] تقارير: واشنطن وطهران في مواجهة مباشرة - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 7 كانون الثاني (يناير) 2020

تقارير: واشنطن وطهران في مواجهة مباشرة

الثلاثاء 7 كانون الثاني (يناير) 2020

- بمقتل سليماني.. هل تقترب واشنطن وطهران من مواجهة مباشرة؟
إيران تتوعد بالرد على قتل واشنطن لقائد “فليق القدس” قاسم سليماني.. وترامب يهدد بضرب 52 موقعًا إيرانيًا إذا ردت طهران

إدريس أوقودوجو، أحمد دورسون/ الأناضول

بمقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، في غارة أمريكية بالعاصمة العراقية بغداد، الجمعة الماضي، تتعزز احتمالات المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، التي توعدت هي وجماعات إقليمية موالية لها بالانتقام من واشنطن، وإنهاء وجودها العسكري في المنطقة.

العلاقات الهشة بين البلدين شهدت هدوءًا نسبيًا خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما (2009 - 2017)، ليعود التوتر المتصاعد إليها مع وصول خلفه دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 2017.

بدأ تصاعد التوتر بإعلان ترامب، المعروف بمعاداته لطهران، انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم في يوليو/تموز 2015، بين إيران والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، بريطانيا، الصين، فرنسا وروسيا) إضافةً إلى ألمانيا.

ولم يكتف ترامب في مايو/أيار 2018، بالانسحاب من الاتفاق، إذ أعلن إعادة العمل بـ“أعلى مستوى” من العقوبات الأمريكية المرتبطة ببرنامج إيران النووي، التي تقول واشنطن إنه يستهدف إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إنه سلمي لأغراض مدنية.

وطالب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، طهران بوقف أنشطتها للتسلح النووي، ووقف دعمها لـ“المجموعات الإرهابية” في منطقة الشرق الأوسط، متوعدًا إياها بـ“فرض أقسى عقوبات في التاريخ”، ما لم تقم بذلك.

واقترح بومبيو توقيع اتفاقية جديدة مع طهران، تتضمن 12 شرطًا، ثم أعلن لاحقًا استعداد واشنطن لمباحثات دون شروط مسبقة.

ردًا على عرض بومبيو، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: “نجلس على طاولة المباحثات عندما نتأكد من إدراك العدو بشكل قاطع بأنه على الطريق الخاطئ.”

الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية على إيران دخلت حيذ التنفيذ في 7 أغسطس/آب الماضي، إذ حظرت واشنطن شراء طهران لعملة الدولار، وتجارتها بالذهب والمعادن الثمينة الأخرى.

وفي نوفمبر/كانون الثاني 2019، فرضت واشنطن الحزمة الثانية، لتصفير صادرات طهران النفطية.

من جهتها، خاطبت إيران البلدان الأوروبية (أطراف الاتفاق) وأبلغتها أنها ستواصل التزاماتها بموجب الاتفاق، إذا حمت تلك الدول حقوق طهران النابعة من الاتفاق.

** “الحرس الثوري” بقوائم الإرهاب

بحلول 8 أبريل/نيسان 2019، أعلن ترامب تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” وهو جزء من جيش الجمهورية الإسلامية، على أنه “منظمة إرهابية أجنبية”.

وهو ما رد عليه المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، بإدراج القيادة المركزية الأمريكية “سنتكوم” ضمن لائحة التنظيمات الإرهابية.

** حاملة طائرات إلى الخليج

في 5 مايو 2019، أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي آنذاك، جون بولتون، إرسال حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن”، وقاذفات استراتيجية، إلى منطقة الخليج العربي، لـ“إرسال رسالة جلية إلى النظام الإيراني.”

** إيران تجمد جزءًا من التزاماتها

في 8 مايو 2019، أعلنت طهران تخليها عن جزء من التزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي، وأمهلت بقية أطرافه 60 يومًا، لاتخاذ تدابير تحمي مصالحها في ظل العقوبات الأمريكية.

وفي اليوم ذاته، وقّع ترامب قرارًا رئاسيًا بفرض عقوبات على قطاعات الحديد والصلب والنحاس والألومنيوم الإيرانية.

** استهداف حاملات نفط

المحاولات الأمريكية لعرقلة بيع طهران للنفط، وهو من أهم موارد دخلها، قوبلت بإشهار إيران ورقة مضيق هرمز.

