] تركيا تسابق الوقت من أجل لعب دور الوساطة بين “إسرائيل” والفلسطينيين - [صَوْتُ الإنْتِفاضَة]
الخميس 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2023

تركيا تسابق الوقت من أجل لعب دور الوساطة بين “إسرائيل” والفلسطينيين

الخميس 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2023 par هدى رزق

تعاملت أنقرة مع الحرب على غزة بهدوء قياساً على مواقفها السابقة، ما أدى إلى انتقاد الرئيس رجب إردوغان من جانب قوى تركية داخلية على رأسها رئيس حزب “المستقبل”، رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو الذي انتقد ما سمّاه تقاعس حكومة بلاده عن دعم الفلسطينيين كما يجب. كما انتقد تقاعس العالم الإسلامي أمام الهجمات الإسرائيلية على غزة وسكانها المدنيين. عكس هذا الانتقاد ما كان منتظراً من تركيا إردوغان الذي تراجع عن مواقف اتخذها في السنوات العشرين الماضية.

حماس، بدورها، لم تكن بداية راضية عن الموقف التركي. وعدّت تصريحات إردوغان غير كافية، وكانت أنقرة غير راغبة في الظهور إثر عملية “طوفان الأقصى” واحتجاز رهائن وكأنها تحمي حماس، لا سيما أن قيادات من حماس منهم إسماعيل هنية كانت تقطن في تركيا.

حاول مسؤولو الاستخبارات التركية إجراء اتصالات مع حماس، بيد أنهم لم يحصلوا على رد إيجابي على عروض الوساطة في المرحلة الأولى من الصراع، ولم تكن حماس منفتحة على مقترحات قطر ومصر أيضاً.

لا شك في أن لتركيا مصالح مع “إسرائيل”، أهمها غاز شرق المتوسط حيث تتزعم “تل أبيب” تجمعاً إقليمياً، ما جعل أنقرة تذهب في اتجاه تبريد القضايا العالقة بينها وبين “تل أبيب”، ودفع إردوغان إلى أن يلتقي رئيس الكيان، وجاءت عملية “طوفان الأقصى” في وقت يسعى الرئيس التركي إلى التطبيع مع “إسرائيل.”

وبعد سنوات من الخلافات الثنائية، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي ودعاه إلى زيارة أنقرة. ضبط إردوغان طريقة تعاطيه مع “إسرائيل”، حرصاً منه على عدم تعريض العلاقة المتجددة معها للخطر.

فقدت القضية الفلسطينية بريقها، ولم تعد تلاقي رواجاً من أجل استعمالها في السياسة الداخلية التركية، كذلك فقد الإسلام السياسي داعميه بعد “الربيع العربي” وانغماس تركيا في سوريا، مع وجود ثلاثة ملايين لاجئ سوري في الداخل التركي، كما أن المصالحة مع الدول العربية كمصر والإمارات والسعودية التي تكنّ

العداء للإخوان المسلمين تحتم على تركيا أخذ مسافة من حركة حماس والقضية الفلسطينية.

تركيا عدّلت سياساتها في الشرق الأوسط من أجل إصلاح العلاقة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومحاولة حل المسألة القبرصية، بيد أنها تريد تحقيق مكاسب من خلال لعب دور الوساطة.
تعبيد الطريق من أجل لعب دور الوسيط

وجهت تركيا النداءات لطلب الوساطة من أجل إطلاق سراح الرهائن الأجانب الذين تحتجزهم حماس، ما سيعطي إردوغان الفرصة للعب الدور الذي كان يأمل فيه. المجازر التي تشهدها غزة على مدار اليوم لا تشبه الجولات السابقة، إذ إنَّ النتائج الجيوإستراتيجيَّة المرتقبة لهذه الجولة هائلة، وستحدّد شكل النظام العالمي الجديد الذي يتشكّل منذ فترة.

حماس والجهاد الإسلامي وفصائل المقاومة الأخرى في غزة لم تكن مستعدة لبحث أي وساطة. كانت جميع المقترحات قد دعت إلى إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف الغارات الجوية الإسرائيلية، واستئناف إمدادات المياه والكهرباء إلى غزة، وفتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر، لكنّ الفصائل أصرّت على وقف إطلاق النار.

أثار تصريح رئيس “الحركة القومية” دولت باهشلي حول الطريق إلى الحل بإيعاز من إردوغان وجوب إقامة دولة فلسطينية على أساس حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية والحفاظ على وحدة أراضيها جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية والحزبية التركية، إذ سارع رؤساء أحزاب: المستقبل، والسعادة، والرفاه الجديد، إلى تأييد دعوته، وتباحث معه أحمد داود أوغلو في شأن كيفيّة تفعيل تصريحاته وتحويلها إلى إستراتيجية معتمدة للدولة التركية.

