] “طوفان الأقصى”.. ماذا تريد “إسرائيل” من المناورة البرية؟ - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الثلاثاء 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2023

“طوفان الأقصى”.. ماذا تريد “إسرائيل” من المناورة البرية؟

الثلاثاء 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 par حسن لافي

تقرر “إسرائيل” بعد مرور ثلاثة أسابيع من معركة “طوفان الأقصى” أن تبدأ عمليتها البرية العسكرية داخل مناطق قطاع غزة، منهية نقاشاً حاداً وخلافاً بين المستويين السياسي والعسكري، منذ بدأت “إسرائيل” تخرج من صدمتها العسكرية التي لحقت بها بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر. والواضح أن “الجيش” الإسرائيلي كان صاحب الكلمة الفصل، إذ فرض إرادته على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان وما زال يشك في قدرة “الجيش” الإسرائيلي في تحقيق الانتصار، ولذلك التقى الجنرال المتقاعد ايتسحاق بريك، صاحب نظرية أن “الجيش” الإسرائيلي غير جاهز لأي حرب برية، مرتين خلال أيام المعركة، رغم الضغوط الأميركية لعدم توسيع العملية البرية؛ خوفاً من تدحرج الحرب إلى حرب إقليمية تخلط أوراق الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجية في المنطقة والعالم.

وهنا، يجب طرح السؤال المركزي في هذه المرحلة من الحرب، ما الذي تريده “إسرائيل” من وراء الدخول البري؟

رغم أن المستويين السياسي والعسكري في “إسرائيل” يطرحان أن المعركة البرية تهدف إلى تدمير البنى التحتية للمقاومة وخاصة الأنفاق، بالإضافة إلى استعادة الأسرى الإسرائيليين، أو على الأقل تحسين الوضع التفاوضي الإسرائيلي عليهم مع المقاومة، وبعيداً من التناقض الواضح بين الهدفين والأهم غير منطقية تطبيقهما، فإن هناك أهدافاً أكثر أهمية وأعمق استراتيجية تسعى “إسرائيل” و“جيشها” لتحقيقها من وراء الدخول البري في قطاع غزة، والذي من المتوقع أن يكون دخولاً برياً محدوداً ذا أهداف عسكرية ونطاق جغرافي محدد، ومن أهم تلك الأهداف:

أولاً، ترميم صورة“إسرائيل” العسكرية من خلال إظهار قدرتها على الحرب البرية، كنوع من أنواع كسر حاجز الخوف لتثبت للجميع في المنطقة أنها الدولة القوية. لا تنسى “إسرائيل” للحظة أنها محاطة بدوائر من النار، وبجبهات تراقب كل حركة وكل فعل إسرائيلي، وأن تلك الجبهات تستخلص العبر والدروس وتحضر الخطط العسكرية والسياسية، بناء على ما تشاهده من تموضعات استراتيجية لـ“إسرائيل”، فمن جهة عندما شعر بعض العرب أن “إسرائيل” قوية ذهب مهرولاً للتطبيع معها لقناعته بأنها غير قابلة للهزيمة، ولكن مع تراجع تموضع “إسرائيل” العسكري والسياسي بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر لن تكون تلك العواصم والأنظمة في عجلة من أمرها في تعزيز التطبيع مع “إسرائيل”.

لكن الأخطر على “إسرائيل”، أن الجهات المحيطة بها، والتي ما زالت تحاربها (محور المقاومة)، وعندما رأت أن مئات من المقاتلين الفلسطينيين من المقاومة، في أقل من ساعتين ونصف قضوا على أهم فرقة عسكرية في “الجيش” الإسرائيلي (فرقة غزة)، المكوّنة من لواءين عسكريين، فهذا يمنحها مزيداً من الدافع والحافزية بإمكانية هزيمة “إسرائيل” في أي معركة معها.

وهنا، يبرز تدمير المرتكز المركزي في ثلاثية العقيدة العسكرية الإسرائيلية “الردع”، وإن لم تستطع “إسرائيل” استعادة الردع من خلال عملية عسكرية واسعة تتضمن معركة برية في غزة، فإنها لن تستطيع البقاء في المنطقة، كون الإسرائيليون يدركون أن بقاءهم في المنطقة مبني على نظرية الجدار الحديدي الذي أسسها جابوتينسكي في ثلاثينيات القرن الماضي، والتي اعتمدها أول رئيس وزراء لـ“إسرائيل” دفيد بن غوريون في بناء عقيدة “إسرائيل” العسكرية، ذلك الجدار الوهمي الذي يجب أن تبنيه “إسرائيل” في عقل وذهن أعدائها بأنها دولة غير قابلة للهزيمة، وبالتالي قتالها غير مجد بل ومدمر.

بيد أن ما حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، دمر ذلك الجدار الحديدي الإسرائيلي الوهمي، وأظهر نظرية أخرى طالما نادت بها المقاومة وهي نظرية “بيت العنكبوت”، التي تؤكد أن “إسرائيل” دولة يمكن هزيمتها بل وإزالتها من الوجود، وهنا تبرز أهمية العملية العسكرية البرية كمرحلة ثانية في حرب تهدف منها “إسرائيل” إلى ترميم جدارها الحديدي تجاه محور المقاومة وكل دول المنطقة في الشرق الأوسط.

ثانياً، “إسرائيل” تحتاج إلى إعادة التوازن الداخلي، واستعادة الثقة بـ“جيشها” داخل المجتمع الإسرائيلي، لكي تعود الثقة بأن هذا المشروع لديه جيش وقوة عسكرية قادرة على توفير الأمن والأمان لمستوطنيها.

وهنا، تجدر الإشارة إلى أن ما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر حفر عميقاً في الوعي الإسرائيلي، أن “إسرائيل” القوية والمتطورة ما زالت مهددة وجودياً، ومن الجهة التي عدّتها تقديراتهم العسكرية الاستراتيجية أنها صراع منخفض الوتيرة، ويمكن التعامل معه بما يسمى بالأمن المستمر اليومي، بالإضافة إلى نظرية الجولات العسكرية المحدودة بهدف إضعاف المقاومة وقدراتها العسكرية تحت شعار جز العشب.

كل تلك التقديرات العسكرية انهارت فجأة في وجه “الجيش” والمستوى السياسي في “إسرائيل”، والأهم على مرأى ومسمع من المجتمع الإسرائيلي الداخلي، والذي لأول مرة في تاريخ قتاله مع أعداء “إسرائيل” منذ تأسيسها يخوض معركة عسكرية حقيقية داخل جبهته الداخلية وعلى أرضه وبين شوارع مستوطناته، الأمر الذي ضاعف تأثيرات الصدمة الصهيونية الداخلية بشكل غير مسبوق، ومن أجل إزالة آثار الصدمة الكارثية الإسرائيلية، لا بد من عملية عسكرية برية في قلب قطاع غزة وداخله، الأمر الذي أكده رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي ليفي بأن “هناك أهدافاً لا يمكن تحقيقها من دون تنفيذ مناورة برية داخل غزة”.

ورغم إدراك هليفي بحجم الخسائر المواكبة لهذه المناورة البرية، أكد أن “الانتصار له أثمان”، ومن غير الواضح لهليفي الذي سيلاحقه عار هزيمة 7تشرين الأول/ أكتوبر أن خسائره لا تستطيع جبهته الداخلية تحملها إذ بدأت تترنح أسرع من المتوقع بكثير.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

34 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 36

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28