وقال روحاني إنه لن يستطيع أحد تصدير النفط من منطقة الخليج، ما لم تتمكن إيران من تصدير نفطها؛ مما أثار مخاوف من إغلاق طهران للمضيق.

ووصل رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، إلى العاصمة طهران، في 13 يونيو/حزيران 2019، محاولًا لعب دور الوسيط لتخفيف حدة التوتر بين طهران وواشنطن.

لكن خلال لقاء “آبي” بالمرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تعرضت ناقلتي نفط كانتا تنقلان حمولتهما إلى اليابان، لانفجارات في مياه خليج عمان.

طهران، وفي معرض تعليقها على الهجوم، اتهمت واشنطن بانتهاج “دبلوماسية التخريب”، فيما أعلنت الأخيرة أن الهجوم نُفّذ بألغام، متهمة إيران بالوقوف ورائه، وهو ما نفته طهران.

** إسقاط طائرة مسيرة أمريكية

في 20 يونيو 2019، أعلنت القوات الجوية التابعة للحرس الثوري إسقاط طائرة مسيرة من طراز “غلوبال هوك” تابعة للجوية الأمريكية؛ ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة مباشرة.

وقالت طهران إن الطائرة الأمريكية كانت تحلق فوق ساحل مدينة كوه مبارك بولاية هرمزغان، على خليج عُمان، بينما أعلنت “سنتكوم” أن الطائرة استُهدفت خلال تحليقها في الأجواء الدولية فوق مضيق هرمز.

وترأس ترامب اجتماعًا أمنيًا طارئًا في البيت الأبيض، لبحث كيفية الرد على إسقاط الطائرة، ليعلن بعدها أنه تراجع عن قرار توجيه ضربات إلى إيران، قبل تنفيذها بـعشر دقائق، “حفاظًا على أرواح المدنيين.”

وردت واشنطن، في 23 يونيو/حزيران الماضي، على إسقاط الطائرة، بشن هجمات سيبرانية (إلكترونية) على الأنظمة العسكرية الإيرانية.

** عقوبات على خامنئي وظريف

في 24 يونيو 2019، أعلنت واشنطن فرضها عقوبات جديدة على طهران، تشمل خامنئي، ووزير خارجيتها، محمد جواد ظريف.

وعقب احتجاز الأسطول البريطاني ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق في 4 يوليو/تموز الماضي، احتجزت طهران ناقلة نفط بريطانية بالخليج العربي، في 19 من الشهر ذاته.

لاحقًا، انخفضت حدة التوتر لفترة قليلة، مع امتناع واشنطن عن الرد على إسقاط طهران للطائرة، وإفراج لندن عن الناقلة الإيرانية، التي كانت تتهمها بخرق العقوبات.

هذه التطورات دفعت دولة الإمارات إلى مراجعة علاقاتها مع إيران، وأعلنت توقيعها اتفاقية مع طهران حول الأمن البحري، وانسحابها من التحالف العسكري العربي ضد جماعة “الحوثي” المدعومة من إيران في اليمن، ما اعتبره مراقبون ضربة للسعودية، قائدة التحالف.

توقع البعض احتمال تحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية، ولو قليلًا، إثر عزل ترامب، في سبتمبر/أيلول 2019، لمستشاره بولتون، المعروف بمواقفه المعادية لطهران.

وفي 14 سبتمبر/أيلول الماضي، تعرضت منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة “أرامكو” السعودية، لهجوم بطائرات مسيرة تبنته جماعة الحوثي؛ ما أدى إلى تصاعد التوتر مجددًا بين طهران وواشنطن. واتهمت واشنطن طهران بالوقوف خلف الهجوم، ما نفته الأخيرة.

** استهداف “الحشد” واقتحام السفارة

تعرضت قاعدة “K1” العسكرية الأمريكية، في محافظة كركوك شمالي العراق، في ديسمبر/كانون الأول 2019، لهجوم قالت واشنطن إن الميليشيات الشيعية، المدعومة إيرانيًا تقف وراءه، وهو ما نفته الأخيرة.

وردّت واشنطن، في 29 من الشهر ذاته على الهجوم بضرب مواقع لكتائب “حزب الله”، التابعة لـ“الحشد الشعبي” العراقي المدعوم إيرانيًا، في الجارتين سوريا والعراق؛ ما أسقط 25 قتيلًا و51 جريحًا.

