] اللبنانيون وحكم أنفسهم - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 18 كانون الثاني (يناير) 2020

اللبنانيون وحكم أنفسهم

السبت 18 كانون الثاني (يناير) 2020 par عصام نعمان

المشهد السياسي بات واضحاً: لبنان دولة ومجتمعاً، لم يعد واقفاً على حافة الهاوية بل انزلق إليها. الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي وقع ولا سبيل إلى الإنكار، كذلك نظام المحاصصة الطائفية سقط، وكان سقوطه عظيماً.
وحدها المنظومة الحاكمة بكل أركانها وشرائحها، تثابر على إنكار ما حدث، وفوق ذلك تجد نفسها على الرغم من تفاهمها الضمني على تقاسم السلطة والمغانم، عاجزة عن تأليف حكومة جديدة تخلف حكومة سعد الحريري المستقيلة، في وقت عادت فيه جماهير الحراك الشعبي إلى الانتفاض بقوة مضاعفة في معظم مناطق البلاد.
هل بات اللبنانيون عاجزين عن حكم أنفسهم؟ إذا كانت المنظومة الحاكمة تثابر على إنكار مفاعيل الانهيار الشامل، فإن مجموعة مستقلة من الخبراء الاقتصاديين والماليين المتخصصين اجتمعت بإيحاء من البنك الدولي، في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي لمناقشة الأزمة الراهنة والخلوص إلى «خطة عمل من عشر نقاط تهدف إلى إعادة الاستقرار الاقتصادي ووضع البلاد على مسار التعافي المستدام».
لعل أهم من النقاط العشر المستخلصة هو إقرار واضعي خطة العمل بأن «الأزمة الاقتصادية هي في جوهرها أزمة حكومة منبثقة من نظام طائفي يعاني خللاً بنيوياً، مما حال دون صنع سياسات عقلانية، وسمح بانتشار ثقافة الفساد والهدر».
إزاء هذا الإقرار المدوي ولو مداورة من قبل خبراء موثوقين من مؤسسة دولية غير معادية؛ بل ربما مساندة للمنظومة الحاكمة، تنتصب أسئلة ملحة: هل بإمكان هذه المنظومة تأليف حكومة قادرة على مواجهة الاضطرابات والتحديات التي تعصف بلبنان؟
وإذا ما نجحت في ذلك بعد أكثر من ثلاثة أشهر على اندلاع الحراك الشعبي، هل ستتمكن من تنفيس الحراك الذي تحوّل إلى انتفاضة شعبية متعاظمة شاملة كل مناطق البلاد؟ ثم مَن يضمن قبول مجلس النواب وهو نتاج نظام المحاصصة الطائفية المغضوب عليه والمتهاوي بتشريع الإجراءات الإصلاحية الاستثنائية التي ستطال بقليل أو بكثير أركان المنظومة الحاكمة وحلفاءها؟
لنفترض أن المنظومة الحاكمة عجزت عن تأليف حكومة قادرة، وأن مقاليد الحكم بقيت والحالة هذه في عهدة حكومة تصريف الأعمال التي يرفض رئيسها سعد الحريري لأسباب لا يفصح عنها القيام بأعباء مسؤولياتها لحين تأليف حكومة جديدة بحسب أحكام الدستور، فهل يعقل أن تبقى البلاد والعباد فريسة فوضى عارمة وأمن سائب؟
ما العمل؟ لا غلوّ في القول إن الكرة باتت في ملعب الانتفاضة الشعبية وقادتها. فالمنظومة الحاكمة متفككة وعاجزة ولا يجوز أن ينتظر منها المواطنون ثائرين أو متفرجين حلاً أو مخرجاً؛ الأمر الذي يفرض على جماهير الانتفاضة مضاعفة ضغوطها السلمية بغية دفع المنظومة الحاكمة إلى تقديم التنازل الرئيس الذي يُجمع معظم الإصلاحيين والمنتفضين على اعتماد إجراءاته الآتية:
أولاً: التسليم بقانون ديمقراطي للانتخابات على أساس الدائرة الوطنية الواحدة والتمثيل النسبي، وخفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة، وتنفيذ المادة 22 من الدستور التي تقضي بانتخاب مجلس للنواب وطني لاطائفي ومجلس للشيوخ لتمثيل الطوائف.
ثانياً: إقرار قانون الانتخابات الجديد في استفتاء شعبي وأجراؤها خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ إقراره.
ثالثاً: تأليف حكومة وطنية نهضوية في ضوء نتائج الانتخابات تعتمد برنامجاً إصلاحياً وتنموياً متكاملاً لإعادة تأسيس لبنان دولة ووطناً.
أهداف طموحة أليس كذلك؟ نعم هي طموحة وشديدة الطموح، ولمَ لا؟
إن تحرير الأوطان والدول وبناءها يتطلبان قادة ومناضلين شديدي الطموح والشجاعة. ولعلنا في هذا المجال نستعير نداء ديجول في حثّه مواطنيه على تحرير فرنسا من الاحتلال النازي الألماني إبان الحرب العالمية الثانية بقوله: «تعقلوا وناضلوا لتحقيق أهدافكم كالمجانين».


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 25

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28