] كيف تقيد الجامعات الإسرائيلية حرية الفلسطينيين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) 2024

كيف تقيد الجامعات الإسرائيلية حرية الفلسطينيين

الثلاثاء 2 نيسان (أبريل) 2024

ريبيكا روث غولد *
ترجمة: صالح الرزوق

يُزعم أن الجامعات الإسرائيلية هي آخر معاقل الحرية في دولة تشهد زيادة في معدل القمع، لكن يؤكد عدد من الباحثين الذين يتحلون بروح النقد الموضوعي – وفي مقدمتهم مايا ويند – أن هذه الحرية متاحة فقط لعملاء الدولة. دخل كتاب ويند الجديد «أبراج من الحديد والعاج: كيف تحرم الجامعات الإسرائيلية الفلسطينيين من حرياتهم» المطبعة قبل وقت قصير، من بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة، وصدر في 30 كانون الثاني/يناير 2024.
وأهم ما يميزه اعتماد ويند على مصادر عبرية أغفلتها المؤلفات السابقة، وعرضها لتاريخ طويل من تآزر المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم. فمنذ بداية تأسيس إسرائيل عام 1948، إن لم يكن قبل ذلك، صممت الجامعات لتكون «موقعا أماميا يخدم الاستراتيجية الإقليمية لدولة إسرائيل ويبلور مشروعها الاستيطاني الديمغرافي». ويؤكد الكتاب أن الترتيب الهرمي وتوزع الجامعات يعكس هذا الهدف الشامل. وكانت الجامعة العبرية في القدس من بين «المراكز الإقليمية الاستراتيجية» الأولى التي أقيمت عمدا عام 1925 في «جيب معزول بين القرى الفلسطينية». ومع نمو مشروع التوسع الصهيوني، توسع حرم هذه الجامعة. وفي السنوات الأخيرة، شاركت بشكل كبير في تعزيز سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية بشكل غير قانوني. وتبين ويند كيف استفاد مديرو وموظفو هذه الجامعة من النكبة ومن تشريد الفلسطينيين في عقد الستينيات وحتى الوقت الحاضر. ففي عام 1948 وبعد طرد الفلسطينيين من القدس الشرقية شرعت المكتبة الوطنية والجامعة العبرية، في نهب الكتب من المنازل والمكتبات. ويحتفظ الآن قسم الاستشراق في هذه المكتبة بما نهبه. وهو حاليا المرجع الأساسي للمهتمين بالشرق الأوسط في الجامعة. ويروي حكاية هذا الاستيلاء الإجرامي فيلم وثائقي أعده بيني برونر وأرجان الفاسد، وبثته قناة «الجزيرة» عام 2012 بعنوان «سرقة الكتاب الكبرى».
وحسب كلام ويند لم تتنصل أي جامعة إسرائيلية من التواطؤ، ولإثبات ذلك تستعرض تاريخ الجامعات الحكومية الأساسية في إسرائيل، بما في ذلك: معهد وايزمان في رحوفوت، والجامعة العبرية، وجامعة حيفا، وتل أبيب، وبن غوريون في النقب، والتخنيون في حيفا، وبار إيلان، وأرييل، (لم تذكر الجامعة الخاصة الوحيدة في إسرائيل وهي راخمان، ولا جامعة إسرائيل المفتوحة). ثم حرصت ويند على شرح الطريقة التي رعت بها كل مؤسسة المشروع الديموغرافي الإسرائيلي، لتبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ثم استبدال السكان المحليين بإسرائيليين في المنطقة الممتدة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وتستند ويند على منحة ناديا أبو الحاج، لتبين أن الهدف كان باستمرار هو «خلق حقائق على الأرض» تجعل من الصعب إلغاء وعكس الإجراءات الديموغرافية وانتهاك القانون الدولي.