بعد يومين، اقتحمت ميليشيات شيعية حرم مبنى السفارة الأمريكية، في المنطقة الخضراء شديدة التحصين ببغداد.

واللافت، أن مقتحمين كتبوا على أحد جدران السفارة “سليماني قائدي”.

** مقتل سليماني في غارة أمريكية

فجر الجمعة، قتلت واشنطن قائد “فيلق القدس”، في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، وعشرة أشخاص آخرين، عبر غارة أمريكية استهدفت موكب سيارات على طريق مطار بغداد.

عقب الهجوم، توعّد مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى، على رأسهم خامنئي، بالانتقام من واشنطن.

وهو ما رد عليه ترامب بالتهديد بضرب 52 موقعًا إيرانيًا، بعضها على مستوى عال جدًا، إذا شنت طهران هجمات، ردًا على مقتل سليماني.

ويقضي هذا الوعيد المتبادل، في حال تنفيذه، على إمكانية استئناف المباحثات بين طهران وواشنطن، ويعزز من احتمالات الانزلاق إلى مواجهة مباشرة بينهم

- نذر تصعيد المواجهة الإيرانية مع الأمريكيين بالعراق والمنطقة (تحليل)

تعتقد الإدارة الأمريكية أن اغتيال قاسم سليماني وقادة آخرون سيشكل محاولة لردع ما تسميه الأنشطة الإيرانية “الخبيثة” في سياق الضربات الوقائية الاستباقية لمنع تهديدات “مفترضة” على المصالح والأفراد الأمريكيين.

الأناضول

مع مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني يكون الصراع بين الولايات المتحدة وإيران قد دخل حقبة جديدة ويصعب التكهن بمساراته، أو رسم صورة لنهايته في المدى المنظور.

تعتقد الإدارة الامريكية ان اغتيال قاسم سليماني وقادة اخرون سيشكل محاولة لردع ما تسميه الأنشطة الإيرانية “الخبيثة” في سياق الضربات الوقائية الاستباقية لمنع تهديدات “مفترضة” على المصالح والافراد الأمريكيين.

اتهمت الولايات المتحدة قاسم سليماني بالتخطيط لاستهداف المصالح الامريكية في العراق، وانه يقف خلف محاولة اقتحام السفارة الامريكية في بغداد في 31 ديسمبر/كانون الأول الماضي بعد يومين من ضربات أمريكية استهدفت خمسة مواقع لكتائب حزب الله العراق في سوريا والعراق في 29 ديسمبر/كانون الأول ردا على مقتل متعاقد امريكي في قاعدة عسكرية عراقية تستضيف قوات أمريكية قرب مدينة كركوك.

مع غياب أي احتمال لنجاح الجهود الدولية والإقليمية للتهدئة وعدم التصعيد، تجد إيران نفسها ملزمة بالرد العسكري حفاظا على هيبتها واستجابة لرغبات الشعب الإيراني عموما والقوات الحليفة لها في العراق وسوريا واليمن ولبنان وقطاعات واسعة من شعوب هذه الدول ودول أخرى في المنطقة.

على الرغم من “حتمية” الرد العسكري الإيراني، لكن هذا الرد قد لا يكون بالمستوى الذي يفرض على الولايات المتحدة ردا أكثر حزما، كما تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أكثر من تصريح.

من المحتمل ان ترسم إيران استراتيجياتها للرد باتجاهات متعددة تتوافق مع قدراتها في الحاق الأذى بالامريكيين سواء الهجمات الالكترونية أو شن هجمات “إرهابية” تستهدف افرادا ومصالح أمريكية في العراق، ودول المنطقة الأخرى مع احتمالات ان يشمل الرد الداخل الأمريكي.

سبق للولايات المتحدة ان قبضت في العام 2017 على خلية تابعة لوحدة التخطيط للهجمات الخارجية في حزب الله اللبناني المرتبط بالحرس الثوري الايراني تعمل في نيويورك على مراقبة مستودعات أسلحة تابعة للجيش الأمريكي ومكاتب وكالة المخابرات المركزية الامريكية والتحقيقات الفيدرالية ومؤسسات أمريكية أخرى.

