] هنريك بونتوبيدان..روائي البسطاء الساخر - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
السبت 29 حزيران (يونيو) 2019

هنريك بونتوبيدان..روائي البسطاء الساخر

السبت 29 حزيران (يونيو) 2019

«لوصفه الحقيقي للحياة الحالية في الدنمارك»، فاز الكاتب الدانماركي هنريك بونتوبيدان (24 يوليو 1857 - 21 أغسطس 1943) بجائزة نوبل في الأدب عام 1917 مناصفة مع كارل جيلوروب، وكان والد هنريك كاهناً وراعياً للكنيسة، لكن الابن ابتعد عن هذا المجال اللاهوتي، واتجه إلى دراسة الهندسة في كوبنهاجن، ثم تركها ليلتحق بالصحافة، وفي العشرين من عمره، قرر أن يتفرغ للكتابة، وتزوج عام 1881 من فتاة تنتمي إلى أسرة فقيرة، لكنه فشل في زواجه.

منحت الجائزة في هذا العام لكاتبين من الدانمارك، ربما لأن الحروب غزت أوروبا حينها، ما عدا دول الشمال، التي نعمت بالسلام، حسبما يذهب البعض، لكن المؤكد أن هذا الفوز الكبير لفت النظر إلى الأدب الدانماركي، وساد البلاد آنذاك شعور بالارتياح، لأنه منذ مات كاتبهم «هرفان بانج» عام 1912 لم يعد فيها من يعبر عن حياتها الفكرية.

بدأ هنريك بونتوبيدان حياته الأدبية ككاتب قصص قصيرة عام 1881 من خلال قصة بعنوان «نهاية حياة» نشرها باسم مستعار، في إحدى المجلات الأدبية، وكانت كتاباته تصور الريف الدانماركي، من منظور التلاميذ الصغار «ورغم عالمه النقي إلا أنه كان مغموساً بالواقع» كما توضح الناقدة الدانماركية مونيك كريستينس.

في عام 1932 نشر بونتوبيدان مذكراته بعنوان «في الطريق نحو ذاتي» وحكى فيها عن مبادئه الأساسية وحياته وأسرته، من دون أن يشير إلى نفسه بشكل واضح، لكنه عاد في عام 1940 ونشر مذكراته في أربعة أجزاء، ثم أعلن بأنه لن يكتب كلمة واحدة بعد ذلك، وعاش ينتظر الموت مثل أبطال رواياته حتى توفي عام 1943.

كانت رواية بونتوبيدان «صور ريفية» أول عمل أظهر قدرته على تصوير الشخصيات، وكذلك تعاطفه مع البسطاء، وتحت تأثير أحد الأساقفة، كتب ثلاثيته «الأرض المسحورة» التي قدم فيها شرائح من المجتمع الدانماركي، وكان لا يزال مجتمعاً زراعياً، يسيطر عليه الإقطاع ورجال الدين.

كان زواجه الثاني عام 1892، من ابنة موظف كبير في العاصمة، نقطة تحول في حياته وكتابته، إذ انتقل في موضوعاته من الريف إلى المدينة، فكتب بين عامي 1898 و1904 عمله الأكثر شهرة «بير المحظوظ» الاسم الذي صار مصطلحاً في اللغات الاسكندنافية.

وصف هنريك في هذا العمل، الصراع بين المثالية والواقعية، وكشف خفايا الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية في العاصمة، كما ظهرت فيه لمحات من سيرته الذاتية، أما في خماسيته «مملكة الموتى» فقد قارب أسلوبه الشعر، وكتب واصفاً الحياة في بلاده في العقد الأول من القرن العشرين، ناقداً السلطة وسوء استخدامها.

كان هنريك بأسلوبه الساخر ولغته المملوءة بالرموز والحكم، ناقداً لاذعاً للأوضاع السائدة في الدنمارك، في تلك المرحلة، وبنثره الشعري صوَّر الشك والتشاؤم اللذين ساوراه، وعالج الموضوعات الوجودية، بحثاً عن الحقيقة، فكان بذلك من أبرز روائيي بلاده وعصره.

عاش الكاتب مع الفقراء والفلاحين والمنبوذين بروحه وقلمه، وصور عالمهم البائس، وحياتهم الصعبة، وفضح الاستبداد والاستغلال باسم الدين والطبقة الاجتماعية، ثم انتقل لاستعراض مشكلات الطبيعة، من دون التخلي عن ارتباطه الاجتماعي وقناعاته الأيديولوجية.

وكان الأدب بالنسبة إليه شرعية حياة ومركز وجوده في هذا العالَم، ففي أعماله الأدبية، استطاع تصوير ذهنية المجتمع، وانتقال الحرية إلى المجتمع واللغة، كما أنه قدم في كتاباته الصراع بين طبيعة الذكر الانطوائية وحيوية المرأة.

ومع أن لغته تبدو للوهلة الأولى سهلة وبسيطة، إلا أنها محملة بالرموز العميقة، والتلميحات المستترة، والسخرية اللاذعة، والأفكار الكامنة بين السطور، وعلى الرغم من موهبته الأدبية الفذة، وتصنيفه كواحد من أكثر الكتاب الدنماركيين حداثة وإبداعاً، إلاّ أنه كان رجلاً متناقضاً في مواقفه.

ربما يعود هذا إلى شخصيته القلقة، فقد كان متحرراً ووطنياً صارماً في آن معاً، وتعاون مع الاشتراكيين لكنه لم ينضم إليهم، وبقي مستقلاً، كما أن كتاباته في كثير من الأحيان عبارة عن خليط من التحيز والموضوعية، وهذا حير القراء والنقاد على حد سواء، ومن أبرز أعماله: أجنحة - بطاقات بريدية من القرية - ابنة المرابي - غيوم - الحارس - من الأكواخ - ضيف الملك.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 4874 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفنون   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

27 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 28

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28