] «مليحة» وحدها هزّت إعلام الكيان الصهيوني! - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) 2024

«مليحة» وحدها هزّت إعلام الكيان الصهيوني!

- وسام كنعان
الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) 2024

حتى اليوم لم يتمكّن مسلسل تلفزيوني يحاكي القضية الفلسطينية على قلّة تلك الأعمال، من إزاحة «التغريبة الفلسطينية» (وليد سيف والراحل حاتم علي) عن المكانة الراسخة التي حققها، والبراعة في صوغ ملحمة درامية تصّدت بجرأة لأعدل قضية في تاريخ الأرض. أسهم المسلسل في تغيير المفهوم الاستهلاكي للتلفزيون، وخلق ذاكرة حقيقية ما زالت ممتدة حتى الآن، إلى درجة يمكنه معها تحقيق نسب مشاهدة كبيرة كلّما أعيد عرضه على بعض الفضائيات العربية رغم مرور عشرين عاماً على إنجازه. هذا الموسم كان ضرورياً وجود مادة درامية تنسج مقترحها من قلب القضية الفلسطينية، وتقدّم رواية ولو بطريقة غير مباشرة عن أكبر إبادة جماعية ينفّذها العدو الصهيوني منذ النكبة ووصلت ذروة جنونها بعد هزيمته في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي. لكن السلّة الرمضانية أتت كما كان متوقعاً خاوية تماماً، ليس فقط لأنه لم يكن هناك متسع من الوقت للموسم الرمضاني، بل أيضاً بسبب رغبة الجهات الإنتاجية الابتعاد عن هذه المواضيع تحديداً تلك التي تمنى غالباً بجفاء تسويقي. مع ذلك أطّل مع بداية النصف الثاني من رمضان مسلسل وحيد يحكي عن فلسطين بعنوان «مليحة» (تأليف رشا عزت الجزار إخراج عمرو عرفة بطولة: دياب، ميرفت أمين، أمير المصري، سيرين خاص، أشرف زكي، وآخرون. عرض على شبكة نتفليكس) يروي المسلسل القصير مأساة الشعب الفلسطيني متكئاً على مشاهد افتتاحية لكلّ حلقاته، تنحو باتجاه الحالة التوثيقية مع تعليق صوتي لجدّ يروي الحكاية لحفيده، ويستعرض المراحل التاريخية لسقوط دولة فلسطين بيد الصهاينة والغطاء العالمي الذي كان يواكبها دوماً. ينطلق بعدها إلى قصّة عائلة فلسطينية مهجّرة تعيش مع حفيدتها مليحة في ليبيا ثم تضطر بعد انتشار الفوضى التي خلّفها الربيع المزعوم وقتل اثنين من العائلة، للسفر إلى مصر في رحلة البحث عن العودة إلى قطّاع غزة، ويستعرض خلالها «بطولات الجيش المصري للتصدي للهجمات التخريبية من ناحية الحدود الغربية». وعلى الرغم من بساطة القصة وخلّوها من المنطق السردي المختلف، أو الاقتراح البصري المبهر، إلا أن تتر المسلسل الذي يمزج بين الفولكلور الفلسطيني وصوت أصالة نصري بأغنية مؤثرة، إضافة إلى أغنية داخلية تحيّي المناطق المحتلة على صمودها الطويل، إلى جانب الشريط الوثائقي المتلاحق برفقة صوت الجدّ، كانت عناصر كفيلة بهزّ الإعلام العبري، وفق ما نشرت وسائل إعلامية مصرية عديدة بعد رصدها الهجوم على صنّاع العمل وفكرته وروايته، واعتبار أنه «مجرّد تجييش للرأي العام العالمي ضد إسرائيل» كأن الكيان الذي يبيد البشر والحجر ويجوّع ويهدم ويمعن في جرائمه منذ أشهر في غزّة يحتاج مبررات إضافية لتأكيد وحشيّته!
على العموم، كانت «هيئة البث الرسمية الإسرائيلية» في واجهة الهجوم الإعلامي ذاك، وهي مصدر رسمي لجميع القرارات التي يتخذها الكيان الصهيوني، وقد استضافت محللاً إسرائيلياً مختصّاً في الشؤون العربية للتعليق بصيغة حاقدة على حلقات المسلسل كلّ واحدة على حدة، من دون تفويت الجانب التحليلي وفق المنطق الاحتلالي لما يريد العمل قوله. ولفتت صحيفة «هآرتس» إلى أهمية الدراما العربية في مواجهة المخططات الإسرائيلية، موردةً أنّ «العرب يتعمّدون عرض المسلسل خلال شهر رمضان، وهو الوقت الذي تتجمع فيه الأسر والجاليات العربية لمشاهدة موسم الدراما». أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» فقد نشرت مقالاً صبّ جام غضبه على العمل وركّز على صنّاع المسلسل، وذكّر بتصريحات بعض صنّاعه ضد إسرائيل معتبرة بأن العمل «يتبنى وجهة نظر واحد قصدها تشويه صورة الكيان». من جانبها، شنّت صحيفة «معاريف» هجوماً شرساً على المسلسل، وقالت إن المسلسلات المصرية على وجه الخصوص تتبنى دوماً الرواية الفلسطينية من دون الالتفات إلى وجهة النظر الإسرائيلية.
الجردة السريعة على بعض المنافذ الإعلامية الصهيونية تكشف فوراً مدى تخوّف مجتمع الاحتلال ومؤسساته من الواجهة الإعلامية العربية المتمثلة في الدراما وهي تصل إلى أشهر منصّة عالمية، إلى درجة أن مسلسل بمستوى متوسّط يمكن أن يخلّف موجات هلع وردّات فعل صحافية موتورة تعتبر امتداداً لسلوك آلة الحرب الهمجية التي تخاف لغة الحقّ، وتخشى كلّ الفنون! طيّب، ماذا لو كان أنجز العرب وهم قادرون جداً على ذلك بشكل سنوي، مجموعة مسلسلات مشغولة باحترافية عالية؟!


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 187 / 2332414

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفنون   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

38 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 26

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28