ولدى الولايات المتحدة ما يزيد عن 60 الف جنديا في العراق ومنطقة الخليج بالإضافة إلى ثماني قواعد عسكرية في العراق وقواعد أخرى في الكويت والامارات وسلطنة عمان ودولة قطر والبحرين، وتواجد عسكري لمئات الأمريكيين في قاعدة سعودية أو في أكثر من قاعدة.

من الناحية العملياتية، لا تملك الولايات المتحدة ما يكفي من الضمانات لحماية أرواح جنودها وقطعها البحرية وقواعدها العسكرية، باستثناء التلويح بالرد العسكري على اهداف حيوية في العمق الإيراني قد تشكل رادعا لاصحاب القرار في التردد باتخاذ قرار المواجهة التي تدرك إيران ان أي مواجهة عسكرية وفق معايير الحرب النظامية بين الدول سوف تكون لصالح الطرف الأقوى والأكثر تطورا عسكريا وتكنولوجيا، وهو الولايات المتحدة.

لكن إيران “الملزمة” بالرد العسكري على اغتيال قاسم سليماني، “قد” لا تتبنى خيار الرد “الواسع” الذي يستدعي ردا أمريكيا أكبر.

وتتخوف إيران من ان يؤدي الرد الأمريكي الواسع إلى حرمانها من بقايا إيراداتها النفطية، واحتمالات تقويض النظام الذي يتعرض لضغوطات اقتصادية منذ أيار/مايو 2018 وتشديد العقوبات الامريكية ضمن حملة “الضغط القصوى” في أيار/مايو من العام الماضي، بالإضافة إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنفوذ الإيراني في العراق ولبنان.

لكن من المؤكد ان إيران سوف تخوض حربها ضد الولايات المتحدة والدول الحليفة لها من خلال عشرات المجموعات الشيعية المسلحة المرتبطة عقديا بالمرشد الأعلى علي خامنئي، وتنظيميا بالحرس الثوري الإيراني عبر فيلق القدس ذراع الحرس للعمليات الخارجية.

عززت إيران نفوذها خارج حدودها الإقليمية لحماية مصالحها من خلال القوات المحلية الحليفة لها في عدد من دول المنطقة.

هذه القوات الحليفة ستكون بمثابة القوة الإيرانية البديلة لخوض حربها “المحتملة جدا” ضد الولايات المتحدة ومصالحها ومصالح الدول الحليفة لها.

وللحرس الثوري الإيراني نفوذ واسع عسكري وامني وسياسي، وكذلك اقتصادي في العراق ولبنان واليمن وسوريا وأفغانستان ودول اخرى، وفي قطاع غزة أيضا.

من المؤكد ان يكون العراق مسرحا، أو منطلقا لمهاجمة المصالح الامريكية في داخلها أو خارجها.

بعد الضربات الامريكية على مواقع كتائب حزب الله العراق، نجحت الاجنحة السياسية لفصائل منظة بدر وعصائب اهل الحق وكتائب حزب الله العراق وسرايا الخراساني وغيرها من تنظيم حشود كبيرة من عناصرها لمحاصرة السفارة الامريكية ومحاولة اقتحامها بايعاز من الحرس الثوري الإيراني، وفق مسؤولين أمريكيين منهم وزير الخارجية مايك بومبيو.

بالإضافة إلى مقتل قاسم سليماني ومكانته لدى الحشد الشعبي، فان الضربة الامريكية قتلت عددا من القيادات الأخرى، مثل أبو مهدي المهندس القائد الفعلي للحشد الشعبي.

عملية القتل هذه ستستدعي ردا واسع النطاق على القواعد الامريكية في العراق من قبل فصائل الحشد الشعبي.

بعد الإعلان عن مقتل قاسم سليماني التقى المسؤولون الإيرانيون على موقف موحد اجمع على الرد العسكري وفق الخيارات المتاحة امامهم في تحديد الزمان والمكان والاهداف المنتخبة التي تتعدى المصالح الامريكية إلى مصالح الدول الحليفة والشريكة ما يفضي إلى احتمالات اتساع جغرافية الرد والرد المضاد على الأراضي العراقية حيث التواجد الأمريكي الأكبر.

في مقابل التواجد الأمريكي الأكبر على الأراضي العراقية، فان لإيران على الأرض القوة الأكبر سواء العسكرية القتالية من خلال عشرات المجموعات الشيعية المسلحة أو السياسية من خلال الأحزاب والاجنحة السياسية للفصائل المسلحة في الحكومة ومجلس النواب.

