوم داخل الأرض المحتلة، كما أن حمدي تعاون في تلك الفترة مع الدكتور عبد الله عزام في إرسال بعض المقاومين لتلقي تدريبات في أفغانستان للانخراط في المقاومة في فلسطين، ووفَّر السلاح لمجموعة الشهيد مصباح صوري التي هربت من سجن غزة عام 1987، وساهم في تقديم المساعدة العسكرية للعناصر الأولى في كتائب القسام.

انتمى حمدي للتيار اليساري في فتح، وكان محسوبًا على “جماعة الماويين[1]” داخل حركته، وقد تأثرَّ بالتنظيرات الثورية التي طرحها المفكر منير شفيق، والمستمدة من التجربتين النضاليتين الصينية والفيتنامية، لا سيما نظرية “خط الجماهير”، التي تقوم على فكرة أن الجماهير مصدر النظريات الثورية، وقد وتحول إلى الفكر الإسلامي متأثرا بهذه النظرية، فضلا عن تأثره بعوامل أخرى مثل صعود الحركات الإسلامية في المنطقة العربية والإسلامية، وتجربة “قواعد الشّيوخ” في الأردن، وثورة الخميني في إيران، والمقاومة الأفغانية.

ألف ورفيق دربه أبو حسن قاسم كتيبًا ضمّ رسائلهما الى الأسرى في سجون الاحتلال بعنوان: “أسئلة حول الإسلام والماركسية من وراء القضبان”، نشر عام 1990.

عانى حمدي من الاحتلال؛ إذ اعتقل بين عامي (1968-1969)، وكان حينها أصغر المعتقلين الفلسطينيين سنَّا، وتعرض للتعذيب، واعتقل مرة أخرى أثناء عودته إلى فلسطين سرًا، وأفرج عنه بعد التحقيق معه، وأصيب عدة مرات أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في سبعينيات القرن الماضي، ووضع اسمه في قائمة اغتيالات سلطات الاحتلال، فكان يتنقل متخفِّيًا بين سوريا ولبنان والأردن، إلى أن اغتاله الموساد الصهيوني في ليماسول بقبرص مع رفيقيه أبو حسن قاسم ومروان كيالي بتفخيخ سيارتهم في الرابع عشر من شباط/ فبراير عام 1988.

معين الطاهر

السرايا.. من دفاتر المقاومة الفلسطينية

في 14 فبراير/شباط 1988، كانت جزيرة قبرص مشغولة بعيدين، العيد الوطني وعيد الحب. وفي غمرة الهدوء القاتل الذي ساد الجزيرة، كانت مجموعات من الموساد الصهيوني قد وصلت إليها، لتفجير سفينة العودة قبل إبحارها من ميناء ليماسول باتجاه الساحل الفلسطيني، على متنها عشراتُ المبعدين الفلسطينيين، ومتضامنون معهم.

فجأة، رن الهاتف في مقر رئيس الوزراء الصهيوني، إسحق شامير، طلب رئيس الموساد الإذن بتغيير الهدف، إذ تم رصد وجود أبو حسن قاسم (محمد بحيص) وحمدي (باسم التميمي) في ضيافة مروان كيالي. قبل أشهر، تم إحباط أول عملية استشهادية فلسطينية، استهدفت مقر شامير نفسه قبل تنفيذها بساعات. ومن يومها، تقدم حمدي وأبو حسن لائحة المطلوبين عند الموساد، وصاروا الرقم 1. لم يتردد رئيس الوزراء في إعطاء موافقته الفورية، فثمة ثأر شخصي، أما سفينة العودة فيمكن اعتراضها على طول الطريق بين ليماسول وحيفا. وتراخي السلطات القبرصية مكّن وحدات الموساد من تحقيق الهدفين.

انتمى الشهداء الثلاثة إلى تيار يساري في حركة فتح، استلهم التجربتين، الصينية والفيتنامية، في أدبياته وممارسته العملية، مما دفع خصومه إلى اتهامه بالماوية. نشط هذا التيار في الحرب الأهلية اللبنانية، وخاض معارك مهمة ضد العدو الصهيوني في بنت جبيل ومارون الراس (1978) وقلعة الشقيف (1982)، ونفذ عدة عمليات أساسية في الأرض المحتلة، مثل عملية الدبويا في الخليل، وأرسل دوريات مقاتلة عديدة إلى داخل الأرض المحتلة.

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، أعاد هؤلاء الإخوة اكتشاف المخزون الثوري الكامن في الإسلام. سعى هذا التيار إلى تحقيق مفهوم أوسع جبهة وطنية متحدة، وتغليب التناقض الرئيسي على التناقضات الثانوية. وإثر خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت، عمل بجد لنقل نشاطاته إلى داخل الأرض المحتلة، ساعياً إلى تحقيق أوسع مشاركة وطنية في مقاومة الاحتلال.

بعد حرب 1967، سعت مختلف التيارات السياسية العربية العاملة على الساحة الفلسطينية إلى تشكيل فصائل فدائية مرتبطة بها. التيارات الإسلامية لم تفعل ذلك، واستمرت في نشاطاتها الدعوية والاجتماعية. حينها، اتفق “الإخوان المسلمون” مع حركة فتح على إنشاء قواعد مقاتلة في شمال ووسط الأردن، تضم العناصر الإسلامية الراغبة في المشاركة بالعمل الفدائي، تحت القيادة العسكرية والإدارية لحركة فتح.

حاول الشهداء استلهام تجربة قواعد الشيوخ السابقة. ومنذ 1983، بدأت فكرة سرايا الجهاد في فلسطين في التبلور، بمساهمة بارزة من شخصيات وجماعات إسلامية. وكانت إطاراً جهادياً مفتوحاً لكل من يريد أن يساهم في قتال العدو الصهيوني. بدأت عملياتها في التصاعد ضد المحتل، حيث وفر الإخوة التدريب والتسليح وبناء الكادر والتخطيط لكل من رغب في المساهمة في هذا الجهد، بحيث أصبحت سرايا الجهاد، الحكاية المنسية الآن، عنواناً للجهاد في فلسطين في تلك المرحلة، وشملت تدريب عناصر أولى في حماس والجهاد، ومتابعة النشاطات الجهادية في الداخل، بما فيها الاتصال مع مجموعة الشهيد مصباح الصوري، الهاربة من سجن غزة، وتسليحها ومتابعتها. تلك المجموعة التي كان استشهادها أحد شرارات الانتفاضة الأولى، إضافة إلى عمليات ذات طابع نوعي، وأدت إلى احتلال الشهداء الرقم واحد على لائحة القتل الصهيونية.

