ـ فرح مرقه
يشبه تماماً التعديل الوزاري الثالث الذي قام به رئيس وزراء الأردن الدكتور عمر الرزاز شخصيته التي تعتمد على نفسها أكثر من أي شخص آخر، وتبحث عن أشخاص تنفيذيين للقيام بالمهمات.
الدكتور الرزاز وإن أبدى في تعديله الحكومي رسالة خشنة بتعيينه وزير الداخلية الأسبق سلامة حماد المثير للجدل، يؤيد النهج المطلوب في داخل المؤسسات الأمنية من جهة، ويزيد من حظوظ التعسف بحق الحراكيين، الا انه ومنذ اليوم الأول لم يقدم حكومته على انها تحوي فقط الحداثيين والمدنيين، فنائبه الدكتور رجائي المعشر موصوف بكونه محافظ وعنيد، بينما يعتقد الرزاز انه يطوّع بعض أفكاره حيناً ويستفيد من أخرى حيناً آخر في سبيل إيجاد رؤية مشتركة للبلاد لا يسيطر عليها أحد دون آخر.
الرسالة من استقطاب سلامة حماد، أثارت تحفظاً كبيراً من السياسيين والحراكيين على حد سواء باعتباره يستحضر سلسلة من الأزمات التي ليست ببعيدة وحصلت في عهده مثل سرقة صناديق الاقتراع في البادية في الانتخابات البرلمانية الماضية وأحداث الكرك الأمنية الأخيرة وغيرها. كل هذا يؤثر عملياً في العقل الجمعي للشارع، بينما ما تريده الدولة (وفي قرار إعادة سلامة حماد لا يتصرف الرزاز منفرداً) إعادة هيبة المؤسسات الأمنية وإرسال رسائل خشنة بالفعل لأي معارضة محتملة.
بهذا المعنى، لا يقلق الرزاز كثيراً بخلفية الشخصية التي ستقود الداخلية، قدر ما يهتم بتفاصيل مثل معرفتها بالوزارة وخلفياتها، واحتمالية إنجازها لملفات محددة كما أعلن في جلسة وزارية بالأمس. رئيس الوزراء ببساطة لا يزال يجرّب في ملف الداخلية، وحمّاد لن يكون ثابتاً لو لم يؤد المطلوب منه.
إلى جانب الداخلية، احتج كثيراً الحراكيون تحديداً على استقطاب شخصية الدكتور محمد العسعس المستشار الاقتصادي السابق للملك، وقُرء الاستقطاب بصورة تحاكي تجربة الحكومة الماضية مع ادخال الدكتور هاني الملقي للدكتور جعفر حسان. إلا أن مصادر مقربة من الرزاز تؤكد أن الرجل كان يعتزم ضم العسعس لفريقه منذ أكثر من ثلاثة أشهر وأن تحويله من قبل الملك لمستشار اقتصادي وليس مسؤول الدائرة الاقتصادية كان تمهيداً للخطوة المذكورة، ولغاية استئثار الحكومة بالملف الاقتصادي تماماً وهو هدف رئيس الوزراء المعلن والواضح في هذه المرحلة على الأقل.
مراقبة عدم وجود دائرة اقتصادية، أو حتى مستشار اقتصادي جديد للملك عبد الله الثاني، مع ملاحظة توقف المجلس الاقتصادي الذي يترأسه الملك منذ أشهر عن العمل -إن استمرت جميعاً- يكون فعلياً الرزاز حاز على الأقل على توحيد المرجعية في القرار الاقتصادي وهذا بحد ذاته إنجاز لم يتحقق لكثر من سابقيه، وبهذا المعنى يكون استطاع السير خطوة باتجاه ولاية اقتصادية عامة.
شعبية الرزاز في الشارع وبين الحراكيين لا تزال لم ترتفع، ولم يعد الرجل هو ذاك الذي اعتبره الحراك المنقذ، إلا أن الذكاء الذي يدير فيه طلائع مشهد رمضان لا يزال واضحاً، حيث نزع فتيل احتجاجات اقتصادية بداية الشهر ما انعكس على حراك سياسي محصور الخميس يطالب بالملكية الدستورية وغيرها بينما لا يبدو حتى اللحظة أنه استعاد أو حاكى زخم الحراك الماضي الذي كان أساسه اقتصادياً.
الدكتور الرزاز يعي ذلك جيداً، ويعتقد أن الولاية العامة الكاملة التي يطالب بها الحراكيون السياسيون دفعة واحدة بحد ذاتها ترفٌ لا يُنازِع عليه، وإن كان الرجل حظي عملياً بالولاية الاقتصادية الكاملة التي يريد بالإضافة لجانب من السياسية لأهداف اقتصادية، وهو ما يكشفه اجتماعٌ عراقي مصري أردني عقده بعد التعديل الوزاري مباشرة. ولكن رئيس الوزراء الهادئ ينفذ كل هذا على طريقته العميقة البطيئة والتي قد تبدو سلحفائية أحياناً.
