تشير التقديرات الميدانية على الأرض إلى أن الأمور تتجه صوب التصعيد الميداني على حدود غزة من جديد، بعد هدوء بدء منذ أواخر العام الماضي، وذلك ردا على استمرار حصار غزة والتضييق على السكان، والتوجه الإسرائيلي لتطبيق مخطط الضم.
وتتجه القرارات الميدانية في هذه الأوقات، صوب إعادة تفعيل وسائل المقاومة الشعبية، وهناك احتماليات كبيرة لإعادة تنظيم “مسيرات العودة” من جديد في مخيمات العودة الخمسة، التي تقام في مناطق حدودية تقع شمال ووسط وجنوب القطاع، على غرار ما كان الوضع عليه، قبل اتخاذ الهيئة العليا لمسيرات العودة قرارا بوقف هذه المسيرات الجماهيرية الشعبية، ضمن خطة عمل جديدة، ارتكزت على تنظيم الفعاليات الشعبية في المناسبات الوطنية، بدلا من تنظيمها كل يوم جمعة.
وحتى في المناسبات الوطنية لم تنظم فعاليات لمسيرات العودة خلال الأشهر الماضية، عملا بالإجراءات الاحترازية الوقائية من فيروس كورونا، غير أن تخفيف تلك الإجراءات في هذه الأوقات، يمهد الطريق صوب العودة لتنظيم المسيرات مجددا، ردا على سياسات الاحتلال باستمرار التضييق على قطاع غزة، وفرض الحصار، والتوجه نحو تطبيق مخطط الضم في الضفة.
وعلمت “القدس العربي”، أن الهيئة العليا لمسيرات العودة، تدرس إعادة تفعيل الاحتجاجات الشعبية، وأن هناك لقاءات ستعقد قريبا للهيئة، لوضع الخطط الجديدة، وكيفية العمل في المرحلة القادمة.
جدير ذكره أن الهيئة العليا لمسيرات العودة، غيرت اسمها عقب الكشف نهاية يناير الماضي عن خطة “صفقة القرن” الأمريكية، ليصيح “الهيئة العليا لمسيرات العودة ومواجهة الصفقة”.
وطوال الفترة الماضية، شهدت مناطق حدود غزة هدوءا كبيرا، لم تعهده منذ سنوات، عقب تفاهمات أبرمها الوسطاء “مصر وقطر والأمم المتحدة” بين الفصائل الفلسطينية في غزة، وعلى رأسها حركة حماس، والجانب الإسرائيلي، شملت تخفيف حصار غزة، وإقامة مشاريع بنية تحتية، ودعم مشاريع تشغيل البطالة، للحد من معدلات الفقر.
وتوقفت بموجب تلك التفاهمات، الفعاليات الشعبية على حدود غزة، كما توقف نشطاء المقاومة الشعبية عن تفعيل “الوسائل الخشنة” كـ”البالونات الحارقة” التي تطلق على مناطق “غلاف غزة”، وكذلك تنظيم فعاليات “الإرباك الليلي”، وعمليات “قص السياح” الفاصل.
لكن ضمن الرسائل الأولية التي وجهت من غزة إلى حكومة إسرائيل، رفضا لاستمرار الحصار الذي ضاعف مأساة السكان، وكذلك رفضا لخطط الضم، عادت وحدات “البالونات الحارقة” لتستأنف شيئا من عملها منذ يومين، حيث أطلقت عددا من البالونات كرسائل تحذير للجانب الإسرائيلي.
ويوم الخميس، أعلنت سلطات الاحتلال عن اندلاع حريقين في مناطق حدودية قريبة من القطاع، بفعل سقوط تلك البالونات، التي في حال تنشيطها بشكل أكبر، فإنها ستتسبب في اندلاع عشرات الحرائق يوميا، على غرار الفترات السابقة، وتحديدا في الأشهر الأولى لانطلاق فعاليات “مسيرات العودة”، والتي بدأت في يوم 30 مارس من عام 2018.
واندلع الحريقان في كيبوتسات المجلس الإقليمي “سدوت نيغيف”، وفقا لتقارير إسرائيلية، قالت أيضا إنه تم رصد عدد من البالونات الحارقة التي أطلقت من القطاع باتجاه المستوطنات المحاذية.
وعادت تلك الوحدات وأطلقت البالونات من جديد يوم الجمعة، صوب عدد من البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود.
وفي هذه الأوقات من العام، من الممكن أن تندلع النيران في الأحراش القريبة من حدود غزة، بشكل سريع، بسبب الأجواء الحارة في الصيف.
وقد تلا الإعلان الإسرائيلي عن اندلاع الحريقين، أن أصدرت إحدى الجماعات الشبابية الناشطة في إطلاق تلك البالونات، تحذيرا برفع وتيرة العمل في قادم الأيام.
وفي بيان وزع باسم “الشباب الثائر أحفاد الناصر”، جاء فيه: “في إطار جهادنا المستمر لإرهاب هذا العدو واستنزافه وإدخال الرعب إلى قلوبهم من خلال ادواتنا ومجموعاتنا على الأرض، قررت قيادة أحفاد الناصر أن تكون الأيام القادمة بداية الجحيم لغلاف غزة وما بعده”.
وأضاف البيان: “لن نتوقف حتى تحقيق الأهداف وانتزاع الحقوق”، وتوعد البيان الاحتلال بـ”مفاجآت لن يتخيلها الصهاينة”، وقال: “تفاجئ العدو وسترونها بأعينكم”.
يشار إلى أن فعاليات “مسيرات العودة” انطلقت يوم 30 مارس، ضمن جهود سكان غزة لكسر الحصار المفروض عليهم، من خلال إقامة مخيمات قرب الحدود الإسرائيلية، ولجأت قوات الاحتلال منذ انطلاق الفعاليات إلى استخدام “القوة المفرطة والمميتة”، رغم الانتقادات الدولية.
وكانت وزارة الصحة في غزة، أعلنت في إحصائية سابقة أن عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية فعاليات المسيرات، بلغ أكثر من 320 شهيدا، منهم شهداء لا يازل الاحتلال يحتجز جثامينهم، وأوضحت الإحصائية أن عدد المصابين فاق 24 ألفا، عشرات منهم تعرضوا لحالات بتر وإصابات بالغة.