كانت إحدى تلك العمليات (10-1986) استهداف حفل تخريج ضباط صف لواء جفعاتي، واعتادت وحدات النخبة في الجيش الصهيوني إقامته أمام حائط البراق في القدس. حيث ألقى عبد الناصر وطارق الحليسي وإبراهيم عليان قنابل يدوية من فوق أسوار القدس، واعترف العدو بأكثر من 80 إصابة. يومها، كان الأخ رمضان شلح، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي حالياً، مقيماً في بريطانيا، وكان عليه أسبوعيا أن يقود سيارته أكثر من 80 كيلومترا باتجاه صندوق هاتف في أحد ضواحي لندن، ليستلم إشارة بأن موعد العملية أزف، خصوصا أن الجيش الصهيوني لم يكن يُعلم منتسبيه بموعد الحفل إلا قبل ثلاثة أيام.
“المرجح أن اغتيال عزام، لاحقاً، كان بسبب علاقته بهذا العمل الذي اكتشف لاحقاً”

في محاولة نسف مقر رئاسة الحكومة الإسرائيلي (8-1987) أكثر من قصة تحكى وسر يكشف. فقد كانت تلك أول عملية استشهادية في فلسطين، توجب فيها على الأخت، عطاف عليان، قيادة سيارة مليئة بالمتفجرات، وهي ترتدي لباس مجندة في الجيش الإسرائيلي. كانت تلك العملية في غاية التعقيد، واستغرق الإعداد لها أكثر من سنتين. طلبت عطاف، وهي ملتزمة دينياً، فتوى شرعية، تبيح لها ارتداء الملابس القصيرة للمجندات الإسرائيليات، وتم الحصول عليها من أحد كبار علماء الشريعة المناصرين لفكرة السرايا.

لم تكن لدى الإخوة خبرة كافية في تجهيز السيارات المفخخة. لذا، تم إيفاد المهندس، سليمان الزهيري، الذي أوكلت إليه مهمة تجهيز السيارة إلى باكستان، حيث استقبله الشيخ عبد الله عزام، والذي كان أحد قادة قواعد الشيوخ في نهاية الستينيات. والمرجح أن اغتيال عزام، لاحقاً، كان بسبب علاقته بهذا العمل الذي اكتشف لاحقاً. وكان مقررا للعملية أن تنفذ قبل شهر من اكتشافها. أجّل الأخوة التنفيذ بعدما علموا بوجود بضع قذائف مدفعية من مخلفات الجيش الأردني، فسعوا إلى الحصول عليها، ويبدو أن هذا المصدر كان تحت أعين السلطات الإسرائيلية.

كانت سرايا الجهاد فكرة، ولم تكن تنظيماً، ولا انشقاقاً عن حركة فتح، أو امتداداً لها، أو لحركة الجهاد الإسلامي، وانما كانت ملكاً لكل العاملين فيها من وطنيين وإسلاميين. لم تنته سرايا الجهاد باستشهاد الإخوة في قبرص، وانما لأن مهمتها انتهت ببزوغ حركات إسلامية مجاهدة، مثل حماس والجهاد، فهي لم تسع، يوماً، لأن تكون فصيلاً جديداً.

حكاية سرايا الجهاد تكاد أن تنسى، أما الفكرة فقد استمرت في أذهان صانعيها، والمشاركين بها، وحسبي أن أذكر أن الشهيد، ميسرة أبو حمدية، الذي استشهد في سجون الاحتلال، حكم عليه بالسجن على ذمة عدة قضايا أذهلت المحقق الإسرائيلي، فقد كان متهما بتجهيز مجموعات استشهادية خلال الانتفاضة الثانية تابعة لفتح وحماس.

هشام ساق الله

رحم الله الشهداء الابطال الثلاثة قادة القطاع الغربي حسن قاسم وحمدي التميمي و مروان كيالي واسكنهم فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء ففي مثل هذا اليوم استطاع جهاز الموساد الصهيوني الوصول اليهم اثناء قيامهم بمهامهم الوطنية في قبرص وسقطوا شهداء واستطاع شعبنا فيما بعد الانتقام لهم حين تم اغتيال ضابط الموساد الصهيوني الذي اشرف على العملية غلابه يا فتح غلابه الايد الي تدمر دبابه.

كيف يمكن اسقاط الكفاح المسلح من حركة فتح وهي من اطلق الرصاصة الأولى وكيف يمكن تجاهل الشهداء الابطال وعدم طرح أسمائهم وسيرهم الذاتية رحم الله الشهداء الابطال وانشر ما قامت حركة فتح في إقليم يطا نشره بحقهم وادعو قراء صفحتي الى قراءة الفاتحة على ارواحهم الطاهرة المجد والخلود للشهداء الابطال .

الشهيد أبو حسن قاسم:

هو محمد محمد بحيص “أبو حسن قاسم” من قرية يطا قضاء الخليل، انتسب الى قوات الثورة الفلسطينية في بدايات الانطلاقة وكان احد ابرز ضباط حركة فتح وقاتل في صفوف كتيبة الجرمق.

عمل مع الشهيد ابو جهاد في القطاع الغربي وكان هو ورفيق دربه حمدي سلطان “التميمي” من أبرز وأنشط مساعدي أبو جهاد في القطاع الغربي.

شارك الشهيد في التخطيط لعدد من العمليات الفدائية في الأرض المحتلة، من ضمنها عملية الدبويا وخطط لعملية عطاف عليان، وكذلك عملية التياسير التي قادها الشهيد مروان زلوم.

الشهيد حمدي سلطان “التميمي”:

هو باسم حمدي التميمي الملقب بـ”حمدي سلطان، من مواليد مدينة الخليل، من أبرز القادة المناضلين الذين أشرفوا على العمل الفدائي في القطاع الغربي الذي كان يرأسه الشهيد “أبو جهاد”، وأحد قادة الكتيبة الطلابية “كتيبة الجرمق”.

الشهيد مروان كيالي:

ولد 22/1/1952، قاد مع رفاق دربه (حمدي سلطان وأبو حسن قاسم) ومناضلين آخرين العمل الفدائي في القطاع الغربي، وأحد قادة الكتيبة الطلابية “كتيبة الجرمق”.

تخرج عام 1976 من الجامعة اللبنانية في بيروت ضمن تخصص بكالوريوس علوم سياسية، وانخرط في العمل مع رفاق دربه في الكتيبة الطلابية التي قادت المعارك في مواجهة الإحتلال.

استشهاد القادة الثلاث

في شباط 1988 كانت جزيرة قبرص تشهد حدثاً فلسطينياً عالمياً , عندما قررت منظمة التحرير الفلسطينية إعادة مائة مبعد عن الأرض المحتلة بواسطة السفينة “سول فرين” وأطلق عليها اسم “سفينة العودة”, كما استأجرت منظمة التحرير طائرتين من نوع “جامبو” لنقل مئات المشاركين في هذا الحدث الإعلامي واشتملت الوفود المشاركة على ثلاثمائة صحفي و مائتي ضيف ومائة مبعد من الأرض المحتلة وعشرات الأعضاء والكوادر والمسئولين في منظمة التحرير الفلسطينية.

وفي هذه الأجواء من الإعدادت لرحيل الباخرة نحو “حيفا” والتهديدات الإسرائيلية بإحباط هذا العمل السلمي, كان “أبو حسن قاسم” و “حمدي سلطان” يغادران إلى قبرص, حيث كان في انتظارهما مروان الكيالي, وذلك في زيارة خاطفة للتحول بعدها إلى تونس أو بغداد… لكن بعض عملاء “الموساد” وصلوا إلى السيارة الخضراء من نوع “جولف” والتي يمتلكها مروان. واستطاعوا تفخيخها بعبوة ناسفة مسيطر عليها لاسلكيا, وبقيت تحت المراقبة حتى استقلها القادة الثلاثة, “أبو حسن” و”حمدي” و “مروان” عند ظهر يوم الرابع عشر من شباط 1988, فانفجرت و تحولت خلال ثوان إلى حطام, واستشهد القادة الثلاثة على الفور.