لذلك من المتوقع ان تشهد الأيام أو الأسابيع القادمة تصعيدا عسكريا ضد القوات والمصالح الامريكية في العراق، مثل قاعدة عين الأسد وبلد والقيارة وكركوك وغيرها.

وتقدر اعداد الأمريكيين في العراق بأكثر من 11 الفا، معظمهم من العسكريين ومقاولي الشركات الأمنية الخاصة.

قد لا تمتلك إيران المزيد من الخيارات “المريحة” في الرد العسكري على الولايات المتحدة وتجسيد تهديدات اركان النظام بما فيهم المرشد الأعلى علي خامنئي إلى واقع على الأرض بعد تغيير قواعد الاشتباك في النزاع بينهما بعد اغتيال قاسم سليماني.

ويمكن لإيران الاعتماد على القوات الحليفة لها في العراق ولبنان واليمن وأفغانستان لتوجيه الضربات للولايات المتحدة ومصالحها وقواعدها في البحرين والكويت وقطر والسعودية والامارات وغيرها، وفي العمق الإسرائيلي أيضا.

من بين الأهداف المتوقعة للمجموعات الشيعية الحليفة لإيران، استهداف قواعد ومعسكرات أمريكية في العراق، أو مهاجمة ناقلات نفط في الخليج العربي للولايات المتحدة أو للدول الحليفة لها.

كما تمتلك إيران قدرات مؤكدة على اغلاق جزئي، أو كلي، لمضيق هرمز وتهديد حرية الملاحة البحرية وحركة مرور التجارة الدولية، بالإضافة إلى استهداف منشات النفط السعودية أو شن هجمات الكترونية، والى حد ما في الداخل الأمريكي.

وفي حال اندلعت مواجهات “مفتوحة” بين الولايات المتحدة وإيران فان احتمالات توقفها بعد عدد محدود من الردود المتبادلة، احتمال قائم يستجيب لرغبة طرفي الحرب.

لكن ذلك لا يعني نهاية النزاع في المنطقة التي لابد ان القوات الحليفة لإيران ستواصل استهداف القوات والمصالح الامريكية في عموم المنطقة لعدة سنوات قد تنتهي بانسحاب النسبة الأكبر من القوات الامريكية من المنطقة.

واذا كان “الاستنزاف” هو السمة البارزة في النزاع بين الولايات المتحدة وإيران طيلة سنوات، فان المرحلة المقبلة ستشهد صراعا مفتوحا قد لا تكون إيران طرفا مباشرا فيها انما من خلال القوات الحليفة لها.

وتعتقد الولايات المتحدة ان اغتيال قاسم سليماني سيؤدي إلى تجنيب المنطقة المزيد من عدم الاستقرار الناجم عن نشاطات إيران والقوات الحليفة لها، لكن تلك العملية ستدخل المنطقة بلا شك في دوامة النزاع المسلح وعدم الاستقرار لسنوات قادمة، مع احتمالات خروج النزاع عن السيطرة.

واذا كانت الأراضي العراقية هي الجغرافية “الاكيدة” للنزاع الأكبر بين الولايات المتحدة وإيران، فان احتمالات اتساع جغرافية النزاع إلى الخليج العربي والسعودية تحديدا هو الاحتمال الأرجح في اطار حرب الوكالة التي ستخوضها القوات المحلية الحليفة لإيران ضمن مفهوم جديد باسم “المقاومة الدولية” ضد الولايات المتحدة والدول الحليفة لها.

- بعد اغتيال سليماني..إسرائيل تترقب رد إيران وتصرف ترامب (تقرير)
على الرغم من مخاوف الانتقام، فإن إسرائيل ترى في هذه العملية انخراطا أمريكيا، طال انتظاره، في مهاجمة أهداف تابعة لإيران في سوريا ولبنان والعراق.

عبد الرؤوف أرناؤوط/الأناضول

محللون إسرائيليون منقسمون حول إمكانية ان يطال الانتقام الإيراني إسرائيل
فيكشمان: فجأة لم تعد إسرائيل وحدها
غرانوت: إسرائيل ليست على رأس قائمة الأهداف المحتملة
يادلين: تحول تركيز الولايات المتحدة من داعش إلى الحرس الثوري

رحّبت إسرائيل بتصفية الولايات المتحدة الأمريكية، لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ولكنها مع ذلك تخشى ردا، ليس من إيران، وإنما من المجموعات المدعومة منها، في سوريا ولبنان وغزة.

