استشهدت مواطنة فلسطينية من شمال الضفة الغربية، برصاص قوات الاحتلال، في وقت تصاعدت فيه المواجهات والاحتجاجات الشعبية الفلسطينية، الرافضة لخطط الاحتلال بالاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، لتحويلها إلى مشاريع استيطانية، حين خرج المواطنون في عدة فعاليات شعبية في مناطق التماس، تلبية لدعوات تصعيد المقاومة الشعبية، التي تؤيدها القيادة السياسية والتنظيمات.
واستشهدت المواطنة داليا سمودي (23 عاما)، بعد إصابتها برصاصة في الصدر، أطلقها جنود الاحتلال، خلال اقتحامهم حي الجابريات في مدينة جنين شمال الضفة فجر الجمعة، وقد نقلت تلك الشابة على عجل بعربة إسعاف إلى أحد مشافي المدينة، وهناك أدخلت إلى غرفة العمليات، وخضعت لعدة جراحات، ونقلت بعدها إلى غرفة العناية المكثفة، وهي بحالة خطرة للغاية، حتى أعلن عن نبأ استشهادها ظهرا.
وقد أصيبت تلك الفتاة حسب ما أعلن مدير إسعاف جمعية الهلال الأحمر في جنين محمود السعدي، وهي داخل منزلها في الحي، لافتا إلى أن قوات الاحتلال أطلقت النار على سيارة إسعاف، حيث اخترقت رصاصتان السيارة، خلال محاولتها تقديم الإسعاف الأولي للمصابة.
وقالت مصادر من المدينة إن تلك القوات داهمت منزل الأسير المحرر خالد سليمان أبو حسن، واستجوبته بعد تهديده وتحذيره بالاعتقال، ما أدى الى اندلاع مواجهات عنيفة.
كذلك خرج المواطنون الغاضبون، وشاركوا في تظاهرات شعبية حامية، بالرغم من إجراءات الإغلاق الشامل لمناطق الضفة، للوقاية من فيروس “كورونا”، تلبية لدعوات “الغضب الشعبي” الرافضة لمخطط الضم الإسرائيلي الذي يريد نهب 30% من مساحة الضفة الغربية.
وبعد غياب التظاهرات الأسبوعية الجمعة الماضية، التي صادفت أول أيام عيد الأضحى، خرج سكان بلدة كفر قدوم التابعة لمدينة قلقيلية شمال الضفة، والتي باتت حاليا تمثل أيقونة المقاومة الشعبية، في مسيرة شعبية، انطلقت من وسط البلدة حتى وصلت إلى منطقة الجدار الفاصل، الذي يبتلع مساحات كبيرة من البلدة، وهناك اندلعت مواجهات شعبية مع جنود الاحتلال، الذين قاموا أيضا باقتحام البلدة، وإطلاق الرصاص المعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى إصابة العديد من المتظاهرين، الذين أشعلوا أيضا النار في إطارات السيارات.
كذلك أقيمت صلوات ظهر الجمعة في عدة أماكن مهددة بقرارات الضم والاستيلاء على أراضيها لصالح توسعة المستوطنات، حيث أصيب خمسة مواطنين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، اليوم الجمعة، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة سلمية في بلدة ترمسعيا شمال رام الله وسط الضفة، وذلك بعدما استهدف الاحتلال المواطنين الذين خرجوا في مسيرة سلمية نحو أراضيهم المهددة بالمصادرة لإنشاء بؤرة استيطانية جديدة، وللمطالبة بإزالتها.
وقد استبق اندلاع المواجهات أن أدى السكان صلاة الجمعة على تلك الأراضي المهددة بالاستيلاء عليها، تلبية لدعوات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والقوى الوطنية.
كما أقيمت صلاة الظهر بمشاركة واسعة من السكان، على أراضي تتبع بلدة دير شرف شمال الضفة الغربية، والتي يحاول المستوطنون إقامة “بؤرة استيطانية” على أراضيها.
وأم المسجد الأقصى في صلاة ظهر الجمعة حشود كبيرة من أهالي القدس، وذلك في إطار التأكيد على إسلامية المسجد، ورفضا لمخططات الاحتلال الرامية لإعادة إغلاق “مصلى باب الرحمة”، أحد المصليات التابعة للأقصى، تمهيدا للاستيلاء عليه وتحويله إلى “كنيس يهودي”.