تعديل الرزاز وإن لم يخلُ من المحاصصة وإعادة وجوه قديمة بينها المقبول أو المرفوض شعبياً، إلا انه وعملياً أوضح هدفه ويقيس في سياقه، وملاحظة تحسن الخدمات أو الامن في الأردن من عدمها يتحمل هو شخصياً مسؤولية التقصير فيه ويُحسب له إيجابياتها، ففي حكومة هذا الرجل، لا يبدو أن هناك من يعمل إلا لصالح خطط الرئيس، على الأقل حتى اللحظة.
أصدر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني اليوم الخميس مرسوما بالموافقة على تعديل ثالث على حكومة عمر الرزاز التي لم تكمل العام الأول من عمرها.
وغادر في التعديل الجديد سمير سعيد مراد، وزير العمل، ومهند شحادة خليل، وزير دولة لشؤون الاستثمار، وسمير إبراهيم المبيضين، وزير الداخلية، وماري كامل قعوار، وزير التخطيط والتعاون الدولي، وغازي منور الزبن وزير الصحة.
وعاد سلامة حماد السحيم، ليتسلم وزارة الداخلية، فيما انتقل وليد المصري من وزارة البلديات التي استبدلت بوزارة الادارة المحلية، فيما تم تعيين ياسره عاصم غوشه، وزير دولة لتطوير الأداء المؤسسي وهي وزارة مستحدثة، ومثنى حمدان غرايبة، وزيرا للاقتصاد الرقمي والريادة بعد إلغاء وزارة الاتصالات، ومحمد محمود العسعس، وزيرا للتخطيط والتعاون الدولي ووزير دولة للشؤون الاقتصادية، وسامي كامل داوود، وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، ونضال فيصل البطاينة وزيرا للعمل، وسعد فايز جابر، وزيرا للصحة.
وهذا التعديل الثالث الذي يجريه الرزاز على حكومته التي تشكلت في حزيران/يونيو الماضي ، على وقع احتجاجات شعبية أطاحت بسلفه هاني الملقي، للمطالبة بإصلاحات اقتصادية.
وهذه لائحة بأسماء أعضاء الحكومة بعد تعديل وزاري شمل 8 وزراء لتضم إلى جانبه 26 وزيرا بينهم خمس سيدات، أدوا اليمين امام الملك عبد الله الثاني الخميس:
– رئيس الوزراء وزير الدفاع: عمر الرزاز (لم يتغير)
– نائب رئيس الوزراء وزير دولة: رجائي المعشر (لم يتغير)
– وزير الخارجية: أيمن الصفدي (لم يتغير)
– وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي: وليد المعاني (لم يتغير)
– وزير الداخلية: سلامة حماد (جديد)
– وزير المالية: عز الدين كناكرية (لم يتغير)
– وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الشؤون الإقتصادية: محمد العسعس (جديد)
– وزير العدل: بسام التلهوني (لم يتغير)
– وزير المياه والري: رائد أبو السعود (لم يتغير)
– وزير الزراعة والبيئة: إبراهيم الشحاحدة (لم يتغير)
– وزيرة دولة لشؤون الاعلام: جمانة غنيمات (لم تتغير)
– وزير الصحة: سعد جابر (جديد)
– وزيرة التنمية الاجتماعية: بسمة إسحاقات (لم تتغير)
– وزير الأشغال العامة والإسكان: فلاح العموش (لم يتغير)
– وزيرة الطاقة والثروة المعدنية: هالة زواتي (لم تتغير)
– وزير العمل: نضال البطاينة (جديد)
– وزيرة السياحة والآثار: مجد شويكة(لم تتغير)
– وزير النقل: انمار الخصاونة (لم يتغير)
– وزير الإدارة المحلية: وليد المصري (تغيير حقيبة)
– وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية: عبد الناصر ابو البصل (لم يتغير)
– وزير الشؤون السياسية والبرلمانية: موسى حابس المعايطة (لم يتغير)
– وزيرا للإقتصاد الرقمي والريادة: مثنى غرايبة (تغيير حقيبة)
– وزيرة دولة لتطوير الأداء المؤسسي: ياسرة غوشة (جديدة)
– وزير الثقافة والشباب: محمد أبو رمان (لم يتغير)
– وزير الدولة للشؤون القانونية: مبارك ابو يامين (لم يتغير)
– وزير الصناعة والتجارة والتموين: طارق الحموري (لم يتغير)
– وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء: سامي داوود (جديد)
