] الاحتلال بين الانقسامين العربي والفلسطيني - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الجمعة 4 كانون الثاني (يناير) 2019

الاحتلال بين الانقسامين العربي والفلسطيني

الجمعة 4 كانون الثاني (يناير) 2019 par حافظ البرغوثي

اختتم الفلسطينيون الأيام الأخيرة من السنة الماضية بتوتر غير مسبوق بين حركتي فتح وحماس، نتيجة لحملة الاعتقالات التي طالت مئات النشطاء من حركة فتح لمنع الاحتفالات بذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية في مطلع السنة الجديدة. وهذه ليست المرة الأولى التي تمنع فيها حركة حماس إحياء ذكرى الانطلاقة، لكنها الأشد منذ سنوات، ما يشير الى أن مشروع المصالحة قد دفن نهائياً، لأن حركة حماس لم تعد بحاجة الى مصالحة داخلية بانتظار ما ستسفر عنه»صفقة القرن» بشأن دويلة غزة، وإنجاز تهدئة مكتوبة لاحقاً تتيح لها «الاستقلال» عن الضفة. نتنياهو من جانبه لا يريد تشويشاً وإزعاجاً من غزة إبان حملته الانتخابية، وهذا شرطه الذي أبلغه لأطراف دولية، خاصة مصر وقطر، لكي يواصل ضبط الوضع عنده. فهو لن يغامر بأية عملية عسكرية في غزة في خضم حملته الانتخابية، مع أن صواريخ «حماس» لم تلحق بالاحتلال خسائر بشرية في العام الماضي، رغم إطلاق اكثر من ألف صاروخ على هامش «مسيرات العودة» التي استشهد خلالها اكثر من 260 فلسطينياً، عدا الجرحى، بينما قتل 16 «إسرائيلياً» في الضفة خلال السنة الماضية في عمليات ضد الاحتلال، اغلبها فردي، إما طعناً، وإما بالرصاص. وبالنسبة لنتنياهو، ولحسن حظه وفي ظل احتمال تفتت معسكر اليمين وربما ظهور معسكر وسطي قوي قد يطيح به، وجد أن اليسار يتفكك مع الوسط، وهذا يصب في مصلحته الشخصية. فقد فك «المعسكر الصهيوني»، أي حزب العمل، ارتباطه مع تكتل تسيبي ليفني، كما خرج الوزير جالانت من «حزب كولانو» الوسطي وانضم على ما يبدو الى الليكود. وقال نتنياهو أثناء رحلته عائداً من البرازيل إنه يختلف عن القادة «الإسرائيليين» المنافسين له «فمن منهم يستطيع مخاطبة بوتين وترامب»؟ على حد قوله، ويفاخر أيضاً بأن الرئيس البرازيلي بولسونارو، سيزور دولة الاحتلال الشهر المقبل، وسيعلن عن نقل سفارة بلاده الى القدس، ولهذا طلب البرازيليون لتعويض خسائرهم من احتمالات المقاطعة التجارية العربية من نتنياهو، أن يتوسط لدى ترامب لتخفيف الرسوم الجمركية على صادرات الألمنيوم الى الولايات المتحدة لتعويض أية مقاطعة عربية. أي الأبقار مقابل نقل السفارة. وقال نتنياهو انه تم تأجيل الإعلان عن «صفقة القرن»، وعبر عن عدم اهتمامه بها، مثله مثل قادة اليمين المتطرف الذين شكلوا حزباً مناهضاً للصفقة ولفكرة إقامة دولة فلسطينية مهما كانت مقزمة. فاليمين «الإسرائيلي» يراهن على تبكير الانتخابات ككل، خاصة نتنياهو، لأن موقفه سيكون أقوى في فرض إملاءاته على الإدارة الأمريكية، ورفض كل ما لا يعجبه في «الصفقة» الموعودة، بل إن رئيس الحكومة «الإسرائيلية» وجد في تبكير الانتخابات مظلة تحميه من توجيه لوائح له بتهم الفساد بسبب البيئة الانتخابية، وهو يعول على نجاحه لطمس كل القضايا ضده.
ولعل أسوأ قرار شهدته السنة الماضية، إضافة الى نقل السفارة الأمريكية الى القدس، هو سنّ الاحتلال لقانون القومية اليهودية الذي جاء متناغماً مع قرار نقل السفارة، واستباقاً لصفقة القرن، لأن جوهر القانون هو أن الأرض الفلسطينية المحتلة سنة 1967 هي أرض «إسرائيل»، وأن الاستيطان فيها يجب أن يستمر من دون أية عقبات، وبتشجيع حكومي.
عملياً، لا يمكن الجزم بمآلات القضية الفلسطينية خلال العام الجديد، رغم أننا نشهد توحداً «إسرائيلياً» حول رفض قيام أي شكل من أشكال الدولة، لأن الانقسام الفلسطيني ازداد رسوخاً، ويتجه نحو الانفصال مع انحياز بعض فصائل منظمة التحرير الى فضاء «حماس». وزاد الأمر تعقيداً حل المجلس التشريعي الفلسطيني، وهو خطوة وإن كانت موضع جدل قانوني، لكنها اقترنت بتحديد موعد لانتخابات تالية في أسرع وقت.
العام الجديد يحمل بارقة أمل ضعيفة، وهي حلحلة الوضع العربي نحو العمل المشترك، كأضعف الإيمان، وإنهاء التسوية في سوريا كورقة ضاغطة لتهدئة التوترات في العلاقات البينية العربية، وصولاً الى التسوية في اليمن التي لا يزال الحوثيون يتهربون منها، رغم الوساطات والاتفاقات التي لا ينفذونها، ورغم الجهود الدولية.
بمعنى آخر، ما زالت «إسرائيل» قوة مهيمنة في المنطقة تفعل ما تشاء، مستفيدة ليس من الانقسام الفلسطيني فقط، بل والانقسام العربي .


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 2121 / 2331796

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 26

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28