حسن الفقيه

الذكرى السنوية السابعة والعشرين

تهل علينا اليوم الذكرى السنوية السابعة والعشرين لثلاثة من الابطال وهبوا ارواحهم لفلسطين/الشهيد القائد ابو حسن قاسم,والشهيد القائد حمدي سلطان,والشهيد القائد مروان كيالي ثلاثة ابطال من ابطال فلسطين وثلاثة فرسان من فرسان حركة فتح طالتهم يد الموساد الاسرائيلية في قبرص في الرابع عشر من شباط 1988 في حدث استثنائي كانت تقوم عليه منظمة التحرير

في ذلك اليوم كانت جزيرة قبرص تشهد حدثا فلسطينيا عالميا , عندما قررت منظمة التحرير الفلسطينية إعادة مائة مبعد عن الأرض المحتلة بواسطة السفينة “سول فرين” و التي قامت بشرائها لهذا الغرض و أطلق عليها اسم “سفينة العودة” , كما استأجرت منظمة التحرير طائرتين من نوع “جامبو” لنقل مئات المشاركين في هذا الحدث الإعلامي و اشتملت الوفود المشاركة على ثلاثمائة صحفي و مائتي ضيف و مائة مبعد من الأرض المحتلة و عشرات الأعضاء و الكوادر و المسئولين في منظمة التحرير الفلسطينية

و في هذه الأجواء من الإعدادت لرحيل الباخرة نحو “حيفا” و التهديدات الإسرائيلية بإحباط هذا العمل السلمي , كان “أبو حسن قاسم” و “حمدي سلطان” يغدران إلى قبرص , حيث كان في انتظارهما مروان الكيالي , وذلك في زيارة خاطفة للتحول بعدها إلى تونس أو بغداد
فتسلل بعض عملاء “الموساد” إلى السيارة الخضراء من نوع “جولف” و التي يمتلكها مروان . واستطاعوا تفخيخها بعبوة ناسفة مسيطر عليها لاسلكيا , و بقيت تحت المراقبة حتى استقلها القادة الثلاثة , “أبو حسن” و “حمدي” و “مروان” عند ظهر يوم الرابع عشر من شباط 1988 , فانفجرت و تحولت خلال ثوان إلى حطام , واستشهد القادة الثلاثة على الفور

مروان الكيالى ومحمد بحيص“ابو الحسن قاسم” وباسم سلطان التميمى “حمدي”
عملوا بصمت وعرفتهم خنادق الثوار فى بيروت الغربية و فى العرقوب . نظروا من اعالى الجبال فرأوا وطنا ضائع وارضا مغتصبة ،فقالوا هنا بوصلة المقاومة وهذا هو خيارنا .

متسلحين بعزيمة وثابة ورؤية ثاقبة بان خيار البندقية المقاتلة هو اقصر الطرق الى فلسطين .
وللحديث عن سيرة الشهداء ننقل اليكم ما كتبه الاخ اللواء محمود الناطور ابو الطيب في كتابه فتح بين المقاومة والاغتيال عن سيرة الشهداء

1- محمد محمد بحيص(ابو حسن)مؤسس تيار متميز داخل فتح في 1975 ضم مجموعة من الشباب ذوي السمات القيادية,تميزوا بروح وحدوية عالية وبشجاعة في مواجهة التحديات,وقد استشهد اكثرهم,ونخص بالذكر هلال رسلان(ابو محمود),سعد جرادات,علي ابو طوق,الحاج حسن,ابو خالد جورج عسل,محمد علي,مروان الكيالي,ابو الوفاء,سمير الشيخ,محمود الحسينة وغيرهم,ولم يبق من تلك النواة الا قلة قليلة جدا,وما ان خرج محمد باسم سلطان(حمدي)من السجن حتى اصبح وابو حسن يدا بيد لما ما يزيد عن 15 عاما,لكن ابرز ما يذكره الكثيرون عن الشهيدين اتسامهم بالشجاعة والنشاط وأخضاع حياتهم الخاصة للعمل والقضية

.أما انتقال التيار فيما بعد الى الموقع الاسلامي فقد جعله يرى في الاسلام شرطا في فهمه للعروبة والوحدة العربية,كما رأى فيه ضمانة لمواصلة الطريق الفلسطيني دون انكفاء الى الاقليمية الضيقة,ودون تراجع عن الثوابت والاساسيات,فقد اصبحت القضية الفلسطينية جزءا من العقيدة,واصبح الجهاد لتحرير فلسطين واعلاء المقاومة ضد الاحتلال واجبا وفرضا,وهذا كله طريق يسهم في العملية الكبرى الشاملة لتحرير شعوب الامة واستقلالها ونهضتها ووحدتها وتحقيق العدالة.

ولد ابو حسن في قرية يطا-قضاء الخليل.انهى دراسته الجامعية في مصر.

انتسب لحركة فتح عام 1967بالداخل.عضو في المؤتمر العام لحركة فتح,(الثالث والرابع).كرس جهده ونشاطه الى العمل في جهاز الارض المحتلة بما يترتب على ذلك من مهام(امنية وتنظيمية وعسكرية)تتطلب توعية فكرية وشمولية سياسية للوضع الفلسطيني في الساحة العربية والدولية.برزت شخصيته القيادية بين رفاق دربه خلال العمل بجهاز الارض المحتلة لجنة 77 بقيادة الشهيد كمال عدوان,فكان من الرئيسيين في اللجنة,اضافة الى كونه من الاساسيين في جهاز الارض المحتلة.كان قائدا ميدانيا,قاد وخاض معارك الدفاع عن الثورة في بيروت والجبل والجنوب.شارك مشاركة فاعلة في التصدي لكافة اجتياحات العدو للجنوب (1978-1982).عضو قيادة جهاز الارض المحتلة مشرفا على قسم المعلومات.كان عضوا فاعلا الى جانب خليل الوزير.استشهد في قبرص في عملية اغتيال نفذتها المخابرات الاسرائيلية مع رفيقي دربه الشهيد حمدي والشهيد مروان كيالي.

2- محمد باسم مصطفى سلطان(حمدي)من مواليد الخليل 14/2/1951.انخرط في العمل الوطني في المرحلة الثانوية واعتقل في (1968-1969) قبل ان ينهي المرحلة الثانوية.غادر بعدها الى الجزائر للتحصيل العلمي,ليجد نفسه عام 1971 في المكان الذي يرغب ويفضل ساحة العمل النضالي ذو التماس والمباشر مع العدو في جهاز الارض المحتلة.ليدخل بعدها الى ارض الوطن فلسطين لتنفيذ المهام التي كلف بها , ليعتقل على الجسر ويتم ايداعه في السجن ثم مكث مدة,غادر بعدها السجن مفرجا عنه لانه رفض وانكر كافة التهم الموجهة اليه.وفي وقت وزمن قياسي انجز كافة مهماته وغادر الى الخارج ليبدأ مشوار جديد من العمل ضد العدو الصهيوني(في المجال السياسي والتنظيمي والعسكري)

وليكون من الاعضاء الاساسيين والرئيسيين في (لجنة التنظيم 77) التي تم انشاؤها من قبل كمال عدوان.وخلال قيادة الشهيد خليل الوزير انجزت لجنة التنظيم 77 بمتابعة ميدانية مباشرة من الشهيد حمدي,اعمال نوعية ضد العدو كانت من اولى مهام تلك اللجنة التي ضمت خيرة كوادر جهاز الارض المحتلة في حينها,النهوض تنظيميا والتعبئة الفكرية والسياسية للتنظيم في داخل فلسطين

