] فلسطين تغيب من القاموس «الإسرائيلي» - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 22 شباط (فبراير) 2019

فلسطين تغيب من القاموس «الإسرائيلي»

الجمعة 22 شباط (فبراير) 2019 par حافظ البرغوثي

عند مطلع الانتفاضة الأولى في أواخر 1987 التقى وزير الحرب «الإسرائيلي» في حينه إسحق رابين مع مجموعة من المستوطنين في منطقة الأغوار على ضفة نهر الأردن الغربية، وعندما سئل عن تصريحات سابقة له عن استعداده للانسحاب من الضفة قال: لو كان عندنا مليون مهاجر لتوطينهم في الضفة لما قلت كلاماً كهذا، ولكن من أين نأتي بهم!
بعد سنوات من كلام رابين، ومع تفكك الاتحاد السوفييتي سمح للوكالة اليهودية ولدول غربية بتشجيع الهجرة اليهودية وغير اليهودية إلى فلسطين حيث وصل خلال سنوات قليلة قرابة 900 ألف مهاجر من دول الاتحاد السوفييتي. ونذكر كلنا أن الكاتب القومي أحمد بهاء الدين رحمه الله خصص زاويته اليومية في «الأهرام» مطلع التسعينات لما سماه بجريمة العصر أي الهجرة اليهودية إلى فلسطين، محذراً من خطورة هذا الطوفان البشري على فلسطين والمنطقة، وظلت زاويته مفتوحة لكل الآراء لمناقشة هذه الجريمة، إلى أن أصيب بنوبة دماغية أدت إلى وفاته.
قبل أيام وفي خضم الحملة الانتخابية «الإسرائيلية» غاب الموضوع الفلسطيني كلياً ولم ينطق أي حزب أو مرشح بكلمة فلسطين أو الفلسطينيين إلا نادراً من موقع وصفهم بأنهم مشكلة أمنية، أو وصفهم ب«الآخرين» كأن لا اسم لهم. ف«الإسرائيلي» لم يعد يرى أي مبرر لوجود ما يسمى بفلسطين في قاموسه فهي ملغاة بالكامل من الوجدان اليهودي العنصري الاستيطاني لأن فلسطين هي نقيض يذكر الاحتلال بأنه قوة احتلال، ولأن وجود الشعب الفلسطيني يذكره أيضاً بأن مشروعه الاستيطاني غير مكتمل لوجود عدد يوازي عدد المستوطنين اليهود في فلسطين التاريخية. من هنا لجأ المسؤولون اليهود إلى نفي وجود شعب فلسطيني وإلى إنكار حقه في دولة مستقلة، وإلى تفادي الحديث عن القضية الفلسطينية أو وضع حل لها لأن الأغلبية في المجتمع «الإسرائيلي» باتت يمينية عنصرية فاشية ضخت فيها الإدارة الأمريكية شحنات زائدة من العنصرية ونبذ الآخر واستعباده. ولهذا تكالب عدد كبير من النواب والمسؤولين من أحزاب اليمين لتوقيع عريضة تعهدوا من خلالها بالعمل على توطين مليوني يهودي في الضفة الغربية المحتلة.
وفي الأسبوعين الماضيين، نظمت حركة «نحالاه» الاستيطانية تظاهرات أمام مكتب رئيس الوزراء نتنياهو، تطالبه ب«ترسيخ المبادئ الأساسية للحكومة على أسس الاستيطان في جميع أنحاء الضفة وإلغاء إعلان الدولتين».
ويقول التعهد نصاً الذي سمي تعهد إسحق شامير رئيس الوزراء الأسبق الداعم للاستيطان «أتعهد بأن أكون مخلصاً لأرض إسرائيل، وعدم التنازل عن أي شبر من ميراث الآباء. ألتزم بالعمل على تحقيق خطة استيطان لتوطين مليوني يهودي في «يهودا والسامرة» وفقاً لخطة رئيس الوزراء (الأسبق) إسحاق شامير، وأتعهد بالعمل على إلغاء إعلان الدولتين لشعبين واستبداله ببيان رسمي: أرض إسرائيل دولة واحدة لشعب واحد».
لكن السؤال هو من أين يتم استيراد مليوني مهاجر يهودي مع نضوب مخزون الهجرة اليهودية خاصة من دول الغرب، رغم أن السلطات «الإسرائيلية» تضع عينها على الجالية اليهودية كبيرة العدد في فرنسا وتحثها على الهجرة إثر أي حادث يقع هناك، في حين يتحاشى المسؤولون اليهود دعوة اليهود الأمريكيين للهجرة لأن وجودهم هناك يخدم السياسة «الإسرائيلية».
التعهدات الاستيطانية بجلب مليوني مهاجر هي مجرد شعارات انتخابية سياسية لأن الاحتلال يشهد انتكاسة في الهجرة، كما أن أغلبية «الإسرائيليين» وقد استبد بهم الخوف من اندثار حل الدولتين وظهور خيار الدولة الواحدة مع ما يحمله ذلك من خطر نشوء أغلبية عربية خلال سنوات، لذا فإنهم يرفضون مبدأ ضم الضفة الغربية الذي تطرحه أحزاب اليمين الاستيطاني. وقد أظهر استطلاع للرأي، أجرته حركة «ضباط من أجل أمن إسرائيل»، نشرت نتائجه الأسبوع الماضي أن غالبية «الإسرائيليين» تعارض ضم الضفة الغربية.
لكن هذه الحركة تدعم استمرار السيطرة العسكرية الاحتلالية على الأرض، انطلاقاً من الحفاظ على ما يسمى بيهودية الكيان الاحتلالي، أي أقل ما يمكن من عدد العرب الفلسطينيين على أكبر ما يمكن من المساحة وتتبنى الحركة مع ذلك مبادرة السلام العربية.
وأظهر الاستطلاع أيضاً أن نسبة كبيرة تعتقد أن حكومة نتنياهو ستعمد إلى ضم الضفة لاحقاً حتى لو لم تكن مقتنعة بذلك.
أي أن الخلاصة هي سقوط حل الدولتين من القاموس السياسي «الإسرائيلي» وظهور خيار الضم والدولة الواحدة. فالظروف الدولية والإقليمية الحالية تبدو في نظر «الإسرائيليين» مناسبة لتصفية القضية الفلسطينية.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 80 / 2332414

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

45 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 46

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28