خلق حقائق على الأرض: جامعة أرييل

يوضح دمج جامعة آرييل بالتيار الأكاديمي الإسرائيلي مدى نشاط الدولة في خلق «حقائق لا رجعة فيها على الأرض». فقد أنشئت الجامعة في الأصل عام 1982 لتكون كلية تحت رعاية جامعة بار إيلان في النقب، وسُميت أرييل على اسم بلدة إسرائيلية احتلت موقعا استراتيجيا الغاية منه تقطيع أوصال المجتمع الفلسطيني. وتتابع ويند الأسلوب الذي تم به الاعتراف رسميا بجامعة آرييل، وتحويلها إلى أكاديمية شرعية، على الرغم من أنها كانت في الضفة الغربية المحتلة، ورغم حملة قصيرة انطلقت في إسرائيل لإعاقة الاعتراف باستقلال هذه الجامعة، فقدت المبادرة زخمها بمجرد أن أصبح من الواضح أنه لا خشية من أي موجة معارضة دولية.
وفي آذار/مارس عام 2021 وقّع أكثر من خمسمئة أكاديمي على رسالة مفتوحة تدعو المفوضية الأوروبية إلى عدم استخدام أموال الاتحاد الأوروبي في دعم أنشطة البحوث الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، لكن بعد سبعة أشهر فقط، قامت المفوضية الأوروبية بعقد مفاوضات رسمية مع إسرائيل، وأسفرت بالنتيجة عن اعتبار إسرائيل دولة متعاونة، وهو وضع يمنح الباحثين في إسرائيل إمكانية الحصول على تمويل من مجلس البحوث الأوروبي. ولسوء الحظ، لا توجد علامة على أن المفوضية أثارت خلال هذه المحادثات المخاوف التي أعرب عنها المجتمع العلمي الدولي بشأن جامعة أرييل، بسبب موقعها الجغرافي الذي ينتهك القانون الدولي. ولم تعتبر المفاوضات أن الأنشطة غير القانونية في بقية الجامعات حاجزا أمام مشاركة إسرائيل في خطط تمويل الاتحاد الأوروبي.

صادرات التمييز العنصري الإسرائيلي

وفي الوقت نفسه، وفي عام 2020 تم رفع الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على تمويل البحوث الأكاديمية، التي تجري في مستوطنات الضفة الغربية، بما في ذلك جامعة أرييل (أعادت إدارة بايدن تدريجيا فرض الحظر، لكنه تقرر عدم تبني سياسة ما قبل عهد ترامب، التي كانت ترى، بالاستجابة للقانون الدولي، أن هذه المستوطنات في الضفة غير قانونية). وقبل بضعة أشهر من رفع الحظر، منحت جامعة أرييل الزمالة الفخرية لحاكم فلوريدا الجمهوري رون ديسانتيس، وهو سياسي قاد حملة منع الكتب التي تعزز الوعي بماضي أمريكا العنصري، مع حظر نشاطات حركة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين». وقد لعب ديسانتيس دورا في تقويض الحرية الأكاديمية في جامعات فلوريدا، وتعامى عن انتهاك إسرائيل لالتزاماتها الدولية، وإصرارها على اضطهاد الفلسطينيين. وقد حد ذلك من حرية الأكاديميين في جامعات شمال أمريكا وأوروبا، وكما تذكر ويند إن الوضع الخاص الذي منحته السلطات الغربية لجامعات إسرائيل، سهّل عليها مهمة التواطؤ في حرمان الفلسطينيين من حرياتهم.
قدم للكتاب نادية أبو الحاج، وكتب خاتمته روبن د.ج. كيلي. ذكر كيلي في كلمته أن مشروع ويند شاهد النور في منتصف عام 2023، قبل الإبادة الجماعية في غزة مباشرة، وأضاف في تصريحاته النارية لماذا يجب علينا مقاطعة الجامعات وبقية المؤسسات الأكاديمية في إسرائيل، علاوة على تعزيز النضال ضد نهج وسياسة الفصل العنصري. وكما يشير كيلي، على الرغم من أن «الجامعات ليست بالضرورة معاقل للديمقراطية أو العدل أو الاندماج» لكنها «مواقع للسلطة» وحتى أولئك الذين يشككون بدور الجامعات، في حركة النضال من أجل تحرير المجتمع، عليهم أن يفهموا أن «ما يبدو كفاحا من أجل تأمين الحرية الفكرية داخل الجامعة هو في الأساس صراع على السلطة».
وكلام ويند، في هذا التوقيت الحرج، عن المعركة الأكاديمية على حقوق الفلسطينيين، وأرض فلسطين، وفي نهاية المطاف، حياة الفلسطينيين، هو بمثابة دعوة لمقاطعة إسرائيل ثقافيا وأكاديميا، فقد تبين لنا طيلة عقدين من الفصل العنصري والإبادة الجماعية «المستدامة» في إسرائيل أن مقاطعة جامعاتها ضرورة أخلاقية واستراتيجية. وفي اللحظة التي تدمر فيها إسرائيل كل جامعات غزة، يتوجب على أي شخص له صلة بالتعليم العالي أن يفكر مرتين قبل التعاون مع أي جامعة تدعم هذه الهجمات على البنية التحتية للمدنيين. وآخر مثال قصف إسرائيل لجامعة الإسراء، مأوى وبيت من تبقى من أكاديميين في غزة.

٭ أكاديمية أمريكية وعضو مركز الدراسات الفلسطينية في جامعة لندن، حازت جائزة الترجمة من مؤسسة القلم الدولي لعام 2024 عن الرواية الفارسية «إقامة جبرية» لحسن علي زادة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 190 / 2332414

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع ثقافة وفنون   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 27

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28