ووصل المصلون الذين اتبعوا الإرشادات الوقائية من فيروس “كورونا” رغم الحواجز العسكرية، التي أقامتها قوات الاحتلال على مداخل المسجد وفي الطرق المؤدية إليه.
جدير ذكره أن الفعاليات جاءت تلبية للدعوات المطالبة بتصعيد المقاومة الشعبية المناهضة لخطط الاحتلال الاستيطانية، حيث شددت قيادة القوى الوطنية والإسلامية على ضرورة توسيع المشاركة الشعبية والجماهيرية ضد الاحتلال ومستوطنيه، وخاصة على مناطق التماس والاستيطان والحواجز العسكرية، وحملت الاحتلال المسؤولية عن تصعيد الجرائم والعدوان ضد الشعب الفلسطيني خاصة في مدينة القدس المحتلة.
كما عبرت “لجنة الأزمة”، التي يترأسها الرئيس محمود عباس، عن ارتياحها لوحدة الموقف الفلسطيني والتفافه حول قرارات القيادة الفلسطينية، و”تصاعد المقاومة الشعبية السلمية بالتصدي الشجاع لأبناء شعبنا لقطعان المستوطنين والعصابات الإرهابية الصهيونية”.
يذكر أن الأيام الماضية شهدت تصعيدا احتلاليا خطيرا تمثل في زيادة الهجمات الاستيطانية، التي تهدف إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم، لإحلال مشاريع استيطانية، حيث قامت سلطات الاحتلال بإصدار أوامر مصادرة جديدة لعدة أراض، كما قامت بهدم العديد من المنازل والمنشآت الزراعية، وأنذرت أخرى بالهدم، فيما قام مستوطنون بعمليات حرق للمزارع والأشجار.
والجمعة، أخطرت قوات الاحتلال بوقف البناء في منزلين مأهولين بحجة عد الترخيص، في قرية المنية جنوب شرق بيت لحم، وأفاد رئيس مجلس القروي زايد كوازبة بأن المنزلين يعودان للشقيقين عساف وعيسى عادل الفروخ، وتبلغ مساحة كل واحد فيهما 150 مترا مربعا، كما نصبت بوابة حديدية على أراضي دير كريمزان بمدينة بيت جالا، غرب المدينة، بهدف منع المواطنين من الوصول إلى أراضيهم الزراعية في منطقتي وادي أبو أحمد، وعين يالو، للاستيلاء عليها لأغراض استيطانية، كذلك أغلق مستوطنون شارع حوارة الرئيسي جنوب نابلس، أمام حركة المواطنين.
وفي السياق، استبقت قوات الاحتلال انطلاق الفعاليات الشعبية الواسعة المنددة لخطة الضم والاستيطان، ونفذت حملات اعتقال، حيث اعتقلت فجر الجمعة، الشاب عمر أبو الرب من مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، وذلك بعد مداهمة منزله وتفتيشه والعبث بمحتوياته، كما اعتقلت قوات الاحتلال، الجمعة، الشاب أمير منذر مساد بعد مداهمة منزل ذويه، في بلدة قوعة، التابعة لمدينة جنين.
كما اعتقلت قوات الاحتلال فجر الجمعة، شابين من بيت لحم، وهما محمد صبح (23 عاما) من منطقة جبل هندازة شرقا، وحمزة بلال الدبس (20 عاما) من مخيم الدهيشة جنوبا، بعد دهم منزلي ذويهما وتفتيشهما، حيث اندلعت مواجهات مع جنود الاحتلال أثناء اقتحام مخيم الدهيشة، أطلق خلالها جنود الاحتلال الرصاص وقنابل الغاز والصوت.
إلى ذلك فقد قامت قوات الاحتلال، صباح الجمعة، بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه الأراضي الزراعية، الواقعة شرق بلدة القرارة جنوب قطاع غزة، ولم يسفر الهجوم عن وقوع إصابات غير أنه حرم المزارعين من إتمام عملهم اليومي، وأجبرهم على ترك مزارعهم والعودة إلى المنازل.
