الكيان واحتمال انتخابات ثالثة

الأحد 29 أيلول (سبتمبر) 2019 par فايز رشيد

طبقا لما ورد في وكالات الأنياء والصحف, وبالرغم من الغرابة في ذلك, أعلن الرئیس الإسرائیلي رؤوفین ریفلین (مساء الأربعاء الماضي )عن تكلیف رئیس الحكومة الإسرائیلیة المنتهیة ولایته بنیامین نتنیاهو, بمهمة تشكیل الحكومة المقبلة, بذریعة حصوله على أعلى عدد من التوصیات. نتنياهو ـ رغم تكليفه ـ يدرك تماما صعوبة تحقيق مهمته, ولذلك خاض ممثله مع ممثل جانتس (بعد اجتماع مشترك لهما مع ريفلين دعاهما فيه لتشكيل حكومة ما يسمى بـ”الوحدة الوطنية”) مفاضات لمشاركة كتلة أزرق ـ أبيض في الحكومة. من جانبه قال نتنياهو (وفقا لموقع عرب 48) إنه یقبل التفویض, لیس لأن فرصه بالنجاح مرتفعة, ولكنها أعلى بقلیل من فرص (بیني جانتس), مشددا على ضرورة تشكیل حكومة وحدة, معتبرا أن النتائج تجعل جمیع الخیارات الأخرى غیر متاحة. من جانبه, أوضح ریفلین أنه على الرغم من التقارب في عدد التوصیات التي حصل عليها كل مرشح (55 لنتنیاهو, و54 لجانتس) غیر أن 10 نواب من الذین أوصوا بجانتس, في إشارة إلى نواب القائمة العربیة المشتركة, أعلنوا أنهم لن یشاركوا بحكومة تحت رئاسته, ما رجّح كفة نتنیاهو. لقد طالب ریفلین نتنیاهو بتعیین قائم بأعمال رئیس الحكومة تحسبًا لاحتمال عدم القدرة على مزاولة مهامه. ما سبق يوحي بأن ريفلين غير واثق بإمكانية نتنياهو من تشكيل الحكومة، وأن الأخير أيضا يرى استحالة تشكيل الحكومة العتيدة.
من جانب آخر أصدر جانتس بیانا مباشرةً عقب تكلیف نتنیاهو أكد خلاله رفض كتلته أزرق ـ أبیض المشاركة في حكومة یقودها شخص توجه ضده لائحة اتهام خطیرة, مضيفا: إن الوحدة من جهتنا لیست قیدا تفرضه علینا نتائج الانتخابات, وإنما رغبة حقیقیة ناشئة عن الحاجة إلى توحید “الشعب” وإنشاء حكومة مستقرة وقادرة, حكومة ستعمل على تصحیح المشكلات العمیقة المتجذرة في “المجتمع” الإسرائیلي. ولقد نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة “يديعوت أحرونوت” ـ وانيت ـ عن مصدر مطلع في كتلة أزرق ـ أبيض, قوله: إن اللیكود یستغل المفاوضات لإظهار أنه یسعى إلى حكومة وحدة, متهما نتنياهو بالتمثیل والادعاء, مضيفا أنه “في اللحظة التي تیقن فيها اللیكود أننا لن نوافق على أن یتولى نتنیاهو رئاسة الحكومة, فإن الأخير أصبح ينادي بحكومة وحدة وطنية”.
من جانب آخر, فإن يائير لبيد رئیس حزب “ییش عتید” عارض بشدة المشاركة في حكومة یشارك فيها نتنیاهو, حتى في حالة التناوب على رئاسة الحكومة! حسبما ذكرت صحیفة “یدیعوت أحرونوت” وأكدت, أن خلافا شدیدا يجري داخل أزرق ـ أبیض على المشاركة في حكومة برئاسة نتنياهو. أيضا يشدد جانتس في خطابه السياسي على اتهامات الفساد الموجهة لنتنياهو في أكثر من قضية مصرّا: على أنه لن يشارك في حكومة يواجه فيها رئيس الوزراء لائحة اتهام جديّة وخطيرة للغاية، وأن الاتهامات لن تجعلنا نثق بنتنياهو على الدوام.
من زاوية أخرى, يلفت النظر، أن التحالف الوسطي الإسرائيلي يسعى إلى إقناع أعضاء من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو إلى التخلي عنه وتشكيل حكومة وحدة معا بشخص غيره, لكن لا دلائل تشير إلى إمكانية حصول ذلك.
بالتالي, لقد دفع هذا الوضع منتقدي نتنياهو إلى اتهامه باحتجاز البلاد (الكيان المحتل) رهينة, مستندين في ذلك إلى احتمال تشكيل حكومة وحدة إذا تنحى. لكن نتنياهو يرد بأنه يحظى بدعم الكثير من الأحزاب الصغيرة. وأنه يسعى جادا لتشكيل حكومة ائتلاف لمواجهة ثلاثة تحديات كبيرة تحيق بإسرائيل: الخطر النووي الإيراني, الوضع الاقتصادي الإسرائيلي, تثبيت إسرائيل في محيطها. من جهته, قال كبير مفاوضي حزب الليكود, وزير السياحة ياريف لافين إن الحزب منفتح على احتمال التناوب مع جانتس, مضيفا: “ندرك أننا إذا شكلنا حكومة وحدة فلن يكون نتنياهو رئيس وزراء لفترة كاملة”.
معروف أن اتهامات الفساد الموجهة لنتنياهو حدت بحزب أزرق ـ أبيض لتبني خط متشدد بشأن تشكيل ائتلاف.
ومن المقرر أن يقدم فريق محامي نتنياهو مرافعاتهم لوزارة العدل, بعد أن أعلن النائب العام أنه يعتزم توجيه تهم الرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة لنتنياهو. وينفي نتنياهو تلك التهم وطلب من النائب العام بث جلسة الاستماع مباشرة لأنه “ليس لديه ما يخفيه”. ويلقي أعضاء الليكود باللوم على جانتس في حال اضطروا إلى إجراء انتخابات ثالثة وهو موقف يصفه أعضاء أزرق ـ أبيض بأنه سخيف.
أما موقف ليبرمان زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” فهو لن يرجّح كفة نتنياهو أو كفّة جانتس. جملة القول: إنه من الاستحالة بمكان على نتنياهو تشكيل حكومة, وحتى لو اعتذر عن المهمة لريفلين, وقام الأخير بتكليف جانتس, فلن يستطيع في ظل استهتاره بأصوات نواب القائمة العربية. باختصار, تتجه الأمور في إسرائيل إلى إمكانية الدعوة إلى انتخابات ثالثة.