] حكاية غابة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 2 كانون الثاني (يناير) 2021

حكاية غابة

السبت 2 كانون الثاني (يناير) 2021 par كمال خلف

القرد اقنع الجديان.. الديك اطلق النظرية.. الفيل والفهد صادقا عليها.. من الان الغابة تغير تقاليدها وتنبذ البلبل الخائن

الغابة ساكنةٌ. الليل يموج كبحرٍ في احلكِ وقتٍ. الاشواكُ تهزُ عرائشها في الدربِ. صوتُ نداءٍ يأتي من عمقِ هزيعٍ، والغابةُ كلها تعرفُ سرَّ الصوتِ. فمنذ زمنٍ ليس بقصيرٍ، جاء ذئبٌ من عمقِ البريةِ، ومعهُ جراءٌ لاهثةٌ. هم ليسوا اخوانا او جيرانا.. جاؤوا من كلِ بلادِ اللهِ يجمعهم حبُ الطمعِ. سكنوا قلب الغابة، ركبوا عشَ البلبلِ واكلوا بيضَ حماماتٍ بيضاء وفراخَ القبراتِ وقمحَ الجاجاتِ وفاكهةَ الدودِ وبالوا على كل تقاليدِ الغابة.
فشل سكانُ الغابةِ والبرِ في طردِ الشرِ، لأن الذئبَ صديقُ الضبعِ الاكبرِ. والضبعُ له 55 عينا وفمٌ يشربُ نفطا بلا شبعٍ ويظرطُ غازا نوويا.
الواقع يفرضُ سطوتَهُ ونظرياتُ الديكِ بصوتِ البومِ عن الواقعِ و الواقعيةِ ، والمرحلة ِوالمرحليةِ ، والوضعِ والموضوعيةِ ، وجنونِ الحربِ العبثيةِ ، ملأت ارجاءَ الغابةِ سنيَ العمرِ . ومن بينِ سباتِ القهرِ وتغريدِ البلبل للثأرِ ، خطرت في بالِ الجديانِ حلول . قالت في همسٍ: “مالي ومال الحربِ، وعويلِ الاحياءِ من الذئبِ!”. سمعَ القردُ الساكنُ في حضنِ الضبعِ، همسَ الجديانِ رغم مسافةِ بحرٍ . وطفقَ اليهم مبشرا بما لذَّ وطاب وحملَ اليهم خريطةَ الانساب ليثبتَ لهم انهم للذئبِ اقربْ وتحالفهم معه أنسبْ، وألا يكترثوا لاحتجاحِ اهلِ الغابةِ فجلهم جائعٌ او ضائعْ او للضبعِ الارقطِ خاضعْ. ومن يعارض يلوثهُ الذباب وتغلقُ امامهُ الابواب الى يوم الحساب، ومن يقول نعمْ سنغرقهُ بالنِعم.
اقتنعَ الجديانُ وقالوا بصوتٍ عال: ” البلبل بلا عشٍ اصلاً قبلَ الغزوِ. الله خلقهُ بلا عشِ. وما اكلَ الذئبُ الا ليعيش وتكبر عائلته. صحتين على قلبِ الذئبِ!”. ونادوا فرحين كانهم في فالنتين : “هيا نحو الوحشِ الكاسرِ نسعى، ونبولُ معهُ على تقاليدِ الغابة ومفاهيمِ الغلابة، فقد آن الاوان لندفنَ الأحزان”. صفقَ من اعلى الشجرِ الغربان للخطوة الشجاعة، فقد صار للجديان رفيق ينجدهم وقت الضيق. في الغابةِ من يتفهم خيارَ الجديان ويثني على سلام الشجعان.
الديك (أبو الواقعية) ، فحص وتمحص: لا بدَّ من نظرية كي ندين الضحية. الديكُ فصيح ومن البيضة يصيح. وصدح: “نظرياتُ التسويةِ وجلبُ البلبلِ للطاولةِ وتقليمُ مخالبِ الذئبِ واسترحامِ الضبعِ الاكبرِ ولعق بضاعتهِ؛ عفى عنها الزمنُ ولم تنجح. البلبل وغدٌ ويتشجارُ مع بلابلِ جلدتهِ، وأضاعَ فرصَ عطاءِ الذئبِ.. هذا البلبلُ بطران. اكل طعام الجديانِ عقودا ويطالبُ بالعش، مع ان الذئبَ له حقٌ في اعشاشِ الشجرِ. الذئبُ في الاصلِ يسكنُ عشا فمن قال ان الذئبَ يعتاشُ على لحمِ البشرِ؟”.