,وتطوير قدرات اعضاء جهاز القطاع الغربي العاملين في هذا المجال,هذا اضافة الى العمل العسكري ضد العدو وفي هذه الفترة تألقت شخصيته النضالية ,فكان ذو شخصية جذابة جدا تنظيميا, ومحاورا من الطراز الممتاز,ومثابرا على عمله على مدار الساعة ومتواجدا في كافة المواقع,مشاركا الجميع في العمل والانجاز والرأي

.مساهماته بينه وبصماته واضحة على تطوير العمل بجهاز الارض المحتلة في المجال التنظيمي والتوعية السياسية في داخل الوطن فلسطين وفي الاقاليم من خلال التأطير التنظيمي لكافة مجالات العمل والاختصاص, وكذلك بالعمل العسكري من حيث توفير التدريب وانجاز المهام العسكرية ودوريات العمق وغيرها من الدوريات ذات المهام المحددة,والخلايا العسكرية بالداخل التي ضربت العدو ضربات موجعة,واستخدمت أساليب جديدة في المواجهة والقتال.كان له المشاركة الفضلى في بعض العمليات النوعية مثل:عملية مستوطنة الدبويا وعملية حائط البراق.

3- ولد مروان ابراهيم الكيالي عام 1953 في مدينة يافا.تلقى تعليمه الجامعي في الجامعة اللبنانية(كلية الحقوق).التحق بصفوف حركة فتح عام 1967.تلقى عدة دورات عسكرية في الخارج.شارك في جميع معارك الدفاع عن الشعبين الفلسطيني واللبناني أثناء مسيرته الثورية .لعب دورا بارزا في تشكيل وتوحيد القوى الوطنية والاسلامية خلال احتلال العدو للجنوب اللبناني واشرف بنفسه على تنفيذ العديد من العمليات العسكرية خلف خطوط العدو.

ساهم في اعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان وفي الدفاع عن جماهير شعبنا الفلسطيني في مخيماته بعد الغزو الصهيوني عام 1982 من خلال عضويته في قيادة الساحة اللبناني.اغتاله عملاء الموساد في قبرص مع محمد حسن بحيص ومحمد باسم سلطان التميمي(حمدي) الذين اثناء التحضير لسفينة العودة التي تمكن عملاء الموساد من تفجيرها هي الاخرى في اليوم التالي.وكان المسؤول المباشر عن عملية الاغتيال رئيس الموساد وقتذاك ناحوم ادموني الذي ارسل فريقا من القتلة الى ميناء ليماسول القبرصي قاموا بتفخيخ السيارة التي اودت بحياة المناضلين الثلاثة.

عبدالغني سلامة

كتيبة الجرمق الطلابية - فصل مهم من تاريخ الصراع

“كتيبة الجرمق”، جُل أبنائها مثقفين ومتعلمين، مقاتلون لا يشق لهم غبار، ولا يعرفون الاستسلام، قال عنهم “أبو إياد”: إنهم ضمير “فتح”، وكانت القيادة تستدعيهم للمهمات الصعبة، وفي أسخن المواقع، أما الأهالي فكانوا يستبشرون خيرا حين يعرفون أن من يسيطر على المنطقة هم أبناء الجرمق، لما عُرف عنهم من أخلاق ثورية. بعد انتهاء معركة الليطاني، قال رئيس اﻷ-;-ركان الصهيوني “مردخاي غور”: “إن الوحدات التي واجهتنا في بنت جبيل ومارون الراس تختلف عن جميع الوحدات التي واجهناها سابقاً”. وبعد معركة الشقيف قال “شارون” بانكسار: “فقدنا خيرة ضباطنا وجنودنا” أما رئيس هيئة الأركان “رفائيل إيتان” فقد أدى التحية العسكرية للشهداء وهم مضرجون بدمائهم، اعترافا منه بشجاعتهم.

في ذكرى نكسة حزيران عرضت قناة الجزيرة الوثائقية فيلماً وثائقياً حمل عنوان “من السريّة إلى السرايا”، استعرض بشكل موجز تاريخ الكتيبة الطلابية (الجرمق) منذ نشأتها في بداية السبعينات وحتى تفككها في أواخر الثمانينات. وكما هو متوقع؛ فإن الفيلم عجز عن الإحاطة بالتجربة من كافة جوانبها، ولم يقُل كل ما يتوجب قوله؛ إذ أن ساعة واحدة لا تكفي لمقابلة كل الشخوص، ولتبيان كل الحقائق والأحداث التي شكلت تلك الظاهرة الاستثنائية في تاريخ الكفاح الفلسطيني، ومع ذلك فإن الفيلم نجح بتسليط الضوء على أهم المفاصل والحيثيات التي تعطي فكرة عامة. ونظراً لأهمية الموضوع؛ ولمزيد من التوسع وتقديم قراءة أوسع وأشمل، فقد قمت بمراجعة الحوار الذي أجراه كل من “إلياس خوري” رئيس تحرير “مجلة الدراسات الفلسطينية” ومدير تحريرها “ميشال نوفل” مع الأخ “معين الطاهر”، قائد الكتيبة، التي ستلعب دورا محوريا بالغ الأهمية في العقد الأهم والأكثر سخونة في تاريخ لبنان المعاصر، وهذا الحوار سيشكل المادة الأساسية للكتاب الذي سيحمل عنوان “حوار مع معين الطاهر”. في هذا المقال سأقتبس بعضا مما قاله الأخ “معين”.

من خلاصة القراءة، يمكن القول أن كتيبة الجرمق، أو السريّة الطلابية، لم تكن مجرد تجربة عسكرية متميزة؛ بل كانت ساحة لحوار عقلاني ناضج، تفاعلت فيها الأفكار والنظريات بين اليسار واليمين، وبين الوطنية والقومية والأممية. كما أنها لم تكن تجربة فلسطينية محضة؛ إذْ أنها ضمّت ناشطون لبنانيون وسوريون من جميع الطوائف والتيارات الفكرية، ومن جنسيات عربية وأجنبية مختلفة. وأهم ما ميزها إلى جانب الكفاءة العسكرية، الروح الانضباطية العالية، والإلتزام بأخلاق الثائر الإنسان.

عن البدايات الأولى يقول الأخ “معين”: التحقتُ بـ “فتح” لأنها مثلت حركة المقاومة الأهم ضد الاحتلال الصهيوني، ولأنها بحكم منهجها وبنيتها هي حركة الشعب الفلسطيني بجميع أطيافه وفئاته؛ تسمح للفرد، بغضّ النظر عن خلفيته الفكرية وعن اتجاهه الأيديولوجي، بالانتماء إليها، ما دام يؤمن بأن التناقض الرئيسي هو مع العدو الصهيوني.

ويضيف “معين”: بعد معركة الكرامة التحقنا بقواعد الفدائيين في اﻷ-;-غوار تحسباً لتطور الهجوم، ثم أسّسنا في معسكرات اﻷ-;-شبال في إربد نواة للتنظيم الطلابي ضم نحو 300 طالب مدرب ومسلح، بقيادة الشاعر “خالد أبو خالد”.