وعلى الرغم من مخاوف الانتقام، فإن إسرائيل ترى في هذه العملية انخراطا أمريكيا، طال انتظاره، في مهاجمة أهداف تابعة لإيران في سوريا ولبنان والعراق.

فعلى مدى عدة سنوات، هاجمت إسرائيل أهداف قالت إنها تابعة لإيران في سوريا ولبنان، وحتى العراق، ولكنها كانت في هذا الجهد، وحيدة.

وكتب أليكس فيكشمان، المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”:“لقد حدثت معجزة استراتيجية كبيرة هنا، فجأة لم تعد إسرائيل وحدها”.

وأضاف:“لسنوات، حاولت إسرائيل دون جدوى تسخير الولايات المتحدة لمواجهة عسكرية مع إيران، ويوم الجمعة الماضي خرجنا من هذه السنوات الأربعين بوحشية، فالولايات المتحدة، التي كانت حذرة من شن هجوم مباشر على أهداف إيرانية منذ أوائل الثمانينيات، نفّذت، وأعلنت مسؤوليتها، اغتيال قاسم سليماني، الرجل الذي يرمز إلى انتشار الثورة الإيرانية في جميع أنحاء العالم”.

وتابع فيشمان:“لا عجب أن تحتفل المستويات السياسية والدفاعية في إسرائيل”.

وعلى الرغم من ترحيبها باغتيال سليماني، فإن إسرائيل التزمت الصمت الإعلامي وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو الشخص الوحيد الذي صرح علنيا عن عملية الاغتيال.

وقال نتنياهو في مستهل الجلسة الأسبوعية للحكومة الإسرائيلية، الأحد:“أدى سليماني إلى مقتل مواطنين أمريكيين كثيرين وأبرياء آخرين، على مر عشرات السنين الأخيرة وأيضا في هذه الأيام بالذات”.

وأضاف:“الرئيس ترامب يستحق كل التقدير على عمله الحازم والقوي والسريع”.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، بينها محطة التلفزة 13، إن الولايات المتحدة الأمريكية أبلغت إسرائيل مسبقا بقرارها قتل سليماني.

وألمح نتنياهو بنفسه إلى ذلك حينما قال للصحفيين، الخميس، قبيل مغادرته الى اليونان:“نعلم أن منطقتنا هائجة، وتقع فيها أحداث دراماتيكية للغاية، نتابعها بكل يقظة ونقيم اتصالات مستمرة مع صديقتنا الكبيرة الولايات المتحدة الأمريكية، بما في ذلك خلال المكالمة الهاتفية التي أجريت بعد ظهر أمس”.

وأضاف:“أود أن أقول شيئا واضحا، ندعم جميع الخطوات الأمريكية دعما كاملا، وندعم حقها الكامل في الدفاع عن نفسها وعن مواطنيها”.

أقوال نتنياهو هذه، جاءت قبل عدة ساعات على اغتيال سليماني، وبعد ساعات من اتصال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو هاتفيا معه.

تكرر اتصال بومبيو، مع نتنياهو بعد عملية الاغتيال.

وليس من الواضح إن كان لإسرائيل، أي دور استخباري في تصفية سليماني.

ولكن رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي الخارجي “الموساد” يوسي كوهين كان قد قال في الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول إن سليماني غير موجود على قائمة أهداف “الموساد” للاغتيال.

ألا أن المحلل في صحيفة“إسرائيل اليوم” عوديد غرانوت، كتب:“يمكننا أن نعترف بحرية بأن الضربة التي تعرض لها سليماني، الذي كان وراء النشاط الإرهابي لإيران في الخارج، قضت على أحد أخطر أعداء إسرائيل في (الحرب بين الحروب) التي تشنها ضد إيران”.

وأضاف:“اهتم سليماني شخصيا بتعزيز الخطر الذي يشكله حزب الله على شمال إسرائيل، وكذلك على مستوى الإرهاب من حماس والجهاد الإسلامي في الجنوب (قطاع غزة)، أكمل التطويق بنقل الميليشيات الشيعية في سوريا إلى مرتفعات الجولان”.

