] هل نتأقلم مع الوباء؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 24 آذار (مارس) 2020

هل نتأقلم مع الوباء؟

الثلاثاء 24 آذار (مارس) 2020 par كمال خلف

العالم أصيب بذهول وباء “كورونا” ومع حالة العجز المستمرة عن الوصول إلى علاج أو لقاح، تبقى إجراءات السلامة والوقاية هي المسيطرة، وهي الملجأ الوحيد لمن يحاول تجنب الوقوع في المرض. وأمام هذا التحدي العالمي تراجعت كل الاولويات الأخرى في السياسية والأمن والاقتصاد والثقافة لصالح أخبار الوباء وإعداد المصابين وطرق وإجراءات الحكومات للوقاية من تفشي المرض.
الحالة العربية لم تشذ عن القاعدة العالمية وحاولت الحكومات العربية تطبيق توصيات منظمة الصحة العالمية بحظر التجول ومنع التجمعات، وهذا بلاشك إجراء يحد من انتشار العدوى بين الناس ويعطي الحكومات فرصة لحصر الإصابات وإمكانية التعامل معها، لأن انفلات الانتشار يعني أن لا حكومة في العالم قادرة على احتواء الوضع.
معظم الدول العربية تواجه الوباء وهي تعاني وضع اقتصادي هش. في لبنان مثالا، كانت أولوية اللبنانيين قبيل ظهور الوباء، الوضع المعيشي المتردي، وكان هناك ثورة امتدت لأشهر عنوانها الحالة الاقتصادية المنهاره، والجوع. وعقد اللبنانيون الأمل على الحكومة الجديدة لتحسين الأوضاع. إلا أن الحال الآن يقول “لا صوت يعلو فوق صوت الحجر الصحي” وإغلاق كل شيء تجنبا لانتشار وباء “كورونا” ولحفظ سلامة وحياة الناس.
والحال في لبنان أفضل ربما من الوضع في سورية التي طبقت إجراءات العزل والحجر قبل أن تعلن أمس عن أول إصابة بالفايروس رسميا. سورية لم تخرج بعد من الحرب التي فرضت عليها قبل تسع سنوات، ومازال الشعب السوري يعاني من التداعيات الاقتصادية للحرب، ويزداد عدد الفقراء باضطراد بسبب هبوط قيمة العملة الوطنية، والحصار المفروض على الدولة والمجتمع السوري والدمار الذي لحق بالبنية التحتية للدولة. وكذلك عدة بلدان عربية شهدت في السنوات الماضية هزات أمنية وسياسية إثرت في الحياة المعيشية والوضع الاقتصادي، مثل مصر والجزائر وتونس والعراق و فلسطين ليبيا واليمن والأردن. وحتى تلك البلدان الثرية في الخليج ليست بعيدة عن تحديات الاقتصاد.
أمام هذا الوضع طبقت الحكومات العربية سياسية الحجر والاغلاق ومنع التجول، هناك بلدان متقدمة ولسنا منهم استطاعت وضع خطط لتأمين احتياجات الناس الأساسية أثناء الحجر في المنزل ومنع التجول، بعض الحكومات العربية سمحت بالخروج للضرورة وتأمين الاحتياجات، لكن السؤال المهم بالنسبة لنا في العالم العربي هو “إلى متى”؟
الحجر على مجتمعات بأكملها وشعوب، عملية مؤقتة لا يمكن لها أن تطول، في البلدان العربية ثمة أعمال توقفت بالكامل، أغلقت محلات ومطاعم وشركات ونوادي ومعامل تعول مئات آلاف الأسر. هناك شريحة واسعة من شعوب بلداننا تحصل على قوتها يوم بيوم، وستواجه الجوع أمام توقف رزقها.
في الوضع الراهن الكل مدرك أن الحياة والسلامة تتقدم على كل شيء آخر. وهناك حالة خوف ذاتية من الإصابة بالمرض تدفع الناس إلى التجاوب مع إجراءات الحكومات . ولكن هل سيبقى الأمر كذلك إذا طالت مدة الحجر ومنع التجول والإغلاق؟ حتى الآن لا أحد لا حكومات ولا منظمات تملك الإجابة عن المدة الزمنية وكم سيبقى الوضع هكذا؟
ستكون مجتمعاتنا العربية بعد مدة من الزمن ليست طويلة أمام ضغط الحاجة إلى العمل وكسب لقمة العيش، سيتحول الجوع والضغط الاقتصادي المعيشي إلى الأهم والاولوية على ما عداه، وسنكون أمام المعادلة التالية “احتمال الإصابة بالوباء مقابل الجوع المؤكد” قطعا سيغامر الكثيرون بالتضحية بالاحتمال أمام المؤكد.
الانسان بطبعه منذ خلق الله على الأرض يغامر بحياته في سبيل لقمة عيشه، ولهذا هاجم الحيوانات المفترسة للحصول على جلدها وفروها للدفء، وركب البحر للسفر أو الصيد، وتعامل مع النار لصهر الحديد والزجاج .. الخ . قد نضطر كمجتمعات عربية تعاني من الفقر والجوع أن نتأقلم مع الوباء اذا ما استمر فترة أطول، وسيخرج الكثيرون منا إلى الحياة الطبيعية ومن يصاب ويشفى يستمر وهناك من سيموت ، لكن الحياة على الكوكب الأزرق سوف تستمر. الأمر كله مرتبط بعقارب الوقت والمدة الزمنية، إن بقي هذا الوباء وانتشر فالبشرية كلها أمام مرحلة تاريخ بشري جديد ، لكن الأرجح أنها فترة مؤقتة وعابرة وسوف تنتهي بفضل وعي الناس وتطور العلم والمعرفة أو هذا ما نتمناه.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

29 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 29

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28