وعن الإرهاصات الفكرية والسياسية التي سبقت التجربة، يصف“معين” مرحلة ما بعد أحداث أيلول، وانتقال قوات الثورة إلى لبنان، حيث دار جدل وحوار بين مجموعات كبيرة من مثقفي وكوادر فتح، ممن ينادون بضرورة تقييم ومراجعة تجربة الثورة في الأردن، ويحملون وجهة نظر نقدية تجاه القيادة، وتجاه العديد من المسلكيات والشعارات والسياسات التي مورست في تلك المرحلة، عُرفت هذه المجموعات باسم يسار “فتح”.

وحسب “معين”، فإن تلك النقاشات لم تؤدّ إلى نتيجة، إذ كانت حوارات يغلب عليها بشكل أساسي انتقاد القيادة من دون أي برامج عملية. أما عن نقطة التحول العملي لتأسيس الكتيبة، يقول “معين”: في خضم تلك الحوارات قال “أبو حسن قاسم”: “أريد أن أطلب شيئاً واحداً؛ أعطوني مجموعة واحدة ودعونا ننزلها دورية إلى الأرض المحتلة ونعمل شيئاً أساسياً هناك، وأنا أقول لكم إن كل الحديث الذي يشغلنا يصبح قابلاً للتطبيق”. وبهذا القول بلور “أبو حسن قاسم” ومعه “سعد جرادات” و“مروان كيالي” و“نذير الأوبري” و“إدي زنانيري” و“علي أبو طوق” وعدداً آخر من الكوادر، بلوروا نظرية متماسكة عن العمل اليساري والثوري الفتحاوي تختلف جوهرياً عن اليسار الفتحاوي الذي راح يتجه في أغلبيته نحو الخط السوفياتي. وأصبح الحوار يدور مع مجموعة أضيق قليلاً في إطار التنظيم الطلابي الذي ضم أيضا “حمدي التميمي” و“محمود العالول”، وكذلك حالة حوارية مع “ناجي علوش” و“أبو داود” و“منير شفيق”. وهذه كانت النواة الأساسية التي بدأت تتشكل حول تيار يمتلك برنامجاً كاملاً يعتمد أساساً على التنظيم الطلابي وجزء مهم من القطاع الغربي، وقوات العاصفة.

ويصف “معين” البيئة الفكرية التي حكمت توجهات القوى الوطنية في لبنان (قبل اندلاع الحرب الأهلية)، حيث كانت توجد نظريتان للعمل الوطني: الأولى تقوم على أساس الصراع الطبقي، والثانية تعطي الأولوية للنضال الوطني والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية، جاعلة تناقضها المركزي مع العدو الصهيوني. ومن جهة ثانية كانت الحركة الوطنية اللبنانية، أو اليسار اللبناني، يشهدان في داخلهما تفاعلات كبيرة ناجمة عن نكسة حزيران 1967، على إثرها راحت مجموعات كبيرة من اليسار تترك منظماتها، وتنضم إلى “فتح”. ونظرا للنزعة اليسارية الجديدة والمختلفة لهذه الحالة الطلابية الفتحاوية فقد انضمت إليها مجموعات يسارية عربية أخرى من ذوي الاتجاهات الماركسية المتأثرة بالماوية، الأمر الذي أوجد بُعداً فكرياً أيديولوجياً إضافياً لهذا التيار. وهكذا تحولت الكتيبة إلى نقطة استقطاب، ليس فقط للعرب، بل حتى للإيرانيين والأتراك وبعض اليساريين الغربيين. ومع ذلك، لم تكن ضمن أولويات الكتيبة قصة الإمبريالية والاشتراكية. كانت المسألة الأهم هي الحفاظ على استقلالية الثورة الفلسطينية بعيداً عن محاور الاستقطاب الدولي.

النقطة الأُخرى التي شكلت أرضية سياسية للكتيبة هي النتائج السياسية لحرب تشرين واحتمالات التسوية، إلى جانب الموقف الرافض لبرنامج النقاط العشر. وعن هذه النقطة يتحدث “معين”: "في جامعة بيروت العربية كنا نسلط مكبرات الصوت في اتجاه مكتب أبو عمار الذي كان يبعد 50 متراً، ونظلُّ ننتقد ليلاً ونهاراً النقاط العشر ومشروع السلطة الوطنية، وفي آخر الليل يدعونا أبو عمار إلى الاجتماع فنتكلم ونختلف ونتفق، وينام أبو عمار بحراسة بنادق معارضيه.

في هذه الأثناء أُنشئ معسكر “مصياف” في سورية، ليكون معسكراً تثقيفياً وعسكرياً لإعادة تأهيل وتدريب التنظيم الطلابي ككل، ثم تحول إلى كتيبة، بعدما قرر عدد من الإخوة أن يتفرغوا كمقاتلين محترفين، بتشجيع من “سعد صايل” الذي أحاط الكتيبة برعايته وربطته بها علاقة حميمة. لكن بقي كل التنظيم السياسي والخط السياسي، سواء في الجامعات أو خارجها، بمثابة رديف لهذه الكتيبة المقاتلة.

على صعيد الإنجازات العسكرية، فقد قاتلت الكتيبة الطلابية بضراوة وشجاعة، وتصدت ببسالة لكافة الاجتياحات الإسرائيلية بدءأ من العرقوب والليطاني ومعركة الشقيف، وحتى اجتياح بيروت 1982، وأوقعت خسائر فادحة في صفوف الإسرائيليين، حيث أسقطت طائرة مروحية وطائرة “سكاي هوك”، وأسرت طيارها، كما أسرت ثمانية جنود إسرائيليين وبادلتهم في صفقتين: الأولى تحرر بموجبها كافة أسرى معتقل أنصار مع عدد محدود من أسرى الداخل، وفي الثانية (تمت مع القيادة العامة) تم تحرير 1150 أسيرا من السجون الإسرائيلية، كما نفذت الكتيبة العديد من العمليات الفدائية أشهرها عملية دلال المغربي، السافوي، الدبويا، ومحاولة تفجير مقر الكنيست، وغيرها العشرات. وفي انتفاضة الأقصى واصل عدد من كوادر الكتيبة مسيرة الكفاح المسلح، منهم “جهاد العمري” و“مروان زلوم” و“ميسرة” وغيرهم، وقاموا بتشكيل كتائب شهداء اﻷ-;-قصى في الضفة وغزة.

وفي أثناء الحرب اللبنانية، لعبت الكتيبة دورا مهما في حماية الثورة، والدفاع عن المخيمات (استشهد “سعد جرادات” في معركة البرجاوي، في محاولة لفك الحصار عن تل الزعتر، واستشهد “علي ابو طوق” دفاعا عن مخيمات شاتيلا وبرج البراجنة)، وقد حاولت تجنب التورط في الحرب الأهلية، إلا أنها كانت تجد نفسها مجبرة على الانخراط فيها، للدفاع عن النفس، فمثلا، يقول الأخ “معين”: “كنا نقاتل حزب الكتائب دفاعاً عن مواقعنا ودفاعاً عن الثورة، وليس تحت شعار أن الطريق إلى فلسطين تمر بجونيه. وكنّا نرى أن شعار عزل الكتائب يؤدي إلى عزل المجتمع المسيحي وإلى تقسيم لبنان”. ويضيف: “كان رأينا أنه يجب أن نتفادى المواجهة مع السوريين، باعتبار أن المشروع الأساسي للكتيبة هو إقامة قواعد ارتكاز داخل الأرض المحتلة، والتمركز في الجنوب اللبناني للتصدي للهجمات الإسرائيلية، ومنع أي انتشار لقوات سعد حداد”.