أما على مواقع التواصل، فقد لاقت دعوته أصداءً إيجابية لدى المحافظين والقوميين، وقطاع من الشعب التركي، إذ رأت الإستراتيجية التركية أن هذه الجولة من الصراع فرصة مواتية لإقرار سلام دائم، لأنَّ البديل هو الحرب المتكرّرة، حَسَب ما يؤكد فيدان “إذا لم يتم اختيار مسار السلام الدائم، فإن حرباً دائمة تنتظرنا في المنطقة.”

الاتصالات بين تركيا وحماس تحوّلت في معظمها إلى قطر، مع احتفاظ مصر بدورها التقليدي، في حين كانت تركيا أكثر نشاطاً في الاتصالات مع إيران ولبنان. ورغم الاتصالات الهاتفية، ساد نوع من الفتور في علاقاتها مع حماس، وتحدث الرئيس التركي ووزير الخارجية مع نظيريهما الإيرانيين من أجل التفاهم على كيفية التنسيق، وكان إردوغان قد ناقش موضوع غزة هاتفياً مع زعيم حركة حماس إسماعيل هنية يوم السبت، وأبلغه جهود أنقرة لوقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية والعلاجية إلى غزة.

تعدّ مصر الطرف الأكثر ترجيحاً لتشكيل طاولة المفاوضات، بيد أنها حافظت على مسافة بينها وبين حماس، فيما تعدّها “إسرائيل” وسيطاً أكثر موثوقية. أما جهود الوساطة التي تبذلها أنقرة، فإنها تزيد من نشاط إردوغان الإقليمي وتبرز تركيا كواحدة من الدول التي تعمل لمنع التصعيد.

وتتبع أنقرة استراتيجية تعطي الأولوية للحوار الإقليمي والنهج الإنساني لمعالجة الصراع. ودعا الرئيس رجب طيب إردوغان جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس والامتناع عن الأعمال المتهورة. وانتقد علناً الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة ووضع رؤية لحل دائم.

كذلك، شدد وزير خارجيته، هاكان فيدان، على أنَّ ما تفعله “إسرائيل” في قطاع غزة “جريمة بحقّ الإنسانية من دون اختلاق أعذار”. خلال كلمته في “مؤتمر القاهرة للسلام”، أكد إدانة تركيا المذابحَ التي تحدث للشعب الفلسطينيّ في غزّة، داعياً “إسرائيل” إلى التوقّف عن ذلك، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، مؤخراً، أن حركة حماس ليست إرهابية، ودعا أطراف الصراع إلى سحب إصبعها عن الزناد، وإعلان وقف إطلاق النار بشكل عاجل، وكذلك إنشاء ممر إنساني عاجل لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة من دون عوائق.

واقترح تنظيم “مؤتمر سلام فلسطيني – إسرائيلي” دولي يضم جميع الفاعلين في المنطقة. وأعرب عن استعداد بلاده لأن تكون أحد الضامنين للجانب الفلسطيني بحضورها الإنساني والسياسي والعسكري، داعياً البلدان صاحبة الإرادة إلى تقييم هذا الاقتراح.

مصر والأردن رفضتا مخططات تهجير أبناء قطاع غزة نحو مصر، وحذرتا من مخاطر خيار كهذا وتهديده للأمن القومي المصري، إضافة إلى تكرار دعوات إحياء المسار السياسي وعملية “السلام”، وهما تملكان علاقات مع “إسرائيل”، أما تركيا فتسعى للتنسيق مع القاهرة، وقطر وأطراف أخرى من أجل وحدة الصف.

سيفرض اجتياح بري إسرائيلي متوقع لقطاع غزّة على الدول تنسيقاً مشتركاً سياسياً؛ لمواجهة آثار الانفجار المرتقب وتداعياته. هذا التّنسيق الذي تعمل عليه أنقرة مع القاهرة من الآن، سيضمّ أطرافاً أخرى بطبيعة الحال، أهمها قطر.

وكان لقطر، إلى جانب مصر والصليب الأحمر، دور مؤثر في إطلاق سراح أربعة أفراد احتجزتهم حماس خلال 7 تشرين الأول/أكتوبر. تحاول أنقرة تسريع الحركة الدبلوماسية من أجل الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد أن تلقت طلبات من دول غربية من أجل السعي للإفراج عن مواطنيها، وقال فيدان إن تركيا بدأت المحادثات مع الجناح السياسي لحماس عبر قنوات مباشرة.


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 47 / 2342879

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام   wikipedia    |    titre sites syndiques OPML   OPML

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

Visiteurs connectés : 24

تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة لصوت الانتفاضة وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.high-endrolex.com/28