مشى الذئبُ مزهوا بين الأشجارِ. أعلنَ مفتخرا ان البلبلَ عدوُ الاهلِ من سكانِ الغابةِ وانهم اكتشفوا غدره وفجوره. وجنوبا صادقَ فيلٌ على قول الديكِ، واعلن أن” الجديانَ على حقٍ، فالبلبلُ ازعجنا؛ غضب الله عليه”. ومد الخرطومَ الى الذئبِ ليصافحهُ، لعل الضبعَ يسامحهُ، ويصفح عن زمنٍ كانَ الفيلُ يصفَ البلبل بملكِ الطربِ. وقد سامحهُ الضبعُ، وقال إن الفيلَ مسالم وللارهاب مخاصم.
وجاء الفهدُ الاسودُ من جهة الغرب يبحثُ عن حصتهِ في حبِ الذئبِ بعدما شتم الجديان مساءً واستنكرَ مسلكهم . صباحاً سالَ لعابُ الفهدِ فقد اغراهُ الضبعُ بلحمٍ مشويٍ من ضلعِ جاره ِالقريبِ من دياره.
حيواناتُ الغابةِ ارتبكت. ارتفعُ صفيرُ النسرِ: ماذا يحدثُ؟ من كان يصدقُ؟
النسر جريحٌ ومريض. ولغ الكلبُ بعشِ النسرِ بأمرِ الضبعِ. لا مخلبَ بقي له لوقفِ الذئبِ المسعورِ ورهطه، لكن في الغابةِ قانون ونواميسُ الخالقِ سبحانه والاعرافُ والسنون. وكذلك الاخّوةُ والدم ُوالحقُ والعدلُ والسابقون.
وتدخل البومُ قبلَ نفادِ الصبرِ وافتى بظهرِ الجمعةِ، بأن “الذئب أخٌ ومخالبةُ لحك الظهرِ والمسامح كريم. فأجدادُ الغابة كانوا رحماءَ بجدِ الذئبِ، وإن اخذ اليوم الاعشاشَ فهي لهُ من قبلِ النكبةِ. والبلبلُ سويد الوجه ِ كذاب باعَ العشَ وطفق يشحذُ على الأبواب، وأن قتلَ صغارَ الغابةِ فالاطفالُ لهمْ جلبة والغاضبُ لا يؤثمْ ولا جناحَ عليه. اخي المؤمنْ ، والاطفالُ طيورُ الجنةِ ساعدهم ذئبٌ مسكينٌ في الطيرانِ الى باريهم ولهم عدنْ وعسل ولبنْ : وإن دنّسَ معتقدا فلا بد العيبُ في المعتقدِ لنراجعهُ ونبدلهُ”. البوم كما نعلمهُ تقيٌ ونقيٌ ورع ، ولهُ ذمه أوسعُ من بحرِ الظلمه ، والدينُ لديهِ ككوزِ التين يبعلهُ بين الحين والحين .
ومن بينِ جموعِ الحشدِ الذاهل نادى القطُ وهو يهزُ الذيل :” ميووو” مولانا. . اذكر في الجُمَعِ السابقةِ انكَ كنت تردد إن الذئبَ حفيدُ الخنزيرِ وابنُ عمِ القردِ فلماذا اليوم تداهنه؟ “. نَهَر البومُ، القطَ بصوتٍ عالٍ: “اخرس يا عدوَّ الله او أمر بقطعِ الذَنَبِ وتصبحَ هرا مخصيا”. طأطأ قطُ الجمع الأذنين. خافَ المكسينُ من ان يلحقهُ الاثمُ او يغدو زنديقا. غفرَ الله لمن غفلوا. وقالت سحلياتُ الحيِ لقد كفرَ الهر.
الغابة ساكنةٌ ، لكن في عمقِ سكونِ الغابةِ اشباحُ الغضبِ.. وللحكايةِ بقية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 39 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 7

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28