في الوقت الذي تورط فيه الجميع في مستنقع الحرب الأهلية، وارتكبوا الكثير من الأخطاء والجرائم، وبينما توحشت الكثير من الأطراف المتصارعة، وانقادت لغرائزها العدوانية؛ كانت الكتيبة الطلابية شيء مختلف تماما؛ كانت تقيم أفضل العلاقات مع الأهالي، وتركّز على قواعد السلوك الأخلاقي، وترفض أي إعتداء على الناس، وتحارب كل محاولات الاستقواء على السكان بالسلاح، بل أنها كانت تحارب العدو لأنه غازي ومعتدي، وليس لأنها تريد الانتقام منه، وقد اعتاد أبناء الكتيبة على القيام بمراجعات ومكاشفات دائمة، وعمليات نقد ذاتي جريئة، على قاعدة مكافحة الخطأ نفسه وليس المخطئ. وكان الفدائيون في استراحاتهم يتجمعون حول أحدهم وهو يعزف على آلته الموسيقية، أو يشدو بيرغوله، ويرددون من خلفه الأغاني الوطنية والإنسانية، حتى تُصقل نفسياتهم، وتُنقى من نزعات الانتقام والعنف المجرد، للتأكيد على أن الثورة ليست فقط بندقية ومقاتل، بقدر ما هي أغنية وقصيدة ولوحة وإبداع إنساني تدعو للتمسك بالحياة الحرة الكريمة.

حقا، كانت كتيبة الجرمق ضمير الثورة الفلسطينية، وفخرها ومجدها ... لشهدائها ومقاتليها أنحني احتراما وتقديرا.

عرابي كلوب

ذكرى اغتيال ثلاثة من قيادات القطاع الغربي في قبرص(أبو حسن قاسم- حمدي- مروان كيالي)

بل سبعة وعشرون عاماً وتحديداً بتاريخ 14/2/1988م امتدت يد عملاء الموساد الإسرائيلي لاغتيال قيادات متقدمة من جهاز القطاع الغربي أثر عملية جبانة بوضع عبوة ناسفة في السيارة التي كانوا يستقلانها في قبرص فمن هم الشهداء الثلاثة:

1. محمد محمد حسن بحيص (أبو حسن قاسم) المولود في قرية يطا قضاء الخليل أنهى دراسته الجامعية في مصر، وانتسب إلى حركة فتح عام 1967م بالداخل، كرس جل جهده ونشاطه إلى العمل في جهاز الأرض المحتلة بما يترتب ذلك من مهام (أمنية، تنظيمية، عسكرية) تتطلب توعية فكرية وشمولية وسياسية للوضع الفلسطيني في الساحة العربية والدولية، برزت شخصيته القيادية بين رفاق دربه خلال العمل بجهاز الأرض المحتلة لجنة التنظيم (77) بقيادة الشهيد / كمال عدوان، فكان من المؤسسين في اللجنة، إضافة إلى كونه من الأساسيين في جهاز الأرض المحتلة.

كان أبو حسن قاسم قائداً ميدانياً، قاد وخاص معارك الدفاع عن الثورة في بيروت والجبل والجنوب، شارك مشاركة فاعلة في التصدي لكافة اجتياحات العدو الإسرائيلي للجنوب اللبناني (1978-1982).

أبو حسن قاسم: عضو قيادة جهاز الأرض المحتلة مشرفاً على قسم المعلومات وكان عضواً فاعلاً إلى جانب القائد الشهيد/ خليل الوزير.

عضواً في المجلس العسكري العام لحركة فتح.

عضو مؤتمر حركة فتح.

مسؤول قيادة عمليات بطولية عديدة داخل الأرض المحتلة.

كان أبو حسن قاسم ضمن مجموعة من الشباب ذوي السمات القيادية، تميزوا بروح وحدوية عالية وبشجاعة في مواجهة التحديات، علماً بأن أكثرهم قد استشهدوا كان من ضمن تيار متميز في حركة فتح.

استشهد في قبرص بتاريخ 14/2/1988م أثر عملية اغتيال بعبوة ناسفة وضعت في سيارتهم مع رفيق دربه الشهيد/ حمدي والشهيد/ مروان كيالي.

2. محمد باسم مصطفى سلطان التميمي( حمدي) من مواليد الخليل بتاريخ 14/2/1951م انخرط في العمل الوطني في المرحلة الثانوية، إذ اعتقل في (1968- 1969) ولحمدي تاريخ طويل في العمل الوطني في الأرض المحتلة قبل أن ينهى المرحلة الثانوية، غادر بعدها إلى الأردن ومن ثم إلى الجزائر للتحصيل العلمي ليجد نفسه عام 1971 في المكان الذي يرغب ويفضل ساحة العمل النضالي ذو التماس والمباشر مع العدو في جهاز الأرض المحتلة، ليدخل بعدها إلى أرض الوطن لتنفيذ المهام التي كلف بها، ويتم اعتقاله على الجسر ويودع السجن ثم مكث مدة وغادر بعدها السجن مفرجاً عنه لأنه رفض وأنكر كافة التهم الموجهة إليه، وفي وقت وزمن قياسي أنجز كافة مهامه وغادر إلى الخارج مرة ثانية ليبدأ مشواراً جديداً من العمل ضد العدو الصهيوني (في المجال السياسي والتنظيمي والعسكري) ليكون من الأعضاء الأساسيين والرئيسيين في لجنة التنظيم (77) التي تم انشاؤها من قبل الشهيد/ كمال عدوان وخلال قيادة الشهيد / خليل الوزير أنجزت لجنة التنظيم (77) بمتابعة ميدانية مباشرة من الشهيد حمدي أعمال نوعية ضد العدو، فكانت من أولى مهام تلك اللجنة التي ضمت خيره كوادرها في جهاز الأرض المحتلة في حينه، النهوض تنظيمياً والتعبئة الفكرية والسياسية للتنظيم في داخل فلسطين وتطوير قدرات أعضاء جهاز القطاع الغربي العاملين في هذا المجال تنظيمياً.

كان الشهيد / حمدي محاوراً من الطراز الممتاز، مثابراً على عمله على مدار الساعة ومتواجداً في كافة المواقع، مشاركاً الجميع في العمل والإنجاز والرأي، مساهماته بينه، وبصماته واضحة على تطوير العمل بجهاز الأرض المحتلة في المجال التنظيمي والتوعية السياسية في داخل الوطن وفي الأقاليم من خلال التأطير التنظيمي لكافة مجالات العمل والاختصاص، وكذلك بالعمل العسكري من حيث توفير التدريب وإنجاز المهام العسكرية ودوريات العمق وغيرها من الدوريات ذات المهام المحددة، والخلايا العسكرية بالداخل التي ضربت العدو ضربات موجعة، واستخدمت أساليب جديدة في المواجهة والقتال، وكان له المشاركة الفضلى في بعض العمليات النوعية.

حمدي كان: عضو قيادة جهاز الأرض المحتلة

عضو المجلس العسكري العام لحركة فتح

عضو مؤتمر حركة فتح

مسؤول قيادة عمليات بطولية عديدة داخل الوطن المحتل.