وقد أعلنت إسرائيل عن سلسلة من التدابير بعد اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية لسليماني، بينها رفع مستوى التأهب في السفارات والقنصليات الإسرائيلية حول العالم والتأهب على الحدود مع سوريا ولبنان وغزة.

ومع ذلك، فقد انقسم المحللون الإسرائيليون بين من رأى أن إيران لن تهاجم أهداف إسرائيلية، وبين من قال إن إيران سترد من خلال الجماعات المدعومة منها في سوريا ولبنان وغزة.

وفي هذا السياق، يضيف غرانوت:“أرسلت إيران إشارات بأنها لن تتسرع في الرد على مقتل سليماني وسوف تختار (وقتًا ومكانًا مناسبين)، يمكننا أن نفترض أن مشكلتها الرئيسية في التخطيط للانتقام هو أقل في اختيار هدف مناسب، وأكثر في الرغبة بالتأكد من أن أي إجراء سيُنظر إليه على أنه (انتقام مناسب) في حين أنه لا يتطور إلى حرب شاملة مع الولايات المتحدة، وهو ما لا تريده إيران”.

وأضاف:“ما يجعل قرار طهران الوشيك أكثر تعقيدًا، هو الطبيعة غير المتوقعة للرئيس الأمريكي، الذي يتجه إلى عام الانتخابات، هل سيكون على استعداد للتغاضي عن عمل انتقامي مؤلم ولكنه (متناسب) من جانب إيران، أم أنه سيصدر أوامر بقصف منشآت إيران النفطية أو النووية؟”.

وتابع غرانوت:“في خضم صرخات الانتقام في طهران، يتم ذكر إسرائيل أيضًا (كشريك في الجريمة الفظيعة)، ولهذا الأمر، فإن إسرائيل ليست على رأس قائمة الأهداف المحتملة التي يمكن للإيرانيين استخدامها حتى في اغتيال سليماني”.

ولكن فيشمان يقدم تحليلا مخالفا، حيث كتب المحلل العسكري في “يديعوت أحرونوت”:“تعتقد إسرائيل أن الإيرانيين يدركون أنه لم يكن لها أي دور في الاغتيال في العراق، وأنه من المشكوك فيه أن للجمهورية الإسلامية أي مصلحة في فتح جبهة أخرى ضد إسرائيل، ومع ذلك، هناك مستوى معين من الاستعداد العالي لدى عملاء المخابرات والدفاع الجوي في إسرائيل”.

وأضاف:“هناك على الأرجح احتمال أن تطلق الميليشيات الموالية لإيران في سوريا، أو ربما لبنان، النار على إسرائيل، حتى بدون توجيه من طهران، وهو ما حدث في الماضي”.

وتابع:“يمكن أن يقوم الجهاد الإسلامي في غزة، أيضًا، بإطلاق صواريخ رمزية كإجراء تضامني مع إيران، ومع ذلك، فإن حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية، أثناء الحداد على وفاة سليماني، قد بعثت برسالة واضحة: لن نفتح جبهة جديدة بسبب هذه التصفية”.

ومن جهة ثانية، فإن إسرائيل ترقب ما إذا كان اغتيال سليماني يمثل تغييرا في الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران.

وكتب عاموس يادلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بين عامي 2006 و2010، في سلسلة تغريدات على “تويتر”:“يبقى أن نرى ما إذا كان هذا التغيير في سياسة الرد الأمريكية يمثل تغييراً أوسع في سياساتها وأولوياتها الاستراتيجية تجاه إيران والإرهاب والمنطقة ككل”.

وتساءل:“هل أخيرًا، تحول تركيز الولايات المتحدة من داعش إلى الحرس الثوري؟”.

ولفت إلى مسؤولية ترامب عن اغتيال أبو بكر البغدادي وهو سني وسليماني وهو شيعي، وقال:“هذه إنجازات رائعة في سجله”.

وقال يادلين:“على الرغم من أن إيران والولايات المتحدة لا تسعيان للحرب، إلا أنهما يخطيان الآن على شفا الهاوية، عندما يتعلق الأمر بالديناميات الاستراتيجية، لا يمكن للمرء أن يفترض أن الخصم سوف يواصل مساره الماضي، أما كيف ستتطور الأمور فهذا سيعتمد على رد إيران”.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2342227

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ميديا  متابعة نشاط الموقع تقارير اعلامية   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

37 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 33

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28