الشهيدين/ أبو حسن قاسم وحمدي وعملية الدبويا:

لقد كان يعملان بتركيز أكبر على النضال داخل الأرض المحتلة، لقد كانت بصمات كل منها في عملية الدبويا واضحة حيث نجحا في إدخال مجموعة قتالية من الشباب مرتبطين بتجربة الكتيبة الطلابية إلى الضفة الغربية وتحديداً إلى مدينة الخليل التي فيها الجذور العائلية لكل من أبو حسن قاسم وحمدي، وكذلك أشرفا على عملية حائط البراق.

عملية الدبويا كانت نقلة نوعية في العمل النضالي الفلسطيني عام 1980م ، فهي ليست عملية انتحارية بل عملية هجوم على مستوطنين مسلحين في قلب مدينة الخليل ، حيث أدت هذه العملية إلى مقتل 13 مستوطناً وإلى نجاح المجموعة في الاختفاء في الخليل وجباله.

هذه المجموعة كانت بقيادة عدنان أبو جابر ، وياسر زيادات ، إضافة إلى تيسير أبو سنينة ، ومحمد الشوبكي ، لقد بذلت إسرائيل كل الجهد لاعتقال المجموعة وقد حصل هذا بعد مطاردة كبيرة انتهت باكتشاف أعضاء الخلية صدفة اثر محاولتهم الخروج من الضفة الغربية إلى الأردن سيراً على الأقدام .

لم تصدق إسرائيل أنهم وقعوا في قبضتها ، وخاصة أن المجموعة أخفت سلاحها في منطقة جبلية تمهيداً لأعمال مشابهة في المستقبل .

عندما تم اعتقال المجموعة حكم عليهم جميعاً بالسجن المؤبد لكنه أطلق سراحهم بعد ذلك بعدة سنوات في إطار عملية تبادل كبيرة .

لكن أبرز ما يذكره الكثيرون عن الشهيدين اتسامهم بالشجاعة والنشاط وإخضاع حياتهم الخاصة للعمل والقضية.

استشهد حمدي في قبرص بتاريخ 14/2/1988م أثر عملية الاغتيال الجبانة مع رفيقي دربه أبو حسن قاسم، ومروان كيالي.

3. مروان إبراهيم الكيالي ابن مدينة يافا ولد في بيروت عام 1951م من أب فلسطيني من مدينة يافا وأم لبنانية ، تلقى تعليمه الجامعي في الجامعة اللبنانية (كلية الحقوق) التحق بصفوف حركة فتح عام 1971، تلقى عدة دورات عسكرية في الخارج وشارك في جميع معارك الدفاع عن الشعب الفلسطيني واللبناني أثناء مسيرته الثورية، حيث انغمس مروان في الشأن اللبناني والفلسطيني معاً عندما كان مسؤول التنظيم الطلابي لحركة فتح في الجامعة.

لعب دوراً بارزاً في تشكيل وتوحيد القوى الوطنية والإسلامية خلال احتلال العدو للجنوب اللبناني، وأشرف بنفسه على تنفيذ العديد من العمليات العسكرية خلف خطوط العدو، ساهم في إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان في الدفاع عن جماهير شعبنا الفلسطيني في مخيماته بعد الغزو الصهيوني للبنان عام 1982م من خلال عضويته في قيادة الساحة اللبنانية.

مروان الكيالي: عضو لجنة قيادة لبنان

عضو المجلس العسكري العام لحركة فتح

عضو مؤتمر حركة فتح

كان مروان كيالي نائباً لقائد السرية الطلابية عندما كان عمره قد بلغ الخامسة والعشرون وبعدها عين نائباً لقائد كتيبة الجرمق .

لقد كان أحد قادة كتيبة الجرمق ذات السجل النضالي المشرف في مواجهة العدو الإسرائيلي والدفاع عن الثورة الفلسطينية.

مروان كيالي شاب حنطي اللون واسع الثقافة شديد الدفء مع المقاتلين وحاد الذكاء وتميز بنظرة ثاقبة ، لقد كان لدى مروان البعد الإنساني وبرع في التواصل مع كل من أراد التواصل معه .

تم اغتياله من قبل عملاء جهاز الموساد الإسرائيلي في قبرص بتاريخ 14/2/1988م مع رفيقي دربه أبو حسن قاسم وحمدي الذين قاما بالتحضير لسفينة العودة، حيث تمكن عملاء الموساد من تفجيرها هي الأخرى في اليوم التالي لعملية الاغتيال، وكان المسؤول المباشر عن عملية الاغتيال رئيس جهاز الموساد وقتذاك (ناحوم أدموني) الذي أرسل فريقاً من القتلة إلى ميناء ليماسول القبرص وقاموا بتفخيخ السيارة التي أودت بحياة المناضلين الثلاثة.

لقد فاجأت الانتفاضة الشعبية الأولى العدو الإسرائيلي باتساعها وشموليتها وزخمها وتنظيمها، وتكاتف أبناء الشعب الفلسطيني لمواجهة سياسة تكسير الأيدي والقتل والحصار والتجويع ومحاولة تركيع الإرادة الفلسطينية حيث سارعت م.ت.ف، لتنظيم لجان المقاومة والمواجهة بقيادة مباشرة من الشهيد القائد/ خليل الوزير والذي لعب القطاع الغربي بكودرة دوراً محورياً، ظن العدو أن قتل القيادات والرموز سوف يحبط الانتفاضة الفلسطينية فأقدم على عملية الاغتيال الجبانة بحق هؤلاء الكوادر المتقدمة أبو حسن قاسم وحمدي ومروان، الذين التقوا في قبرص لوضع خطط للمواجهة وتنسيق عمل الخلايا في داخل الأرض المحتلة لتصعيد وتطوير الانتفاضة، حيث زرع عملاء الموساد الإسرائيلي عبوة ناسفة شديدة الانفجار في سيارة الشهيد/ مروان الكيالي بتاريخ 14/2/1988م أدى الانفجار إلى استشهاد الثلاثة.

لقد كانت بحق ضربة موجعة للقطاع الغربي، لكن شعبنا تعلم دائماً تجاوز الضربات.

أن استشهاد هذه الكوكبة المناضلة من أبناء حركة فتح وقواتها العاصفة أنما يجسد روح العطاء والتضحية والفداء التي تميز بها أبطال ثورتنا ومناضلو حركة فتح وكوادر ومقاتلين في كل مواقع الثورة داخل الوطن المحتل وخارجه وهو جزء من روح الإصرار على النضال الوطني المتواصل لثورتنا الفلسطينية تحت راية م.ت.ف من اجل تحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على تراب الوطن الفلسطيني الحر.

أن هؤلاء الشهداء قد حملوا أرواحهم على أكفهم في سبيل الله والوطن، وحملوا الشعلة المقدسة للجهاد والنضال وصولاً لتحرير الوطن المغتصب وتحقيق حرية شعبهم وكرامة أمتهم، وبذلوا دماءهم وحياتهم لتظل منارة لشعبهم ورفاقهم من أجل مواصلة الكفاح المسلح حتى تحرير الوطن المقدس.

هذا وقد لقيت عملية الاغتيال الجبانة أدانة قبرصية ويونانية من قبل الحكومتين والأحزاب ومن كافة قوى التقدم والحرية.

هذا وقد تم نقل جثمان الشهيدين/ أبو حسن قاسم وحمدي إلى عمان حيث ووريا الثرى يوم 17/2/1988م في مقبرة سحاب بالقرب من العاصمة عمان حيث شارك في التشييع ممثل القائد العام الأخ/ هاني الحسن والفريق/ عبد الرزاق اليحيى وكوادر م.ت.ف وجماهير غفيرة من الشعبين الفلسطيني والأردني وذوي الشهيدين.

كما تم نقل جثمان الشهيد/ مروان الكيالي إلى بيروت حيث وورى الثرى في مقبرة الشهداء.

رحم الله شهداءنا الأبرار وفي جنة الخلد والرضوان أيها ا لأبطال

رحمكم الله يا شهداءنا وأسكنكم فسيح جنانه.

أيمن اللبدي

تراتيلْ....

[ إلى الشهداء: علي أبو طوق وسعد جرادات وحمدي وأبو حسن ومروان وعماد مغنية ورفاقهم من كواكب الجنة وخيولها العفيّة…]

1

يا عَليُّ إنما الجُرْحُ وَصايا

وَاختزالٌ للمواعيدِ العذارى

وَكتابٌ لافتتاحِ المستحيلِ

وَتَراتيلُ هُويَّةْ

يا عَليُّ

إنما الجرحُ عهودٌ لا تَضِلُّ بينَ عينيكَ وبينَ عَجينَةِ المدفونِ

في بطنِ الخليةْ

تَحْملُ البُشرى لأَجيالٍ تحاصرُ مَوتَها بالموتِ إنْ عادَ الجدارُ

وتلتَقي أفواجَها الغرَّ الغَيارى مثلما صارَ التقاءُ الماءِ بالماءِ المسافرِ في فمِ الزَّيتونِ

عنوانُ الصَّبيةْ

يا عَليُّ

إنما الجُرحُ انتصارُ الزهَّرِ مَنسوجاً على سفحِ القناديلِ السَّهارى

ناصِباً عَرْشَ الأباطِرَةِ الَّذينَ فتوحهُم من أوَّلِ التاريخِ تزحفُ بَيْنَ كَفيّْها اختصاراً

للحروفِ الأبجديةْ

يا عَليُّ

إنما الجرحُ سلامٌ لليماماتِ اللواتي أطلقَ الأُفُقُ لهنَّ سبيلَ الاحتفالِ

بانتماءٍ للتُّرابِ خالصاً من كلِّ شِركٍ يَستحيلُ بقاؤُهُ مهما تجبَّرَ بالمعاولِ والطغاةِ

وأسدلَ البابَ عَصيَّاً في عنادٍ لم يجاوزْ عندما خرَّ صريعاً تحتَ نعلِكَ وارتقاءِ

البندقيةْ

يا عليُّ

إنَّ كفَّيكَ امتحانٌ عندها خبرُ الخلاصِ أو اندثارُ سنابلِ الريحِ البَهيَّةْ......

2

لا تقولوا في اللَّذينَ تناولوا اليومَ فُطوراً بعدَ أوَّلِ ركعتينِ بابَ يافا

أنّهم مروا سريعاً قبلَ موجةْ

أو تقولوا قد توزَّعَ ظلُّهم فغدا خفيفاً

ما وشَمنا سَيرهم بينَ الجداولِ والجسورْ

إنَّهم أرسَخُ عطراً أن يُباهوا بالألقْ

مثلما كلُّ الحكايا

بضعُ آياتٍ تُوَسِّدُ ألفَ قصةْ

والوحيدُ المستطاعُ عندما الراوي يحاولُ أن يفسِّرَ ما تداخلَ

في الزّمانِ والمكانِ والخطاباتِ البعيدةِ

والمشاويرِ المهيبةِ

والتفاصيلِ المخبَّأةِ احترافاً للنهايةِ قبلَ ساعاتِ الغرقْ

أنْ يقولَ ما اسمهُ ذاكَ البطلْ

عندها تلدُ المرايا

والسَّماءُ تصبحُ الحدَّ الذي تجري خيولُ المؤمنينَ إلى ذراها

في احتشادٍ لؤلؤيٍّ

زادهُ النّورُ المضمَّخُ بالرضا معنىً جديداً خالصاً من كلِّ عُسرٍ يشتهي

سحرَ الفلقْ

من هنا تبدأُ بوحاً بذرةُ السيِّفِ السّماويِّ المطالعِ كي تفكَّ بِصُلبِها

سدَّ الطلاسِمِ والجيوشِ المترعاتِ بكلِّ معتَدِّ الحروفِ الآخذاتِ بجرِّ أوتادِ الخطايا

زادُها خُيلاءُ مغرورٍ تجبَّرَ وانتشى ظناً بأنَّ الدهرَ أسلمهُ القيادَ لأنَّهُ باتَ الذي

ما مثلُهُ عندَ الخروجِ لابساً فوقَ عُريٍّ كلّما ازدادَ انتفاخاً بالعرقْ

هل تواترَ في الطُّغاةِ من تواضعَ في الرُّوايةْ ؟

ساعةُ اللقيا اليقينُ

وتحتَ أشفارِ الحقيقةِ تصبحُ الرؤيا عُرِيَّاً في الدُّخولِ والخروجِ والمنيَّةْ.....

3

ما هو السرُّ الخفيُّ في العبارةْ ؟

طالما سألَ اللذينَ تحيّروا فيها وفينا وانتهوا دونَ استراحةْ

لم يكنْ هذا سؤالاً للمواسمْ

إنما هوَ مُشرعٌ دونَ قيودٍ أو حدودْ

والجوابُ لم يكنْ دوماً خفياً

أو توالتْ أسرهُ خوذُ الجنودْ

إنهُ الخبرُ الأمينْ

مثلُ كلِّ الأرضِ إلا أنها بابُ السّماءِ وعندها تقفُ الإشارةْ

والحروفُ السِّتَةُ المرتاحُ مركبُها على قلبِ المحبينَ صلاةٌ لا تضاهيها سوى

أخرى على بابِ الجنانِ تزيّنتْ للفائزينَ ورحَّبت عندَ اكتمالِ البدرِ مرحى

قدْ وصلتمْ فاهنئوا هذا ثوابُ العاشقينْ

أيُّ حسناءَ ستغري بعدَ ذلكَ بالقيامةِ والمسيرِ لِخدرها

أو بالغناءِ لمجْدها بينَ الغوانيِّ العذارى

والمغانيِّ المثارةِ

والمواعيدِ الحيارى

واشتهاءِ الواصلينْ!

عندما تعلو فلسطينُ البواقي لا تكونُ سوى ترابٍ ناقصٍ سمتَ الحياتينِ

اللتينِ أعدّتا للعائدينْ

والشَّهادةُ فنُّها الباقي هوَ الدربُ الذي لا ينبغي إلا لوارثةِ الطهارةْ

سلامٌ عليكم في البريةِ منْ بُشارةْ

يا عَليُّ

إنما الجرحُ عهودٌ لا تَضِلُّ بينَ عينيكَ وبينَ عَجينَةِ المدفونِ

في بطنِ الخليةْ...........

أيمن اللبدي 2/11/2010


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 321 / 2338454

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المكتبة  متابعة نشاط الموقع روزنامة وطنية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

57 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 54

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28